رئيس جامعة حضرموت : يجب أن تكون النظرة للتعليم العالي اليوم استثمارية أكد الدكتور أحمد عمر بامشموس رئيس جامعة حضرموت أهمية التخطيط السليم لمخرجات التعليم العالي كماً ونوعاً حتى تستطيع هذه المخرجات المنافسة في سوق العمل المحلي والإقليمي.. وقال الدكتور بامشموس: إن النظرة إلى التعليم العالي اليوم أصبحت نظرة استثمارية غير النظرة التي كانت سائدة قبل ثلاثين عاماً ، الأمر الذي يؤكد ضرورة ربط مخرجات التعليم العالي بسوق العمل بشكل كامل.. بين سوق العمل والتعليم بداية نلاحظ أن مخرجات التعليم العالي لا تتواءم مع سوق العمل.. ما تقييمكم حول ذلك؟ المواءمة بين سوق العمل والتعليم العالي أو حتى التعليم المهني أصبحت ضرورة جداً، لأنه يجب أن ننظر إلى التعليم اليوم غير النظرة التي كانت سائدة قبل ثلاثين سنة، يجب أن ننظر إلى التعليم اليوم على أنه قطاع استثماري، وهذا يعني أنه لابد أن تكون هناك ربط كامل بين مخرجات التعليم العالي وسوق العمل، وفي هذا الجانب يجب أن يكون هناك تكامل بين القطاعات الاقتصادية ومخططي احتياجات هذه القطاعات وبين التعليم العالي، لابد أن تكون هناك معلومات من قبل وزارة التخطيط ووزارة التعليم العالي عن كل القطاعات الاقتصادية توضح احتياجاته من المخرجات الجامعية في مختلف المجالات، إذا لم يتم ذلك فإن مصير هذه المخرجات هو رصيف البطالة، لأننا يجب أن نعرف أن شعبنا مكون من 22 مليون نسمة تقريباً، وأن نسبة الزيادة تشكل %3.5 وهذا معناه أن القطاع البشري أهم من قطاع البترول ومن أي قطاع آخر، لأن القطاع البشري هو المشغل لكل القطاعات الاقتصادية، لذلك يجب أن يكون العنصر البشري عنصر من أهم عناصر الدخل القومي يتفوق على أي قطاع اقتصادي، خاصة أنه، إن شاء الله، في المستقبل القريب ستكون اليمن في مجلس التعاون الخليجي وحتى لو لم يتم ذلك فالمتعلم يفرض نفسه، عندما يفرض الهندي أو الباكستاني نفسه في سوق العمل الخليجي يجب على الإنسان اليمني أيضاً أن يفرض نفسه في هذا السوق المفتوح. الاهتمام بالتخطيط البشري إذاً هل التعليم العالي يعد هذه المخرجات للمنافسة في السوق الحر المفتوح سواء محلياً أم إقليمياً؟ هنا مربط الفرس، من اليوم يجب أن تهتم بالتخطيط للقوى العاملة.. وزارة التخطيط تقوم بإعداد الخطط الاقتصادية للقطاعات الاقتصادية، ومن ضمن هذه الخطط هناك مؤشرات للاحتياجات للقوى العاملة كماً ونوعاً حسب التخصصات تلتقي مع وزارة التعليم العالي التي يجب أن توفر هذه القوى من مخرجات الجامعات وتلتقي مع وزارة الخدمة المدنية في ظل ما يتعلق بحاجة مؤسسات الدولة العام والمختلط والقطاع الخاص لابد أن تضعه وزارة التخطيط ضمن خططها لأن الخدمة المدنية ليس لها علاقة بهذا القطاع، إذاً هذه الوزارة حتى الآن لم تتحرك خطوة واحد، وفي هذا الاتجاه لذلك نلاحظ أن هناك ضياعاً في أعمار الشباب اليمني، بمعنى أن الدولة تعمل على تعليمه أربع سنوات تعليماً عالياً ثم لا يجد الوظيفة التي تخرج من أجلها، إذاً الدولة أهدرت أربع إلى خمس سنوات من عمر هذا الشاب لأنه لا يوجد تخطيط.. لذلك نلاحظ أن هناك تكدساً كبيراً في بعض التخصصات، وندرة في تخصصات أخرى حتى على مستوى كليات التربية واحتياجاتنا من معلمين، هناك عدد كبير من هذه الكليات، لكن للأسف دون تخطيط، لأن هذه الكليات لا تغطي لنا التعليم الثانوي. التميز في التعليم الجامعي ما التخصصات التي تتميز بها جامعة حضرموت عن غيرها من الجامعات اليمنية لأننا نلاحظ أنه تم استنساخ جامعة صنعاء في باقي المحافظات وبنسخ رديئة؟ نحن في حضرموت مثل الجامعات الأخرى عُيّنت في الجامعة وشأنها شأن الجامعات الأخرى، لكن بدأنا نحول كلية التربية، وأطلقنا عليها تطوير كلية التربية بحيث تغطي لنا العجز القائم في مدرسي التعليم الثانوي، لأننا أهّلناهم للثانوية العامة وغيّرنا المناهج وطورناها، وتم إضافة سنة في التخصص بحيث تكون مدة الدراسة خمس سنوات وليس أربع، وبذلك غطينا العجز في أساتذة التعليم الثانوي في حضرموت، بمعنى أننا في جامعة حضرموت قسمنا كلية التربية إلى تربية عليا وتربية متقدمة تخرج لنا مدرسين للثانوية العامة وتخصص «مجال» وهو التخصص الثالث، يخرج لنا مدرسين للإعدادي والثانوي، ونوع متميز لأنه يدرس علوماً منفصلة باللغة الانجليزية.. وبالمناسبة نحن في الجامعة يتم التدريس لمختلف التخصصات باللغة الانجليزية عدا الآداب عربي وإسلامي وتاريخ، لأن التعليم اليوم لم يعد خدمة اجتماعية وإنما خدمة استثمارية اقتصادية. وبالنسبة للكليات والتخصصات الأخرى فمازالت تتوسع، مثلاً كلية الهندسة البترولية، لدينا في هذه الكلية قسم متخصص بالهندسة البترولية، أيضاً لدينا في الجامعة هندسة كيميائية وهندسة مدنية ومعمارية وهندسة الحاسوب وهندسة جيولوجية، وكما هو معروف كل هذه التخصصات مطلوبة في سوق العمل، أيضاً عندنا كلية العلوم البحرية ولها احتياج كبير، ونعمل حتى مع القطاع الخاص في ظل الاتفاقات لتحليل التلوث البحري مقابل مبالغ كبيرة، وأيضاً تقوم هذه الشركات بتدريب الطلاب وتوظيفهم بعد ذلك، كذلك لدينا كلية العلوم الإدارية وفي هذه الكلية تم إلغاء قسم العلوم السياسية فقط أما باقي مخرجاتها فهي مطلوبة في سوق العمل فركزنا على المحاسبة والعلوم الإدارية والعلوم المالية والمصرفية، لذلك مخرجاتنا في البنوك والشركات خاصة أنهم يمتلكون لغة انجليزية إلا كلية الآداب بمختلف تخصصاتها، وهذه فقط المناهج باللغة العربية، وكلية التربية التي تم تحديثها وتحديث مناهجها الدراسية، وكلها باللغة الانجليزية، وقريباً سيتم إنشاء الكلية الصحية والطبية، وقد تم اعتماد إنشاء هذه الكلية. علاقات غير ناضجة ما تقييمكم للعلاقة بين التعليم العالي والقطاع الخاص، ومع الشركات الأجنبية العاملة في بلادنا؟ الذي يربطنا بالتعليم العالي عبارة عن علاقات فردية، وليست ناضجة، لأن القطاع الخاص في المجتمع اليمني لم يتطور.. نحن على سبيل المثال في جامعة حضرموت علاقتنا مع القطاع الحكومي أقوى من القطاع الخاص، مثلاً نقوم بالتخطيط الاستراتيجي للمدن، والشركات الأجنبية البترولية تلجأ إلينا وتعقد معنا اتفاقات ونتحصل على مبالغ مقابل تحليل بعض المواد في الجامعة.. لكن للأسف نلاحظ أنه على سبيل المثال وزارة الثروة السمكية عندما تريد عمل تحاليل للصادرات، المستوردون طلبوا تحليلاً من جانب محايد أكاديمي جاءوا إلينا في الجامعة، وافقنا على أن يلتزم الجميع بالمعايير الدولية وبأتعاب الجامعة حسب الصفقة والأتعاب أيضاً بمعايير دولية والتكاليف على حساب الشركات المستوردة وليس الوزارة أو المصدر المحلي، لكن وزارة الثروة السمكية لم توافق على ذلك مع أن الوزارة غير ملزمة بدفع دولار واحد وإنما على المستورد. التجهيزات المختبرية لكننا نلاحظ أن المعامل والتحاليل غائبة في مختلف الجامعات اليمنية، فكيف تقوم به جامعة حضرموت لأن هذا مكلف مادياً؟ هذا صحيح والأقسام العلمية والمختبرية ما لم يصحبها التطبيق يكون التعليم ناقصاً، لذلك عندما تتحدث عن قسم البترول على الطالب قبل التخرج إلزامي أن يتدرب في شركات البترول أو في الشركات المساعدة، ولدينا في الجامعة أحدث المختبرات المطبقة في الجامعات الألمانية والأمريكية وهي حديثة إنتاج عام 2005م، وتم تطوير هذه المختبرات حسب توجيه فخامة الأخ رئيس الجمهورية بدعم هذه المختبرات باعتماد خاص إلى أربعة ملايين وأربعمائة ألف دولار، لذلك تم تزويد هذه المختبرات والمعامل بأحدث الأجهزة والمعدات اللازمة، كما أننا في الجامعة نقوم بتشجيع الطلاب على الاختراعات الإبداعية، وفي كل تخصص، وكل سنة لدينا قسم المشاريع الإبداعية نصدق عليها حوالي 12 مليون ريال، وكل قسم ينافس القسم الآخر في الاختراعات والمشاريع الذي لا ينجح في مشاريع التخرج، لا يمكن تسلمه الشهادة لأن المشاريع مادة أساسية، وهذه المادة تبدأ من سنة ثانية حتى سنة خامسة وهو ربط للعمل الميداني. وبالمناسبة لدينا اثنان من طلاب الجامعة استطاعا أن يفوزا بالميدالية الذهبية والفضية في مؤتمر الكويت للمبدعين لأنهما كانا الأول والثاني في اختراعاتهم وكرمهما نائب رئيس الجمهورية. تطور العلوم والحداثة لكن نلاحظ أن البرامج والمناهج الدراسية جامدة وتقليدية؟ هذا يختلف من جامعة إلى أخرى، وكل جامعة عليها أن تطور نفسها لم يعد هناك شيء اسمه «مرجع»، مؤلفاتنا ترجع إلى الخمسينيات وليس هناك إضافة علمية مع العلم أنه في بعض العلوم تظهر أشياء جديدة كل ثلاثة أشهر فقط، لذلك على الجامعات أن تتابع كل ما هو جديد في إطار العلم، أيضاً اليوم يستطيع الطالب أن يتصفح على الانترنت كل مكتبات العالم اكسفورد أو هارفرد أو عين شمس أو أي مكتبة عالمية إلكترونية. إذاً هذه البرامج بحاجة ماسة إلى تحديث وتطوير مستمر حتى تتلاءم مع العصر الحالي عصر المعلومة والتكنولوجيا والقرية الواحدة.. ونحن بدأنا في تطوير المناهج وجامعة حضرموت تميزت بذلك، لم يعد لدينا مؤلفات عربية، كلها باللغات الأجنبية، واتبعنا أسلوب التدريس باللغة الانجليزية حتى يكون لدينا تعليم دقيق. التعليم الموازي بالنسبة للتعليم الموازي، ما تقييمكم لهذا النظام التعليمي في الجامعات اليمنية؟ نظام التعليم الموازي جيد بشرط ألا يخل بالمعايير العلمية المتعارف عليها، بمعنى لابد لكل أستاذ له عدد معين من الطلاب، وعندما نعمل نظام تعليم موازٍ يجب أن تكون هناك كلية خاصة بهذا التعليم في الجامعات الحكومية وليس بالعشوائية الموجودة اليوم، أيضاً هيئات تدريس خاصة بهم وبمرتبات إضافية حتى يعطي الأستاذ الجامعي بشكل جيد، وهذا إن شاء الله ما سوف نتبعه في جامعة حضرموت في الأعوام القادمة، مع الالتزام الصارم بالمعايير العلمية وبأعداد معقولة، وأن يكون هناك التزام صارم بالمعدلات، وأن يكون هناك قانون خاص بهذا التعليم الجامعي.