قسوة المجتمع تجاههم غالباً ماتكون ردود أفعالها قوية حيث ينتهج المصاب بالفيروس سلوكاً عدائياً تجاه مجتمعه يولد الرغبة لديه في محاولة للانتقام وتجريع الآخرين الكأس نفسه، المصابون بفيروس الإيدز كونهم يواجهون المشكلة في التعايش مع المجتمع جراء الوصمة والتمييز ونظرة الازدراء والاحتقار بسببها يشعرون بإحساس قوي أنهم أشخاص منبوذون اجتماعياً ثمة من يرى إمكانية إزالة المشكلة من خلال حملات التوعية والتثقيف والنظر إليهم وفق البعد الإنساني بعين الرفق والرحمة وتحسين أحوالهم النفسية «المحبطة» بدلاً عن عزلهم.. نحن لانطالب بأكثر من معاملتهم مثل كل الأشخاص لهم حقوق وعليهم واجبات فالمجتمع لايتقبل المصاب بفيروس «HIV» ليسقط صريعاً أمام «وصمة عار» تلازمه طوال حياته ليكون ضحيته مرتين الأولى من المرض والأخرى من المجتمع.. الجمهورية استطلعت الآراء حول مخاطر وتبعات الوصمة والتمييز ضد المتعايشين مع الإيدز وكانت الحصيلة فيما يأتي: نشأة الإيدز ابتدأ مرض الإيدز بأعداد محدودة من المصابين إلا أن انتشاره كان سريعاً في العالم حيث تجاوز عدد الحالات 60مليوناً، توفي منهم 30مليوناً. فيروس الإيدز «HIV» يهاجم خلايا الدم البيضاء المسماة الخلايا الثانية أو هي العنصر الأساسي للجهاز المناعي في الجسم وبعد أن يستولي الفيروس على الخلايا الثانية يستخدمها لتوليد المزيد من جسيمات الفيروس التي تنطلق بدورها لمهاجمة الخلايا الأخرى. يمكن التأكد من الإصابة فقط عن طريق القيام بتحليل للدم يسمى «Elisa» وذلك بعد مرور 6 أسابيع وأحياناً 3 أشهر على الإصابة وخلال هذه الفترة ينقل المصاب العدوى إذا كانت نتيجة التحاليل سلبية. أهمية التوعية الإعلامية الدكتورة.أروى بهران مديرة مستشفى الجمهوري بتعز ركزت في حديثها على التوعية وقالت: إن الإعلام يلعب دوراً هاماً في تغيير النظرة السلبية تجاه المتعايشين مع فيروس الإيدز وإزالة الوصمة والتمييز عنهم. مضيفة: إن على الإعلام تكثيف دوره التوعوي سواء عن طريق الوسائل المرئية أو المسموعة أو المكتوبة من خلال إذاعة حلقات تلفزيونية أو إذاعية عن معاناة «مرض الإيدز» وعن العدوى التي تعرض لها المتعايشون عن طريق الخطأ من خلال عملية نقل دم أو الحلاقة أو في محلات الكوافير أو مراكز الوشم مشددة على ضرورة تكثيف التوعية في المناطق الريفية. وتضيف الدكتورة.بهران : إن التوعية يجب أن تشمل أيضاً الكوادر الصحية في كيفية التعامل مع المتعايشين وعدم الخوف منهم عند تقديم الرعاية لهم وكيفية المحافظة عليهم ومراعاة مشاعرهم النفسية علينا أن نحاكي مشاعر المواطنين تجاه مرض الإيدز وأن يتعاطفوا معهم كما يتعاطفون مع مرض السرطان وغيرها من الأمراض المزمنة والقاتلة. معاملة إنسانية وتؤكد بهران أن المستشفى الجمهوري يستقبل حالات مرض الإيدز ويتم التعامل معهم معاملة إنسانية دون تمييز أو اشعار أي نزيل عن وجود مصاب بالمستشفى حفاظاً على أسرار المرضى. وقالت: عندما يصل أي مصاب يخضع لإجراء فحوصات وعند التأكد من إصابته نقوم بإبلاغ البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز والأمراض المنقولة جنسياً حتى يتابعوا حالته وتقديم العلاج أو أي خدمات كونهم مختصين. الوصمة كعار يلصقها المجتمع بمرض الإيدز من جانبها تشير صباح الخيشني - كلية الإعلام جامعة صنعاء إلى أن مرض الإيدز من أكثر أمراض العصر تحسساً من قبل المجتمعات، لأنه مرتبط بموضوع الفاحشة، لكن ليس كل المرضى أصيبوا بسبب ممارسة الرذيلة بل كثير من المصابين في العالم الإسلامي سببه نقل الدم وعدم تعقيم أدوات الحلاقة والجراحة لأنه ينتقل عن طريق الدم، وفي كلتا الحالتين يصبح الشخص مريضاً ويجب أن يعامل معاملة أي مريض، الحساب والعقاب أمر لله علينا أن نتراحم وأن نساعد مرضى الإيدز في تلمس الأمل، فمهما طالت بهم السنون أيامهم معدودة في الحياة وهذا في حد ذاته شعور كفيل بتدمير نفسياتهم، فهل سنخسر شيئاً كأفراد لو تعاملنا معهم بشكل أفضل، وبعيداً عن الازدراء والشماتة والتهميش، في الأخير هذا مريض، هذه النظرة لو تغيرت فينا كأفراد سيكون من السهل أن نغير في نظرة المجتمع تجاه هذه الفئة. الشعور بالأمان وتنوه الخيشني أن السلوك الإيجابي تجاه المريض يولد شعوراً بالأمان له، ويجعل من المجتمع مجتمعاً متعاوناً متفهماً لوضعيته أما النظرة السلبية وماأكثرها في مجتمعنا وأسهلها فهي تتسبب في انهيار معنويات المريض، واستهزاء وتصغير من شأن أسرته ومن يعوله في بعض الأحيان لغلبة ظن الناس أن المصاب إنما أخطأ فأصابه الله بهذا المرض الخبيث. شخص طبيعي وترى الإعلامية والناشطة الحقوقية.حنان محمد فارع أن الشخص المصاب بالإيدز إنسان أولاً، فلا نقحم الحلال والحرام في التعامل مع المريض وكأن هذا المرض وصمة عار تلاحقه مدى الحياة، الشخص المصاب بالإيدز هو شخص طبيعي يمكنه ممارسة حياته بشكل طبيعي وكل مايحتاجه النظر إليه بعين الرفق والرحمة ومساعدته على التعايش مع المرض والانخراط في المجتمع والبقاء في عمله دون الحاجة إلى عزله عن المجتمع خاصة إذا ماعرفنا أن هذا المرض لاينتقل عبر الهواء والماء أو العناق والمصافحة والأكل. إزالة التمييز وعن كيفية إزالة الوصمة عن مصابي الإيدز تقول: يمكن للمؤسسات الصحية والإعلامية والجمعيات المتخصصة بذلك أن تساعد في إزالة التمييز ووصمة العار التي تلاحق المصابين بالإيدز عبر نشر التوعية والتثقيف داخل المجتمع حول طبيعة المرض وطرق الوقاية وتصحيح الكثير من الأفكار المغلوطة والسلبية تجاه المرض والمصابين به واعتبارهم مجرد ضحايا علينا مساعدتهم ورفع معنوياتهم للتحسين من حالتهم النفسية بدلاً عن نبذهم ومقاطعتهم. تجنبوا المرض لا المريض المهندسة.شذى علي محمد قاسم تقول: بالإضافة للوصمة والتمييز الذي يعاني منه المصاب بالإيدز فإنه يعاني أيضاً من قلة الوعي والفهم والإدراك من قبل المجتمع لحقيقة هذا المرض وأسبابه وانتقاله وطرق العدوى فنجد الكثيرين لايتقبلون وجود مريض الإيدز بينهم والتعايش معه بشكل طبيعي وعلينا أن نتجنب المرض لا المريض. وتشير أن على المجتمع ضرورة تقبل مريض الإيدز فهو إنسان ومواطن له كل الحقوق وتضيف: إنها لم تر أو تقابل مصاباً بالمرض حتى الآن وإذا التقيت مصاباً صدفة سواء كان زميلاً في العمل أو نزيلاً في إحدى المستشفيات فإنها لن تفر منه بل ستعامله كأي مريض آخر. دمج مجتمعي وتؤكد شذى أن بإمكان مريض الإيدز الانخراط في المجتمع كما هو موجود حيث تغلب كثير من المصابين على مواجهة نظرة المجتمع فالمصاب جزء من المجتمع وأن يكون فرداً منتجاً فهو لايشكل عبئاً أو خطراً على أحد دون الحاجة إلى عزله عن المجتمع أو تقييد حركته مادام هو حريصاً على عدم نقل العدوى إلى غيره. الوصمة كمشكلة رقية الذيفاني رئيسة دائرة تنمية المرأة الريفية باتحاد نساء اليمنبتعز تشير إلى أن الوصمة المتعلقة بالإيدز صارت مشكلة عامة وتعد عائقاً يحول دون القضاء على المرض فالمصابون إذا تعرضوا للتمييز أو للعزل فسيكتسبون سلوكاً عدوانياً ضد المجتمع يجعلهم يتعمدون نقل المرض كرد فعل للمعاملة السيئة والقهر والإهانة التي يتعرضون لها وتضيف الذيفاني: إن محاربة الوصمة ومحاولة تصحيح المفاهيم الخاطئة عن المرض تعد إجراء في غاية الأهمية في سبيل القضاء على الإيدز والحد من انتشاره. جور المجتمع وظلمه يقول أحد المتعايشين فضل عدم ذكر اسمه عانى من معاملة بعض الأشخاص لأنه يحمل فيروس «HIV» لكنه لم ييأس فواجه الناس بإصابته وهو يقوم حالياً بتقديم الدعم والمساندة لمصابي الإيدز في أحد مراكز المشورة والفحص الطوعي. ضيفنا تحدث عن معاناته وقال: معاناتي في البداية كانت تتمثل في الشعور بالوصمة فالشخص المتعايش يبدأ بوصم ذاته ولايستطيع أن يظهر للناس اصابته فهو يشعر أن الناس لن يتقبلوه وأن الآخرين سوف يوجهون له أسئلة يشككون فيها بعدم التزامه..بعد ذلك تلقيت دعماً ونصائح من المختصين والحمد لله أنا الآن أعيش بسعادة رغم تعايشي مع الفيروس. طرد ويضيف واجهت تمييزاً وعشت موقفاً صعباً لا أرجو أن يعيشه أحد وأضاف: عندما أحضرت زوجتي المتعايشة إلى أحد المستشفيات في العاصمة حتى تضع مولودها فعندما صارحت الكادر الطبي بإصابة زوجتي تحججوا وطردوني من المستشفى وهكذا فعل آخرون في المستشفى الثاني فاستشرت آخرين وقالوا لاتبلغ أحداً بإصابة زوجتك. فذهبت إلى مستشفى آخر وفيه وضعت زوجتي مولودها بسلام ولم أخبرهم بأنها متعايشة مع فيروس الإيدز، وهذا الإجراء غير صحيح. توعية الأفراد والآن أنا كأي شخص في المجتمع أقوم بالتوعية ضد مرض الإيدز وأقدم المشورة والوضع ليس كما يتصوره الآخرون بأنه مخيف فيوجد في اليمن علاج للمرض وأنا متزوج ولدي طفلان وأعيش حياتي الطبيعية ولاتوجد أي مشاكل..صحيح أنني عانيت في البداية وكل شخص مصاب عانى ولكن إذا عرف المجتمع بأسباب انتقال الفيروس لن ينفروا من المصاب. طموح سلبي الدكتورة.نبيلة الشرجبي رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة تعز تقول: إن الوصمة والتمييز ضد مرض الإيدز تجعل المريض يصاب بحالة من الاكتئاب وتجعل طموحاته سلبية تجاه ذاته ونحو المجتمع فيفقد الاهتمام بأي شيء ممايجعل المتعايشين مع الإيدز ناقمين على المجتمع وعلى من حولهم فيجعله عدوانياً عنيفاً قد يتسبب في نقل العدوى إلى كل الناس وهذا نتيجة العزلة والتمييز التي لاقاها. وتضيف الدكتورة.نبيلة : إن الفرد تتنازعه مشاعر التفاؤل أو التشاؤم أثناء مسيرة حياته، وعندما يصاب الفرد بمرض يصعب أو يستحيل شفاؤه ويقضي الساعات وهو ينتظر الموت فبالتأكيد سينعكس ذلك على شخصيته وهذه السمات يتسم بها كل من أصيب بمرض استحال شفاؤه كمريض الإيدز..فمريض الإيدز يدرك أن شفاءه مستحيل فيصبح يائساً محبطاً وفاقداً الأمل بأي شيء فإذا لم يحصل على رعاية واهتمام فسيتحول إلى عدائي. اضطراب نفسي وتقول رئيس قسم علم النفس: إن بيك «Beck» يعرف اليأس أو فقدان الأمل بأنها «حالة وجدانية تبحث على الكآبة وتتسم بتوقعات الفرد السلبية نحو الحياة وخيبة الأمل أو التعاسة وقد اطلق «بيك» ذلك الثالوث المعرفي وتعني النظرة السلبية للذات والعالم والمستقبل وترتبط بأنواع مختلفة من الاضطرابات النفسية فالأشخاص اليائسون يعتقدون أن لاشيء يمكن أن يتحول ليكون في صالحهم وهو مايقع على المتعايشين مع الإيدز وهنا يجب علينا أن نساند المتعايشين وأن نحاول التخفيف مما يعانون منه من ألم نفسي وجسدي وننبذه أو نبتعد عنه فمريض الإيدز بحاجة للرعاية والعناية بشكل خاص وذلك للسيطرة على تصرفاته وبالتالي السيطرة على معدل خطورة نقل الفيروس إلى الآخرين. وتشير الدكتورة نبيلة أن الإصابة بالفيروس لاتتم إلا عن طرق معروفة مثل نقل دم ملوث أو الاتصال الجنسي أو استعمال أدوات ثاقبة ملوثة بالفيروس لذا ينبغي أن نتعامل مع المريض بشكل إنساني مقدرين مايعانيه وأن نرفع حالة الاحباط التي يعاني منها