الطب كغيره من العلوم بل أكثرها تجددا، كل يوم يولد فيه حدث جديد ومعلومة جديدة، وأبحاثه التي تتناول مختلف جوانبه في توالد مستمر، والطبيب الماهر هو ذاك الذي يتابع ما يستجد في هذا المجال حتى لا يتجاوزه الزمن والأحدث من الطب. وهنا نطرق باب الأبحاث الطبية في اليمن في مستشفيات وعيادات طبية لأخذ عينة منها لنتعرف عن قرب ما إذا كانت المستشفيات اليمنية تتابع الجديد من هذه الأبحاث أم لا مواكبة للتطور في المجال الطبي. الأبحاث الطبية ومستجداتها في اليمن بين الواقع والطموح ناقشها نيوزيمن مع عدد من مستشفيات أمانة العاصمة الحكومية والخاصة ومع بعض الأطباء، فكانت هذه الحصيلة.. دراسات وأبحاث: بدأنا بأكبر صرح طبي عام في اليمن وهو مستشفى الثورة العام بصنعاء، حيث قال مدير المستشفى الدكتور أحمد العنسي: “اليمن بشكل عام تفتقر إلى هذا الموضوع الحيوي والهام جدا، واليمن جزء من العالم العربي الذي هو أيضا يفتقر إلى البحث العلمي مقارنة بالدول المتقدمة. لكن الإخوة في الدول الخليجية قطعوا شوطا كبيرا، ونحن نحاول أن نحذو حذو الإخوة في مجلس التعاون الخليجي وبدأنا بعض البحوث، بدأنا في مجالنا (الطب) توجد بعض الأقسام المشتركة بدأت ونشرت أوراق بعض البحوث في مؤتمرات عالمية، وقطعنا شوطا لكن ليس الذي نرضى عنه”. ويضيف الدكتور العنسي: “مستشفى الثورة هو الوحيد، أو أنه يحتل المركز الأول بالنسبة للبحوث الطبية التي قدمت، لكن مثلما قلت لك ليس بالدرجة التي نطمح إليها ، توجد خطوات، الآن مثلا يوجد عندنا البروفيسور أزهر الآن متواجد عندنا في المستشفى وهو متخصص في علم الأمراض العصبية عند الأطفال، وهو من المشاهير عالميا بالأبحاث العلمية، استضفناه خصيصا لعمل محاضرات وإعداد برنامج بهذا الخصوص”. ويستدرك الدكتور العنسي: “بدأنا من العام الماضي بتشكيل لجنة تسمى المجلس الطبي في الهيئة تمثل كافة الدول التي تخرجوا منها اليوم هم استشاريون وحملة دكتوراه ورؤساء أقسام، بلغ عددهم تقريبا 13، المهمة الرئيسية إعداد النواة الأولى لأبحاث علمية طبية قوية عالمية، هذا أولا، ثانيا: لا يمكن ترقية الطبيب من مرحلة إلى مرحلة إلا إذا كان تقدم ببحث، مثلا لا يمكن أن يرقى من أخصائي أولي إلى استشاري إلا ببحث بحيث يكون هذا دافعا للأطباء الذين يتقدمون بأبحاثهم”. من جانبه يقول نائب مدير مستشفى الكويت التعليمي الدكتور لؤي القباطي: “بالنسبة لنا في مستشفى الكويت لم يتقدم أي طبيب بعرض أية أبحاث، لكن يكتفي الطالب بعمل بحث تخرجه وتخصصه في السنة النهائية التي على أساسها يمنح الشهادة التخصصية في التخصص الطبي الذي تخصص فيه في جانب معين. ويعتبر القيام بعمل أي بحث طبي في أي مجال من المجالات بالدرجة الأولى اهتماماً شخصياً لكل طبيب على حدة إن أراد أن يتميز ويتفوق عن غيره، ولا يوجد عندنا مركز بحث خاص بالمستشفى”. وأضاف: “أما بشأن شروط التوظيف وأدبياتها لا تحتوي شرطاً يشترط وجود بحث طبي لأننا نتبع شروط التوظيف المتبعة في الخدمة المدنية. لكن من المفترض على كل طبيب أن يبدأ في كل سنة عملاً تخصصياً يطرح أطروحة زمالة وبحث في الجانب المتخصص فيه كأن يعمل بحثاً معيناً في مرض معين مثلاً، وعندنا الزمالة العربية واليمنية والماجستير وفي هذه الأطر نحن نشرف على أطروحات الأطباء المتقدمين لهذه الزمالة”. لم يكن الحال بالنسبة للمستشفى الجمهوري بأفضل حال من مستشفى الكويت في جانب البحث العلمي وكأن الأمر يسمع عنه لأول مرة، فقد طرحنا العديد من الأسئلة في هذا الجانب على مدير إدارة الإحصاء ومدير مكتب نائب المدير العام للمستشفى جلال العزعزي؛ فقال: “بالنسبة لنا في المستشفى لا يوجد عندنا مركز أبحاث ولم يتقدم أي طبيب بعمل بحث معين، كما لا توجد لدينا خدمة الإنترنت”. نائب مدير مستشفى آزال الدكتور سعيد النظاري يقول: “بالنسبة لنا كمركز أبحاث في المستشفى لا يوجد، كذلك بالنسبة للبحث العلمي الأكاديمي للدراسة كبرنامج وترتيب لبحث حول جانب معين للأسف لا يوجد. لم يحصل وأن تقدم إلينا أي طبيب لا من أطباء المستشفى ولا حتى من خارجها مثلا ببحث علمي طبي يريد دعما له؛ لا دعما علميا ولا دعما ماليا. لكن أنا شخصيا في العام 1995 قمت بالتعاون مع دكاترة في جامعة صنعاء سواء صيدلانيين أم أطباء في مجال السكري أم الضغط، عملنا دراسة على بعض الأدوية كانت ممولة من شركات، مثلا كان معنا دواء معين نستخدمه في مجال السكر للعلاج، كنا نريد أن نعرف هل هذا الصنف مقارنة بالأصناف الثانية ممكن استخدامه مع المرضى الذين يستخدمون الأنسولين أم لا”. وأضاف الدكتور النظاري: “للأسف الشديد الأبحاث العلمية كلها تأتينا من الخارج نطلع عليها من خلال المجلات التي تأتينا من الخارج”. واستدرك الدكتور النظاري القول: “هذا لا يعني عدم وجود أبحاث علمية أو طبية، فللأمانة العلمية جاءتني مجلات طبية سعودية وفيها أبحاث لدكاترة من جامعة صنعاء، لكنها أبحاث وصفية وليست أبحاثا مختبرية. وفي عام 2005 مثلا كان الشيخ عبد المجيد الزنداني تواصل معي للإشراف على الجانب العلمي لبحثه ولتوثيقه في مجال السكر، وكنا قطعنا شوطا، لكن ربما لمشاغل الحياة انقطع التواصل، ولا أدري أين وصل في بحثه”. مدير إدارة المعلومات في وزارة الصحة العامة والسكان الدكتور عادل السامعي كان صريحا من حيث عدم وجود الأبحاث الطبية في اليمن إذ يقول: “لنكن صريحين، في الدول النامية بشكل عام ودول العالم الثالث لا يوجد اهتمام بجانب البحوث، نحن في اليمن بدأنا منذ العام 2001 تقريبا تخصيص من عشرة مليون إلى 12 مليون ريال للجانب البحثي”. وحول ما إذا كان يوجد دراسات أو أبحاث طبية علمية تقدمت بها بعض الجهات الصحية أو الأطباء، قال الدكتور السامعي: “يوجد عندنا تقريبا الآن 288 بحثا حول الصحة العامة؛ الترصد الوبائي للأمراض المدارية، النظام الصحي، الأوبئة ومختلف الأبحاث، ومعظم الباحثين يعملون في الحقل الصحي وفي الجامعة، والكليات التابعة. نحن موثقون 288 بحثا باللغة الإنجليزية و600 بحث تقريبا باللغة العربية في إدارة البحوث التي هي ضمن الإدارة العامة للمعلومات والبحوث، ولا يوجد في الوزارة مركز للبحوث، لكن هذه الأبحاث أو الدراسات عبارة عن دراسات أو أبحاث ميدانية لتجميع معلومات وليس لدراسة حالات ينتج عن هذه الدراسة مثلا اكتشاف علاج ما لها الأمر الذي نفتقره في اليمن ومعظم دول العالم العربي”. نائب رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب الأستاذ الدكتور داوود الحدابي: “أظن أن مشكلتنا في اليمن وفي البلاد العربية بشكل عام، هي عدم الاهتمام بالبحث العلمي، وعدم التطرق للتحديات التي تواجه الخدمات الصحية، وهذه من الأشياء التي عملناها مؤخراً، فقد أسسنا خلال اليومين الماضيين مجلساً علمياً للبحث العلمي والاهتمام بالبحث العلمي داخل المستشفى، لماذا؟ لكي تستطيع اقتراح الحلول الوقائية قبل أن تعالجها، فعندما تتكلم عن إصابات العمل مثلاً، الأصل فيها الوقاية وليس العلاج، فإذا لم تدرسها دراسة علمية من خلال بحوث علمية لا تستطيع أن تقترح استراتيجية وقائية لإيقاف إصابات العمل..نفس الكلام الآن عندما عملنا بحثاً بالتعاون مع جامعة فلورانسا في إيطاليا والآن سنعمل بحوث جديدة، وشكلنا مجلسا للبحث العلمي الآن، إذا لم ندرس الواقع الصحي في المجتمع اليمني كيف نقدم أو نحدد خططاً استراتيجية للوقاية أو للعلاج، يعني فاقد الشيء لا يعطيه.. أول شيء إعرف..إعلم أولاً، إذا لم تعلم ..كيف؟ قراراتك تكون خاطئة، والبحث العلمي هو الطريق الأول لاتخاذ قرارات سليمة على المستوى الصحي..”. نائب المدير التنفيذي للمستشفى الدكتور حسني الجوشعي: “نحن نولي البحث العلمي اهتماما خاصا ونشجع الدكاترة والأطباء ليشاركوا في البحث العلمي، ونحن في المستشفى نقود بحثا علميا كبيرا جدا الآن بالتعاون مع جامعة “فلورانسا” الإيطالية، ونجري حاليا البحث على نسبة مرض السكر والضغط بين المواطنين في اليمن، فأخذنا عينة عشوائية مقدارها 12000 مواطن ومواطنة يمنية ما بين سن 9 سنوات إلى 65 سنة، وهو البحث الأكبر على مستوى العالم العربي تقريبا أن يشترك 12000 مواطن في هذا البحث فهذا أمر هام جدا بمفهوم البحث العلمي. بدأنا هذا البحث في يناير 2008 ونتوقع – إن شاء الله – أن ننتهي من هذا البحث وجمع المعلومات في أكتوبر القادم”. ويضيف نائب المدير التنفيذي الدكتور الجوشعي: “هذا البحث يوضح نسبة الإصابة بالسكر والضغط والدهون في الدم بين المواطنين اليمنيين في مناطق مختلفة اخترنا أربع محافظات هي صنعاء وتعز والحديدة وحضرموت (المكلا وسيئون) ويجري البحث حاليا ويشترك فيه ما يقرب من الستين باحثا اشتركوا فيه لجمع المعلومات، وعندنا مركز لتجميع المعلومات في المستشفى، ونحن نتعاون مع كلية الطب في جامعتنا جامعة العلوم والتكنولوجيا نقوم بهذا البحث ونحن الآن في المراحل الأخيرة منه، نتائجه تترتب عليه معلومات قد يستفيد منها العالم أجمع، وهذا واحد من البحوث التي نقودها حاليا”. ويعقب نائب رئيس مجلس الإدارة بالمستشفى الدكتور داوود الحدابي: “هذا البحث أنا أعتبره من البحوث العلمية الرائدة عالمياً وليس محلياً ولا عربيا، ولكن عالمياً.... وبعد استكمال جمع البيانات الخاصة ببحث السكر وأمراض القلب والذي كان ثمرة من ثمار التعاون اليمني – الإيطالي في مجال البحوث الطبية من خلال تنسيق الدكتور محمد بامشموس الأستاذ الزائر لكلية الطب بجامعة العلوم والتكنولوجيا والذي شمل أكثر من 12000 حالة من العديد من محافظات الجمهورية ذكوراً وإناثاً من الريف والحضر ومن جميع الأعمار. نتائج هذا البحث يعكس تشخيصاً للواقع مما يمكن أن يكون رافداً في تطوير الخدمات الصحية في اليمن من قبل متخذي القرار”. مضيفاً: “انتهينا من نتائجه وتم التحليل وتم كل شيء.. الآن ستستمر عملية تحليل النتائج وإعداد البحوث ونشرها في مؤتمرات عالمية. وهناك خمس تجارب عالمية؛ واحدة في الصين، وواحدة في شمال بريطانيا في جلاسجو، وواحدة في إيطاليا، وواحدة في السويد، والخامسة تجربتنا نحن هنا في اليمن. الآن هذه التجارب ستعلن في مؤتمرات عالمية للاستفادة منها على المستوى المحلي والعربي والدولي، نريد أن نقارن أنفسنا بالوضع الصحي بالذات فيما يتعلق بمرض السكر وأمراض القلب أين نحن من الخارطة المرضية في العالم؟!، وقد تجد نتائج سلبية أحياناً ونتائج إيجابية، ولا أريد أستبق الأحداث ولكن عندما تنشر البحوث سنعلنها، وسيكون لها دورها في التخطيط الصحي في اليمن، وأتمنى على وزارة الصحة أن تتبنى هذه النتائج لتضع خططها بناءً على هذه النتائج خاصة كما قلت فيما يتعلق بأمراض القلب والسكر”. غير أن مثل هذه الأبحاث في نظر البروفيسور الأمريكي مصطفى هاشم رئيس قسم القسطرة والقلب والأوعية الدموية في مستشفى “هنري فورد”، تعد سطحية، حيث يقول: “الدكتور حسني الجوشعي هنا والدكتور محمد شمس الدين في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا أبلغاني أن الحكومة الإيطالية قدمت لهم دعما لكي يعملون بحثا في اليمن حول السكر والضغط في الدم في اليمن، لكن هذا البحث يعتبر دراسة سطحية وليس بحثا عميقا في صلب الموضوع”، وبرأيه أن الأبحاث العميقة هي التي ينتج عنها ابتكار علاج جديد للحالات المرضية التي يتم دراستها وتشخيصها. في حين يخالفه الرأي رئيس قسم القسطرة والقلب في جامعة “فلورانسا” الإيطالية البروفيسور محمد بامشموس إذ يقول: “بالعكس تماما، هذه الدراسة والبحث المذكور هو الأساس والمرتكز الذي على ضوء معلوماته - من حيث الأسباب والعوامل المؤدية إليه- يمكنك تشخيص وابتكار العقار المناسب، ولأنه سيترتب على هذه النتائج فوائد كبيرة جدا وستنطلق معلومات جديدة ومفيدة ومشرفة ليس على مستوى اليمن فحسب بل على مستوى العالم العربي والعالم ككل؛ لأن هذا البحث يعد من أكبر الأبحاث في العالم، إذا كانت عينات الأبحاث العالمية تجرى على 500 إلى 700 أو إلى 1000 ونادرا ما تصل إلى 7000 مثلا، فهذا لأول مرة تؤخذ عينات ل 12000 حالة”. كذلك هناك بحث جارٍ العمل فيه وهو متواصل، وهو البحث الذي تبناه الشيخ عبد المجيد الزنداني حول مرض الإيدز الذي أثار جدلا واسعاً محلياً وإقليمياً كونه أتى من رجل دين وليس من علماء الطب مع أن الشيخ في الأساس هو دكتور صيدلاني، ويرأس الفريق الطبي الباحث والمشرف على البحث الأستاذ الدكتور حسني الجوشعي، حيث يقول الدكتور الجوشعي: “أنا على رأس الفريق العلمي المسؤول عنه، ونقوم بهذا البحث ولا نريد أن نعطي النتائج أكثر من حجمها، هناك حالات إيجابية، يوجد بعض المرضى تحسنوا بشكل ملحوظ ووصل الفيروس في دمهم إلى السالب كما أظهرت نتائج ال”بي سي آر”( (P.C.Rوهو الفحص المختبري الذي نجريه للمرضى، ولكننا نراقب هؤلاء المرضى عن قرب ونريد أن نتأكد، وأنا لا أريد أن أعلن عن شيء لست متأكداً منه، كل كلمة نقولها هي محسوبة علينا ولابد أن نأخذ الحيطة والحذر في أية كلمة نقولها [بمعنى عدم وجود الفيروس]، ولكن نحن لا نريد أن نستبق الأحداث وما زال البحث مستمراً وما زال أيضا تحت التمحيص والفحص، ومعنا حالياً حوالي 150 مريضاً ما زالوا يتناولون العلاج وما زلنا نتلقى نتائج، وبحث كبير بهذا الشكل ونتائج بهذا الحجم تحتاج إلى تروٍ وتأنٍ قبل أن نندفع ونعلن أشياء قد لا تكون صحيحة في المستقبل”. مراكز أبحاث: وبخصوص مركز الأبحاث قال مدير إدارة المعلومات في وزارة الصحة العامة والسكان الدكتور عادل السامعي: “كان يوجد مركز في طور الإنشاء من عام 1998 تقريبا إلى عام 2003، يمارس كمركز ولم يكن قد صدر بقرار أو قانون يصدر به على أنه مركز أبحاث فكانت المعاملة في رئاسة الوزراء على أساس إنشاء مركز للبحوث لكن بعد ذلك في هيكلة الوزارة تم دمج البحوث مع الإحصاء فصارت الإدارة العامة للمعلومات والبحوث”. في حين يفيد جلال العزعزي مدير إدارة الإحصاء في المستشفى الجمهوري، أنه لا يوجد عندهم مركز أبحاث. وبمثل ذلك أفاد نائب مدير مستشفى الكويت الدكتور لؤي القباطي، في حين لم نجد كذلك هذا المركز في مستشفى الثورة العام. وكذلك عدم وجوده في مستشفى آزال التخصصي. موازنات مرصودة: مدير إدارة المعلومات والبحوث بوزارة الصحة قال: “بالنسبة للدعم المالي للأبحاث لا يوجد أي دعم من قبل وزارة المالية في الموازنة السنوية، ومنظمة الصحة العالمية هي التي تدعم هذه الأبحاث وتدعم الباحثين، كدعم مالي لا تدعم وزارة الصحة هذه الأبحاث، لكن الوزارة تدعم البحوث كجانب تشغيلي لإدارة الأبحاث والمعلومات مثل النزول الميداني، إشراف، أما كدعم بحث طبي كبير أو دراسة طبية ينتج عنها اكتشاف علاجات معينة لا يوجد مثل هذا الدعم، لا من قبل وزارة المالية ولا من قبل وزارة الصحة لأن الدعم محدود”. أما بالنسبة للموازنة المرصودة لعمل أبحاث علمية فقال: “الدعم المحلي لبحوث الوزارة مقدر بعشرة ملايين ريال سنويا، أما الدعم الخارجي الذي تقدمه منظمة الصحة العالمية فهي تقدمه دعماً جانب البحوث من شقين: الشق الأول بحوث النظم الصحية، والشق الآخر بحوث الأمراض المدارية والأمراض المنقولة جنسيا كالإيدز، أو الأمراض الشائعة كالملاريا أو التيفوئيد أو الأمراض بشكل عام. وهناك أبحاث خاصة بأمراض غير منقولة وغير الشائعة كأمراض القلب والسكري أو الضغط”. وحول ما إذا كان لدى المستشفى الجمهوري ميزانية مرصودة للبحث العلمي، قال العزعزي: “نقدم لوزارة المالية مع كل موازنة سنوية عامة ترفع بنداً يتضمن تخصيص مبلغ معين ضمن الموازنة للأبحاث العلمية، إلا أنه لا يتم الاستجابة لذلك”. ويذكر الدكتور لؤي القباطي نائب مدير مستشفى الكويت، أنه لا توجد ميزانية مرصودة للبحث العلمي رغم الرفع من ضمن موازنات المستشفى السنوية إلى الجهات المختصة بذلك. مدير مستشفى الثورة العام الدكتور أحمد العنسي يقول: “لا يوجد عندنا ميزانية مرصودة، نحن –إن شاء الله – في الأعوام القادمة سندرس هذه الموازنة”. في حين يقول نائب المدير التنفيذي لمستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا: “في الحقيقة لا يوجد لدي أي رقم معين، ولكن الجامعة تصرف على العديد من الأبحاث وعلى العديد من الدراسات العليا، بإمكانك أن تسأل الأخ رئيس الجامعة حول هذا الموضوع، ليس لدي رقما معينا. أما بخصوص البحث الذي نجريه حاليا فالميزانية المرصودة له شقان: شق لجمع المعلومات ورصد لهذا الشق حوالي 120 ألف دولار، وهذا الشق مدته عام واحد، وتبقى عملية تحليل المعلومات وكتابة هذه النتائج ورصد لها قرابة ال 200 ألف دولار، وهذا الجزء سيتم في جامعة “فلورانسا” الإيطالية”. أما البروفيسور مصطفى هاشم يقول: “يحتاج الباحث إلى إمكانيات ودعم مالي للقيام بعمل بحثه. وتخيل أن الشباب العربي والمسلم في أمريكا يلاقون “grans” يعني دعما من الدولة بملايين الدولارات لكي يعملون أبحاثاً، فما بالك باليمن!”. اليوم ومع التكنولوجيا الحديثة والثورة العالمية العلمية في مجال الاتصالات برز النت كأهم عامل مساعد للباحث عن المعلومة التي تساعد الباحث على جمع مادته العلمية في أي من المجالات..وفي هذا الإطار أيضاً دققنا في مدى استفادة المستشفيات اليمنية من هذه التقنية في مجال اختصاصها فكانت الآراء كالتالي: إذ يرى نائب مدير مستشفى الكويت الدكتور لؤي القباطي أن الإنترنت اليوم سهل الكثير من الإجراءات للطبيب للبحث ومتابعة الجديد في الطب .. وسألناه إذا كان (النت) يقدم خدمات متميزة فإنه يظل من العموميات دون الغوص في التفاصيل الدقيقة واحتكار المعلومة فقال: “الطبيب يعتمد على خلفيته العلمية التي تعلمها في الجامعة، وإن كانت عامة، إلا أن الطبيب يفهم ما يمكن عمله ويستنبط من معلومة النت رؤوس الأقلام التي يستطيع التعامل مع أي مرض في مجال تخصصه”. مدير إدارة الإحصاء ومدير مكتب نائب المدير العام للمستشفى الجمهوري التعليمي جلال العزعزي يقول: “لا نستخدم تقنية النت ولا يوجد عندنا في المستشفى خدمة إنترنت”. وفي زيارتنا لمستشفى الثورة العام بصنعاء لم نجد استخداماً للانترنت ولم نجد أجهزة كمبيوتر في مكاتبها توحي باستخدام هذه التقنية”. نائب المدير التنفيذي بمستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور حسني الجوشعي يقول: “الإنترنت يعتبر العصب أو العمود الفقري للبحث العلمي في أي مكان في العالم؛ خاصة أصبح الآن أية معلومة تريد أن تحصل عليها تحصل عليها بسهولة تحصل على آلاف ومئات الآلاف من الأبحاث العلمية والمراجع العلمية في الإنترنت ومن لا يستخدم الإنترنت في الوقت الحالي لا يستطيع أن يقوم بأي بحث علمي، فهو أصبح شرطا أساسيا بل هو حاجة أساسية، أنا أعتقد أن الإنترنت للبحث العلمي كالماء والهواء بالنسبة للإنسان”. ويضيف: “هناك معلومات مبنية على أبحاث الآخرين وتجاربهم لا بد أن نستفيد منها، أنت كباحث لازم تعرف ما يدور في العالم ولا تستطيع أن تسافر إلى كل دول العالم أو بعض دول العالم حتى تعمل بحثا علميا، والآن تستطيع أن تعمل بحثا وأنت في مكتبك أو في منزلك من خلال الإنترنت تحصل على مراجع عديدة جدا والآن هناك ثقافة جديدة في المراجع العلمية، زمان كنا نكتب أسماء المراجع وسنواتها وغير ذلك من التوثيقات هذا مازال موجودا ولكن الآن تكتب.. مصدرك من الإنترنت، وهناك العديد من المجلات والكتب العلمية موجودة في الإنترنت تستطيع أن تدخل وتطلع عليها وتستشهد بهذه المراجع كدليل على صحة بحثك العلمي”. معوقات البحث العلمي: توجد معوقات كثيرة ومتعددة في طريق البحث العلمي الطبي في اليمن، والتي غالبا ما يشكو منها أصحاب الاختصاص في المجال الطبي، فبينما يرى الأستاذ الدكتور حسني الجوشعي أن معوقات البحث العلمي في اليمن كثيرة، أهمها أن البحث العلمي لا يعطى حقه من الوقت ولا حقه من المال ولا حقه من الاهتمام من الجهات المعنية، ويقول: “بدأت في الفترة الأخيرة الدولة تهتم بالبحث العلمي وأنشأت مؤسسة للبحث العلمي وهذه خطوة طيبة ومبشرة، ولكن حتى الآن ميزانية البحث العلمي إذا قورنت بالميزانية العامة للدولة هي تقريبا أقرب إلى الصفر”. ويركز الدكتور لؤي القباطي على المعوقات المادية أنها “من أهم ما يعوق أو يحجم الطبيب عن عمل أية أبحاث، وذلك أن راتب الطبيب من 30 إلى 40 ألف ريال لا يكفيه لقضاء مصاريفه الشخصية فضلاً عن إعالته لأسرته، فيضطر إلى العمل في فتره ثانية، وبذلك يشغل كل وقته في العمل .. إذاً، فمتى سيقوم بعمل البحث؟! ناهيك أن الأبحاث تتطلب التفرغ والإنفاق في سبيل البحوث”. ويوافقه الرأي نائب مدير مستشفى آزال التخصصي الدكتور سعيد النظاري، حيث يقول: “الجانب المالي يلعب دورا كبيرا جدا، فمهما كان الإنسان عنده رغبة في البحث فإن مصاعب الحياة تجبرك أن تدور بعد لقمة عيشك، عمل في الصباح وعمل بعد الظهر لكي تؤمن لأولادك لقمة العيش، فتنظر للبحث هذا كنوع من الترف.. تراودك أحلام فقط كنوع من إشباع الفضول العلمي عندك فقط، فإذا تفرغتُ مثلاً تفرغاً كاملا لهذا البحث من سيصرف علي وعلى أولادي”؟! أما المعوقات عند الدكتور العنسي كما يقول فهي: “شحة الإمكانيات، وعدم وجود الإمكانيات اللازمة للبحوث، البحث العلمي يحتاج جهدا كبيرا جدا ويحتاج إلى إمكانيات جبارة، ويحتاج إلى تغيير مفاهيم المواطن، وتعتبر هذه أهم المعوقات”. ويخالفهم الرأي تماما البروفيسور محمد بامشموس إذ يقول: “هذا كلام غير صحيح؛ أهم من ذلك كله وجود الرغبة والنية عند الباحثين والإحساس بأهمية البحث العلمي، هذا أولا، ثانيا: الاجتهاد، أما الإمكانيات لمن يتحجج بالإمكانيات، فالإمكانيات هي الكادر الطبي وغيرها وهي موجودة، أهم من ذلك كله الإرادة والرغبة، أما التمويل يعتبر جانبا. خذ على ذلك مثلا: حجم البحث الذي يقوم به مستشفى جامعة العلوم من 12000 عينة وهو بحث ضخم للغاية، كم رصد له من الجانب المالي؟! مبلغ بسيط، فأهم شيء الإرادة والرغبة”. كذلك من ضمن معوقات البحث العلمي عدم مساعدة المجتمع وتشجيعه للباحث كون المجتمع حاله كحال بقية جوانب الحياة الأخرى لا يثق بقدرات الباحث المحلي كنوع من عقدة الأجنبي. على سبيل المثال، حينما تحدث الشيخ عبد المجيد الزنداني عن بعض أبحاثه في جانب السكري والإيدز، ضجت وسائل الإعلام المحلية المختلفة سلطة ومعارضة وشنت هجوما لاذعا تقزم وتقلل من أهمية أبحاث الشيخ ليس بطريقة علمية ومقارعة الحجة بالحجة، بل وصلت حد التجريح والقذع؛ لأن ما توصل إليه لم يأت إلينا عن طريق شركات أجنبية مصدرة أو بتعميم من الخارج، رغم إرسال العينات إلى مختبرات أجنبية وعالمية مشهورة. يقول البروفيسور الأميركي مصطفى هاشم: “للأسف الشديد المجتمع المحيط بك في البلاد العربية لا يساعدك على النجاح، بالعكس مما هو في البلاد الغربية والأوروبية”. آلية النهوض بالبحث العلمي: يرى الدكتور سعيد النظاري أنه للنهضة بالبحث العلمي “يجب في ظني لعمل بحث علمي في اليمن لا بد من وجود لجنة مختصة تحدد صندوقا لتمويل البحث العلمي، ووجود لجنة حكام تحدد مدى الفائدة من هذا البحث وطريقته العلمية الصحيحة في مختلف المجالات ليس شرطا في الجانب الطبي فقط، وكلما كانت هذه اللجنة نزيهة كلما كانت النتيجة مقبولة، طالما كانت هناك أمانة علمية، وإذا رفض البحث لابد أن يكون رفضا مبررا حتى لا يصاب الشخص بالإحباط واليأس. ولا أنظر إلى مستويات الناس الطبقية كون هذا مزارع بسيط مثلا وهذا مسؤول، والله -سبحانه وتعالى- يضع سره في أضعف خلقه كما يقال، وقد يفيد الأول أفضل من الآخر”. في حين يرى البروفيسور مصطفى هاشم: “احتضان الناس، مثلا الطبيب يأتي من أميركا أو إيطاليا أو حتى السعودية يريد أن يأتي ويكون له ظروف مهيأة له ولأولاده، ويريد أن يشتغل، مثلا أنا أشتغل في أميركا عادة في الأسبوع أعمل أكثر من 20 أو 30 حالة، لا يمكن أجيء اليمن وانتظر أسبوعا أعمل حالة أو حالتين وأقعد أشارع الناس شريعة على صحتهم. وكذلك وجود المراكز البحثية واستقطاب الخبرات والكفاءات، وتقديم العم المالي لهم، ووجود مجلات طبية متخصصة في البحث العلمي، وغيرها”. خدمة خاصة نيوز يمن