صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    وكالة دولية: الزنداني رفض إدانة كل عمل إجرامي قام به تنظيم القاعدة    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ما لا تعرفونه عن عبدالملك الحوثي    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوراق من غصن الأرق
نشر في التغيير يوم 02 - 07 - 2004


إلى الفانوس المتوهج في محراب النضال
إلى الشجرة الباسقة في واحة الخلود
إلى فقيد الحركة الوطنية اليمنية ....
الأستاذ المناضل عقيل عثمان عقيل
صور من ألبوم العبث
(1)
هذه تربة تعشق الشوك
تعشق سحب الفصول العقيمة
تمتص ما تحتويه الشرايين
تبتلع الأمنيات
توزع أشجارها خشبا للنعوش
تضاريسها كتل من ركام العظام
تغلف وديانها بالشحوب
وتقطن أغوارها ولولات الجنائز
تطمس أعشابها
وترعرع أظفارها تنهش الضحكات التي تتأبطها أغنيات الحنين ....
الحنين إلى رونق حاضن لبذور الحياة .....
الحياة التي تتناسل أوصافها في تراب الجماجم .
أواه
تنتحر القبرات
تموت العصافير في جوف أعشاشها
تتوارى الينابيع
تضحي السواقي دروباً لسيل النحيب .....
النحيب الذي يترقرق من حشرجات الأزاهير والراعيات
الأزاهير في ذروة الانقراض
الرماد يشكل خارطة للتلال
يعلق أنيابه معلماً في ممر الجفاف .
هي الأرض توشك أن تدخل الآن مرحلة الاحتضار
وتعلن بيعتها للقبور
ترى من بإمكان أن يحركها لو إذا أطلقت صافرات السكون ؟
(2)
مثل شمس القبور تنير القناديل في شارع الاحتمالات
والحزن يكتظ فوق الرصيف، وتمتد عبر الأثير الملطخ بالخوف
أنسجة العبث المستبيح تخبط أزمنة الحلم فوق مكان الوساوس .
من أي ناحية يتسرب هذا الأنين الهلامي ؟ هذا المدى
المتورم بالاضطراب المنظم ؟ هل هادن الوقت عقرب ساعته
حين مرت أمام الحشود التي تتأمل من شرفة الأمنيات الفراشات
حاضنة ضوء ألوانها والأفاعي تفتح أفواهها تتصيد لحظة
عثرتها في السقوط على ورق الانكسار .
يساور نبض القلوب شكوك التجارب بحثا عن النبع ...
نبع الهوى المترقرق مثل انتشاء عيون الحبيبين
لحظة بدء العناق المدثر بالقبلات
أحان تخلي السماء - التي ادخرت ضوءها والغيوم النقاء
الذي يتلألأ من ثقب بوصلة الأنبياء - عن الأرض
والكائنات الحزينة فوق مناكبها القاحلات ؟
متى يتعانق طير السؤالات بالعش عش الإجابة فوق
غصون الحقيقة في واحة الاتضاح ؟
لماذا تخط الأنامل عند مداخل باب الحوارات لا صوت يعلو
على نبرات النشيد الخرافي ؟ منذ متى والجماجم مختومة والسماء
تؤرخ تفكيرها في القراطيس ؟ والأرض تغلق هامشها
وتنام على تمتمات القباب وتصحو على تمتمات القباب ؟ بماذا يدلل
صوت المغني على ضوء فانوس أنغامه ؟ وبماذا تدلل
ملهمة الشعراء على بعدها من مرايا السماوات ؟
تأوي الغياهب في الكهف
والكون كهف يدور
وظل المآذن يختال في عرصات العقول .
(3)
يبيع الربيع ينابيعه بالمزاد ويمضي إلى أن يحط الرحال
على مقعد في مقاهي الغياب هنالك يغفو ليصحو على موعد
آخر حينما يتلاشى آذار رماداً يغور بأقصى التراب
وتبقى ملامحه بسمة في شفاه القصائد ، نرجسة في خدود
الصبايا وذكرى لفاكهة في يد الفقراء
الربيع الذي انتخبته الغصون خليلا لأعشاشها، انتخبته
فتاة أمينا لأسرارها القاطنات الرموش ، الظفيرة ، والناهدين.
ارتآه المتيم واسطة بين تربة قلبه وامرأة
أثقل الحلم أجواء وجدانها سحباً من حنان . بكى حين جرده
الوقت من عنفوان التوهج وانطفأت جذوة الابتهاج
وخر المدى راكعا يتوسل هذي الفصول التي تتعاقب
والقدم الشتوي يدنس
كل بقايا الجمال
(4)
حين لاح غبار الردى
انتفض العشب مرتجفا
وارتدى قطرات الندى
والصراخ الذي أطلقته الوريقات عبر المسافات شاخ سدى
للفراغات لون الحياة ورائحة الانكفاء على الصمت
والريح تبكي على شجن التل من انتحار الصدى
والجفاف دنى والحقول تحدق مفجوعة من مخالبه وهي تنهش
أجسادها
والفريسة حين تكون من الطين
تعوي وترقص في ظل أذيالها الواقفات
ذئاب العطش .
(5)
ينفق الناس أيامهم
تتناقص أرصدة العمر في مصرف الوقت
سوق التعاسة مزدحم
والحوانيت مفعمة بالتساؤل
والرد مكتنز في جيوب الزمان .....
الزمان الذي يتثلث بين الأنين الذي مر
بين النشيج الذي يتعالى
وبين الذي سوف يأتي
يقول الذي أدمن الحلم أن الذي سوف يأتي له بصمات الغموض
روائحه قادمات بلا عبق
وهو مختبئ في صناديق هذا الذي أدمن الحلم
والحلم حين تجيء به الاحتمالات منتشرا كالدخان
يلملم أجزاؤه
ويؤسس كوخا من الاتضاح هنالك عند ضفاف الحقيقة
هلا نحاول رصد مسارات أحلامنا في مدى الاحتمال ؟
(6)
كراعية تتسكع أصواتها في فضاء البراري تحملق بائعة
الورد في أوجه العابرين مفتشة عن عيون تلائم لون
النراجس عن فاتنات تناسب ألوان بشرتها باقة الياسمين .
الجنود يمرون لا يلمحون الورود فتطلق قبوة كاذي نهدتها
والبنادق تفتح أفواهها للعصافير وهي تخط الوصايا على ريشها
بأصابعها تحسب الوقت بائعة الورد
والناس ينهمرون على قارعات الرصيف
وقلب المدينة لا يعرف النبض
وامرأة في الثمانين من عمرها تتوقف في الجسر
تمنح للنهر رؤيتها والسعال
وتسترجع الذكريات
وتضحك دامعة حين بان بياض جديلتها فوق سطح المياه .
في الطريق إلى دارها وضعت عملة في يد امرأة ذاقت الحرب
أولادها ، تتسول ، ثم أشترت كومة من بياض المناديل
وامتثلت للبكاء .
(7)
ربما يتلاشى أنين المساء .... عويل القناديل
رعب الكوابيس .... صوت العفاريت في طرقات الأساطير
أو ربما يتطهر جو المقاهي من عفن المخبرين .
ربما يتساقط عن شجر العشق غصن المآسي
أو قد يذوب جليد التشاؤم قدام كوخ إنتظار النقيض ...
النقيض المزخرف بالضحكات
وقد يتوهج نجم الأماني فوق ركام الدجى
غير أن الأزاهير لن تتفتح في واحة القلب
إلا إذا أيقنت أن نحل العناق دنى ساكباً فوق
جمر الحنين غيول الطنين .
(8)
القصائد تمنح أوسمة تتلألأ مثل قلوب الصغار
توزعها للرياح
لريح تداعب نافذة عاهدت أن تكسر قضبانها وتغني
لريح تدغدغ راية جيش الضياء
لريح تزيح الغبار المهيمن فوق تويج البنفسج
للريح وهي تبيح الأريج
وتفرش تحت نعال المشاة الصدور التي تتوسع في الملصقات
لريح تسوق السحابة فوق حقول الجياع
لريح تلاقح بين الرؤى والأماني
لماذا تباعد هذي الدقائق بين القصائد والريح ؟
(9)
عدم بين قوسيه تمشي القوافل والناس والماء
تمشي الحياة نهاراتها والمساءات
أكواخها والقصور
العراك الذي يتسلسل عبر الزمان الذي يتسلسل فوق البقاع
التي تتسلسل ما بين قوسيه محتدم بين قلبين
قلب تضخ شرايينه دمها تستقي منه نخلة عشق
تقدم رطباً وظلا مشاعا لكل الجياع الذين ظهورهمو
احدودبت من صخور التعاسة والبؤس والجلدات
وقلب يعشعش في جوفه الحقد
تنخر سوس الضغينة صمامه
والشرايين فيه جحور الأفاعي
فقد كبر الآن مقتاً لدى الشعر أن تتطاول هذي
الأفاعي فوق النخيل.
(10)
في الطريق رماد ..... دخان ..... فتافيت سبورة
أحرف هربت من عمود الجريدة
مستنقع من سعال العجائز
زوبعة لا تجيد التحرك
أغنية
صورة يكره العابرون ملامحها
لافتات تثير التقيؤ
ترزح كل الشوارع تحت سياط الوجوم .
الجنود يعبون أسرارهم في الثقوب التي فتحتها القذائف
في واجهات البيوت
الدكاكين تغرس في مقل الفقراء سكاكينها
وتشكل ديكورها من جماجمهم
والكراسي تسوق المآسي بحجم الرواسي
تنصبها فوق صدر فتاة يسيج تشرين بستان أحلامها
هل تناسى الرصيف تضاريس تاريخه ؟
أين غابت حجارته والأصابع ؟
كيف استكانت دقائقه ؟
من يذكره أن يؤلبها الهمهمات
ويصنع ملحمة من غضب ؟
إب
1991 م
فصول من رواية القلق الأليم
(1)
الأفق بحر دامس . تطفوالجبال على الجبال . كأنه غسق العصور أتى
ويعصر نفسه في كأس هذا الكون . يهمد كالغريق الفجر ، لجي المدى .
قوس يشكله اعوجاج الوقت ، تنهمر النبال على الصدور .
مدائن تنأى بأذرعها وتقتنص الندى من زهرة سكب المغني
همسه في نسغها ومدائن تأتي بأذرعها وتذبح ما لديه من الحمام
على غصون الأغنيات . مدائن ترمي مدائن صوته بالمنجنيق .
مدائن ينساب قيح جروحها زيتاً يؤجج في مروج نشيده هلع الحريق .
مدائن تقتات حنجرة الصدى تمتص من مقل القصائد ماءها
وسنا البريق .
ويستوي الديجور مبتسماً على عرش الطريق .
(2)
قدم يدب ولا يرى . قدم يحيك له الدجى " كيس " الكرى . كف يعض
بنانه . كف يغادر جسمه متذمرا . عين تعود من التخوم كليلة .
عين تعود القهقرى . رأس تطأطأه الدقائق ينحني .
روح تطارده الحرائق والبهيم على الثرى . البوصلات
الطقطقات القارعات العاديات الغاديات الناكصات إلى وراء
ورائها ٌقدماً تسير إلى الوراء ولا جديد لدى الجديد فما جرى ؟
خيل يهودج نفسه
يوم يبايع أمسه
أن الأنين من الأنين . الفاقة ارتسمت خرائطها . المدائن
والقرى تمتد اكواخاً من الآهات تبحث عن ِقرى أين القرى ؟
والقصر يتخمه اختفاء " الشنفرى " .
نفق كلحد موغل في ضيقه هذا المدى . نفق يقعي كالردى .
والوقت بالمقلوب
يا للهول : اشواك تخر لها النراجس والورود . دودة ثملت
بانخاب الرحيق . جيفة محروسة بين الزبرجد والعقيق .
نغمة مصلوبة وحمامة مذبوحة في مدخل الأسماع ، والأسماع
مملكة تداول عرشها بين النقيق والنعيق والنهيق .
الوقت بالمقلوب يغمس رأسه في جورب ،
يمشي وينتعل العمامة
يا لهذا الهول من هذا الأنيق !
(3)
نهر تداهمه الرمال . جداول تلقي بمعطفها الخريري حين يلبسها
الزوال . الاحتمال أتى ويلطم خده . ورمى الجمال جماله درجاً
تقود القبح صوب أريكة فيها ينام الاكتمال. الريح ترحل
والغبار نشيدها . ألقت تحيتها الغصون وأسقطت أوراقها
القمر الأليف من النشيج . تسلقت بقع الوجوم إلى النجوم .
الأرض أرقها الحنين إلى الربيع ، إلى أنام يهجرون دموعهم
ويسافرون إلى المروج يدججون قلوبهم بهوى يرقرقه
الكمال. الكوكب المسكون تأسره الجروح كأنه عرصات للأوجاع
مبنى بابه سقف
يغوص الحلم لؤلؤةً من الأوهام في يمٍ عميق .
(4)
طفل يشاهد زوبعات الريح ، يرمي قشة فيها ،
ويرمي مزقة فيها ،
ويرمي ضحكة فيها ،
ويختصر المسافة بين سطح الدار والأفق المسيج بالسماء
ويبصر القرطاس محمولاً برأس الريح حتى يختفي فوق البيوت
هناك خلف التل ، جنب الشمس ، جدته تخبىء في مسامعه
السعال وتمتمات ليس يفقهها . يغني جده و " البردقان " يهشم
المغنى ويبحث عن مظلته وينهمكان في ترتيب سطح البيت، مثل
الناس، قبل الغيم . يسكت جده المذياع في غضب ويطلق لعنةً
والطفل مشدود إلى الآفاق يستجدي الطريق يشاهد الآتين
قد يأتي أبوه من ..... وينسى ما اسمها تلك البلاد وكل
يوم وهو يشحذ اسمها من جده . يأتي بنظرته ويفحص في
يمين البيت مقبرةً ويدرك أمه في قبرها المعروف .
لو للقبر مثل البيت باب أو شبابيك فهل تأتي ويبكي ثم يبكي
ثم يبكي .
والرعود تدق باب الأفق في ضجر وضيق .
(5)
هذا بعوض القهر لا يحصى . تصوبه الجهات على الجهات . يمر
ملسوع المنى الماشي وترتعش الرؤى . حمى العذاب توسعت طقساً
تأسن ظله وارتج هيكلها الثواني والصدى يهذي وهذي
دمعة العنف احتجاج في فجاج الخد . هل تستل أقراص الخلاص
يد العناد وتحتسي ندماً تعيساً ؟
جل من أعطى التجلط توبة للجرح أو غطى بجلد الشمس عظم الليل
سبحان الذي لو حان يوم الفصل أقصى الهمس والألحان عن
تاج السكوت. توج الريحان سلطاناً على هذي الخبوت . جرد
البيداء من نيشانها الشتوي ، سوى في وحام الأرض ريح
البحر عكازاً لمزن الحلم في وقع شفيق .
(6)
يدب العمر . نجار يلامس كنهه اليومي . يلقن درسه المطبوع
بين اللوح والمنشار زنبيلا من الذكرى. تمد الورشة الأشياء
بالأشياء . يلقي حزنه في منضدات المكتب الرسمي . يعطي
طاولات الدرس ألغازا من الأوجاع . يطلي فوق بصقته على
القضبان . منحوت على الأبواب ظل الصرخة الأولى وظل
الرحلة الأولى ، وظل الموت مرسوم على المسمار في البرواز والدولاب
والقبقاب .
يأتي طاعن في السن يترك عنده مقياس نعش للحفيد . يافع
يأتي ويترك عنده مقياس نعش شاخص الأبصار . يقذف جاره
الخياط في أذنيه " كيف الحال؟ " حانوتاهما مهد وقمصان
وحانوتاهما نعش وأكفان
وسيان البداية والنهاية واتساع البحر بحر العمر
أو ضيق المضيق .
(7)
لا شأن لي في غمس أيامي السوالف بالأسى
لا شأن لي في حشو قسطي من نهاري بين أسنان المساء
لا شأن لي إن لان غصن الوقت نحوي أو قسى
لا شأن لي ما دمت عمداً أحتمي من هول هذا الحظ أبني من يقيني خندقاً
وأظل جنب الحلم في غسق الدجى متمترسا
لا شأن لي ما دمت قد أوقدت فانوسا
وهل للطل شأن لو إذا هجم الغبار مكثفاً متغطرسا ؟
هل للندى شأن إذا طمر التراب بريق
ورسى الغبار على الرحيق مكوماً ومكدسا ؟
الذنب ذنب الريح فالاعصار أخلى قلبه من قلبه
وأتى يقوس قامة الأحلام
ويح الريح ، هل لا شأن لي ؟
- كلا
إذن لا طقس إلا ما أتى من وحي إصراري
ولا إعصار إلا ما أتى من صلب تياري
ولا شلال إلا ما أرتوى من ثدي أمطاري
إذن كيف الطريق إلى طقوس نشتهيها !
ويح هذي الريح ! هل طقس سيأتي بالمنى متلبسا
كتلبس الاحلام بالألق الحقيقي ؟
(8)
جزع أنا كفراشة في مسجد قروي حول فتيل فانوس
تلاصق ظلها بالابتهال
كأذرع متضرعات
كالعيون المفعمات بحزنها
كملامح تمحو ملامحها المخاوف من دوام القحط والطاعون والهلع البهيم
مسيج بمدامعي كجزيرة ، ومحاصر كجزيرة
ومعذب كقصيدة يصطادها القلق الأليم
تململي
وتوتري كالطائر المأسور وهو يسمع الألحان من سرب طليق
تعز
مايو 1992 م .
أوراق من غصن الأرق
(1)
وكان الخوف أول ما نمى في الجوف . أول ما همى في المد . دنيا تشعل الدنيا
عفاريت من الأوهام . أشباح بلا أقدام . ليل يأكل الاضواء .
كان الجن يرتادون مثل الناس . ترمي المقبرات الجمر . تعوى من أساطير
ذئاب الليل . ينهار النهار البكر . يشوي البرق قلب العصر . نار النار
تجتث السؤال المر . أوجاع تخيم في هواء القرية الحيرى . فلاحون
مذبوحون حتى الموت بالآلام. أثلام تمص الدمع والأصوات .
ابواب من الآهات في الجدران . يأتي الخوف أكواما كأثمان لقسط
العيش حتى دونما الأحلام . طقس يمحق المحصول . شهر الصوم
والاعياد والاعراس كالكابوس . أفواج من الأمراض . زيت
الفتنة المخزون في التنور مسكوب ويلقى الناس كالأحطاب .
يأتي الخوف بالميعاد اكواما من الأوجاع
أطيار تفر بعشها المحروق
أوتار تفر بصوتها المخنوق
شباك... شبابيك تودع صوب لا تدري أزاهيرا واشجارا
تفر غصونها والظل
من أعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
(2)
يجيء الخوف بالميعاد أكواما من الأوجاع . يفرغ قيئه المذياع
في الأسماع . مكدوم الجبين الشارع الشعبي . أحياء المدينة مثلما
الأموات . يجري الناس مذعورين . دكان يفتش عن ضحايا من
مشاة الوقت . وهج العمر قربان لماء الشرب والاضواء والأقوات
من أعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
(3)
يدور الظل ملفوفا على ساق كسيح ينزوي في صمته اليومي مشدوداً
إلى رتل من الأحجار . بين الفرع والاغصان ، بين البنصر المبتور
والابهام ، تجثو عنده الأوراق طابورا من الأشجان
يبكي الفرع مثل الفرع
من أعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
(4)
متاهات من الساعات تقتات المرور الفج في الفينات . خيط كومته
الريح من مور المدى المكشوف . اشلاء من الاشلاء في البيداء
أسوار تدل الظن أن يأتي ولا يأتي . جهات تلتوي .
ضوضاء تكسو الصوت . مغنى سابح في قاع حوض من مياه
الصمت . مرآة تفتت بالشروخ الوجه .
من اعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
(5)
خزعبلة متوجة . أتون تثقب الذكرى . كرى يصحو . جلاميد
على الألباب . يبني الليل أقفاصا . وريش النجم منتوف
وقفر يشرب الألوان من اصقاع غاصت غصة الاملاق
في بلعومها المهموم . مكتوم زفير البحر . راع يحصر السكان
تسهيلا لتوفير الردى والسجن والسجان . ألقاب لأسماك
على اللوحات . أسماك لها اسماء . منشار نسى الأخشاب
كي يسطو على الأعناق
يا للهول
من أعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
(6)
كمن أعطى لهذا الرعب ناموسا ، ألا يأتي الذي يأتي من الآتي
ويعطي للنقيض الحلو : نبراسا
واعراسا
وناموسا
ألا يأتي ؟
.......
متى يأتي ؟
.......
فمن أعطى لهذا الرعب ناموسا ؟
تعز، 28 مايو 1992 م
حالة
مثخن بالجراح
الرياح تلاقح بين الأسى والعيون
الجفون سحاب كثيف الدموع
شموع المنى يحتسيها الدكون
السكون يحرك نبع الثواني
يئن ، وتنحت سعلته في جدار الحنين نقوش البدايات
يكتمل الوجع الموسمي
ويرسم خارطة القلب بالمدية الذهبية
بيت من الشعر يقطنه
ويسد نوافذه بزجاج الغموض
ويغمض عينيه كي يرتئي ما يغايره أو ينام .
27/2/ 1994 إربد .
الرجوع
ينفق الوقت في حصرها الطعنات
ويبدو كخارطة قلبه
كان لا يعرف البوح
كان يكمم فاه الأنين
الدقائق تصلبه في جدار الذهول
المواويل سرب يغادره في فضاء البكاء
وكان يقلم هذي أظافر أحزانه
ويهشم أصنام أوجاعه
ويجوع
الرجوع نواه مرارا إلى أول اللحظات
ولكن ....
مسكونة بالفجيعة أعشابه
والندى يتململ
والطرقات وأقدامه والظلال.
15/2/1994 م إربد
المطمور
في البدء كان الشوق
فارتسمت ملامحه على الآفاق وانهزم الضباب
الباب باب الحلم تقرعه الأماني والرؤى
والتوق للشجرات والمطر الملون والسنابل والورود
يقيم منشرحا على شرفات إحساس المُزَارِ ع
والحمام يرتب الأوقات في صفحات جمجمة الجنود
يذود عصفور بزقزقة عن العش المؤرجح
تستحي من صمتها الأعشاب
تنكسر الأشعة في انسياب النبع
كانت كاليقين مدائن الأحلام في ألق الطفولة
والسماء يكاد يلمسها الرعاة هناك في قمم الجبال
تجيء صوب مكانها الأوقات مثقلة بأوجاع الخواء
كأن ما رسم الحنين طوته أتربة الدروب .
3/9/1993 م
إربد
سنبلة المستحيل
شجر يتمايل من ألم في جذور الجذور
رمال تغادر بقعتها
حجر يتقشر
ريح تلاقح بين الصخور
طريق تريق مخاوفها
قدم عدم يصطفيه
شراب السراب يطارده جسد ظامىء
مؤن من أنين القنوط تكومها صرة السالكين
حصاة شوتها الشموس
رماد يشكل حتى الرموش
أتخضر هذي البقاع كما قيل في كتب الأنبياء ؟
أتنمو سنبلة في شعير السعير !!!
19-7-1993م
إربد.
زنبيل الأسى
(1)
وصنعاء ملهمة العاشقين تسير الهوينا
وخلخالها الحميري يطقطق
تشعل حين تحدق شهوتها في المرايا
هي امرأة وجهها مفعم بالنضارة
عيناها نبعان
جبهتها واحة
فمها منجم
والرموش غصون
نويت الهوى وفتحت صنابير قلبي في كأسها
واتكلت على طيفها وابتدأت الهيام
وصنعاء زنزانة الحالمين
تراواغ عشاقها بالدلال
وتزهق أرواح أحلامهم
وصنعاء هذا الكمين الكمين .
(2)
لها هالة تستعير ملامحها من براري الأساطير
من جمرات البخور
ومن موقد الذكريات
إذا هيمن الليل كانت سواده
لو بسط الصبح سلطانه شمرت واستحمت بماء الأشعة
مجنونة كالعقول
تقول لها ورق القات : لا تمضغيني صباحا
تكركر عند جنائز عشاقها
وتنوح إذا ألبستها الدقائق ثوب الزفاف
(3)
يوقص أحجاره الخوف في عرصات الجماجم
ينتحر العشب في هضبات الهواجس
في الشرفات يصب العبوس أباريقه الفارغات
ويخدع سوسنة
في ضجيج الشوارع تشتبك الكلمات تشكل أسئلة لا تجاب
يجوب شعاب الأحاسيس وخز الأنين المدبب
تفتح أبوابها دمعة وتخبيء أسرار أمنية ظهرت في زفير الأزقة
والوقت لا يفقه المدركون تعرجه
والجهات تقايض موقعها بالشتات
(4)
وصنعاء زنبيل هذا الأسى المتورم في لحظات الغروب
المآذن تشتم فنانة كشفت شعرها
والنهار يودع حاراتها وهي مشغولة بالشجار
وبائعة الخبز تسأل : هل شاهدوا شعرة في " ملوجي " ؟
وعين المشاة تحدق دامعة في الوجوه التي تتبسم في الملصقات .
1993م إربد.
لقطة
تنام المدينة كي توقظ الشعراء وتقذفهم في طريق الأرق
فيشتعل الحزن والشوق والأغنيات
ويعشو شب الحرف ريحانة في سطور الورق
تعيش الشوارع أحلامها والكوابيس
ينتصف الليل كالسندوتش
ويختنق الضوء في الشرفات
ويفعم وجه النجوم وجوم القلق
سدىً يرقص السقف في صفحة الكأس ...... كأس العرق
ويهتز عش العصافير في دوحة الحلم
يرتج برج الهواجس
يرنو المنى
وسدىً ًتستفيق القناديل في قارعات القصيدة
إذ وقب الغاسق المتجهم فوق رصيف الندى والألق .
8-9-1994م
إربد.
الانكسار
الوقت مرتبك فيقذفني المساء إلى المساء
ليت لي قمرا يسامرني
وليت لنجمتي وهجا
وليت لشارعي عبق الضياء
أقفلت باب قصيدتي لينام هاجسها المبكر
والأغاني كلها نامت
ولم يبق سوى وجعي وجوعي وإستيائي
أتسلق الأشجار في بستان هذا الليل
أقطف وردة الأشواق
أبحر في عباب الوجد
استجدي من القلق المهيمن ما تيسر من بقائي
وأنا انكسرت
أنا انكسرت
أنا انكسرت كأنني صفحات ماء الأرض ....
حين يخطها مطر السماء
لا لون في الألوان ألمحه
فليس لرايتي قمم
وليس لعالمي أمم
وليس لساعتي إلا متاهات الخواء .
31-8-1994م
إربد .
الهجوع
الشوارع خاوية القلب
بادئة في الهجوع
يجوع المشاة
تتوق الشجيرات للقطرات
يصيح الرصيف : إنقذوني
ويبقى أنين الدقائق والهمهمات
تحط أصابعها الملصقات على أذنها
ماء وجه الجدار تلاشى
أشتوت في سعير النشيج الأغاني
يا أيها القلق المستبد : تنح
فلا حول للقارعات
ولا حول لي و الأزقة والعابرين .
28/8/1994م
إربد
الانسحاب
تائه في الشعاب
تشاكسه الطرقات
النجوم تدير له ظهرها
والذئاب تفتش عن دمه والعظام
يحاول أن يطرد الخوف بالأغنيات
يحاول أن يحتمي بالنشيج
إلى أي كهف ؟
إلى أي جذع ؟
إلى أي شيء يحط الرحال ؟
يرافقه الظل والجوع والارتجاف
ترافقه سنوات الحنين العجاف
تخلى عن الارض
فأنفرط العقد بين الرياح اللواقح والزيزفون
تخلى عن الناس
فأنتحر القمح
وأنتحل الشوك تاج الورود
تخلى عن الشعر
فأختنق اللحن في حشرجات الكمنجة
لم يتبق لديه سوى قبره المستطيل .
30-9-1994م
إربد .
إنكسار البنفسج
يحيرني الليل
تختارني نجمة الأرق المتوهج
أشعل سيكارتين وأهذي
أغتاب نفسي
أسترق السمع من أغنيات المساء
أدلهم
أبعثر ذاكرتي فوق طاولة الوقت
لا وقت في الوقت إلا دقائق من وجع ونحيب
يخيب رجاء الفراغ الجميل
تميل جذوع النخيل البخيل هنالك في غابة الأمنيات
سأتلو ما يتيسر من سورة " النازعات "
قليل من العشق يكفي كثيرا
جحافل حزني تنهب ما ادخرته يد الضحكات
ثلاثون قبرا تحدق في جسد واحد
من يهيء كافور هذا الضريح
البنفسج في أول الوقت منكسر في أتم الضمور
وجدت المدينة منهكة
فأستندت على صخرة
وأتكأت على همسة من نسيم القرى
قائل قال لي : كن كما تشتهيك السماء
أستوى البحر والرمل
وانفجرت في الروابي العيون
سأزعم أن قبالة صمتي شوطا من الأغنيات
وأمضي .
28 /11/1994م
إربد .
اشتهي أن أنوح
أشتهي أن أنوح على قمر شارع في الخسوف
على شجر شاحب في براري الجفاف
على وطن ضائع في سراديب حكامه
أشتهي أن أنوح على حلم نائم في سرير الغياب
على نغمة طمرت صوتها زفرات النشيج
وبي شغف للعويل على راية هجرتها الرياح
الصباحات تركض في طرق الوقت مكتظة بالأنين
كأن انبجاس الندى في كؤوس السواسن ،
أو رقصات الدخان هنالك فوق سطوح القرى ، شارةٌ للجراح
الحنين إلى موسم العشق يشعل أعشابه في هضاب القلوب
بكم تشتري لحظتي أيها القلق المستبد ؟
سأعطيك قسطي من الوقت لوهادتني القصيدة ...
كي ترتقي سلم الاكتمال .
لماذا تراني المخاوف منتجعا
ويعشعش بوم الأسى في غصون الهواجس ؟
هل كلما صالحتني القصيدة خاصمني الابتهاج
وهاجت جيوش الوساوس فوق تلال الرؤى ؟
أشتهي أن أنوح
وأغرس في واجهات الجدار نشيجي
يا حلما من سراب يرقرقه الوجد في طرقات الحنين ...
تجلَّ لعلي أرتبها وثبتي لممر جديد
وأنسى تفاصيل شوقي العقيم
لعلي أقيم على صخرة في براري إختياري
وأكنسها هضبات تضاريس خارطتي الدامعة .
20-3-1995م
إربد .
مدخل الخروج
شجر يلوح في براري الصمت للنغم الجسور
السور حول حديقة الإصرار يزهر
والطيور لها الظلال المعشب الأطراف
والنبع الخرافي والوكور
الكوكب المسكون بالقلق المعبأ بالشجون
يبيح جوهره لجوهره وحول نجيمة الأشواق يحلم أن يدور
أرائل الأوقات متكأ الحروف الخارجات من النشور
الأغنيات تؤلب الأصداء في الجدران
توشك أن تثور
يزغرد الشحرور في الأفق المسيج بالفراغ
وينزوي طرِبا يكركر فوق شاهدة القبور
يفيض بحر الانعتاق على رمال الأسر حين تمور
نخلتها وتنهمر التمور
تخور عند مداخل الأسماع همهمة الأنين
وترتقي من فوقها الجمرات رائحة البخور .
إ ب 23/2/1995م .
بورتريه
" قمر
نجوم
شمس "
والحبل يدور
ويمر من فوق رأس الطفلة
ومن تحت قدميها المغروستين في الحذاء الأطهر من جمجمة الساسة .
قوس قزح يتحدى المدينة أن تعبر من تحته
كركرة الأطفال تتساقط فوق البيوت
عاشقة تسكب أباريق الدمع على أصيص السوسنات
في شرفتها الكئيبة كوجوه الفلاحين .
كما يشوه " الجدري " الوجوه ، يشوه الجنود وجه المدينة .
وأنت تسير في شوارعها تصطدم المرة تلو الأخرى عيناك
بشخوص يبدو أن صدورهم تخلو من القلب
ورؤوسهم تخلو من المخ
على أكتافهم معادن صدأة يسمونها نجمات
وفي جباههم طيور محنطة .
العصافير تكرههم والأزاهير تكرههم
وكراسات الرسم لا تقبلهم في صفحاتها
كل شيء يكرههم
إلا المقابر التي يجلبون لها الزبائن
السماء تدر أمطاراً وخرافات
والشمس تعجز عن تجفيفها
وحصاة تسأل غاضبة :
لماذا لا تغني أيها الحيوان الناطق ؟
12-1-1994م
إربد .
الضمور
ثمل هذا الوقت
ودائخ في القارعات
خائرة قوى الدقائق
ومنهكة عقارب الساعات
تحلم البيوت أن تتنفس الصعداء
ويشتهي القاطنون أن تثلج الصدور
ممشوق قوام رماح الحزن
ومصقول سكين الأسى
يفتقر العابرون إلى المصابيح ....
في الطرقات التي شرشفها الليل
قاطرة العقول تسير فوق سكة الجنون
وتغترف أباريق التمرد من نبع السكون الآسن
ضامرة سواسن الحنين
ونراجس الإشتياق
وعقيمة سحب الراهن
لا صيف ولا ربيع في دورة الفصول
مشنقة اليأس تحدق في الأعناق المشرئبة
وقبور الصمت تتربص بجسد الأغنية
ثمل هذا الوقت
ودائخ في القارعات
تعز
25-2-1995م
أقوال
كاصطفاف الفراشات الملونة فوق أعشاب الربيع
يلتحم المشاة حول لافتة الإحتجاج
وكموسقة زغردة العصافير في الأعشاش المتدلية في ضفاف الجداول
تهمهم الأكواخ حول القصر الذي حجب عنها اللقمة والشمس
ومثل هسهسة المطر في حقل ريفي أخضر
تطقطق الأقدام فوق رصيف العناد
البراري تتمرد على سلطة الجفاف
والصحاري تترقب مد البحر
قال حجر تمحو الشمس عنه غبار الظل :
خذيني يا أنامل الفلاح الجائع
واقذفي زجاج الجشع في نافذة الإستغلال .
وقال عود ثقاب في رف النسيان :
أشعلني أيها الفقير
وأحرق راية التفاوت .
وقالت أريكة في محطة الإنتظار :
استرح أيها المتعب
وفكر بالثورة .
26-2-1995م
تعز
همهمة
من يفك طلاسم أسرار الدهشة
ويشعل أعشاب الرعشة في وديان النشوة ؟
من يشفي غليل تساؤلات الشعراء
ويؤرخ لفرسان الهوامش ؟
من يهشم أصنام العلن
وينصب تماثيلا للمطمور ؟
من يقلم أظافر القبيلة
ويخضب أناملها
ويجردها من نزعة التوحش ؟
من يملأ فانوس المغفل بزيت العناد ؟
من يؤرجح طفلة المستحيل ؟
ومن يصد رياح القنوط عن شمعة الإصرار ؟
ثمة قلب يتورم في صدر المسكون بحمى التشوف
وثمة ألغاز تستوطن جمجمة الرائي
برزخ يفصل بين نقطتين في المسار
وبيارق بيضاء فوق الهامات
عناقيد التخبط تتدلى من كرمة الغموض
وسراب الوهم يملأ قنينة المأمول
ذات صباح ، كان البحر ممدداً كالجثة
وكانت سياط الشمس تجلده كالمخمور
وظل البخار يتلوى كالأفاعي فوق الجداول النازفة
قالت سوسنة لنفسها :
أفعم الغبار تاجي ،
وتقوست قامتي كسبابة المحارب
غداً سينهمر المطر
ويبتسم جذعي ورأسي المرفوع .
25-2-1995م
تعز .
حلقة من مسلسل العويل
للملاذ جدران لا تسند
وأعمدة هشه
يلتهم ذباب الخوف حلوى الهواجس
وتفجر عجلات الحلم مسامير الأنين
تلدغ عقارب الساعة أنامل العمر
ويهد لغم الصمت بنيان القصيدة .
صه . أيها الشحرور
بنادق الصيد تفتش عنك
وتتربص بك الأحجار في القبضات الغاشمة
تقاطع الغيوم سماء المدينة
ويزنزن العطش أزاهير الشرفات
وتحتكر البحار بخارها
لا مزامير في أيدي الرعاة
لا كراسات رسم في حقائب التلاميذ
لا قلوب في صدور الجند
ولا رياح تحرك الراية
تغرق أقدام المنى في وحل الدقائق
يستبيح غبار الغموض ندى التشوف
وتتداخل الجهات في خارطة الدليل
ينأى الرغيف عن أعين الجياع
تستفز الأشواك الأقدام الحافية
تجري الدموع في خد المغني
ويستمر مسلسل العويل .
20-1-1995م
تعز .
أروقة المجهول
ثمة أروقة لم تطأها القدم بعد
مجهولة كوضوح المجهول
جدرانها مطلية بالأسرار
وقاعها مرصوف ببلاط النشوة
تحرسها قبائل تغاير القبائل
وترتادها الأطياف
بدأت قبل الزمن وستلوح بعد النهاية
محاطة باشجار لا تفقهها الكلمات
وعصافير لها ريش الفرادة
سوسها كالنحل ونحلها كالفراشات
وفراشاتها كصغار السنونو
تهيم عليها البقاع وتدندن
تمطر حين تشتهي
وتشمس حين تشتهي
وتتلبد أجواؤها بالبخور .
18-3-1994م ، إربد .
الواهن
كخيوط العنكبوت
كالرماد
كالندى حين يهاجمه الغبار
كأحجار " النُّفدي "
واهناً كان
تتقاذفه الشهور والفصول
ترتديه الشوارع في سويعات الصقيع
وتخلعه الأزقة في سعير حزيران
رابط الجأش يلوح
وراقص الظل
لا يعرفه سواه
ساكتاً كأعمدة الكهربا ء
وصبوراً كالطريق .
26-8-1994م
إربد .
الرحيل
تترك العصافير أعشاشها في موسم الاحتطاب
مضينة هي الرحلة صوب البراري الجديدة
الينابيع محفورة في الذاكرة
والجدول الصغير وشلالاته المنشدة
حشدت عصفورة صغارها
وبدأت مشوار الرحيل
العيون مشحونة بالأسى والدمع
والقلوب تنفطر حزناً
أيها الفأس المغفزع : ويحك
أيها الريش المنتوف : سلام
لك ديدان المستقبل أيتها المناقير
الأعشاش المشيدة بأعشاب الإنتماء تتهشم
والفضاء المفعم بذكريات الزقزقة ،
بالتحليق في نهارات آيار المشمس ،
بالرفرفة اسراباً ،
يتآكل كالأصابع المجذومة .
تنوح الأزاهير التي أدفئها ظل الشحارير
والحصوات تنشج
والغصون المبتورة تنحب
كم أنت موحشة أيتها الدوحة
وكم أنت صعب أيها الرحيل .
24-9-1994م إربد
قصائد اخرى للشاعر:
على خشب الريح أصلب دخان سيكارتي
بيان الشعر : قراّن البشر
مروا على طرقات ذاكرتي ولاذوا بالهروبْ
لؤلؤة تكركر في وريدي
الوجع الأبدي
لم نعد نستطيع الحياة
قماش الندى
رنين على شاهدات القبور
خير الكلام
زخات إليها فقط
الحزن الأخضر في طواف الوداع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.