هو أحد الكتب الحديثة في مجال التنمية البشرية للكاتب المصري كريم الشاذلي.. كتاب أكثر من رائع سيجعل كل واحد منا يفكر ويحاول أن يغير حياته نحو الأفضل، التقاطاً لبعض معاني الحياة، وتسجيلاً لمواقف وصور ذات أهمية فيها حكمة سمعت، قرأت..شوهدت، قررنا اصطيادها خشية أن تطير، لنقدمها قرباناً لك!. فيكتور فرانكل عالم نفس نمساوي ، كان معتقلاً في أحد معسكرات النازية أثناء الحرب العالمية الثانية وتعرض لألوان وأشكال مختلفة من التعذيب ، والتي قصها في كتيب صغير بعنوان Man's Search For Meaning وكان يزمع طبع كميات محدودة منه وتوزيعها على الأصدقاء، لكنه لقوة ما فيه بيع منه الملايين من النسخ وتُرجم إلى 24 لغة ، وكان أهم ما استوقف فرانكل في حياة المعتقل شيء بالغ الغرابة ، وهو انهيار أشخاص وصمود آخرين أمام التعذيب والإهانة ، خاصة عندما لاحظ أن هذا الأمر غير مرتبط بالقوة الجسمانية ،فالضعيف يضيع والقوي يثبت ، بل وجد أن العكس في كثير من الأحيان هو الذي يحدث !. برغم منافاة ذلك لقوانين المنطق ، وبحثاً عن الإجابة بدأ فرانكل يدرس المعتقلين المتواجدين معه في ضوء عدة عوامل شخصية منها الصحة والحيوية وهيكل الأسرة والذكاء وأساليب البقاء. وبعد كثير بحث وتأمل خلص فرانكل إلى حقيقة هامة وهي أن الذي يصمد أمام صعاب الحياة مهما كانت قاسية ، هو الشخص الذي يمتلك داخله عالماً خاصاً به ،عالم تظلل أفقه رؤية مستقبليه ، وتلوح في سمائه رغم المصائب التي تحيطه تباشير الأمل والتفاؤل ، إنها الثروة الحقيقية التي لا يستطيعون انتزاعها ، والتي تُصبر المرء وتهون عليه الآلام والمصائب، فمن يمتلك بداخله رؤية مستقبلية متفائلة ، فقد امتلك الدافع النفسي الذي يعصمه من الانهيار والتمزق أمام المشكلات والكوارث ، أما من ضُرب في عالمه الداخلي وشعب إخطبوط اليأس أذرعه فيه فقد صار على مشارف الموت يقيناً . ولا عجب أن يقف العالم الجليل ابن تيمية بثبات وشموخ وقد وعى هذه الحقيقة ليقول لأعدائه ساخراً : ( خاب سعيكم .. ماذا تفعلون بي ،إن سجنتموني فسجني خلوة ، وإن أبعدتموني فنفيي سياحة ، وإن قتلتموني فموتي شهادة في سبيل الله، يا مساكين إن جنتي في صدري ، وصدري لا سلطان لأحد عليه سوى الله ) . وفي هذا تغنى شيخنا يوسف القرضاوي في سجنه ساخراً من تضييق الخناق عليه قائلاً : سدوا علي الباب كي أخلو إلى كتبي فإن لي في الكتب خير خدين وخذوا الكتاب فإن أنس مصحفي أتلوه بالترتيل و التلحين و خذوا المصاحف، إن بين جوانحي قلباً بنور يقينه يهديني الله أسعدني بظل عقيدتي أفيستطيع الخلق أن يشقوني؟ فاسعد يا صديقي بجنة قلبك ، وأحطها بالعناية والرعاية ، والجأ إليها إذا ما تكالبت عليك الفتن والخطوب ، كن رجلاً مسقبلياً ، طموحاً ، ممتلئاً على الدوام بالِبشر والتفاؤل ، متأكداً بأن الله يخبئ لك المزيد من الفرح والسرور ، بداخلك يا صاحبي تجد السعادة والطمأنينة ، فلا تبحث عنهما في غير موضعهما . إشراقة : الجنة لكل من يحمل الجنة بداخله… هنري وارد بيتشر