نادراً ما تنتهي قصص الحب والعشق نهايات سعيدة، فأغلب النهايات قاسية على أصحابها، الذين تألموا في عشقهم، وذاقوا مرارة العذاب في الحب حتى أنهم لاقوا حتفهم من كثرة ما عانوا من فراق الحبيب، ونروي هنا إحدى القصص التي تبرهن على ذلك. ذكر ابن دريد عن يونس بن مزيد قال: انصرفت من الحج فمررت بماوية، وكان لي صديق من بني عامر بن صعصعة، فصرت إليه مسلماً فأنزلني، فبينما أنا عنده ونحن قاعدون بفنائه، إذا بنساء مستبشرات وهن يقلن : تكلم .. تكلم، فقلت ما هذا؟ فقال: إن فتى منا كان يعشق ابنة عمه، فزوجت وحملت إلى ناحية الحجاز، فإنه على فراش الموت منذ حول ما تكلم، إلا أن يؤتى به، فقلت أحب أن أراه فقام وقمت معه ومشينا غير بعيد، وإذا بفتى مضطجع بفناء بيت من تلك البيوت لم يبق منه إلا خيال، فأكب الشيخ عليه يسأله، وأمه واقفة، فقالت : يا مالك هذا عمك أبو فلان يعودك ففتح عينيه وأنشأ يقول: ليبكني اليوم أهل الود والشفق لم يبق من مهجتي إلا شفا رمق اليوم آخر عهدي بالحياة، فقد أطلقت من ربقة الأحزان والقلق ثم تنفس الصعداء فإذا هو ميت فقام الشيخ وقمنا فانصرف، فإذا بجارية تضمه وتبكي وتتفجع، فقال الشيخ : مايبكيك؟ فقالت: ألا ابكي لصب شف مهجته طول السقام وأضنى جسمه الكمد يا ليت من خلف القلب الهيوم به عندي فأشكو إليه بعض ما أجد أنشر تربك أسرى لي النسيم به أم أنت حيث يناط السحر والكبد ثم انثنت على كبدها، وشهقت شهقة فإذا هي ميتة.