كانت القضية الفلسطينية منذ أوساط القرن الأخير للألفية الثانية ومازالت تحتل صدارة الأحداث على الصعيد العالمي والإقليمي وقد شهدت هذه القضية منذ عام النكبة في 8491م وحتى يومنا هذا انماطاً متعددة من المعالجات والنظريات تناولت أساليب وأسس حل المشكلة الفلسطينية.. وكان من الواضح طيلة هذه الفترة ان هناك سعياً حثيثاً بذلته بعض الأنظمة السياسية من أجل إخراج القضية من إطارها الواقعي والحضاري وهو الإطار الإسلامي وتصويرها على أساس أنها قضية الصراع بين الفلسطينيين - أو العرب والصهاينة فخسرت بذلك هذه القضية قوة إسلامية لايستهان بها - ولقد كان هذا الأمر من الأخطاء الكبيرة التي وقعت هذه الأنظمة فيها- في فهمها لطبيعة الصراع.. وهذا ماأدركته الحركة الاسلامية فوقفت باتجاه ذلك التيار موقف الرفض مذكرة بأن قضية فلسطين هي قضية كل المسلمين ويجب التعامل معها على هذا الأساس من أجل الاستفادة من الطاقات الإسلامية في هذا الصراع الحضاري - لقد كانت نتائج الصراع الحضاري بين الاسلام والمادية الغربية بخلفيتها الصليبية المتعصبة والصهيونية الحاقدة وغرورها العلمي المتمرد على الله والمثل الانسانية.. قاسية ومريعة، حيث سقطت الدولة «العثمانية» الإسلامية في الحرب العالمية الأولى وانقسمت الأمة الإسلامية إلى شعوب ودويلات ضعيفة تحكمها التبعية الثقافية والاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية.. وجاءت الحرب العالمية الثانية التي كانت تمثل إنكفاء الحضارة المادية الغربية على نفسها لتتحول إلى حضارة مدمرة تتنكر لكل ألقيم والمثل الإنسانية وتفرض هيمنتها على البلدان الضعيفة وكان نصيب الأمة الإسلامية من هذا الدمار هو المزيد من القهر والاذلال والتبعية والتمزق وجاءت قضية اغتصاب فلسطين لتتوج هذا الركض واللهاث وراء الحضارة الغربية وشعاراتها وأصيب المسلمون والعرب وكل الخيرين في العالم بالصدمة الكبرى حيث اجتمع المعسكر الشرقي الشيوعي والغربي الليبرالي على تقسيم الغنائم وكانت حصة الصهيونية العالمية منها هي «فلسطين» لذلك فإن جميع المحاولات التي جرت ومازالت - عن عمد أو غير عمد - لمعالجة القضية الفلسطينية من خلال الاطار الاقليمي أو من خلال الصراعات الجانبية الأخرى التي شهدها العالم كله مثل صراع الشمال والجنوب أو صراع اليمين واليسار أو صراع الغرب والشرق إنماهي محاولات لاتتسم بالواقعية ولا الموضوعية وفيها الكثير من التخريف والالتباس أو الجهل.