يظل شبح البطالة والضياع والانحراف يهدد مجاميع الشباب المتخرج من الثانوية ممن لايستطيعون أو لايرغبون الالتحاق بالجامعة .. فتوصد أبواب الوظائف والنسب والقرابة و.. و..إذاً فما مصير «المقطوعين من شجرة» المتخرجين من دور الأيتام بمجرد انتهاء السن القانونية للكفالة «18» سنة خاصة إذا كانوا ضعيفي التأهيل.. ثم أين سيمضون بين طوابير متخرجي الجامعات والمعاهد العليا.. سيقول قائل:لهم الله! وإذا لم يجدوا من يعينهم على مواصلة التأهيل الفني أو الجامعي أو من يقنع بثانويتهم العامة أو الفنية لتوظيفهم.. سيقول آخر:معهم رب! لابأس .. لكن للقضية أبعاداً أخرى سنعرضها في هذا التحقيق. الجهد الرسمي د. أمة الرزاق علي حمد وزيرة الشئون الاجتماعية والعمل تؤكد حرص الوزارة على تأهيل الأيتام سواء الملتحقون بالدور من خلال العمل على تزويدهم بأجهزة ومعدات وبرامج تدريب أو لغير الملتحقين بدور الكفالة من خلال الاعفاء من الرسوم «الدراسية ل «250» ألف حالة ضمان من الأيتام في مختلف المحافظات بمبلغ يصل إلى «4» مليارات ونصف المليار ريال، كما يقدم الصندوق قروضاً ميسرة للأسر اليتيمة مدرة عليها الدخل لتحسين حالتها المعيشية واندمامجها مع المجتمع في التنمية ليصبحوا شركاء فيها. كما أكدت الوزيرة حرص القيادة السياسية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية من خلال إنشائه مركز رئيس الجمهورية لرعاية وتأهيل الأيتام بصنعاء كواحد من المشاريع الرائدة التي تم تأسيسها في بداية هذا العقد بتكلفة وصلت إلى نحو 700مليون ريال وذلك لإكساب الأيتام المزيد من الاستقلالية والاعتماد على النفس من خلال مجالات التأهيل والتدريب المتوفرة في المركز والتي تؤهل اليتيم لإكسابه مهناً تتواءم مع قدراته وميوله كما أضافت وزيرة الشئون الاجتماعية أن عدد المتخرجين من مركز رئيس الجمهورية يقارب «500» يتيم سنوياً كما يحظون بتوفير الدعم لهم بعد التخرج بإنشاء الورش الاستثمارية. مراكز رئيس الجمهورية ومن جانب آخر فإن العمل جار للانتهاء من الدراسات والتصاميم الخاصة بإنشاء «11» مركزاً جديداً للأيتام في عدد من المحافظات في إطار توجيهات فخامة رئيس الجمهورية الرامية إلى التوسع في إقامة وإنشاء مثل هذه المراكز لاستيعاب أكبر عدد من الأيتام. إضافة إلى الذين اعتمدتهم مؤسسة اليتيم التنموية والذين وصل عددهم إلى أكثر من أربعة آلاف يتيم منذ بداية العام الجاري 2009م وقد دشنها فخامة الرئيس بكفالته لألف يتيم من أمانة العاصمة وألف يتيم من كافة محافظات الجمهورية. وخلال حضور نائب رئيس الجمهورية في مهرجان اليتيم مطلع الشهر الجاري وجه صندوق النشء والشباب بالدعم لمؤسسة اليتيم التنموية لتدريب الأيتام، كما وجه الحكومة باعتماد كفالة ألف يتيم وأعلن نائب الرئيس شخصياً عند تبرعه بمبلغ عشرة ملايين ريال. ورش ومعاهد خلال زيارة لدار رعاية وتأهيل الأيتام بصنعاء تبين لنا حجم الدعم الهائل للورش الفنية التي تؤهل أيتام الدار من معدات ومكائن نجارة ولحام وألمنيوم وكهرباء وأجهزة كمبيوتر ومدرسين ذوي كفاءات عالية،حيث اشترك في التمويل لشراء وتجهيز تلك الورش القطاع العام ورجال الخير من كبار رجال الاقتصاد على رأسهم مجموعة شركات المرحوم هائل سعيد أنعم هذه المجموعة التي تولي متخرجي دور الأيتام جل الحفاوة والرعاية سنوياً حسب مدير فرع مكتب الشئون الاجتماعية والعمل بتعز الأخ أحمد العليمي الذي أضاف بأن دار رعاية وتأهيل الأيتام في محافظة تعز حظي منذ العام الماضي برعاية سخية من قبل رجل الأعمال نبيل أحمد هائل من خلال تكفله برواتب مدير الدار ونحو «17» آخرين كما أعاد ترميم الدار المحتوي على «65» حالة. أما موضوع تأهيل الأيتام فيضيف العليمي أن أيتام الدار إلى الآن ما يزالون يتلقون تعليمهم الدراسي والمهني مع نزلاء الأحداث المجاورين للدار كما يشتركون معهم في حصص التغذية والميزانية بشكل عام. وهذا ماتقدم به مدير الدار الأخ مفيد العريقي خلال نزولنا إلى الدار مطالباً فصل ميزانية الأيتام وفصلهم كلياً عن نزلاء الأحداث لكن مدير مكتب الشئون الاجتماعية والعمل بتعز يجد صعوبة حالية في ذلك غير أن الاستقلالية حسب العليمي قد تحملها الأشهر القادمة. احصائية تناولنا في هذه السطور السالفة من هذا التحقيق مايحظى به اليتيم اليمني من تأهيل خلال فترة كفالته في بعض دور الرعاية والتأهيل التي تشرف عليها وزارة الشئون الاجتماعية والعمل وكذلك مركز رئيس الجمهورية لتأهيل الأيتام. غير أن الآمال معقودة على بقية المراكز ال «11» لفخامته في المحافظات وبقي في هذا التحقيق تسليط الضوء على دور المجتمع المدني من خلال مؤسسات وجمعيات رعاية الايتام في بلادنا البالغ عددها «71» فيما يبلغ عدد الدور الحكومية «10» والمشتركة بين الجانب الحكومي والخيري «3» بمعنى أن إجمالي المؤسسات الراعية لليتيم في بلادنا ثلاثون مؤسسة وداراً خيرياً وجمعية. الدور المجتمعي الخيري تأتي في مقدمة المؤسسات والجمعيات الخيرية لرعاية وتأهيل اليتيم في بلادنا مؤسسة الصالح وجمعية الإصلاح الاجتماعية الخيرية والجمعية الخيرية لهائل سعيد أنعم ومؤسسة اليتيم التنموية ومؤسسة الرحمة التي تعد الرائدة في رعاية وتأهيل وإيواء اليتيمات وكذلك جمعية الإحسان الخيرية ودار قطر الذي مازالت باكورته في عدن ودار المكلا وغير ذلك إلا أن لكل مؤسسة وجمعية نشاطاً ودعماً متفاوتاً ومختلف الشكل عن غيرها نوعاً ما فمؤسسة الصالح حسب عديد جمعيات خيرية تدعم معظم تلك الجمعيات الراعية لليتيم وخاصة في مجال التأهيل إضافة إلى ماتقدمه المؤسسة من خدمات إنسانية للمحتاجين. أما مؤسسة اليتيم للتنمية فينحصر نشاطها حول كفالة نحو 500يتيم في بيوتهم بمبلغ شهري يتراوح بين 5000-7000ريال يمني لإعانتهم على تحمل عبء الدراسة والتأهيل أما جمعية الاصلاح الاجتماعية الخيرية فتتكفل بإيواء ورعاية وتأهيل «32.000» يتيم يتوزعون بين دور معظم المحافظات حسب الدكتور عبدالمجيد فرحان أمين عام الجمعية الذي يضيف بأن العدد التراكمي للأيتام الذين كفلتهم الجمعية منذ تأسيسها أكثر من 13000منهم من انتهت كفالته بعد بلوغه سن انتهاء الكفالة «81» عاماً، ومنهم من تم تأهيله وأصبح يمتلك مشروعاً خاصاً بعد تأهيل مسبق في الجمعية على ورش النجارة والكهرباء والألمنيوم ولف المحركات وصناعة السجاد والخياطة والكمبيوتر إضافة إلى مجاميع من حفظة القرآن المتخرجين من الدور ممن التحقوا بالتدريس والتوظيف أو مواصلة الدراسة في الجامعة مع استمرار متابعة ودعم الجمعية لهم وتسهيل فرص العمل لهم أثناء الدراسة حتى في المعاهد والجامعات العلمية والفنية والتطبيقية. مؤسسة الرحمة بين ثلاثين جمعية ومؤسسة وداراً حكومياً وخيرياً لأيتام بلادنا توجد مؤسسة واحدة فقط تنشط وتتخصص بإيواء وكفالة ورعاية وتأهيل اليتيمات هي مؤسسة الرحمة الإنسانية بصنعاء وفرعها الجديد بتعز حيث تتكفل بنحو 250يتيمة في الدور وأكثر من 300يتيمة في بيوتهن.. حول موضوع التأهيل السابق واللاحق للتخرج من الدار بعد سن «18» تقول الأخت رقية الحجري رئيسة المؤسسة إن من ترغب من اليتيمات المتخرجات العودة إلى أحد أقاربها - الأم أو العم أو الخال أو الأخ أو- فلها ذلك ومن لم ،فلها الأولوية في التوظيف لدى المؤسسة وتكفل المؤسسة بتوظيفها في أي جهة أخرى كما تعين المؤسسة اليتيمات على مواصلة الدراسة الجامعية مع بقائهن في الدار كأمهات بدائل ليتيمات المؤسسة إضافة إلى السعي إلى تزويج البعض ممن يرغبن بذلك، كما أن لدى المؤسسة العديد من ورش الخياطة والأعمال.المهنية والحرفية لإكساب الفتيات مهارات تعينهن على إعالة أنفسهن غير أن من المجحف إغفال مؤسسة أخرى حديثة لرعاية يتيمات عدن هي دار قطر التي تديرها الأخت أم ذي يزن الطيري. الالتحاق بالجامعة الأخ أحمد العليمي مدير عام مكتب الشئون الاجتماعية والعمل بمحافظة تعز يقول: بأن خمسة طلاب جامعيين يدرسون حالياً في جامعات وكليات محافظة تعز وهم من خريجي دار أيتام محافظة تعز التابع للمكتب وأضاف العليمي القول بأن الطلاب مايزالون نزلاء الدار رغم تجاوزهم للسن القانونية للكفالة «81» عاماً وقد برر العليمي تلك الرعاية لأولئك الطلاب لأن عقبات وصعاب الدراسة الجامعية والتأهيل العلمي للأيتام ليست بالأمر الهين فإذا ماوفر الدار لهم المسكن والمأكل فذلك سيوفر لهم مناخاً مشجعاً للتحصيل العلمي لأن الاستقرار في السكن على الأقل أمر مهم باعتبار اليتيم الجامعي مقطوعاً من شجرة فليس له أسرة أو أقارب يأوي إليهم بعد عناء اليوم الدراسي ومن جانب آخر أضاف العليمي :إن الدار ومكتب الشئون الاجتماعية والعمل لايألو جهداً في التوسط والتوصية لخريجي الدار ممن تجاوزوا سن الكفالة وحصلوا على مؤهلات وخبرات فنية وعلمية ومهنية للالتحاق في الوظائف سواء الحكومية أو الخاصة. باعتبار الأولوية من حقهم في التوظيف. الختام بعد استعراض أنشطة نماذج من المؤسسات والجمعيات والدور الحكومية وغير الحكومية الراعية والمؤهلة لليتيم يتجلى لنا فضل تلك الجهود الرسمية والشعبية في سبيل تأهيل اليتيم وإكسابه المهارات الفنية والعلمية قبل انتهاء سن الكفالة إلا أن المسئولية لم تنتهه بعد تجاهه لأن ماينتظر اليتيم بعد سن الكفالة ليس كمثل ماينتظر غيره ممن يعتمدون على أسرهم عادة في الإعانة على مواصلة الدراسة في الجامعة أو الالتحاق بمعاهد التعليم الفني والتقني فمع غياب مثل هذه الظروف لليتيم الذي خرج إلى المجتمع بعد سن ال «81» تظل كوابيس البطالة والفاقة والعوز تلاحقه في الغالب أكثر بكثير من ملاحقة غير اليتامى وإن كانت الآمال معقودة على «11» مركزاً لرئيس الجمهورية في المحافظات لتأهيل الأيتام إلا أن المسئولية تظل مشتركة بين جميع القادرين والمهتمين برعاية وتأهيل اليتيم من الجانبين الحكومي وغير الحكومي من خلال التأهيل المهني الجيد ومن ثم إعطاء مخرجات دور الأيتام ومراكز تأهيلهم الأولوية في التوظيف سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص ولايمكن قطعاً أن نحلم باستيعابهم بنسبة 100% لكن بقدر المستطاع مالم فربما تتلاشى كل الجهود والأموال الخيرية التي ذهبت في سبيل تأهيله وكفالته وتكون الشوارع مأوى له والبطالة أنيساً والانحراف طريقاً ميسراً.. وهذا بالتأكيد مالم يحلم به الدكتور حميد زياد أمين عام مؤسسة اليتيم للتنمية في بلادنا الذي يتفاءل دوماً بقدرات أيتام بلادنا البالغ عددهم حسب إحصائية رسمية نحو مليون يتيم ويرى الدكتور حميد أن أقل من ثلث هذا العدد وحدهم من قاموا بالثورة الصناعية في ماليزيا عندما تأهل عدد فني ماليزي وصنعوا ذلك النمو الآسيوي.