لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    نقابة الصحفيين تدعو إلى سرعة إطلاق الصحفي المياحي وتحمل المليشيا مسؤولية حياته    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    السوبرمان اليهودي الذي ينقذ البشرية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدل مثار مابين بدعة حسنة وأخرى ضلالة
الاحتفال بمولد النبي..
نشر في الجمهورية يوم 10 - 03 - 2009

صار الاحتفال بمولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مثار جدل بين فرقتين فرقة تقول إن الاحتفال بدعة حسنة وبعيداً عن الخلاف فإن الاحتفال بالمولد النبوي جائز إذ انتهت المحرمات التي تصاحب هذا الاحتفال إذ إن الاحتفال ليس إلا التذكير بقراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وشخصيته وبرسالته الخالدة التي أخرجتنا من الظلمات إلى النور وقد قام سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار وقول المدائح في الرسول صلى الله عليه وسلم. ولعل المتابع لشرعية الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يرى أن هناك نصوصاً قرآنية وأحاديث نبوية تدل على أن الاحتفال ليس محرماً ولابدعة ضلال،كما يزعم البعض ولنا قدوة في سلفنا الصالح وعلمائنا الأوائل الذين أجازوا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أمثال ابن الجوزي وابن كثير والحافظ ابن دحية الأندلسي والحافظ ابن حجر وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي،حيث ألفوا الموالد النبوية وبينوا شرعية الاحتفال فلسنا أفضل من هؤلاء والعاقل يميز بين ماهو خير وماهو شر ولسنا ننكر أن هناك جهالاً شوهوا بصورة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
استحباب عمل المولد النبوي
ألف في استحباب الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف جماعة من العلماء والفقهاء بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل بحيث لايبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه وقاله سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف،حيث قالو إن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ليس إلا تعبيراً عن الفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الفرح به أمر مطلوب،حيث يقول الله تعالى «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا»
فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم له الفضل الأكبر والرحمة العظمى على الإطلاق قال تعالى «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين كما أن الاحتفال بالمولد تعظيم لشعائر الله،حيث يقول تعالى«ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب».
والشعائر اجمع شعيرة وهي المعلم الواضح وتطلق هذه الكلمة على مناسك الحج أي معالمه بما عينه الله،فالشارع الحكيم أمرنا بتعظيم البيت الحرام وبناء المساجد وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمرنا بعبادة الكعبة ولابعبادة الرسول صلى الله عليه وسلم ولابعبادة المساجد ولابعبادة أصحابه،كما يعد تعظيم المصحف والتذلل للأبوين من شعائر الله وليس ذلك عبادة لهم.
قال الإمام الفخر الرازي «الأصل في الشعائر الاعلام التي يعرف بها الشيء ويكون وسيلة إلى رحمة الله فتعظيم شعائر الله تعالى هي أن يعتقد أن طاعة الله في التقرب بها فإن تعظيمها من تقوى القلوب، كما أن الاجتماع في الاحتفال بمولد سيد الأنام صلى الله عليه وسلم مناسبة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم،ففي إقامة ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم مايحث على الثناء والصلاة عليه وهو واجب أمرنا الله به قال تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً» فمجرد الاجتماع وذكر النبي صلى الله عليه وسلم يجعلنا نثني ونصلي عليه،وما الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم إلا تعبير عن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم للمنعم جلّ جلاله حيث يعتبر الاحتفال من مظاهر الدين ووسيلة مشروعة لبلوغ محبة الله عز وجل قال تعالى «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله» وقال صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين».
فالاجتماع في مناسبة المولد أمر محبوب ومرغوب وقربة لشكر الله على أعظم نعمة في الوجود وهي مقدمهُ صلى الله عليه وسلم،فرسول الله نعمة والقرآن يحثنا على شكر المنعم في قوله تعالى «وأما بنعمة ربك فحدث» كما أن الاحتفال بالمولد تثبيت لقلوب المؤمنين قال تعالى« وكلا نقص عليك من أنباء الرسل مانثبت به فؤادك» فالحكمة من قص الله أنباء الرسل عليهم السلام هي تثبيت فؤاده الشريف صلى الله عليه وسلم ولاشك أن المؤمنين يحتاجون إلى تثبيت قلوبهم وأفئدتهم بأنبائه وأخباره صلى الله عليه وسلم أكثر من احتياجه هو صلى الله عليه وسلم فالمولد الشريف مناسبة لذكر معجزاته وسيرته والتعريف به حتى تثبت القلوب معرفته والاقتداء به والتأسي بأعماله والايمان بمعجزاته والتصديق بآياته ولهذا ينبغي أن يحتفل بمولده إذ من الصعب قراءة سيرته ووصف شمائله كل وقت وحين لصعوبة اجتماع الناس،فكان يوم مولده يوماً لاجتماع المؤمنين لقراءة سيرته.
أقوال العلماء في الاحتفال
تكلم كثير من العلماء الأوائل في مشروعية الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم حيث قال العلامة ابن الحاج رحمه الله وهو معروف أنه كان من أشد الناس حرباً على البدع ولقد اشتد رحمة الله عليه بمناسبة الكلام عن المولد على ما أحدثوه فيه من أعمال لاتجوز شرعاً من استعمال لآلات الطرب ثم قال فآلة الطرب والسماع «أي شبه بينهما» وبين تعظيم هذا الشهر الكريم الذي من الله تعالى علينا فيه بسيد الأولين والآخرين فكان يجب أن يزاد فيه من العبادات والخير شكراً للمولى سبحانه وتعالى وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يزد فيه على غيره من الشهور شيئاً من العبادات وما ذلك إلا لرحمته صلى الله عليه وسلم بأمته ورفقه بهم .. لكن أشار عليه الصلاة والسلام إلى فضيلة هذا الشهر الكريم بقوله عليه السلام للسائل الذي سأله عن صوم يوم الاثنين فقال له عليه الصلاة والسلام «ذلك يوم ولدت فيه» فانظر رحمنا الله وإياك إلى ماخص الله به هذا الشهر الكريم ويوم الاثنين ألا ترى أن صوم هذا اليوم فيه فضل عظيم فينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به.
المولد بدعة حسنة
قال الحافظ السيوطي في رسالة في كتابه الحاوي للفتاوى والتي أسماها حسن المقصد في عمل المولد عند ما أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ماتيسر من القرآن وقراءة الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك فهو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيها من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف وهو أي المولد ومايكون فيه من طعام الاحسان الذي لم يعهد في العصر الأول فإن اطعام الطعام الخالي عن اقتراف الآثام إحسان فهو من البدع المندوبة كما في عبارة ابن عبدالسلام.
وقد سئل الحافظ أبو الفضل أحمد بن حجر عن عمل المولد فأجاب بما نصه «أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها من القرون الثلاثة فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة وإلا فلا ثم قال:-
وأما مايعمل فيه فينبغي أن يقتصر على مايفهم الشكر لله تعالى من نحو ماتقدم ذكره من التلاوة والاطعام والصدقة وانشاد شيء من المدائح النبوية والزهد المحركة للقلوب إلى فعل الخير.
وأما الإمام ابن تيميه فيقول في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم. . وكذلك مايحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي وتعظيماً له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع. . ونقل السيوطي عن إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري من كتابه «عرف التعريف بالمولد الشريف» قوله إن صح أن أبا لهب يخفف عنه العذاب في النار كل ليلة اثنين لاعتاقه ثويبة عندما بشرته بولادة النبي عليه الصلاة والسلام فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي عليه السلام فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلى الله عليه وسلم بمولده والذي يبذل ماتضمن إليه قدرته في محبته لعمري إنما يكون جزاؤه عظيماً وأنشد الحافظ شمس الدين الدمشقي في كتابه «المسمى مورد الصادي في مولد الهادي»
إذا كان هذا الكافر جاء ذمه
وتبت يداه في الجحيم مخلدا.
أتى أنه في يوم الاثنين دائماً
يخفف عنه للسرور بأحمدا.
فما الظن بالعبد الذي طول عمره
بأحمد مسروراً ومات موحدا.
فتوى القرضاوي
وجاءت فتوى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين رداً على سؤال تلقاه من عدد من محبيه «مفاده: ماحكم الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيرها من المناسبات الإسلامية مثل مقدم العام الهجري وذكرى الإسراء والمعراج؟».
تذكير بنعمة الله
وبين القرضاوي في فتواه، أن "ذكر النعمة مشروع ومحمود ومطلوب، وتذكير المسلمين بالأحداث الهامة في تاريخهم ومافيها من عبر ومايستخلص منها من دروس مشروع ولا عيب فيه ولايصح وصفه بأنه بدعة أو ضلالة".
وتابع قائلاً: من حقنا أن نتذكر سيرة النبي الكريم كلما جاءت مناسبة من المناسبات، وليس هذا من الاحتفال المبتدع، لأننا نذكر الناس بالسيرة النبوية ونربطهم بالرسالة المحمدية، وهي نعمة عظيمة، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يذكرون رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حين".
وأشار إلى قول الصحابي سعد بن أبي وقاص:"كنا نروج لأبنائنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نحفظهم السورة من القرآن"، مبيناً أن الصحابة كانوا يروون لأبنائهم ماحدث في بدر وماحدث في أحد وماحدث في الخندق وفي بيعة الرضوان.
ودعا إلى أن "نهتدي بالصحابة وننتهز الفرص بعد الفرص لنذكر الناس بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم".
وعاب الشيخ القرضاوي على المسلمين الذين يعتبرون "أي احتفاء أو أي اهتمام أو أي حديث بالذكريات الإسلامية، أو بالهجرة النبوية، أو بالإسراء والمعراج، وبمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بغزوة بدر الكبرى، أو بفتح مكة، أو بأي حدث من أحداث سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أي حديث عن هذه الموضوعات بدعة في الدين، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار".
وقال: "هذا ليس بصحيح على إطلاقه، إنما الذي ننكره في هذه الأشياء الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، كما يحدث في بعض البلاد في المولد النبوي وفي الموالد التي يقيمونها للأولياء والصالحين".
واستطرد قائلاً: "ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين فأي بدعة في هذا وأية ضلالة؟!".
واستطرد قائلاً:"عندما نحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام فنحن لانحتفل بمولد شخص إنما نحتفل بمولد رسالة ظهرت على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتباره شخصاً أعدته العناية الإلهية ليحمل الرسالة الخاتمة للبشرية ويحمل الرسالة العالمية التي امتدت طولاً حتى شملت أبعاد الزمن، وامتدت عرضاً حتى انتظمت آفاق الأمم وأمتدت عمقاً حتى استوعبت شئون الدنيا والآخرة".
قدوة للجميع
وأشار القرضاوي في فتواه التي حصلت "إسلام أون لاين نت" على نسخة منها إلى أن حياة محمد صلى الله عليه وسلم رحبة فسيحة فيها مجال لكل من يريد أن يقتدي به، سواء كانوا من الشباب أو الآباء أو الأزواج أو من الحكام أو المحكومين أو من الفقراء أو الأغنياء.
وبين قائلاً:"يستطيع الشاب أن يجد في حياته أسوة عندما كان شاباً يأكل بكد يمينه وعرق جبينه لايتكل على نسبه ولاحسبه، ويستطيع العزب أن يجد في حياته أسوة لأنه ماتزوج إلا في الخامسة والعشرين من عمره، فهو عاش عزباً مدة من حياته يستطيع أن يجد فيها أسوة".
"ويستطيع الزوج ذو الزوجة الواحدة أن يجد في حياته أسوة عندما كان زوجاً لخديجة عاش معها معظم حياته إلى الخمسين من عمره 25سنة، كما يستطيع من يتزوج أكثر من واحدة أن يجد في حياة الرسول أسوة لأنه صلى الله عليه وسلم تزوج في العشر السنوات الأخيرة من عمره عدة زوجات، وكان منهن البكر ومعظمهن ثيبات ومنهن الصغيرة ومنهن الكبيرة".
وكذلك يبين الشيخ القرضاوي :يجد الأب في حياته أسوة في النبي حينما رزق الأولاد وحينما يبتلى بوفاة الأولاد، ويجد الجد أسوة في حياة النبي في كيفية معالمة الاحفاد كما كان يعامل الحسن والحسين وغيرهما".
ويجد المقاتل أيضاً في حياته صلى الله عليه وسلم "أسوة في كيف يكون القتال وكيف تكون آداب القتال، وعندما ينتصر كيف يقابل النصر وكيف يقابل الهزيمة كما في غزوة أحد"، ويجد كذلك "رئيس الدولة سواء كان أميراً أو ملكاً أو رئيساً للجمهورية في حياة الرسول أسوة لأنه حكم فعدل وأقام الموازين القسط بين الناس وترك لنا تراثاً هائلاً في حسن القيادة".
وأكد أن "كل إنسان يجد في حياته صلى الله عليه وسلم أسوة، الحاكم والمحكوم لأنه عاش محكوماً في مكة وعاش حاكماً في المدينة".
ولم يتوقف الدكتور القرضاوي عند هذا الحد بل أردف قائلاً: "الفقير والغني يجدان فيه أسوة لأنه عاش فقيراً في فترة من الفترات حتى كان يشد الحجر والحجرين على بطنه من الجوع، وأتته الدنيا حينما فتح الله عليه الفتوح وهيأ له الغنائم ودان له العرب وجزيرة العرب فجرب هذا وجرب ذاك".
وختم بالتأكيد على أن "السيرة النبوية العظيمة تحتاج منا أن ندرسها ونقرأ فيها ونطلع على مصادرها الموثقة حتى نعرف رسولنا صلى الله عليه وسلم، فإذا عرفناه ازداد إيماننا به وحبنا له وأدى ذلك إلى أن نتبعه فنحسن اتباعه كما قال الله تعالى «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم» «آل عمران:13».
المولد من الافعال الحسنة
المولد أمر يستحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد، وجرى به العمل في كل صقع فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف: «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح» أخرجه أحمد.
وليست كل بدعة محرمة ولو كان كذلك لحرم جمع أبي بكر وعمر وزيد رضى الله عنهم القرآن وكتبه في المصاحف خوفاً على ضياعه بموت الصحابة القراء رضي الله عنهم! ولحرم جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح مع قوله:"نعمت البدعة هذه"؟!، وحرم التصنيف في جميع العلوم النافعة؟!، ولوجب علينا حرب الكفار بالسهام والأقواس مع حربهم لنا بالرصاص والمدافع والدبابات؟!، وبناء الجامعات وتسميتها بهذا الاسم وتسمية الندوات والمحاضرات بهذا الاسم فإنه لم يذكر أن رسول الله أو أحداً من الصحابة سمى بهذا الاسم، وزيادة الآذان الأول يوم الجمعة؟! وزيادة سيدنا عبدالله بن عمر البسملة في أول التشهد.
وقد ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ومن سن في الإسلام سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها» إذن كان معنى الحديث كما هو متعارف أن من سن في الإسلام سنة حسنة أي أحيا سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم إذن فعلى هذا الأساس نكمل شرح الحديث على أنه ليس من المعقول أنه تشرح حديثاً على قاعدة ثم تغير القاعدة لشرح باقي هذا الحديث فمن سن سيئة أي أحيا سنة سيئة لرسول الله!! هل رسول الله له سنة سيئة حتى نحييها؟؟!!، حاشاه عن ذلك.
إذن فليس هذا هو الشرح الصحيح وإنما لو قلنا إن من أحدث أو سن سنة في الدين بعموم اللفظ فله أجرها وأجر من عمل بها وبالتالي من سن في الإسلام سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة وإن المولد النبوي من السنن الحسنة والافعال التي تقربنا إلى الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.