تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    حالة وفاة واحدة.. اليمن يتجاوز المنخفض الجوي بأقل الخسائر وسط توجيهات ومتابعات حثيثة للرئيس العليمي    الاحتلال يواصل جرائمه بحق سكان غزة وحصيلة الشهداء تتجاوز 34 ألفاً    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    خطوات هامة نحو تغيير المعادلة في سهل وساحل تهامة في سبيل الاستقلال!!    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    برشلونة يسعى للحفاظ على فيليكس    مصادر تفجر مفاجأة بشأن الهجوم الإسرائيلي على أصفهان: لم يكن بمسيرات أو صواريخ أرض جو!    أول تعليق إماراتي بعد القصف الإسرائيلي على إيران    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    الرد الاسرائيلي على ايران..."كذبة بكذبة"    الجنوب يفكّك مخططا تجسسيا حوثيا.. ضربة جديدة للمليشيات    اشتباكات قبلية عنيفة عقب جريمة بشعة ارتكبها مواطن بحق عدد من أقاربه جنوبي اليمن    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    السعودية تطور منتخب الناشئات بالخبرة الأوروبية    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عشق الموسيقا
نشر في الجمهورية يوم 26 - 11 - 2009

ما أجمل أن نفتش عن الجمال في كل مايحيط بنا، فتلك هي سمة النفوس السليمة والقلوب المفعمة بالخير والروحانية، أما عن الموسيقا فكل مافيها جميل لولا أننا نتدخل كبشر فنعبث في مجراها الذي خلقت فيه لنضع لانفسنا أخاديد ومستنقعات راكدة للموسيقا تشوه الانطباعات الجميلة التي كان ينبغي لها أن تستقر في نفوسنا مع كل خطرة وقطرة موسيقية تداعب آذاننا.
أؤمن جداً بأن الموسيقا ليست علماً دنيوياً بل سماوي، أنزله الله جل وعلا ليكون معجزة لأحد أنبيائه وأصفيائه من خلقه ألا وهو سيدنا داؤود عليه السلام فاجتمعت حول مزاميره الشجية الإنس والجن والوحوش والطير لتسبح بحمد الله الذي أحسن كل شيء خلقه، وهو ماذكره الإمام ابن كثير في قصص الأنبياء ورواه عن الأوزاعي ولذلك قال المصطفى عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام عن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه أنه أوتي مزماراً من مزامير داوود لما سمع تلاوته للقرآن الكريم.
والاختلاف في توصيف القيم الجمالية لايعد بنظري اختلافاً بل هو إتفاق محض وتعزيز للرصيد المعرفي لعشاق الجمال، لذا فحري بي أن أتوجه بالشكر الجزيل للكاتب العزيز مختار مقطري على مانشر له في العدد الماضي بتاريخ 2009/11/19م بعنوان «ماهية الطرب وماهية التطريب» وكذلك الباحث العزيز عبدالقادر أحمد قائد على مساهمته في نفس العدد حول الرومانسية في الغناء واشتراكاً مع العزيز مقطري في التعقيب على ماكنت تحدثت عنه في مقال لي بعنوان «ماهية الطرب» نشرته فنون الجمهورية بتاريخ 2009/10/29م.
وأود الإشارة إلى أن الزميل المقطري في مستهل مقاله الآنف الذكر قد منحني شهادة قلادة أعتز بها كثيراً إذ أثنى على ما أكتب وإذ عدني صديقاً له ولما نلتقي وأنا هنا أؤكد له أنني احتفظ له وأباد له نفس المشاعر الصادقة كما أنني لن أشهد له فيما يكتب ليقيني بأن شهادتي مجروحة فأنا الاسعد بصداقته والأكثر شوقاً إلى الإلتقاء به.
وأشير إلى أن الاختلاف في الرأي ليس هو الدافع لكتابة هذا المقال كتعقيب على التعقيب الذي أورده المقطري في «ماهية الطرب والتطريب» بل بالعكس فالكاتب المقطري يكاد يكون أعاد وشرح الكثير مما ذكرته في مقالتي ولكن بطريقته الخاصة!! ولكني هنا أوضح بعض الجوانب التي لم أبينها سابقاً حول الطرب خاصة في البعدين الإيقاعي والنغمي للطرب.
والحقيقة هي أنني لم أقرأ ولم أعثر على بحوث أو كتب تتحدث عن الطرب بشكل منصل فحاولت في «ماهية الطرب» أن أقدم جهداً خاصاً يهدف إلى تأصيل مفهوم الطرب بشكل علمي ينأى به عن عبث العابثين وتطفل المتطفلين من أن يصبح عبارة لامعنى لها ولاضابط لاستخدامها، وكنت قد تحدثت في هذا الموضوع عبر الهاتف مع أستاذي وصديقي «طبيب المبدعين» الدكتور نزار محمد عبده غانم وشرحت له وجهة النظر الخاصة بي حول ماهية الطرب وكان متفقاً معي فيما يخص الايقاع دون النغم لذا فأنا قدمت ماقدمت من باب أنه وجهة نظري الخاصة ولا أعفي عزيزي الدكتور نزار من أن يدلي بدلوه أيضاً في هذا الموضوع فهو أكثرنا علماً وإطلاعاً وتجربة في ميدان الموسيقا والبحث الموسيقي وللحديث أيضاً عن الفن اليمني ومدارسه المختلفة ومميزاته وأعلامه كما طلب الأخ مختار مقطري مني أن أفعله ولكني أحيل الموضوع بدوري إلى جهة الاختصاص!!
الإيقاعية الطربية
تحدثت عن الضابط الايقاعي في الطرب العربي ووصفته بالرزين «نسبياً» دون أن أضع حداً أعلى وأدنى للسرعة كي لا أظلم أعمالاً ومطربين استطاعوا فرض أقصى مستوى من التطريب خارج دائرة الزمن الايقاعي المسموح به ولكن تجاوباً مع ماطرحه الزميل مقطري من استشهاد بكوبلية «هل رأى الحب سكارى» وأعتبر أن الإيقاع فيه سريع «نسبياً» أقول أن إيقاع المصمودي الصغير هذا يكاد يكون هو أسرع الإيقاعات التي تتيح فرصة التطريب أو التي يمكن للفنان أن يؤدي أعمالاً طربية على وقعها.. لو تخيلنا أن هذا الايقاع زادت سرعته كما في أغنية حكيم «النار النار» لتحول الأمر إلى «قطع رقص » لا غناءً ولاطرباً!!
الأرباع الموسيقية
الأرباع الموسيقية أو النغمات «المسيكة» هي قدر الموسيقا العربية وخصوصيتها التليدة وجمالها الأخاذ وقديمها الجديد، والمقامات العربية الأصيلة جميعها لاتخلو من الأرباع الموسيقية وحتى مقام الحجاز الذي يقوم على بعد موسيقي مقداره «1.5» درجة ونصف تعرض للتعديل حديثاً ليصبح بهذا الشكل وهذا البعد والحقيقة أن الحجاز القديم بعده الحقيقي «1.25» درجة وربع وهو ماذكره الأستاذ سليم الحلوفي «الموسيقا النظرية» باب تحيليل مقام الحجاز وهذا بدوره ينسحب إلى مقامات مثل الهزام وشت العربان «أو شد العربان» بالدال أي المقامات التي تحتوي على جنس الحجاز في سلمها النغمي لذلك فالحجاز الحقيقي يكاد يكون هو «الحجاز اليمني» المعروف في الموسيقا اليمنية ومثله الهزام اليمني.
ثمة نقطة أخرى مهمة وهي أننا نتجاهل بدون قصد وبحسن نية حقيقة أن تحليل الألحان العربية يجب أن يدرس على أساس تحليل المقام إلى أجناس وعقود، فالمقام الشرقي يتكون من أجناس مقامية أقلها إثنان وأكثرها ستة أجناس تشترك معاً في إضفاء الطابع اللحني للمقام، ومعروف أن المقام الموسيقي يحمل إسم الجنس الأول في تركيبه أو أن المقامات التي تشترك في جنسها الأول تعتبر عائلة مقامية واحدة مثل عائلة الراست التي تتضمن «الراست والسوزناك والنيروز والسوزدلار وغيرها» وبالمثل عائلة السيكا «هزام، راحة ارواح، مستعار، بستنكار، سيكا بلدي..إلخ» لذا فإننا عندما نستمع إلى أغنية الفنان أيوب طارش «أرجع لحولك» مثلاً نقول أنها في المذهب من مقام السوزناك «جنس راست يليه جنس حجاز» لكننا عندما نقول أن اللحن في الكوبلية الأول تحول إلى «مقام» البياتي «غبني على عمري جرت سنينه..إلخ».. فإننا نجانب الحقيقة بعض الشيء حيث نشير إلى طابع البياتي كجنس مقامي يستطيع القارئ أن يفهمه لكن الصواب هو أن نقول أن الفنان أيوب استبدل جنس الحجاز في السوزناك بجنس البياتي ليصبح الناتج مقام «نيروز» وكلاهما «السوزناك والنيروز» من فضائل الراست فالأغنية راست إجمالاً!!
وخلاصة القول أن الجنس المقامي العربي «ذي الأرباع» لم يغب عن المقاسات المتداولة عند العرب حتى بعد دخول الكرد والنهاوند والعجم حافظ العرب على هذه الأجناس الجديدة وأضافوا إليها أجناساً عربية فتكون لنا من العجم مثلاً الجهاركا «عجم يكثر فيه جنس الراست» أو الشوق أفزا «عجم يليه حجاز» كما في مذهب أغنية «أغداً ألقاك» أو «لسة فاكر» وظهر لنا أيضاً من النهاوند «حسيني بوسيليك» ومقام «العشاق».. إلخ..وهذا ينسجم مع ماقاله الأخ مقطري من أن الكرد والنهاوند يصلح لأن يكون طرباً تمهيدياً للطرب الأكثر استنفاراً للوجدان والمشاعر!!
وينسجم تماماً مع الأمثلة التي ذكرها في مقالته السابقة.. وإذن فالطرب هو الغناء العربي الأصيل «القديم» الذي استجاب لبعض الإضافات النغمية في «حدود معينة».
الرومانسية
هي بالفعل مصطلح أدبي يدل على المشاعر الرقيقة والمنسابة «الوجدانيات» وهي سمة تتميز بها أجناس مقامية أكثر من غيرها وبالتالي فهي الأنسب للتعبير عن النص ذي الدلالة الرومانسية!!..
وهل كان للموسيقا العربية شأن سوى الغناء؟!! أو التعبير عن النصوص الشعرية عن طريق إلباسها الحلل النغمية؟!
إن كل التراث الشرقي الموسيقي غنائي بحت تقريباً حتى تلك القوالب الشرقية التي نزعم أنها موسيقا بحتة ليست سوى أشكال غنائية انفصلت لاحقاً لتشكل بناءً منفرداً ودليل ذلك «الشرف» الذي يعني المقدمة أو المطلع فقد كان يمثل المقدمة الموسيقية التي تسبق العمل الغنائي إلى أن تم فصله كعمل موسيقي مستقل «موسيقا بحتة» ومثله «السماعي» و«اللونفا» ...إلخ
لذلك لانستغرب أن يكون واقع الموسيقا البحتة في الثقافة العربية واقع بائس على عكس الألمان مثلاً!!
إن الشرقيين والعرب خصوصاً أمة غناء أكثر من موسيقا بحتة وهي شعوب إيقاعية حد الثمالة ودليل ذلك العدد الهائل من الموازين الايقاعية لدى الشرق على عكس الشعوب الأخرى الغربية.. يقولون عن الموسيقا العربية أنها طوّعت اللحن لخدمة النص الشعري وطوعت الاثنين لصالح الصوت فهل أنتم مع هذا القول؟!!
وأنا هنا أتوجه إلى العزيز مختار مقطري بالعودة إلى مطالع الأعمال الراقية ومراقبة التحولات اللحنية مقارنة مع التحولات في النص الشعري شكلاً ومضموناً لنعلم أن العرب عشاق حقيقيون للكلمة واللحن معاً ولنعلم أن أولئك الرواد الموسيقيون العرب الذين أسميهم «أسباط الموسيقا» كانوا على قدر كبير من الفهم والحس العالي ولقد أعجبني ماقاله العازف العراقي نصير شمة قبل أيام عندم وصف الموسيقار السنباطي بأنه «شيخ طريقة»!! في معرض حديثه عن هذا العملاق وإنجازاته وملامح فنه..
وختاماً ما أقول أنه مادامت تجمعني بالزميل مختار مقطري صفة واحدة على الأقل وهي عشق الأصالة وعشق الفن القديم الأصيل والجديد الجميل أيضاً فلا يهمني بعد ذلك أن نختلف على شيء آخر!!
وأذكر أيضاً الأخ مقطري بأن ما قلته عن أم كلثوم ليس كما ذكره هو أي أنني عبت على السيدة أم كلثوم نطقها أو إقفالها «حاشا لله» ولكني ذكرت أن النقاد عابوا عليها استخدام كلمة «نعم» بدلاً عن «بلى» في البيت الشهير:
بلى أنا مشتاق وعندي لوعة ولكن مثلي لايذاع له سرٌ
وهذا ماقلته بالضبط لا أقل ولا أكثر!!
ختاماً
رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير
وكل عام وأنتم بألف خير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.