يقال إن رضا الرب في رضا الوالدين وسخط الرب في سخط الوالدين وأن رسولنا الأعظم «صلى الله عليه وسلم» حذرنا من عقوق الوالدين وقال إن ريح الجنة يوجد من مسيرة خمسمائة عام، ولايجد ريحها عاق.. وقيل أن عمر بن عبدالعزيز «رضي الله عنه» نصح ابن مهران بالقول: «لاتصحبن عاقاً فإنه لن يقبلك وقد عق والديه».. ولقد كان الحسين بن علي «رضي الله عنه» من أبر الناس لوالديه ويخاف من العقوق لدرجة أنه كان أشد حرصاً في تعامله مع والديه، لدرجة أنه كان لايأكل مع أمه في صفحة وعندما سئل عن ذلك.. أجاب بالقول: «أخاف أن تسبق يدي يدها إلى ماتسبق عيناها إليه، فأكون قد عققتها». وكان آخر كلام الله تعالى للنبي موسى «عليه السلام» بأن أوصاه بمعاملة أمة معاملة حسنة وكرر عليه ذلك سبع مرات وحذره من عقوقها لأن رضاها من رضاه، وسخطها من سخطه.. لذلك فأني أنصح الأبناء أن يطيعوا الآباء وأن يخفضوا لهم جناح الذل من الرحمة فخفض جناح الذل والطاعة فيه الفلاح والتمرغ في رياض الجنة.. كذلك أنصح كل بنت أنها إذا كانت تريد من أمها شيئاً ما وإن كان بسيطاً فعليها أن تراعي ظروفها.. فمثلاً إذا أتت إليك إحدى الصديقات وطلبت منك الخروج معها إلى مكانٍ ما، وإن كان الخروج ضرورياً، ولكن أمك في هذه اللحظة لم تسمح لك بالخروج حينها تسيء الظن وتعتقدين أن هذا الرفض لامعنى له سوى أن أمك تكرهك فهي أما أن تكون مشغولة في شيء ما أو قد تكون مشغولة في حل مشكلة بتفكيرها الهادئ.. فالأم مليئة بالحنان بل هي مزرعته.. لذا فإنه يجب عليك أن تعيش مع أمك عيشة مليئة بالطاعات لكي تبادلك عيشة مليئة بالحب والعطف والحنان، قبل أن تأتي أسوء الأيام أو حتى أسواء اللحظات القصيرة عندما تفارقك من هذه الدنيا فتجدين نفسك معلقة على شجرة طولها كطول السماء وسمكها كالخيط الرقيق وقدميك في الجو الأرض تحتهما إلا أن الجو يكون حينها مخيف كما أنك أيضاً ستجدين نفسك عائشة في غرفة مكشوفة لما سقف لها وإذا بأنواع الرياح وأنواع البرودة وأنواع الحرارة وأشعة الشمس عليك فلا حماية لك بدون السقف. عندما تكون الأرض تحت قدميك ولاسقف يغطيك فالبشرية كلها لاتدرك الذي أنت فيه أنت الوحيدة التي تدركين ذلك بل تتذوقيه وتذكري قول الشاعر: لحظة مطيعاً لهم وبيدهم قلم ستكون مرتفعاً وكأنك نجم من بعدهم زمن مليئ بالألم والحزن في قلبك لايزرع الحكم