مازال الحاج صالح أسود يتذكر الجنود العثمانيين وهم يتنقلون بين صنعاء وذمار ويريم، مصطحبين البضائع والمدافع والمعدات العسكرية، حيث كان لهم مقر مؤقت في قريته ذمار القرن التي تبعد عن مدينة ذمار حوالي 12 كم جنوباً. وبحلول ربيع العام 2008 يدخل المعمر اليمني من أبناء منطقة ذمار القرن محافظة ذمار ربيعه الثلاثين بعد المئة.. متفائلاً بقضاء ما تبقى من عمره في عبادة الله والعودة إليه وتختزل ذاكرته أحداث ثلاثة قرون. وخلال زيجات الحاج صالح الثلاث أولها مطلع القرن العشرين لم يرزق سوى ببنت واحدة في بداية عقده الخامس عمرها الآن 80 عاماً، وأنجبت أربعة أبناء ولها أكثر من 30 حفيداً، النصف منهم تزوجوا ولهم أطفال، ليصبح للحاج صالح حالياً أكثر من 50 حفيداً. ويقول المعمر اليمني إنه يعتمد على ما يزرعه من ذرة وقمح كغذاء أساسي، ويفضل أكل العصيدة كوجبة أساسية إلى جانب اعتماده على التمر والزبيب، وإنه عمل بداية حياته مزارعاً في أرضه التي ورثها عن والده. الحاج صالح أسود من مواليد عام 1878م في منطقة ذمار القرن، وعاصر الأحداث التاريخية منذ أواخر الاحتلال العثماني لليمن ومرحلة حكم الأئمة، وشهد الثورة اليمنية الخالدة، ورغم كبر سنه وتقادم عمره إلا أنه يتصف بقوة الذاكرة وبنية جسمه القوية والمرح، ويتمتع بصحة جيدة، ولا يشكو سوى من ضعف بسيط في البصر. ويكشف الحاج صالح عن مذبحة حدثت للجنود العثمانيين في قرية شعيرة من قرى وادي الحار مديرية عنس على مقربة من قرية ذمار القرن من خلال توثيق ذاكرته مشاهد يومية لأواخر أيام الاحتلال العثماني الثاني لليمن.. مشيراً إلى أن الجنود العثمانيين كانوا يقومون بحبس المواطنين الذين يقاومونهم ووضع القيود عليهم. ويُوصَف الحاج صالح بحبه لمهنة الزراعة وللأرض التي لا يفارقها إلا عندما يسافر لأداء فريضة الحج، حيث حج أكثر من ثمان مرات آخرها قبل الزلزال الذي ضرب محافظة ذمار بحوالي 15 عاماً، أي عام 1967م تقريباً وكان عمره حينها 89 عاماً على حد قوله، كونه لا يتذكر الأعوام تماماً.. «الزلزال ضرب ذمار عام 1982م. وبنى الحاج صالح خمسة مساجد في منطقته ومناطق أخرى ومصلى للعيد في ذمار القرن، وعلى الرغم من ضعف بصره قليلاً إلا أنه يداوم على الذهاب إلى المسجد للصلاة جماعة يومياً.