القاضي عبدالوهاب قطران كتبنا ونشرنا مساء أمس مناشداتٍ لأولي الشأن عن تدهور صحة المعتقل عبدالسلام عارف قطران بسبب التهاب الزائدة الدودية الناجم عن البرد القارس في الزنزانة، وطالبنا بسرعة الإفراج عنه وعن جميع المعتقلين على ذمة تهمة "نيّة الاحتفاء بالذكرى ال63 لثورة 26 سبتمبر"، بعد أن قضوا شهرًا كاملًا في السجون. لكننا تفاجأنا صباح اليوم بأنهم قاموا بنقل المعتقلين من سجن مديرية أمن سنحان إلى جهةٍ غير معلومة حتى اللحظة! وهم: عارف قطران ونجله عبدالسلام عارف، وحميد عبدالوهاب الأسد، ويحيى راشد المعافا. ذهب لزيارتهم ظهر اليوم أخي مختار وعبدالوهاب الأسد، وأدخلا لهم القات والبطانيات، فصُدما بخبر نقلهم إلى جهة مجهولة دون أن يخبرهم شاوش السجن أو الحراسة إلى أين نُقلوا! وهذا هو النقل الثالث لهم منذ اختطافهم من وسط همدان صباح 21 سبتمبر الماضي، وكأنهم مجرمو حرب لا فلاحون بسطاء! ما هذه الغطرسة والطغيان والعنجهية؟ بدلًا من أن تُطلقوا سراحهم بعد قضائهم شهرًا كاملًا في السجن دون أي مسوّغ قانوني، تقومون بنقلهم كما لو كانوا وديعة أو عبيدًا لا مواطنين لهم حقوق كفلها الدستور والقانون! يا جماعة، عيب والله أن تُستَخدم القوة الفائضة المنفلتة ضد فلاحين بسطاء. ما الجريمة التي ارتكبوها حتى تُنكِّلوا بهم كل هذا التنكيل؟! تدورون بهم بين سجون همدان وسنحان، والآن لا يعلم أحد أين هم! عارف قطران ونجله عبدالسلام لم يقترفا أي جرم يبرر اعتقالهما أو تغييبَهما في السجون منذ شهر. أما الشاب الطيب حميد الاسد ، فقد كتب قبل اعتقاله بأسبوع منشورًا على صفحته في "فيسبوك" متضامنًا مع جميل شريان ، وأرفق المقطع القصير الذي ظهر فيه حمود شرف الدين وهو يتهجم على جميل وسط ميدان السبعين! وها أنتم قد أفرجتم عن جميل شريان قبل نصف شهر بعد أن قضى بالسجن 26 يومًا، فبأي منطق تبقون المتضامن معه، حميد الأسد، في السجن منذ 33 يومًا؟! أما الشاب البسيط الطيب يحيى راشد المعافا ، فقد تواصل معي أخوه ظهر اليوم، وكان أول من أخبرني بخبر نقل السجناء إلى جهة مجهولة. سألته: ما تهمة أخيك؟ فقال: "شارك قبل شهرين ونصف مقطع فيديو بعنوان (أحمد علي راجع)." فضحكت وقلت له: معقول؟! يُغيَّب في السجن 33 يومًا لأنه شارك فيديو؟! المعافا فلاح بسيط من قرية الحَقّة بوادعة همدان، قرية مجاورة لقريتنا. لا أعرفه شخصيًا، ولم أسمع به إلا ظهر 21 سبتمبر بعد اختطافه من وسط قريته بنفس الأطقم التي اختطفت أخي عارف ونجله وحميد الأسد. بحثت عن صفحته اليوم فوجدته فلاحًا عفويًا بسيطًا، يشارك مقاطع عن فرحته بهطول أمطار الخريف، ووجدت أنه في 17أغسطس الماضي شارك فيديو "أحمد علي راجع" من صفحة تُدعى تحيا الجمهورية اليمنية، ولم يتفاعل معه سوى أربعة أشخاص فقط! أي جنون هذا؟! تخطفون فلاحًا بسيطًا لمجرد أنه شارك فيديو شاهده أربعة أشخاص فقط؟! إلى هذا الحد صرتم مرعوبين من منشور أو مشاركة عفوية؟! تُسخّرون مخبريكم لملاحقة صفحات فلاحين في قرى نائية لا يقرؤها أحد؟! ما هذه التصرفات الرعناء؟ ولمصلحة من؟ جميل شريان لم يكن يعرفه أحد، ولم يشاهد فديوهاته التى نشرها قبل سنتين سوى بضع مئات، فلما اختطفتموه تنفيذًا لتحريضات حمود شرف، تحولت فديوهاته إلى ترند وشاهدها قرابة مليون إنسان بعد أن نشرتها قناة الحدث! وهكذا جعلتموه معروفًا ومشهورًا! أما يحيى راشد المعافا، فوالله إن اعتقاله منذ شهر جريمة وظلم فادح، شارك فيديو شاهده أربعة فقط، ولا أحد يعرفه، ولا أحد تضامن معه، وها هو مغيَّب منذ 33 يومًا، وتتنقلون به من سجن إلى سجن! يا جماعة، الله سبحانه وتعالى هو من يمنح المُلك من يشاء وينزعه ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير. وليس الفلاح البسيط ابن همدان، يحيى راشد المعافا، الذي شارك فيديو بعنوان "أحمد علي راجع"! غيبتموه في السجون شهرًا ونيفًا، والله المستعان… ما هكذا تُورَد الإبل! ثم ياللمفارقة انظروا إلى المقارنة: الشيخ محمد الزايدي اعتُقل في المهرة قبل أربعة أشهر بتهمة "الحوثية"، لانه ظهر بمقابلات بقناة المسيرة ،وحدثت أثناء اعتقاله مواجهة قُتل فيها قائد الحملة وجُرح آخرون، فقامت الدنيا ولم تقعد، وتحول الأمر إلى ترند ونكف قبلي، فتم الإفراج عنه بعد شهر واحد فقط! والكابتن الطيار محمد عباس المتوكل اختُطف قبل أسبوع من وسط طائرة في مطار عدن بتهمة "الحوثية والهاشمية"، فتحول اعتقاله إلى ترند، وحرض الغوغاء على اعتقاله، لكن سلطة المجلس الانتقالي هناك بعدن تصرفت بعقل ومسؤولية، فأفرجت عنه وعن الزايدي، ولم ترضخ لتحريض الدهماء. أما هنا في صنعاء، فالعكس تمامًا! السلطة ترضخ للغوغاء والوشاة، وتستجيب لمخبرين بؤساء وذباب إلكتروني رخيص، فتعتقل البسطاء وتزجّ بهم في المعتقلات لأشهر طويلة لمجرد وشاية أو منشور. الشاب يحيى المعافا مسجون منذ 33 يومًا لمجرد مشاركة فيديو على صفحته المغمورة! وعندما يتضامن الناس، تعتقلون المتضامن — كما حدث مع حميد الأسد! لا تستجيبون لترند ولا لنداء، كأنكم في وادٍ آخر. اتقوا الله. والله إن مظالم السجون ستُودي بكم. لن يُسقطكم خصومكم من الخارج أو الداخل، بل ستسقطكم دعوات المظلومين التي لا حجاب بينها وبين الله. فكم من إمبراطورياتٍ سقطت بسبب مظالم السجون! فهل أنتم معتبرون؟ اللهم فاشهد.