حرصت وزارة التربية والتعليم اللحاق بركب العالم المتقدم فأوجدت منهجاً يحكي فلسفة المجتمع ويلبي طموحاته، ويتناسب مع التقدم العلمي والتكنولوجي الحاصل في العالم من حولنا ويؤهل الأجيال للتعامل معه وتحقيقاً لذلك حرصت الوزارة على إقامة دورات تدريبية للمعلمين ليتمكنوا من نقل معارفه وأنشطته ومحتوياته للطلاب فصعب عليهم استيعابه،وأولياء أمورهم لم يستطيعوا مساعدتهم في فك رموزه وهضم محتواه فتكونت فجوة بين المدرسة والأسرة يراد سدها،وفجوة بين الكتاب والتلميذ،والكتاب والأسرة يراد حلها. تلك الفجوات لم تكن موجودة كما هي عليه الآن فدراسة سد وحل الفجوات التي فرض وجودها المنهاج بحاجة إلى تعمق في دراسة واقعنا التعليمي فتعليمنا نسبي منذ بداية الثورة إلى يومنا هذا ولكونه كذلك وجب علينا أن نلقي نظرة فاحصة على الأجيال المتعاقبة منذ ذلك الوقت،وآن لنا أن نسمي جيل الثورة بالجيل الأول، وجيل قبل الوحدة بالجيل الثاني وجيل بعد الوحدة بالجيل الثالث، إذاً فما مدى تعلم تلك الأجيال للمنهاج؟ فالجيل الأول لم يكن لديه منهج محدد التحديد الدقيق فقد اعتمد على قراءة القرآن، والحديث ،والحساب ، واللغة وخرج منها بحصيلة علمية لايستهان بها. أما الجيل الثاني فدرس منهجاً مجدداً يسمى بمنهج المواد المنفصلة وأخذناه من تجارب الدول العربية ورغم ذلك فقد وفق هذا الجيل في التعلم والاستفادة لأمرين أولهما أنه تعلم على يد دارس لهذا المنهاج،والثاني أن الطالب وجد المعارف والمعلومات التي تكمل بعضها بعضاً الأمر الذي جعل الجيل الأول« أولياء أمور الجيل الثاني» يسهمون في تعليمه والاستفادة منه ،وجعل المدرسة تلمس تلك المشاركة الفاعلة من المجتمع ،فكان لذلك الجيل الثاني جيل متنور بالعلم، إلا أن خبراء التربية والتعليم رأوا أن هذا الجيل لاينفع سوى للمكاتب أي للوظيفة فقط فيكتب ما يملى عليه ،فهو لا يتمتع بالبعد التخيلي والتخطيط المستقبلي ولايتلاءم مع التقدم التقني، ومن هذا المنطلق أو الرؤية حرص الخبراء على تغيير المنهاج بما يسمى بمنهاج المواد المدمجة والمزودة بالأنشطة الاستفهامية من أجل تزويد الجيل الثالث بعلم يواكب تكنولوجيا التقدم في العالم ولهذا كان لزاماً تدريب المعلمين عليه فدربوا وكانت الاستفادة نسبية، ومع ذلك صدموا بواقع المدرسة الذي لايتلاءم مع المنهاج المطور «الجديد» بالإضافة إلى إمكانية المعلم نفسه وثقافته ورغبته في أداء يتناسب والمنهاج،وهذه انعكست على تعليم الجيل الثالث فأصبح تعلمه نسبياً،وزادها عدم قدرة الأسرة المتمثلة في الجيل الثاني والتي حظيت بمقدار لابأس به من التعليم في فك رموز المنهاج المقرر على أبنائها فوقفت مكتوفة الأيدي، ومستوى أبنائها يتدحرج، ونسبة الأمية بينهم تزداد ابتداءً من مسكة القلم إلى القراءة إلى الإدراك والتخيل الذي وضع المنهاج الدراسي من أجله،وهنا نترك للقراء الحكم.على ماكنا عليه في منهج المواد المنفصلة،وما أبناؤنا عليه الآن مع المنهج المطور«الجديد».