تقع مديريتي السدة والنادرة في شمال محافظة إب وتمثلان امتداداً طبيعياً للخريطة التضاريسية التي تتمتع بها المحافظة، غير أنها تعاني من مشكلات بيئية خطيرة جرى الكشف عنها مؤخراً، حيث أشارت دراسة علمية حديثة إلى وجود ما يربو على عشرين مشكلة بيئية في مجالات متعددة في السياق البيئي العام. مشكلات متعددة - وأشارت الدراسة التي أعدها فريق بحثي مكون من الدكتور محمد أحمد لطف الجوفي عميد كلية التربية بالنادرة والدكتور محمد فاضل الفقيه نائب عميد الكلية والدكتور محمد فائز محمد عادل أستاذ المناهج وطرق التدريس بالكلية إلى أن المديريتين تعانيان من المشكلات البيئية التي تتوزع في محاور عدة منها؛ المشكلات السكانية، ومشكلات إنتاج الغذاء، ومشكلات استنزاف الموارد البيئية، بالإضافة إلى مشكلات التلوث. المشكلات السكانية - ووفقاً للدراسة التي أجريت على عينة من معلمي ومعلمات المرحلتين الأساسية والثانوية بالمديريتين، فإن المديريتين تعانيان من العديد من المشكلات السكانية التي تعد برأي الباحثين محور المشكلات البيئية وأبرز تلك المشكلات تتمثل في تدني مستوى الخدمات الاجتماعية والتعليمية والصحية. وارتفاع معدلات الهجرة من الريف إلى المدينة، وعدم التوازن في الخدمات الاجتماعية والتنموية بين الريف والمدينة، وغياب الجمعيات الخيرية التي من شأنها تحقيق التكافل الاجتماعي للأسر الفقيرة، بالإضافة إلى ازدياد معدل النمو السكاني لأبناء المنطقة بنسبة أكثر من 11 بالمائة تقريباً، وتدني مستوى دخل الفرد إلى الحد الذي لا يفي بمتطلبات أفراد الأسرة، وارتفاع معدل الاستهلاك الغذائي لأبناء المنطقة، وارتفاع الاستيراد للحبوب والمواد الغذائية، وتفشي ظاهرة البطالة. إنتاج الغذاء - ووفقاً للدكتور محمد الجوفي ورفيقاه فإن مديريتي السدة والنادرة أيضاً تعانيان من مشكلات إنتاج الغذاء، وهي المشكلات المتمثلة بازدياد معدلات استيراد السلع الغذائية ومعدلات الاستهلاك، وعجز الإنتاج المحلي من الغذاء عن تلبية احتياجات الاستهلاك المحلي، وسوء الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمزارعين، بالإضافة إلى افتقار الوجبات الغذائية إلى القيمة الغذائية التي يحتاجها الجسم، والتوسع في زراعة القات على حساب المحاصيل الزراعية، وغياب العمل الزراعي التعاوني وخدمات الإرشاد الزراعي، واعتماد معظم المساحات المزروعة على مياه الأمطار، وكذلك قلة الخبرات العملية لدى المزارعين، وقلة الأمطار في المنطقة، واستهلاك القات لكميات عالية من المياه، وازدياد التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية، وهي المشكلات التي أنتجت المزيد من المتسولين والفقراء في المنطقة. استنزاف الموارد المائية - أما فيما يتعلق بالمشكلات الخاصة باستنزاف الموارد البيئية المتمثلة بالمياه والتربة والثروة الحيوانية، فقد أشارت الدراسة إلى أن مديريتي السدة والنادرة تعاني من مشكلات كبيرة خصوصاً في سياق استنزاف الموارد المائية حيث تعاني من ضعف الرقابة على استخراج المياه الجوفية، ونقص مياه الشرب في كثير من القرى والأرياف، واستغلال معظم المياه السطحية والجوفية في زراعة القات، واستخدام الري بالغمر في ري المحاصيل الزراعية، وقلة استخدام شبكات المياه في معظم القرى والأرياف، بالإضافة إلى الإسراف في مياه الشرب لدى المواطنين، وازدياد عدد الآبار المحفورة عشوائياً، وانخفاض منسوب المياه الجوفية، وتزايد ملوحتها، وضعف استغلال المياه السطحية للاستخدامات المنزلية والزراعية. استنزاف التربة الزراعية - أما استنزاف التربة الزراعية فلها مظاهر كثيرة في مديريتي السدة والنادرة ومن أهمها؛ سوء استخدام الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية، وعدم حماية المدرجات وزراعتها، والتوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية والغطاء النباتي، بالإضافة إلى التدهور الشديد في خصوبة التربة، وتكرار زراعة محصول واحد في التربة، وضعف استغلال تنوع التربة بما يناسبها من محاصيل، وانحسار الغطاء النباتي بسبب الرعي الجائر وقطع الأشجار. الثروة الحيوانية - وبدورها الثروة الحيوانية تعاني من العديد من المشكلات وأهمها؛ قلة الأعلاف وارتفاع سعرها، وانقراض الحيوانات البرية النادرة، وغياب المحميات وأراضي المرعى، واستهجان تربية المواشي لدى عدد من أفراد مجتمع الريف، وارتفاع معدل استهلاك اللحوم، والاصطياد غير المسئول للكثير من الحيوانات والطيور التي يندر تكاثرها في البيئة اليمنية. التلوث الهوائي - وبحسب الدراسة فإن مديريتي السدة والنادرة لم تتوقف مشكلاتها البيئية عند الحد السابق، بل تجاوزته إلى مشكلات أخرى وخصوصاً في التلوث المتعدد المحاور في الهواء والمياه والتربة والغذاء والتلوث الضوضائي، والتلوث الكهرومغناطيسي، حيث أشارت الدراسة إلى أن المنطقة تعاني من مشكلات التلوث الهوائي وأهمها؛ انبعاث الغازات من حرق القمامة والنفايات البلاستيكية، وانبعاث الغازات من مخلفات الصرف الصحي المكشوفة، وتطاير الغبار والدقائق الصلبة المتصاعدة من أتربة الطرقات الرملية، بالإضافة إلى زيادة استخدام المبيدات الحشرية المتطايرة في الهواء، وانتشار حبوب اللقاح والميكروبات في الهواء. زيوت السيارات - أما التلوث المائي في مديريتي السدة والنادرة فقد حصرت الدراسة مشكلاته في تفريغ زيوت السيارات وتفريغ مياه الصرف الصحي وإلقاء القمامة والفضلات الآدمية الجافة في مياه السيول، بالإضافة إلى تسرب مياه البيارات والبلاعات إلى مياه العيون والآبار القريبة، وذبح المواشي وترك مخلفاتهما في مياه السيول، ورمي المواشي الميتة بالقرب من مياه السيول، وصدأ وتآكل أنابيب وشبكات الصرف الصحي وضعف عمليات الرقابة والإشراف على مياه الشرب. الأسمدة الكيميائية - التربة الزراعية في المديريتين أيضاً تعاني من تلوث جائر نتيجة الاستخدام المفرط للأسمدة الكيميائية بكميات تزيد عن الحاجة الفعلية للمحاصيل، وتراكم المواد البلاستيكية الغير قابلة للتحلل في التربة، وتراكم بقايا المبيدات بعد رش المحاصيل بشكل يؤثر على خصوبة التربة، وري المحاصيل الزراعية بطريقة الغمر. غذاء الحيوانات - أما التلوث الغذائي في مديريتي السدة والنادرة فيمثل نتيجة مباشرة لترك اللحوم مكشوفة للهواء المحمل بالأتربة والميكروبات والحشرات المتطايرة، وإضافة الهرمونات والمضادات الحيوية إلى غذاء الحيوانات في المزارع والمداجن، وتلوث الأيدي والثياب للعاملين في أماكن البيع والشراء والتسويق، بالإضافة إلى ترك القمامة مكشوفة مما يجعلها مصدراً لنقل العديد من الأمراض، وانتقال أثر المواد الكيميائية من التربة إلى المحاصيل الزراعية والحيوانات، وإضافة المواد الملونة والحافظة والنكهات إلى المواد الغذائية. التلوث الضوضائي - التلوث الضوضائي الذي تعاني منه مديريتا السدة والنادرة يرجع إلى الأصوات الصادرة عن الأجهزة المنزلية المختلفة، وإطلاق الأعيرة النارية في المناسبات وحفلات الزفاف، والأصوات الصادرة عن وسائل النقل المختلفة، والأصوات الصادرة من مكبرات الصوت، وكذلك الناتجة عن تشغيل الطواحين، وورش الحدادة والنجارة ومناشير الأحجار ،والتي يصدرها الباعة المتجولون في الأحياء السكنية. الموجات الكهرومغناطيسية - أما التلوث الكهرومغناطيسي الذي يلف منطقة السدة والنادرة فناتج عن شبكات الميكروويف المستخدمة في الاتصالات الهاتفية، وشبكات الضغط العالي التي تنقل الكهرباء إلى مسافات بعيدة، وأجهزة الهاتف الخليوي، بالإضافة إلى الموجات الكهرومغناطيسية الصادرة عن محطات الإذاعة والتلفزيون، أجهزة الحاسب الآلي. رفع مستوى الخدمات - وقد أوصت الدراسة بالعمل في سبيل الحد من تلك المشكلات البيئية التي تنذر بأخطار فادحة على كافة مكونات الحياة في حال استمرار تجاهلها، وقد رأى الباحثون أن من الضرورة بمكان العمل على إنشاء الجمعيات الخيرية التي من شأنها تحقيق التكافل الاجتماعي للأسر الفقيرة، ورفع مستوى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية، وتحقيق التوازن في تلك الخدمات بين الريف والمدينة، والعمل على الحد من الهجرة باتجاه المدينة، وتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمزارعين، وتشجيع التوسع في تربية المواشي والدواجن، ووقف الزحف العمراني، وزراعة القات، نشر الوعي باستخدام الري بالتقطير وكذلك استخدام المبيدات الحشرية في الزراعة، والحد من انبعاث الغازات السامة من عوادم السيارات والمبيدات والنفايات.