تظل النتائج النهائية لأي مشروع أو عمل هي الحكم النهائي بنجاحه من عدمه ، كما أن العمل على استمرارية الفائدة المستقبلية من ذلك المشروع أو تلك الأعمال التنموية للمجتمع هدف قلما يتم الانتباه إليه أو العمل على تحقيقه وهي تعد خطوة متقدمة في عملية الادارة التنموية الفعالة وتطبيقا للمقولة الشعبية الراقية -أيضا- (لاتعطني كل يوم سمكة ولكن علمني كيف أصطاد السمكة. ) ذلك ما سعى ويسعى له مشروع الحفاظ على المياه الجوفية والتربة (الوحدة الحقلية) بمحافظة حجة والذي يعمل فيها مع عدد من المحافظات منذ عام 2004م ، فما تحقق فيها خلال الفترة الماضية من المرحلة الأولى التي من المقرر أن تنتهي في سبتمبر القادم من العام 2009م أجبرنا على التوقف أمامه خاصة وأن لمساتها الايجابية والواضحة على أرض الواقع الزراعية والمائية والانتاجية جلية وملموسة بين يدي المزارعين ، تلك النتائج العملاقة لأنشطة ومشاريع الوحدة الحقلية بمحافظة حجة كان لنا وقفة معها -عزيزي القارئ- نستعرض بصورة سريعة عبر صفحات (الجمهورية) الماضي والحاضر والمستقبل للعملية الزراعية والمياه من نافذة اللقاء الذي أجريناه مع المهندس (يحيى حسن القدمي) مديرعام الوحدة الحقلية بالمحافظة .. وإلى أطراف الحديث .... سياسة رشيدة لماذا الوحدة الحقلية؟ * نظراً لموقع اليمن في المناطق الجافة وشبه الجافة الذي يعكس شحة في المياه على مستوى أغلب مناطق الجمهورية بالإضافة إلى قلة المياه السطحية الجارية إلى جانب قلة الأمطار في معظم مناطق الجمهورية، ونظراً لانخفاض منسوب المياه الجوفية بسبب ارتفاع الطلب عليها سواء في مجال الزراعة أو الصناعة أو الاستهلاك الآدمي والمنزلي والحيواني، جاءت فكرة إنشاء (مشروع الحفاظ على المياه الجوفية والتربة) كجزء من الحلول التي وضعتها القيادة السياسية الرشيدة بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية للتخفيف من أزمة المياه القائمة وتحسين مستوى الأراضي الزراعية وجودة إنتاجها إلى جانب وضع عدد من الحلول اللازمة لتروية المياه الجوفية من خلال السدود والحواجز وكذا الاستفادة من مياه الأمطار والسيول للري، كل ذلك من خلال ثلاثة اتجاهات رئيسية للمشروع والمتمثلة في العمل على تحديث وتحسين طرق وآلية الري بطرق حديثة وتنفيذ عدد من مشاريع حصاد المياه والاستفادة من مياه الأمطار في الزراعة ووتغذية الآبار منها إلى جانب الانشطة التوعوية والارشادية للمزارعين بكيفية الحفاظ على التربة وتحسين الانتاج وكيفية تخفيف الاستنزاف الكبير للمياه الجوفية والحفاظ عليها .. ما عدا شجرة القات وبحسب الاتفاقية المبرمة بين بلادنا و(هيئة التنمية الدولية) الممول الرئيسي للمشروع فإن أعمال وأنشطة المشروع لا تعمل في المناطق التي تنتشر فيها زراعة القات إلى جانب حرص الحكومة على أن تتركز أعمال الوحدة الحقلية في دعم المحاصيل ذات المردود الإيجابي . خدمات متعددة - ما هي أبرز الخدمات التي قدمتها الوحدة الحقلية خلال الفترة الماضية ؟ يمكن القول بأن ما تحقق يمثل جزءا كبيرا من الأهداف التي رسمت لها وفي هذا المقام يمكن الحديث عما تحقق منذ عام 2004م حتى الآن في الثلاثة الاتجاهات الرئيسية كالتالي: أولا :تحديث وتحسين أنظمة الري ويهدف هذا النشاط إلى العمل على التقليل من عملية الاستنزاف الكبير للمياه الجوفية وتحسين جودة الري للحقول بصورة جيدة و ذلك من خلال توزيع شبكات الري سواء كانت شبكات نقل مياه عن طريق الأنابيب البلاستيكية P.V.C بأقطار 3 أو 4 هنش أو الأنابيب الحديد المجلفن بأقطار 2 و3 هنش أو عن طريق مواد البولي إيثيلين قطر 3 هنش وقطر 2.5 هنش وقطر 2 هنش والتي غطت مساحة زراعية بلغت (2245 هكتاراً) في (324 مزرعة ) بعدد من المديريات ، كما تم إدخال شبكات ري حديثة سواء بالتنقيط أو الري الفقاعي أو الري بالرش لمساحة زراعية بلغت (42 هكتاراً) في ثماني عشرة مزرعة وقد تجاوزت أنشطة الوحدة الحقلية في هذا المجال أكثر من 85% مما هو مخطط له حيث تم اعتماد 2150 هكتاراً من الأراضي الزراعية لتغطيتها بأنابيب نقل المياه،و 65 هكتاراً من الأراضي الزراعية لتغطيتها بأنابيب الري الحديث خلال المرحلة الاولى . ثانيا : حصاد المياه والري السيلي وتهدف أنشطة ومشاريع هذا المجال إلى تنفيذ جملة من المشاريع التي تعمل على استغلال مياه الأمطار والسيول والحفاظ على التربة الزراعية من الانجراف من خلال تأهيلها وتحسين زراعتها ، حيث تم تنفيذ (مائة وثمانية وعشرين مشروعاً ) بتكلفة بلغت (ستمائة وستة آلاف وأربعمائة وخمسين دولاراً) منها 20% مساهمة مجتمعية استفاد منها (ألفان ومائة وسبع وسبعون أسرة بالمحافظة . وتتمثل تلك المشاريع في إنشاء مداخل تحويلية لمياه الأمطار والسيول إلى الأراضي الزراعية، وبناء عدد من خزانات حصاد المياه وترميم خزانات قديمة (البرك) ، إلى جانب إعادة تأهيل واستصلاح المدرجات الزراعية ، وعمل مهدئات وكاسرات السيول لضفاف الوديان، وإنشاء خزانات حصاد مياه تقليدية تهدف إلى تغذية الآبار اليدوية، كما يشمل هذا الجانب برنامجا للتشجير بالإضافة إلى أعمال تحسين مداخل القنوات.. ثالثا : برامج إرشادية توعوية ونهدف من خلال هذا الجانب وأنشطته العمل على بناء القدرات الفنية والزراعية للمجتمعات المحلية من المزارعين بحيث نضمن استدامة مشاريع الوحدة وأهدافها الأساسية التي على رأسها الحفاظ على المياه من الاستنزاف وطرق الري ذي الفائدة الجيدة وكيفية الحفاظ على التربة من الانجراف وغيرها من الوسائل التي من شأنها تحسين جودة الانتاج الزراعي والحفاظ على المياه والاستفادة من مياه السيول، إلى جانب تقديم المشورة بشأن إدارة المياه في المزرعة وتقديم الدعم لمجموعات مستخدمي المياه وتوفير قاعدة بيانات يمكن الاعتماد عليها في معرفة الوضع المائي في المنطقة ، وكذا إنشاء عدد من المزارع الإيضاحية وفي هذا الإطار نفذت الوحدة الحقلية بالمحافظة جملة من الأنشطة خلال الفترة الماضية 2004م/2008م والمتمثلة في التالي : - في جانب مراقبة المياه تم تركيب محطتين أوتوماتيكيتين لمراقبة منسوب الأمطار وثلاث محطات لقياس تدفق الوديان وثلاثة أجهزة مراقبة مناسيب المياه ، كما تم تركيب ثلاثة وعشرين عداداً في المزارع لقياس ضخ المياه فيها ومراقبة نوعية المياه عبر أجهزة أوتوماتيكية في ثمان وعشرين مزرعة.كما تم تنفيذ ست مزارع إيضاحية ثلاث تحت نظام نقل المياه بالأنابيب والأخرى على نظام الري الحديث . - وفي إطار التوعية العامة للمزارعين فقد تم تنفيذ تسعة برامج تدريبية واثنين وعشرين يوما حقليا إلى جانب إصدار تسع نشرات توعوية إرشادية وتسع عشرة أمسية واجتماعاً إرشادياً ، كما تم تشكيل (مائة وواحد وثمانين مجموعة ) من مستخدمي المياه من المزارعين . مشروعات قيد التنفيذ ويضيف مدير الوحدة الحقلية بأنه وضمن خطتهم المعدة لتنفيذها خلال المرحلة الأولى هناك (ثلاثة وعشرون مشروعا) يجري العمل حاليا على استكمالها أي إنها قيد التنفيذ ، إلى جانب (واحد وخمسين مشروعا ) أخرى تم إعداد الدراسات والتصاميم اللازمة لتنفيذها والتي من المقرر إنزال مناقصاتها قريبا . ما هي خطتكم المستقبلية؟ بما أن المشروع قد حقق نجاحات باهرة وكبيرة خلال المرحلة الاولى لذا فقد تم تمديد المشروع على مرحلتين حتى عام 2015م وقد تم وضع خطة عملية للمرحلتين كما أننا سنسعى خلال ما تبقى من المرحلة الأولى إلى تحقيق جملة من المشاريع والمتمثلة في تنفيذ شبكات ري بنظام نقل المياه بالأنابيب لمساحة (1750 هكتاراً ) وشبكات أخرى بنظام الري الحديث لمساحة (ألف هكتار) ، وإعادة تأهيل عدد من المدرجات الزراعية لمساحة (6009 متر طولي ) ، كما ان في خطتنا تنفيذ (واحد وأربعين مشروعا) في مجالات حماية ضفاف سهلية وتحسين مداخل القنوات وحماية ضفاف مرتفعات وبناء خزانات تقليدية وخزانات حصاد مياه جديدة إلى جانب تأهيل خزانات قائمة (برك) وبناء مهدئات وكاسرات سيول الوديان . صعوبات .. وحلول - ما أبرز الصعوبات التي واجهتكم خلال المرحلة الأولى وكيف تجاوزتموها ؟ * بلا شك إن أي أعمال خاصة مثل هذا النوع ستواجهه صعوبات مختلفة وقد واجهتنا جملة من الصعوبات يمكن إيجازها في التالي : 1- حسب العقد والاتفاق مع الجهة المانحة فإن نسبة 20% من المشاريع مساهمة مجتمعية يتحملها المزارعون ولأن هذه المساهمة أصحابها لم يكونوا معتادين عليها في تنفيذ مشاريع تنفذ لهم من قبل الدولة عبر منظمات دولية ونتيجة للحالة المادية الصعبة التي يعيشها أغلب المواطنين فإن هذه المساهمة كانت صعبة على بعض المناطق لكن تم التغلب عليها من خلال تعاون الميسورين وكذا المجالس المحلية . 2- قلة الوعي لدى المواطنين بأهمية الحفاظ على المياه وحصاد المياه وأهميته إلى جانب وجود بعض الخلافات بين الأهالي عند تنفيذ بعض المشاريع وبحمد الله تم التوضيح لهم وإقناعهم بعدد من المفاهيم التي جعلتهم شركاء أساسيين في تذليل كافة الصعوبات التي قد تواجهنا مستقبلا . 3-عدم ثبات الأسعار في العملات والمواد في الأسواق أدت إلى إرباك بعض أعمال الوحدة المالية . 4- وعورة الطرقات في بعض المناطق الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة في نقل المواد المختلفة لتلك المناطق . وإزاء تلك الصعوبات وغيرها وجدنا تجاوبا كبيرا من قبل المواطنين والسلطة المحلية بالمحافظة والمديريات سهلت تنفيذ مشاريع الوحدة الحقلية المختلفة وبصورة جيدة . استدامة تنموية - كلمة أخيرة تود قولها ؟ أود أن أؤكد بأن استراتيجية الوحدة الحقلية تقضي بتسليم المشاريع التي تنفذها لمجموعات المستخدمين للمياه والمجالس المحلية والذين يجب عليهم القيام بتشغيلها وصيانتها والحفاظ عليها واستمرار تناقل التجربة التي مرت بها تلك المناطق وتعريف مناطق أخرى لم نستطع الوصول إليها حتى تعم الفائدة وتنهض المحافظة في جانبها الزراعي خاصة وأن نسبة كبيرة من أبنائها يعتمدون في دخلهم على الجانب الزراعي . .....