صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضل صبرة:وجه اليمن تغير
نشر في الجمهورية يوم 26 - 09 - 2008

المناضل عبدالسلام صبرة أول وزير للأوقاف ووزير لشئون القبائل في حكومة مابعد الثورة ل «الجمهورية»: لم أباشر عملي في الأوقاف وكرست كل جهدي ووقتي في وزارة شئون القبائل التي كانت آنذاك من أهم الوزارات في الحكومة
ثورة 48 نجحت في ترسيخ الشعور الوطني وتعميق المواطنة المتساوية وظهور تكوينات سياسية جديدة عقب توليه منصب وزارتي الأوقاف وشئون القبائل قال المناضل عبدالسلام صبرة كانت حياتنا كلها تحديات ونضال رغم تقدمه في العمر «96» مازالت ذاكرته تتمتع بصحة جيدة، حيث مازالت أحداث الثورة اليمنية وتحدياتها راسخة بكل تفاصيلها في ذاكرته.. في هذا اللقاء يكشف المناضل صبرة عن كثير من الأحداث التاريخية لمرحلة ماقبل الثورة وما واجهتها فيما بعد من تحديات صعبة قال إنها كانت كافية لإقامة عشرات الثورات في العالم حسب الأحداث التاريخية الموثقة.
يقول المناضل الكبير عبدالسلام صبرة لايمكننا الحديث عن ثورة 26 سبتمبر وهي الثورة اليمنية الأم أو عن التحديات التي صاحبت تشكيل أول حكومة بعد قيام الثورة المجيدة،أو عن التحديات التي واجهتني أنا وزملائي عند تشكيل الحكومة الأولى في تاريخ الجمهورية اليمنية دون تقديم لمحة تاريخية لمرحلة ماقبل الثورة ويوم ولادة الثورة المجيدة،وذلك عندما استطاع شعبنا في شمال الوطن من طرد الأتراك من اليمن وذلك بعد الحرب العالمية الأولى حيث تولى حكم اليمن بعد الأتراك مباشرة الإمام يحيى بن حميد الدين باعتباره من سلالة الدولة القاسمية التي قارعت الحكم العثماني.
وللأسف أن الامام يحيى عندما تولى الحكم لم تكن لديه رؤية واضحة لطبيعة المهام التاريخية الكبيرة الملقاة على عاتقه لبناء الدولة اليمنية الحديثة والمستقلة،فلم يكن يطمح إلى تحقيق الوحدة الوطنية بعد استقلال الدولة المذهبية في الشمال،كما أنه لم يستطع أن يحفز الشعب اليمني ضد الوجود الاستعماري في جنوب الوطن، وزاد على ذلك أن تهاونه في بناء الدولة اليمنية الحديثة أدى إلى فقدان أجزاء من شمال الوطن بعد حربه مع المملكة العربية السعودية 1934م والتي جاءت بعد حروبه الطويلة مع الأدارسة في شمال اليمن،الأمر الذي أنهك جيشه قبل حروبه مع المملكة.
كما أنه بعد أن استقلت اليمن من الحكم العثماني تفرغ لتصفية كل من ساهم معه في مقاومة الأتراك، بدلاً من رص الصفوف لبناء اليمن الحديث وأيضاً لمواجهة الأخطار الجديدة والمتمثلة في الاستعمار البريطاني في جنوب الوطن.
وقال القاضي عبدالسلام صبرة: ونتيجة لضعف الدولة اليمنية الجديدة والتي سميت «المملكة المتوكلية» هاجم البريطانيون العديد من المناطق اليمنية بسلاح الطيران واحتلوا الضالع ومنطقة العواذل وبعض مناطق بيحان إلى جانب مدينة عدن التي كانت بحوزتهم.
وللأسف أن الإمام يحيى كان همه الأول والأخير هو أن يرث الأتراك في حكم اليمن حتى لو حكم منطقة واحدة حكماً مطلقاً.
غياب أبسط مقومات الدولة
ويضيف القاضي صبرة قائلاً: لهذا لم يتمكن شمال الوطن وهو أول دولة عربية تعلن استقلالها من التقدم ولو خطوة واحدة نحو التطور والتقدم وبناء الدولة اليمنية الحديثة، والاهتمام بمستوى الشعب اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً،لم يكن يوجد شيء من الأساسيات الضرورية للحياة ولمعيشة المواطن ولو بنسبة ضئيلة لاتوجد مياه نظيفة لا كهرباء لايوجد تعليم ليست هناك مدارس أو مستشفيات لاتوجد فرص للعمل، ليست هناك طرقات كل شيء كان منعدماً، كانت اليمن عبارة عن سجن واسع لكل اليمنيين هذا الوضع المتردي والذي أيضاً مع مرور السنين يزداد تردياً أدى إلى تكوين العديد من الحركات المعارضة لحكم الإمام مثل حركة الأحرار اليمنيين، والتي كانت تجمع نخبة متميزة من المثقفين والسياسيين أيضاً تكونت حركة جديدة شارك التجار والمثقفون في تكوينها هي حركة الأحرار الدستوريين وكان مصير مختلف المعارضين لحكم الإمام السجن أو القتل، حتى أن ولي العهد الإمام أحمد اشتهر بترديده أنه يريد أن يلقى ربه وسيفه مخضب بدماء العصريين لذلك فر العديد من هم إلى مدينة عدن.
حقبة مظلمة
ويواصل القاضي صبرة حديثه في سرد تاريخ تلك الحقبة المظلمة قائلاً: ولأن اليمنيين كانوا يعيشون في فقر وجهل كبيرين تمكن الإمام من نشر الأفكار المظللة عن الدستور، الذي كانت تنادي به حركة الأحرار الدستورية حيث صورت الدستور بأنه اختصار للقرآن الكريم لذلك يعتبر الأحرار الدستوريين كفرة وملحدين بالله يجب قتلهم والتخلص منهم.
ويقول: هذا الوضع أدى بدوره إلى تحول مسار هذه الحركة من حركة تصحيحية إلى حركة انقلابية وقد نجحت في زعزعة أركان الحكم الإمامي المتخلف باغتيالها للإمام يحيى بن حميد الدين 1948م وبذلك نجحت هذه الحركة في ترسيخ الشعور الوطني وفي تعميق المواطنة المتساوية واستمر هذا التطور السياسي فظهرت تكوينات سياسية جديدة كالاتحاد اليمني الذي تأثر بالأحداث الكبيرة في مصر وفي المشرق العربي وكذلك ظهور العديد من التجمعات السرية كالعمال الذين ظهروا كقوة اجتماعية وسياسية وأصبحوا يحلمون بيمن جديد، أيضاً الضباط انخرطوا في تنظيمات سرية وبدأوا في عقد اجتماعاتهم بسرية تامة حتى استطاعو تكوين مايسمى ب «منظمة الضباط الأحرار» ثم تطورت إلى تنظيم الضباط الأحرار والذي كان أبرز مؤسسيه عبدالكريم السكري وأحمد الرحومي وناجي الأشول وعبدالله عبدالسلام صبرة وعبدالوهاب الشامي وعلي الجائفي وحمود بيدر وغيرهم وهو التنظيم الذي فجر ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيد 1962م لينهي مسيرة الحكم الإمامي المتخلف وذلك بعد تنسيق كامل مع مختلف المناضلين سواءً كانوا عسكريين أم سياسيين أم مشائخ أم تجاراً.
الثورة ملك الشعب شمالاً وجنوباً
ويؤكد القاضي المناضل عبدالسلام صبرة قائلاً: لذلك لم تكن ثورة 26 سبتمبر حكراً أو ملكاً لتنظيم الضباط الأحرار بل لجميع اليمنيين، الذين ساعدوا على نجاحها بمشاركتهم في الدفاع عنها بالمال والدم والأرواح لهذا هي ليست ملكاً لطبقة أو فئة معيشة من فئات الشعب بل كل الشعب شماله وجنوبه دون استثناء.
كما أنها ليست وليدة الصدفة، وإنما كانت نتيجة حتمية للنضال الكبير لكل فئات المجتمع وحيدة على الظلم الذي لحق به، لهذا لم تكن وليدة الصدفة أو مصدرة من الخارج كما قد يعتقد البعض لذلك تعتبر ثورة 26 سبتمبر الوليد الشرعي والمكتمل النمو لثورة 1948م ولحركة 1955م وماتخللها من أحداث وتضحيات جسام ونضال مرير وعنيف توج باليوم الخالد والمجيد في 26 سبتمبر 1962م.
تحديات جسيمة واجهت الثورة
ويقول المناضل الكبير عبدالسلام صبرة عن التحديات التي واجهت اليمن عقب نجاح الثورة اليمنية قائلاً الثورة بعد النجاح الكبير الذي حققته تعرضت للعديد من التحديات ولعوامل المد والجزر وذلك لأسباب خارجة عن طبيعتها وذلك بسبب الأموال التي كان يتلقاها أعداء الثورة من الملكيين والمرتزقة، ويؤكد بقوله نعم كانت هناك قوى أقليمية كانت تمد أعداء الثورة الملكيين وأيضاً المرتزقة بالأموال والذهب لإفشال الثورة لذلك فرضت على اليمن أشرس وأعنف الحروب منذ الأسابيع الأولى لثورة 26 سبتمبر تلك الحروب لم تكن لتستطيع أن تصمد أمامها أية ثورة في العالم أجمع بل إن تلك الحروب كانت تكفي للإطاحة بعشرات الثورات لكن شعبنا العظيم صبر وتحمل وقاوم بشراسة مستفيداً من الإمكانيات العسكرية لمصر الشقيقة ومن علاقاتها الدولية أيضاً، لذلك وجدت ثورة 26 سبتمبر في مصر السند القوي التي دعمت وقاومت الإماميين والمرتزقة.
تحديات خارجية
ويضيف القاضي صبرة قائلاً: لكن اليمن في المقابل دفعت ثمن هذا الارتباط عالياً حيث استقطبت أعداء مصر الطبيعيين وماأكثرهم في تلك الفترة كما تحملت اليمن تردي العلاقات بين مصر وبعض الأقطار العربية وهو الأمر الذي شكل ضغطاً على اليمن.
ويشير القاضي قائلاً تلك التحديات وتلك الحروب الشرسة التي واجهت الثورة في سنواتها الأولى حالت بين الثورة وبين تحقيق أهدافها الخالدة في تلك السنوات، وبالرغم من كل ذلك استطاعت اليمن أن تتجاوز كل ذلك وأن تخطو بثبات نحو التقدم والتطور وأن تعبر القرون الوسطى المظلمة - التي كان شعبنا يعيشها - نحو القرن العشرين واستطاعت الثورة أن تغير وجه اليمن ولعل مانشاهده اليوم من إنجازات عظيمة في مختلف مناحي الحياة لشاهد حي على نجاح الثورة اليمنية ، كما أنها الرد المنطقي الذي لاشك يسد أفواه الذين يتعللون بالأوهام ويهمسون في الخفاء ماذا صنعت الثورة؟ فنقول لهم، صنعت كل ماتشاهدونه وتنعمون به كما أنها حررت الشعب من حياة الذل والعبودية التي كان يعيشها.
صبرة في مواجهة التحديات
وبالنسبة للتحديات الكبيرة التي واجهها القاضي المناضل الكبير عبدالسلام محمد صبرة عقب تعيينه وزيراً للأوقاف بعد نجاح الثورة يقول القاضي صبرة: كانت حياتنا كلها تحديات ونضال فبعد نجاح الثورة مباشرة عُينت وزيراً للأوقاف وأيضاً وزيراً لوزارة شؤون القبائل في نفس الفترة لذلك لم أباشر عملي في وزارة الأوقاف نهائياً بل تركت كل المهام للأخ القاضي. ناصر الظرافي رحمه الله والذي كان نائبي في وزارة الأوقاف فهو الذي قام بالعمل في وزارة الأوقاف من أول يوم بتكليف مني، وأنا بدوري كرست كل جهدي ووقتي لوزارة شؤون القبائل والتي كانت تعتبر في حينه من أهم الوزارات لإننا كنا خلال تلك السنوات في حروب مع أعداء الثورة ومع المرتزقة، وكما ذكرت كانت هناك قوى إقليمية تدعم أعداء الثورة وكانت هناك أموال كثيرة يتم توزيعها على القبائل لمحاربة الثورة خاصة وأن الشعب اليمني كان في فقر مدقع، فكانت هناك إغراءات لرجال القبائل بالمال فكانت الطرقات تنقطع بين حين وآخر هنا وهناك، لهذا كانت الأوضاع صعبة للغاية، لذلك كانت وزارة شؤون القبائل من أهم الوزارات، حيث كنت أقوم بالتواصل مع مشائخ القبائل ونحثهم على مقاومة المرتزقة والأعداء ونحل مشاكلهم كنا نعمل ليل نهار والحمد لله نجحت الثورة واليوم إنجازاتها العظيمة تسد عيون الأعداء وتكمم أفواههم.
احتجاز أعضاء الحكومة في مصر
- ما زال المناضل عبدالسلام صيرة يتذكر رغم مرور كل هذه السنوات أصعب المراحل التي عاشتها الثورة اليمنية ومناضلوها الأحرار والمتمثلة في احتجاز أعضاء الحكومة اليمنيين في مصر وحول هذه الحادثة يقول: احتجزت الحكومة اليمنية في مصر وكان ذلك بسبب خلافات كبيرة وحادة بين القيادات العسكرية المصرية وبين الثوار الأحرار وخاصة مع الفريق العمري الذي كان يرفض تدخلات الأشقاء المصريين في كل صغيرة وكبيرة من شؤون البلاد يعينون هذا ويعزلون هذا، حيث تم تعيين من ليس لهم رصيد نضالي في مناصب قيادية هامة رغم أنهم كانت تدور حول الكثير منهم الشكوك والتساؤلات فتطور الخلاف إلى خلاف كبير بين المشير السلال الذي كان يرفض توجيه انتقادات للقيادات العسكرية المصرية، وكادت الأزمة بين السلال والعمري الأمر الذي كان سيكون ضربة قاصمة للثورة اليمنية غير أن العقلاء تدخلوا لاحتواء الأزمة وتم الاتفاق على التوجه إلى مصر لمقابلة الرئيس جمال عبدالناصر والذي كان الحل والربط بيده خاصة أن تدخلات القيادات العسكرية المصرية في الشؤون الداخلية لليمن لم تكن بعلم الرئيس عبدالناصر وهو أيضاً لن يرضى بها، فذهبنا جميعاً إلى مصر لمقابلة وطرح مختلف جوانب الأزمة عليه، والتأكيد عليه بأن استمرار الأزمة أو انفجارها ستكون من مصلحة أعداء الثورة.
موقف عبدالناصر المفاجئ
ويواصل حديثه قائلا: لكننا ما إن وصلنا إليه لعرض كل ما لدينا وبحث ما يمكن بحثه للخروج من تلك الأزمة، إلا أن المفاجأة كانت في الرئيس عبدالناصر الذي وجدناه متصلباً في رأيه مصدقاً لكل ما قيل له وخاطبنا بعنف قائلاً بأننا لم نقدر التضحيات الكبيرة لمصر وأن العمري يخطط لتشكيل حكومة جديدة تكون موالية للقوى المعادية للثورة اليمنية ولمصر وما إلى ذلك من اتهامات فقرر أننا أعداء له ولمصر وللثورة اليمنية وللمشير السلال وكان كل ذلك بسبب من كان حوله ممن غرروا عليه ونقلوا إليه مواقفنا بشكل خاطئ لأغراض في نفوسهم خاصة عبدالحكيم عامر وأنور السادات الذين كانا يعينا من يناسبهم و يتماشى مع مصالحهم وللأسف أن عامر والسادات كانا من أشد المقربين للزعيم جمال عبدالناصر وكان يستمع لهما في كل شيء، ونتيجة لذلك اتخذ قراراً بتأديبنا جميعاً من خلال وضع الجميع في سجون عسكرية في مصر أما أنا والقاضي عبدالرحمن الإرياني فقد تم احتجازنا لفترة في إحدى الغرف لعلم الرئيس ناصر أن القاضي الإرياني شخصية كبيرة وعالم مجتهد، أما أنا فكانت الظروف تستدعي إطلاقي للرجوع إلى اليمن لممارسة مهامي في التنسيق بين شيوخ القبائل خاصة وأننا قد أحرزنا نجاحاً كبيراً في ذلك، وحتى لايستغل أعداء الثورة ذلك الغياب.
ويضيف القاضي صبرة وبعد نكسة 1967م علم الزعيم عبدالناصر بكل خيوط المشكلة وانكشفت له كل خيوط الأزمة التي كانت قائمة خاصة بعد انتحار عبدالحكيم عامر فاعترف أنه كان مخطئاً في ذلك التصرف وكان ذلك من أهم التحديات التي واجهت الثورة والتي لم يكتب عنها الكثير.
القاضي المناضل عبدالسلام صبرة في سطور
ولد القاضي عبدالسلام في عام 1912م في صنعاء من أسرة متوسطة درس فى «معلامة الأبهر ثم في معلامة توفيق وفي مكتب بئر العزب وفي مسجد الفليحي ثم انتقل إلى الجامع الكبير بصنعاء، حيث تعلم على يد كبار المشائخ والعلماء منهم العلامة عبدالله كباس والقاضي علي بن حسن المغربي وغيرهم الذين درس على أيدهم مختلف فروع العلم والمعرفة مثل القرآن الكريم وعلومه والتفسير وعلوم الحديث والفقه والنحو والصرف، والبلاغة وعلوم اللغة العربية وآدابها و التشريع، وقد قرأ بإمعان مؤلفات شيخ الإسلام الإمام محمد بن علي الشوكاني ومحمود بن اسماعيل الأمير وغيرهم من العلماء الأجلاء )) .
كان والده القاضي محمد صبرة مرجعاً علمياً لجميع زملائه وكان يجيد العديد من اللغات مثل الفارسية والتركية والفرنسية ويقرأ خط المسند ويترجمه.
وكان القاضي يعمل في عهد الإمامة في بلدية صنعاء حتى أصبح رئيساً لها واستمر في منصبه حتى قيام الثورة اليمنية الخالدة ويشير القاضي عبدالسلام أنه ارتبط في نضاله لمقارعة الحكم الإمامي بكثير من مؤسسي حركة المعارضة السياسية، ونتيجة لذلك تعرض هو ورفاقه للاعتقال والتعسف أكثر من مرة خاصة في عام 1944م في عهد الإمام يحيى ثم سجون الجلاد أحمد عقب فشل ثورة 1948م و1955م.
له من الأولاد عبدالله وعدد من البنات حيث ساهم ونجله عبدالله رحمه الله في تأسيس تنظيم الضباط الأحرار الذي فجر ثورة سبتمبر المجيدة ليلة السادس والعشرين من سبتمبر المجيد 1962م.
كان القاضي المناضل الكبير عبدالسلام صبرة يعتبر الأب الروحي لتنظيم الضباط الأحرار وهمزة الوصل بين قيادة حزب الأحرار والحركة الوطنية في الداخل، كما كان المرجع لكل رجالات الحركة الوطنية والمناضلين، حيث لعب دوراً عظيماً بخبرته وصلابته وشجاعته النادرة وكذلك بعلاقاته الواسعة بالجماهير اليمنية وشيوخ القبائل.
عقب الثورة مباشرة تقلد العديد من المناصب السياسية الهامة فكان أولها عضواً في مجلس رئاسة الجمهورية وعضواً في المكتب السياسي للدولة ووزيراً للأوقاف وأيضاً وزيراً لشئون القبائل في آن واحد، ثم رئيساً للمجلس الأعلى للمتابعة والذي كان بديلاً لمجلس الشورى ثم نائباً لرئيس الوزراء للشئون الداخلية ومستشاراً لرئيس المجلس الجمهوري.
يمتاز القاضي عبدالسلام إلى جانب نضاله الوطني الكبير بالعلم والمعرفة والبساطة والتواضع والنزاهة والعفة والتسامح أطال الله في عمره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.