عمود الشعر .. بحور الشعر .. شعر التفعيلة .. الشعر المرسل.. مصطلحات أصبحت قضية الشعراء بين مجدد ين (رمزيين ) وتقليديين وبين النقاد بكافةتوجهاتهم النقدية ... وفي البدء يجب أن نعرف أن عمود الشعر قائم على البحورالشعرية التي صنفها وحدد أوزانها الفراهيدي والتي قام عليها الشعر العربي منذ نشأته.. يجدر بي أن أقول بأن الثورة والتمرد على الوزن ومع مرور العصور ظهرت إشكالية التغيير وعدم الرغبة من الشعراء في التقيد بهذه القوافي والأوزان.. فما هي الأسباب ... ولم كان هذا التمرد من الشعراء .. ؟!! هذا ما سأحاول أن أبينه من خلال بحثي المتواضع هذا ... والقافية بدأت منذ القدم ففي فترة من الفترات مل الشعراء النظم على وتيرة واحدة في القصائد .. وتاقوا الى التنويع والتجديد .. وكان أهم تجديد حصل هو ظهور( الموشحات )ويبدو أنها نشأت في أواخر القرن الثالث الهجري ولكنها لم تلاق صدى عندكبار الشعراء في تلك الفترة إذ أنها كانت مقصورة على الأدب الشعبي ومجال اللهووالمجون والغناء .. (ويوضح الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه نفح الطيب ) بأن الموشحات ثورة على نظام القصيدة في الأوزان والقوافي مع أنها في بداية ظهورها كانت تُنظم في البحور القديمة . ولكن ما لبثت أن تحرر منها في بحور كثيرة تألفها الأذواق ولكن لا عهد للعربية .. انتهى كلامه . وفي الواقع أن شعراء الموشحات أرادواالتحرر من تقليدية القافية وجمودها في القصيدة القديمة .. ولم يدر بخلدهم أن يثورواعلى المعاني ونظم القصيدة ولكن هذا تطور حديثا وسيأتي ذكره فيما بعد .. وقد تمخض من خلف هذا التمرد في الموشحات مذهب رمزي شعري يقوده المجددون .. فقد أرادهؤلاء المجددون أن يجددوا في أوزانهم ويتخلصوا من سلطان القافية وكأن لسان حالهم لابد من تحطيم القوالب الرتيبة .. ولابد من تغيير القافية تبعا للوحدة الموسيقية التي داخل القصيدة واليكم بعض ما خلصت له من قراءة في موضوع الوزن والقافية التجديد في القوافي هوأن بعض الرمزيين ( المجددين) من نادوا بإهمالها .. أو اكتفوا بتقارب في الأصوات الأخيرة للأبيات وكانوا على نوعين : 1 ) نوع لم يقضوا علىالقوافي بل أباحوا للشاعر أن يغير من قافيته كما شاء مع التقيد بالوزن 2 ) والنوع الثاني أباح التغيير في الوزن والقافية بدون استثناء . واليكم نموذج من قصائد النوع الأول (( الموزون المطلق من القافية )) : قصيدة بعنوان (( نابليون والساحر المصري )) للشاعر عبدالرحمن شكري : ولسوف تبلغ بالسيوف مبلغا تدع الممالك في يديك بيادقا لكن سيعقبك الزمان وصرفه زمنا يكون به الطليق أسير في صخرة صماء فوق جزيرة في البحر يضربها العباب الأعظم التجديد في الأوزان أصبح عندنا نوعين من أنواع أو أشكال للشعر .. بالإضافة إلى الشعر العمودي 1) الشعر المنثور (( الحر )) 2) الشعر المرسل .. أولا ) الشعر المنثور .. (( الحر )) هو الذي لا يلتزم بوزن اصطلاحي ولا قافية .. ولكن له نوع من إيقاع ووزن خاصين به (( وإن لم يدخلا في معايير الشعر المصطلح عليه )) ثانيا ) الشعر المطلق (( المرسل )) فمذهبه الاحتفاظ بالايقاع دون الوزن وفي هذه المدرسة مذاهب . أ ) مذهب يهمل الوزن والقافية. ب ) مذهب لا يهمل القافية بل يتبع نظام التقريب بين مخارج أحرف القوافي في القصيدة الواحدة ج ) مذهب يلتزم بالقافية دون الوزن وخلاصة القول : لم يعكف بعض شعرائنا ينظمون في هذه الأوزان الجديدة الا لما فيها من اليسر والسهولة .. ولكن منهم من لم يدرك أن صعوبتها تكمن في خلق الموسيقى الشعرية التعبيرية للمعاني والحق أن هذا النوع أشق من السير على الأوزان التقليدية وأصعب .. أقول أن الشعر الحديث بأوزانه وقوافيه تجربة شعرية لم تنجح إلا عند القليل من الشعراء الذين استطاعوا ترويضهابشكل صحيح .. ولعل من أروعهم نزار قباني .. ومن المناسب هنا أن اضرب لكم مثلا علىنوع من أنواع الشعر الحديث (( الشعر المرسل )) الذي قاد لواءه القباني: يقول نزار : صديقتي , صديقتي الحبيبة غريبة العينين في المدينة الغريبة شهر مضى , لا حرف .. لا رسالة خصيبة .. لا أثير لاخبر منك يضيء عزلتي الرهيبة .. أخبارنا ... لا شيء يا صديقتي الحبيبة .. نحن هنا .. أشقى من الوعود فوق الشفة الكذوبة أيامنا .. تافهة فارغة رتيبة أخيراً يتبقى السؤالُ حائرا طارحا نفسه بقوة ما هي مدة صلاحية الشعرالحديث بأنواعه ؟!! وهل يفرض نفسه ومذهبه ليمثل مدرسة شعرية معترف بها من الجميع ؟!! متى .... وكيف ؟!!! المراجع •الشعر المعاصر على ضوء النقدالحديث .. مصطفى السحرتي •مقدمة ابن خلدون .. ابن خلدون . •نفح الطيب .. د إبراهيم أنيس •النقد الأدبي الحديث ... محمد غنيمي هلال