أبي.. أريد أن أراه! حسناً عزيزتي.. اذهبي إلى العمل وأنا سآخذك إليه قريباً. حسناً.. أبي. مضت إلى ذلك الوادي لكي تقوم بعملها اليومي ترعى الأغنام وتطعم الدجاج، ومن ثم تعود بالحطب على كتفيها.. إنها وحيدة أبيها بعد أن توفت أمها وهي تلد بها، ومنذ أن كبرت سمعت حكايات عن البحر وعن جماله الأخاذ ومنذ ذلك الوقت وهي تريد أن تذهب إليه.. منذ أن كانت في السابعة وهي الآن قد أكملت العاشرة من عمرها، وأثناء ذهابها إلى الوادي ذات يوم لقيت رفيقتها وأخبرتها أنها ذهبت إلى المدينة وأنها رأت البحر وبدأت توصف لها جماله.. وعظمته.. فغضبت ولكنها لم تحاول جعل رفيقتها تعرف بغضبها حتى انصرفت عنها.. وعندما عادت إلى المنزل قالت لأبيها: متى تأخذني إليه؟ اتقصدين البحر!؟ نعم.. أريد أن أراه..! عزيزتي إنني لا أملك مالاً كافياً لآخذك إليه ولكن إذا جمعنا هذا العام مالاً جيداً من المحصول أعدك بأنني سآخذك إليه. حسناً أبي. مر العام.. وجمع المحصول ولحسن الحظ أن أسعار المحاصيل ازدادت ففرحت الفتاة كثيراً وبدأت تستعد للذهاب إلى البحر، وقالت لأبيها: أريد أن أذهب إليه، أريد أن أراه.. أبي لقد توفر مال كثير لكي نذهب إلى البحر.. حسناً عزيزتي سنذهب. فرحت فرحاً كبيراً ولم تسعها الفرحة، وأخبرت جميع رفاقها وصديقاتها في القرية.. ودعت الوادي بابتسامة قائلة سأعود إليك إذا أراد البحر، استغرب أبوها من عبارتها فلم يخبرها عن قصدها، أخذها من يدها وصعدا السيارة وفي الطريق كانت تنظر للأشجار والأزهار وعيناها تلمعان وتدمعان فرحة للقاء البحر حتى وصلا للمدينة وهي لم تصدق أن حلمها آن له أن يتحقق. توقفت السيارة.. رأت البحر من بعيد.. قال لها أبوها لن نقترب إليه كثيراً ياابنتي إن الأمواج عالية كما يقول الناس، صمّت أذنيها ولم تسمع حديث أبيها، كل ما قالته له دعني أرحل إليه، مشت حتى غرست قدميها برمله، أخذت قليلاً من الرمل، قبلته، ومشت قدماً نحوه حتى عانقتها أمواجه، حاول الأب اللحاق بها ليأخذها ولكن قد سبقه البحر وأخذها منه...