إنتفاضه باتساع الأفق أضهرتها , دمعتان شمعيتان إنسالتا من أحداقها جمدتهما برودة الأجواء فتكونت خيوطا حليبية على وجهها . قالت:- من أرتال مشغولياتك الكثيرة تنساني دائما. أشعل سيجارته فاشتعلت ككبريت مكونة دخانا يبعث على الصداع . قالت الشعلة :- دائما أنا في أدراج مكتبك مرمية في درج أعمال لم تنجز ! لم يعرها إلتفاتا ورماها في منفضة السجائر وتفرس في صورة لها أيام الشباب البعيد فدخلت في الصورة وتحولت الشابة اليانعة إلى نفس المراءة. قالت :- أصبحت بالنسبة لك صورة من الماضي يمسحها فراش بمنديله المتسخ. وفرد أمامه بضع أوراق من الوارد لمكتبه يوقعها بميكانيكية تبعث على الضجر وفى صفحة من الصفحات زرعت بمتتاليات حروف وكلمات قالت الحروف :- أنا الموقعة أسمى أدناه , أقر وأعترف بحبك ألا يوجد لي مكان في جدول أعمالك , ألا توقع فقط إلا على الورق أصبحت أغار من بياض الصفحات . مزق الأوراق وقذف بها إلى سلة المهملات ودار بكرسيه عن كل شيء متجها إلى الجدار يبحلق في لوحة باتساع الكون وتحولت هي إلى خطوط لونية صارخة , تكوين وحشي يخلق ثورة تقذف بالألوان في كل إتجاه على غير هدى أو بصيرة . قالت الألوان :- في حياتنا عشنا معا , حدقنا في الحياة ماضيها وحاضرها , مرت علينا السنون بألوان طيف الحياة , فمن بياض الفرح إلى صفرة الغيرة وشبق الحمرة وإتساع حلم الزرقة فماذا حدث الآن ! إنتزع اللوحة من الجدار ورماها من نافذة تعلو العالم وصرخ كأنه مجنون -أخرجي من حياتي فقد أصبحت لي حياتي الجديدة ؟؟ كل أعواد الكبريت خرجت من أقفاصها وأشتعلت مكونة ألف شعلة متوهجة .. وكل الأوراق تراقصت حوله تضربه كيفما إتفق حتى الألوان لطخته .. كانت إنتفاضتها بحجم الإدراك قالت :- امتلكت قلبك كثيرا كثيرا وعندما استرديته من سأمتلك عقلك .. إذهب إلى شوارع لا نهاية لها فإن لم تكن لي فأنت للعدم...