في إطار أنشطتها الثقافية والعلمية السنوية نظمت جامعة ذمار نهاية الأسبوع الماضي الندوة الوطنية الكبرى تحت شعار “ اليمن أولاً” بالتعاون مع صحيفة 26 سبتمبر ومنظمة “اليمن أولاً”..وقد ناقشت أوراق العمل المقدمة من قبل كوكبة من الأكاديميين والسياسيين والمختصين التحولات والانجازات العملاقة التي تحققت في ظل عهد الوحدة المديد على الرغم من المكايدات والتخريب والتآمرات التي تحيكها العناصر الظلامية ضد الوطن داخلياً وخارجياً كما شهدت الندوة التي حضرها الدكتور يحيى الشعيبي وزير الخدمة المدنية رئيس منظمة اليمن أولاً والدكتور عبدالله الحامدي نائب وزير التربية والتعليم ومجاهد شايف العنسي نائب محافظ ذمار أمين عام المجلس المحلي ووكلاء المحافظة المساعدين والعميد نجم الدين صالح هراش مدير أمن المحافظة إعلان تأسيس فرع لمنظمة اليمن أولاً بالمحافظة تم تزكية لجنته التحضيرية برئاسة يحيى علي العمري محافظ المحافظة. المنظمة ودورها في بناء المجتمع المدني وكان الدكتور يحيى الشعيبي وزير الخدمة المدنية رئيس منظمة اليمن أولاً قد ألقى كلمة افتتاحية قال فيها: أشعر بسعادة غامرة وأنا أشارككم فعاليات هذه الندوة الحيوية في هذه المدينة العريقة التي أنجبت كوكبة من رجالات الفكر والأدب والثقافة والتاريخ والنضال ومنهم المفكر العربي الكبير البردوني.. مشيراً إلى ما تشهده بلادنا من تحولات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية هي نتاج تضحيات عظيمة ماضياً وحاضراً تمخضت عن تحقيق أعظم منجز في تاريخنا المعاصر وهو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة بقيادة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية. وقال الشعيبي: إن منظمة اليمن أولاً قررت العزم بأخذ دورها الريادي في بناء وتنمية ركن أساسي في المجتمع المدني والإسهام في حماية مقدرات الوطن ووحدته الغالية معلناً تدشين فرع للمنظمة في محافظة ذمار لأهمية مشاركة المنظمات والجمعيات الأخرى في بناء الإنسان اليمني الجديد بتلك الأهداف التي تحملها المنظمة. تثمين خطاب الرئيس كما أكد مجاهد شايف العنسي نائب محافظ ذمار أمين عام المجلس المحلي أن الندوة التي نظمتها جامعة ذمار الصرح العلمي الشامخ الذي نعتز به بالتعاون مع صحيفة 26 سبتمبر ومنظمة اليمن أولاً تعقد في ظل تحولات كبيرة شهدتها اليمن خلال عقدين من تحقيق الوحدة المباركة... مؤكداً ترحيب محافظة ذمار بتدشين فرع لمنظمة اليمن أولاً الذي يأتي تزامناً مع احتفالات شعبنا بالعيد العشرين للوحدة الوطنية المباركة.. وقال:إن أبناء المحافظة بمختلف شرائحهم يثمنون عالياً ما جاء في البيان السياسي لفخامة رئيس الجمهورية عشية العيد الوطني لما شكله من انطلاقة جديدة ووثبة تاريخية باتجاه تحقيق انفراج وطني كامل يقطع الطريق على أولئك المتربصين شراً بالوطن وبوحدته وسلمه الاجتماعي. الوحدة عمق استراتيجي لدول الخليج الدكتور أحمد محمد الحضراني رئيس جامعة ذمار أشار من جانبه إلى ما حققته الوحدة اليمنية من انجازات عظيمة على كافة المستويات رغم الزيادة المستمرة في عدد السكان ومحدودية الموارد وتآمر أصحاب المصالح الضيقة.. وقال: لقد قضت الوحدة على التناحرات والانقسامات التي كانت تحدث داخل كل شطر وبين الشطرين كما أرست العملية الديمقراطية وبنت المؤسسات الدستورية وحولت اليمن المستضعف إلى دولة قوية لها كيانها وسيادتها وموقعها الاستراتيجي. ونوه الحضراني: إلى إسهام الوحدة في تعزيز الأمن والاستقرار في شبه الجزيرة ودول الخليج العربي بعد تسوية مشاكل الحدود مع أريتريا عُمان المملكة العربية السعودية. تحولات مابعد الوحدة بعد ذلك بدأت أعمال الندوة الوطنية التي أدارها الدكتور يحيى الشعيبي وزير الخدمة المدنية والتأمينات بدأها الدكتور عبدالله الحامدي نائب وزير التربية والتعليم بورقة عمل بعنوان التحولات السياسية والديمقراطية الثقافية في ظل الوحدة التي أحدثت انطلاقة تمثلت في إقامة نظام سياسي قائم على الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية وصيانة الحقوق والحريات العامة في إطار الدستور والقانون فالجمهورية اليمنية وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها. مؤكداً أن جيل الوحدة لم يتعرف على الحياة السياسية قبل إعادة تحقيق الوحدة ومن حقه أن يعرف ومن واجبنا أن نطلعه ونعلمه.. مشيراً إلى أن استمرار العملية الديمقراطية على مدى عقدين وانتشارها وشموليتها لمختلف المواقع السياسية ابتداءً من موقع رئيس الجمهورية وانتخاب أعضاء السلطة التشريعية “مجلس النواب” وانتخاب المجالس المحلية على مستوى المحافظة والمديريات والمراكز الانتخابية والقرى والحارات يدل دلالة واضحة على مصداقية التحول السياسي بهذه الممارسة ويأتي بعدها الالتزام بدورية هذه الانتخابات في مواعيدها وبروز كيانات للمعارضة وأخرى للسلطة وحرية الرأي وهذا الكم الهائل من الصحف والمجلات التي تعبر عن حرية الصحافة. وعن التحولات الثقافية أشار الدكتور الحامدي إلى إن الوقوف أمام الأرقام يوم إعادة تحقيق الوحدة وبعد مرور عقدين من الزمن من عمرها يضيف للوحدة أهمية عظيمة في البناء المعرفي للإنسان فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد ارتفع عدد المدارس في محافظة أبين من 240 مدرسة إلى 445 وفي أمانة العاصمة من 200مدرسة إلى 544 مدرسة وفي محافظة الجوف من 149 مدرسة إلى 411 مدرسة وفي حضرموت من 300 مدرسة إلى 723 مدرسة وفي شبوة من 142 مدرسة إلى 510 مدرسة وفي محافظة الضالع من 200 مدرسة إلى 423 وفي لحج من 420 مدرسة إلى 615 مدرسة. وكان عدد المباني المدرسية في العام 1995م = 8633 مبنى وقفز في العام 2009م إلى 15.323 مبنى والغرف الدراسية من 58.469 غرفة دراسية إلى 117.513 غرفة فيما كان عدد الطلاب لايتجاوز ال 2 مليون طالب وطالبة ليصبح في الوقت الراهن أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة إضافة إلى جهود مكافحة الأمية والعمل على عدم تسرب الفتيات من التعليم العام وأوضح أن الرؤية المستقبلية للتعليم تتمثل في ضرورة تطوير المناهج وتطوير طرائق التدريس بما يحقق البناء العلمي الصحيح للطالب لمواجهة تحديات المستقبل وتوظيف تكنولوجيا التعليم بغرض رفع فاعلية وكفاءة المؤسسات التعليمية والتمسك بتحقيق المزيد من ديمقراطية الإدارة وديمقراطية التعليم. مؤكداً أن متطلبات تجويد التعليم يتحدد بمتطلبات عمليات الجودة ومن الخطأ استنفاد الموارد المتاحة في توسيع نظم التعليم دون بذل الجهود في تحسين نوعية التعليم وتجويده في مجالاته المختلفة كما أن تشجيع وتبني أنظمة الاعتماد والتقوية مهمة ولابد من ترخيص لمزاولة الاعتماد المدرسي والأكاديمي للمدرسة ومن غير تطبيق لهذين المعيارين لن تتحقق للتعليم الجودة والنوعية المرجوتان. أمن الخليج العربي ووحدة اليمن أما الدكتور صادق ياسين الحلو أستاذ التاريخ الأوروبي الحديث بكلية الآداب جامعة ذمار فقد تحدث عن أهمية الوحدة اليمنية لأمن واستقرار الخليج العربي حيث قال: اليمن جزء من النسيج الاجتماعي والجغرافي لمنطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية وهما تتشاركان في الفضاء الجغرافي والذي يقتضي واحدية أمن المنطقة وقد عبر الكاتب العربي الكبير محمد حسين هيكل عن هذه الفكرة بقوله:إن اليمن يمثل بطن وحاضرة الخليج العربي. وانطلاقاً من ذلك فإن حدث إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في ال22من مايو 1990م اكتسب أهمية أكثر لوزن اليمن في استقرار وأمن الجزيرة والخليج العربي وقال: لقد ورثت دولة الوحدة مشكلة الحدود مع سلطنة عمان من النظام السابق في الشطر الجنوبي حيث عقد اتفاقية في ال7 من أكتوبر 1982م وعاد الخلاف من جديد في العام 1987م ثم تأزم هذا الخلاف إلا أن دولة الوحدة فتحت باب المفاوضات وانتهت باتفاقية ترسيم الحدود في 31أكتوبر 1992م ليدخل بعدها البلدان في آفاق جديدة من التعاون والإخاء أغلق أحد الملفات التي كانت تعكر صفو العلاقات مع دولة خليجية شقيقة أسهمت في إيجاد الثقة وإشاعة جو من الاستقرار والأمن في منطقة الخليج. وأضاف: كان الملف الثاني الذي ورثته الوحدة من النظام الإمامي في الشطر الشمالي مشكلة الحدود مع المملكة العربية السعودية وقد بادرت اليمن بمساعي حل هذا الخلاف الطويل وفي 25/2/1992م وقع البلدان مذكرة تفاهم أكدت الأخذ بتطبيق معاهدة الطائف لعام 1934م وأثمرت الجهود الدبلوماسية لدولة الوحدة التوقي على معاهدة جدة في 12/6/2000م لترسيم الحدود بين البلدين التي عالجت ما كان عالقاً من مشاكل منذ 66عاماً وقد اعتبرت مكسباً وطنياً وقومياً وعامل استقرار لأمن المنطقة.. وكان ذلك إيذاناً بتوجه دولة الوحدة وتقدمها بطلب رسمي للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي بدورته السادسة عشرة المنعقدة في الدوحة بدولة قطر.. وأوضح الحلو أن سعي اليمن الموحد أن يكون داخل إطار مجلس التعاون الخليجي يأتي انطلاقاً من إدراكه لوزن اليمن الديمقراطي والاستراتيجي في المنطقة وثقله السكاني لذلك كله فإن من مصلحة دول المجلس قبول اليمن في المجلس لاسيما ضمن الظروف الدولية الراهنة وما يتهدد الخليج من مخاطر أمنية متنوعة كوجود قوات أجنبية عديدة بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م والخطر النووي الإيراني والقرصنة الصومالية في باب المندب والنشاطات الإرهابية في بعض دول الخليج وخطر العمالة الأجنبية في الخليج العربي.. وقد استشعر أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي عبدالله بشارة في مؤتمر صحفي عقد في الدوحة في 5/11/1983م أهمية اليمن الاستراتيجية بقوله: أمن الخليج وأمن اليمن لا يمكن فصلهما لأن اليمن شمالاً وجنوباً امتداد طبيعي لهذا الخليج. الوطني الجيد هو المنتج الجيد ويؤكد أحمد عبدالله الصوفي رئيس الدائرة السياسية لمنظمة اليمن أولاً في ورقته: الاتجاهات الرئيسية لبناء منظومة الوعي الوطني أن تأهيل وتكريس الوعي الوطني ماهو إلا حصيلة لتفاعل ثلاث أدوات هي: أولاً: اقتصادية تعمل على إيجاد حياة اقتصادية ناجحة تحقق مردودات عالية وتسمح بالفرص المتساوية لأفراد المجتمع. ثانيها: سياسية تتمثل في توسيع مساحة الفعل الديمقراطي. ثالثها: ثقافية يشترك في صياغتها وتوظيفها كل من المؤسسات التعليمية والإعلامية والثقافية ومؤسسات المجتمع المدني. وقال: إن الوحدة اليمنية وفرت الفضاء الآمن للركائز الثلاث التي تؤمن مستقبلاً زاهراً وتصون الوحدة وجعلت ركائز ومحددات هذا الفضاء الوطني والإقليمي مبنياً على قائمة طويلة من الأسس أبرزها: الإيمان بالحرية والديمقراطية والحداثة كمدخل للإسهام في إنتاج الشراكة الوطنية مع العالم. الإيمان بضرورة التجديد الحضاري للأمة اليمنية ومعاودة المساهمة بإنتاج قيم العصر والاندماج فيه. الإيمان بالدين مصدراً للأخلاق والقيم الرفيعة دون الحاجة إلى بناء نظم وهياكل إدارية أو أساسات اقتصادية واجتماعية متدنية فالدين روح لا تتغير في الأمة أما السياسات فتتغير. الإيمان أن حقبة التشطير كانت حالة استثنائية ومزرية ودمرت قدرة اليمن في تناحر داخلي وتنافس عقائدي. الإيمان بأن تجربة العشرين عاماً من العطاء الوحدوي بحاجة إلى تقييم ونقد. الإيمان بحتمية انتصار الخيار الوحدوي. الإيمان بأن الوحدة اليمنية أرضية سياسية وإنجاز تاريخي يدفع الحاجة إلى تحقيق وحدة عربية على أسس ديمقراطية وثقافة إنسانية متسامحة. الإيمان بأن مدخل اليمن إلى عتبات العصر يبدأ بإصلاح التعليم وتأسيس مرتكزات الهوية الوطنية وإخصاب التنوع الوطني. الإيمان بضرورة إصلاح إداري يكرس الأخذ بالقيم الداعية إلى الإدارة الحديثة. الإيمان بضرورة شيوع قيم التسامح وثقافة التقدم والنظرة الإيجابية للآخر.