أيعقل أن يحدث ما حدث..؟؟ أيعقل أن تكون المصادفة قد لعبت دورها بإتقان إلى هذا الحد ؟ ! أيعقل أن يكون ما حدث هو آخر التوقعات المستحيلة التي شاءت لها الأقدار أن تتحقق؟؟ نعم.. نعم يعقل، وقد حدث فعلاً ما كان يبدو لي تحقيقه ضرباً من الجنون الذي يعتري الأحلام للحظات تمارس فيها جزء من نرجسيتها على أرض الواقع. ترى أتدرك هي الآن أنها برفقة الأغلبية منهن!؟ أتعلم أن صوتها الشجي وهي تغني أمامهن يحلق مع ذكرياتهن التي اعتلت عرش المكان؟ وأن ملامح وجهها تعيد لهن سعادة أيام مضت، لكنها ما زالت تمدهن بقوة واستمرار ورغبة في الحياة التي تكالبت همومها ومشاكلها عليهن دون تفريق؟ نعم دون تفريق بين من كانت رومانسية تعيش في أحضان الشعر تؤرقها كلماته وتشجيها عذوبته، وبين من كانت تنقلها سيمفونيات بيتهوفن وباخ وشتراوس إلى عالم النقاء الروحي والعذوبة المطلقة، بل وبين من كانت واقعية تغرس أحلامها في أرض خصبة وهي تعلم مسبقاً ما ستجني من ثمار، وبين من كانت تعانق أحلامها السحب عاشقة لبياضها المنعكس على روحها في الأرض. تُرى أتملك إحداهن الشجاعة لتصارحها بما دار في رأسها عند رؤيتها أو حتى تغازلها من بعيد لتبين لها حدود معرفتها بها رغم أنها تراها للمرة الأولى. لقد اكتشفن جميعاً وربما في اللحظة ذاتها أنها هي.. شدة الشبة لم يخف شيئا، افصح عن كل ما أردن معرفته دون سؤال عن فترات كانت كل واحدة منهن قد دخلت عالمها الخاص، رغم ذلك لم تستطع أعينهن إخفاء الفضول الكامن خلفها، والحنين إلى ماض كن فيه ملكات بتتابع مدهش لعرش واحد لم يصمدن في الدفاع عنه حتى فقدنه. تكتمهن الشديد وسكوتهن عن الحديث حتى فيما بينهن، مراقبتهن لها أحياناً والهروب من نظراتها الحائرة أحياناً أخرى أيقظ في قلوبهن غيرة شعرن أنها دفنت من زمن، لتحكي عن حب كان.. حب اتقدت جذوة لهيبه عند رؤيتهن لها وسماع صوتها، والتنقل بحذر في ملامح وجهها التي تشبه إلى حد التطابق، ملامح وجه والدها، ذلك ال(دون جوان) الذي أسر قلوبهن يوماً ورحل بهدوء.