أكد فخامة الاخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية على أهمية دور العلماء في عملية الارتقاء بالوعي المجتمعي وتقديم النصح ونشر ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال في أوساط المجتمع بعيدا عن ثقافة التطرف والغلو التي اصابت الامة الاسلامية واوصلتها إلى ما وصلت اليه . وقال فخامة الاخ الرئيس خلال لقائه أمس كوكبة العلماء والمفكرين المشاركين في اعمال ملتقى الاسلام والسياحة الذي اختتم اعماله أمس ونظمته وزارة السياحة على مدى يومين وبحضور الاخ عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية ، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور «إن في صلاح الامراء والعلماء صلاح للامة الاسلامية جمعاء»، مشيرا إلى أن هناك اسساً متفقاً عليها بالكتاب والسنة أما الخلافات فهي خلافات طارئة وخلافات سياسية لا علاقة لها بالاسلام بقدر ما هي خلافات مذهبية سياسية تؤدي إلى الفرقة والانقسام بين ابناء الامة». واضاف: نحن نقيم الصلوات ونقرأ الفاتحة في كل فريضة وهذا شيء متفق عليه في الخمسة الفروض ..إذن لماذا نخوض في التفاصيل ونختلف؟..مؤكدا أن ما يجري في افغانستان والعراق والصومال وشمال اليمن يندرج في اطار البدع التي من واجب العلماء التصدي لها وتقديم النصح للامة الاسلامية ودعوتها إلى الوسطية والاعتدال دون تطرف أو غلو باعتبار أن الغلو هو الذي قاد الامة الاسلامية إلى ما وصلت اليه اليوم ، منوها بأن العلماء ورثة الانبياء ومن واجبهم أن ينصحوا الامة ويعيدوها إلى جادة الصواب عملا بمبدأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. ودعا فخامة الاخ الرئيس العلماء والمفكرين إلى ضرورة محاججة اصحاب الافكار الضالة من حملة الاحزمة الناسفة ومفخخي السيارات ومروجي ثقافة القتل والتخريب والارهاب بما يسهم في اقناعهم واعادتهم إلى جادة الصواب، ويبين لهم زيف الدعاوى والمعتقدات التي تم تعبئتهم بها وهي تحض على الضلال والحقد والكراهية وقتل النفس المحرمة وقطع الطريق وترويع وتخويف الآمنين والبسطاء من بني البشر. كما دعا فخامة الاخ الرئيس إلى الاقتداء بالعلماء والتطبيق الايجابي الهادف الذي يحقق الفائدة ويأخذ بالعظة والعبرة لتعاليم الدين الاسلامي وينعكس على السلوك العام للمجتمع المسلم ومنها الاستماع للخطب في المساجد بنوع من الخشوع والتأمل والتفكر في معاني ودلالات تلك الخطب وما تتضمنه في سياقاتها من عبر وعظات وما تحمله من مبادئ وقيم إنسانية واخلاقية نبيلة مستمدة من روح الدين الاسلامي الحنيف، وهي قيم تحض على التسامح والاعتدال، والتكافل والتلاحم والتعايش السلمي بين الامم والشعوب. وقال فخامة الاخ الرئيس متسائلا: لماذا السيارات المفخخة والعبوات والاحزمة الناسفة ؟ هل هناك نص شرعي يدعو لان تقتل النفس المحرمة وتحمل الحزام الناسف وتفخخ السيارات، هذا هو الضلال والجهل والكراهية والمرض بعينة..مشيرا إلى أن « لا علاقة للإسلام وهذه الأمة بهؤلاء المتطرفين، الجهلة لأن الذي يتفقًه بالإسلام، ويتفقًه بالعلم، لايجوز أن يقتل النفس المحرمة ويقطع الطرق ويفخخ السيارات ويلبس الحزام الناسف». واشار فخامة الاخ الرئيس إلى النتائج الكارثية التي تقع نتيجة القرارات الانفعالية التي قد تتخذ سواء من المسؤول أو العالم او الامير أو القائد وخصوصا عندما تحل الازمات والمحن، منوها في ذات الصدد بأهمية وقيمة التحلي بالصبر والتأني والتريث في اتخاذ القرارات بما يجنب الوقوع في الخطأ والشعور بالندم ويحقق القناعة ويصب في اتخاذ القرارات الصائبة، إلا إذا كان القرار ملزما وحتميا بعد أربعة وعشرين ساعة، وتشبعت بقناعة كاملة أنه القرار الصائب فليتخذ. واستطرد فخامة الاخ الرئيس « أملنا أن نستفيد منكم ونتعلم منكم كعلماء نتعلم منكم الكثير وعليكم حجة كبيرة وحجة بالغة ، إن وسائل الإعلام الآن متوفرة أكثر من أي وقت مضى المسموعة والمرئية والمقروءة، وعليكم واجب كبير جدا للحد من الغلو والتطرف، أنا أقول الغلو والتطرف لانه لا يقل شأناً عن الإلحاد، باعتبار أن ذلك يضر بالإسلام» . وقال «يجب علينا أن نحبب الآخرين في الاسلام وأمة المصطفى محمد صلوات الله عليه وليس العكس، وهؤلاء المتطرفون وما يسمى بتنظيم القاعدة أو الجهاد وما يقومون به هو ضد الإسلام وجهادهم واجب لأنهم سرطان يستشري في جسد الأمة، هؤلاء يتشدقون باسم الإسلام وهم أجهل به من غيرهم». واضاف «أن الإسلام لم يأت بهذه الافكار، الإسلام دين هداية ورحمة لأمة محمد والعالمين، الإسلام خلق فينا الشهامة والشجاعة والأدب والأخلاق الحميدة والمحبة والتعايش بين بني البشر. وتحدث فخامة الاخ الرئيس حول تطورات الاوضاع في صعدة .. مشيرا بأن من اشعلوا الفتنة لديهم طموح إلى الحكم ولم يدركوا أن ثورة اليمنيين مضى عليها 47 عاما وهي تقارع وتكافح الظلم والفقر والجهل والمرض والتخلف. وقال: «هؤلاء يحلمون بعودة الامامة، ونحن نؤمن بأن من حق أي مواطن اياً كان شكله أو نوعه أن يطمح إلى ما يريد ويرشح نفسه للحكم،ولكن عبر صناديق الاقتراع، وليس من خلال اعمال الارهاب والتخريب والتستر خلف شعارات الموت لامريكا واسرائيل في حين ان اسرائيل ليست موجودة في صعدة». مضيفا : «نحتكم نحن وإياهم الى صناديق الاقتراع وليس ممنوعا على اي مواطن ان يرشح نفسه للحكم بدلا من القتال ورفع شعار الموت لامريكا واسرائيل طالما ولدينا انتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية تكفل للجميع حق ترشيح نفسه كمواطن يمني إلى أي منصب يريد. مستعرضا بعض الجرائم المتكررة التي ارتكبتها العناصر الارهابية والتخريبية بالمحافظة وقال: «إذا كان هناك عشرة من افراد الشرطة موجودون في مركز إحدى مديريات محافظة صعدة وهي رمز للدولة والنظام يأتي هؤلاء الارهابيون ويحيطون بهم من جميع الجهات ب 20 و مائة ومائتي شخص .. متسائلا: من المعتدي في هذه الحالة ؟ الذي يدافع عن نفسه أم الذي يعتدي ويقطع الطريق ويقتل الشيوخ ويجند الاطفال للقتال ضد اسرائيل وامريكا هذه هي الحقيقة ومن حق العلماء ان يتقصوا ذلك. وأشار فخامة الرئيس في اللقاء إلى انه لا يمكن لا حد أن يدعي الكمال ، فالكمال لله عز وجل ،والشرع هو الفيصل والقضاء جاء من اجل معالجة هذه الأخطاء التي يرتكبها الانسان المعرض دائما للخطأ والصواب.. لافتا إلى ما تضمنته الشريعة الاسلامية السمحاء من معالجات للاخطاء لان الله سبحانه وتعالى بحكم علمه ومعرفته بعباده جاء بتشريع من عنده فيما يتعلق بخطايا بني البشر كارتكاب الزنا وقتل النفس المحرمة وقطع الطريق وغيرها من المفاسد ولم يتركها بدون تشريع إلهي يبت في عقوبتها.. مؤكدا انه لا يوجد نظام سياسي في العالم ليس لديه اخطاء ولذلك يتم تعيين القضاة والحكام ليقيموا شرع الله. كلمة العلماء وفي كلمته باسم العلماء المشاركين في الملتقى تحدث فضيلة الداعية الاسلامي الدكتور عائض القرني قائلا « اتقدم بالتحية والشكر الجزيل لفخامتكم على ما وجدناه في بلد الايمان والأمن ومهد العروبة والاصالة والكرم، اليمن الموحد الذي نريده دائماً موحداً وقوياً ، والحقيقة اننا لا نزكيكم بأكثر مما زكاكم رسول الهدى صلى الله عليه وسلم حين قال : «الايمان يمان والحكمة يمانية» ، ونشكر جهودك الموفقة ونشكر من معك، الحكومة والشعب، والحقيقة اننا نعيش قضاياكم ونبارك لكم الجهود الموفقة.. وأضاف « أمر آخر يا فخامة الرئيس اننا لما التقينا في مؤتمر الاسلام والسياحة قلنا رسالة وبيناها للناس ونشرت في الاعلام إننا مع وحدة اليمن ومع أصالة اليمن ومع كل ما يجمع شمل اليمن لأن اليمن عزيز على كل مسلم ، ونحن واياكم سواء في المملكة العربية السعودية أو مصر او سوريا أو الاردن فنحن بلد واحد ووحدة اليمن هي بذرة لوحدة المسلمين ووحدة العرب ان شاء الله التي سوف تحدث، الامر الثاني نحن اخوانك وابناؤك ماذا تأمر به؟ ماذا تشير علينا؟ بحوار اي طائفة أو جهود علمية أو دعوية فنحن نحمل ان شاء الله الفكر الوسط، فكر الكتاب والسنة ونحارب التطرف والارهاب لأن الله يقول (وكذلك جعلناكم امة وسطا) وندعو الى ما دعا اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) .. وتابع قائلاً «وأنتم يا سيادة الرئيس تمتازون علينا بشيء واحد نحن كلنا العرب نصرنا الاسلام ولكن انتم مثلما قال شاعركم عبدالله البردوني للرسول صلى الله عليه وسلم (انا ابن انصارك الغر الأولى.. سحقوا جيش الطغات بجيش منك جرار) فأنتم سبقتم في الأوس والخزرج.اليمن في نصرة الاسلام قديماً ولذلك نحن نثبت لأهل الحق حقهم ، فضلكم في اسبقية الاسلام وفي نصرة الدين وانتم مهد العروبة لأن قبائلنا كانت هنا جميعاً وانا أجدادي طبعاً من سبأ ومن هذه الديار. نريد منكم نحن باسم الدعاة والمشائخ الا تبخل علينا برأي وبشور ينفع عندكم او عندنا واي رسالة تحملونا فنحن اخوانكم ونحن نعرف جهودكم المباركة والموفقة سواء في الجهود العربية او الاسلامية أو الدولية ونحن بإذن الواحد الأحد عند ما تشيرون به، والله اننا نحمل الحب والنصح لليمن» . وأضاف الدكتور عائض القرني «وقد قلنا أمس في الكلمة اننا إذا ذهبنا للناس جبرنا خواطرهم بالكلام لكن إذا اتينا الى اليمن حضر الحب الصادق والأدب لأننا نحن تلاميذ لعلماء اليمن وأدباء اليمن وتاريخ اليمن المشرق العظيم فاسأل الله ان يزيدكم توفيقا وان يجمع كلمة اليمن على ما يحب ويرضاه». واشار الى انه كتب مقالاً في جريدة الشرق الأوسط قال فيه انه يخاطب حكمة فخامة الاخ الرئيس لأن الايمان يمان والحكمة يمانية.. واستدرك «وصحيح ان من يأتي ليعلمكم الحكمة مثل من ينقل التمر من صنعاء الى هجر، لكننا نتشاور فيما ينفع وفيما يقرب ومعنا عدد من الاخوة في اتحاد علماء المسلمين» . ونوه القرني بالبساطة والتلقائية التي يتميز بها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح من بين الزعماء العرب عند القاء خطاباته.. وقال «وبصدق ليس مجاملة نحن نستمتع بالبساطة والتلقائية والعمق ، ولكن نحن العلماء نحن من هذه الشريحة. انتم كزعماء نريد منكم الوحدة وتعجزون احياناً وانت من احسن من يسعى للوحدة ونحن العلماء نسعى ايضاً لنوحد أمر المسلمين لكننا بلينا بأمة فيها من الهشاشة والفوضوية ما الله به عليم، فنريد ان نضع ايدينا في أيديكم ونتوكل على الله عز وجل في جمع كلمة المسلمين على الوسطية والكتاب والسنة وان شاء الله ان المستقبل للصحيح وللأفضل» . حضر اللقاء وزير السياحة نبيل الفقيه ووزير المالية نعمان الصهيبي،وأمين عام رئاسة الجمهورية عبد الله البشيري، ووكيل وزارة السياحة مطهر تقي.