تتواصل مع روحانية الشهر الفضيل الحملة الوطنية ضد مرض السرطان في عموم محافظات الجمهورية. ولعل اختيار شهر رمضان في إطلاق الحملة الإنسانية نابع من كون هذا الشهر يتميز عن غيره بسخاء عطاءات أصحاب الخير الذين تتعاظم أجورهم كلما تعاظم عطاؤهم تجاه المحسنين والمحتاجين. والحملة التي انطلقت قبيل أيام من رمضان بقيادة المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان ليست مقصورة بالقائمين عليها من المؤسسة، فالسرطان بحسب دراسة غربية حديثة يعد ثاني أكبر قاتل للبشر، كما أنه وفقاً لذات الدراسة يعتبر سبباً رئيسياً في ثلثي وفيات العالم الثالث قاطبة، والسرطان يصيب عشرين ألف يمني سنوياً، يموت نصفهم كل عام، وهذه المؤشرات تؤكد أن جهود المؤسسات والجهات المعنية بمكافحة السرطان غير كافية للذود عن حياة ملايين البشر في عوالمنا النامية، غالبيتهم أطفال لا يتعدون سن العاشرة. فالمسئولية جليلة وتحتم على كل فرد في هذا العالم أن يشارك في التحالف ضد السرطان، فالحالات التي يتم تسطيرها على صفحات “ليلة القدر” حبلى بمآسي ومعاناة أطفال نهشتهم أيادي السرطان الخبيثة وأنهكهم الدواء الكيماوي الذي يودي بميزانيات أهاليهم صوب الفناء. وتلك المسئولية التي نتحدث عنها يجب أن تتجسد عملياً في ذات كل شخص قرر أن يلج المعركة ضد السرطان، فليس بالضرورة أن يتعدى دورنا في المعركة إلى غيرنا، ولكن مكافحة السرطان وأخطاره ينبغي أن تنطلق من حماية أنفسنا أولاً، فسلوكيات التغذية الخاطئة التي نمارسها يومياً، والإكثار من الدهون في الغذاء، وغياب الثقافة الغذائية الصحية، واستنشاق الدخان القاتل من السجائر القاتلة، والإدمان على أوراق القات الغارقة في المبيدات المسرطنة كل ذلك وغيره كثير يودي بنا حتماً في غياهب السرطان ويجعلنا آجلاً أم عاجلاً لا قدر الله ضمن احصائيات وأرقام ضحاياه. تلك استراتيجية أولى في الحرب ضد السرطان، الأمر الآخر والشيء الواجب على كل مقتدر هو دعم الجهود المبذولة من قبل الجهات الإنسانية المسئولة عن مكافحة المرض، كل في موقعه وتخصصه.. كما لا نغفل الدور العظيم المناط برجال الخير وذوي الأموال، خاصة في الشهر الفضيل، في علاج مرضى السرطان وإعادتهم إلى الحياة من جديد.. فالحرب ما زالت مستعرة وتحتاج إلى تكاتف وتلاحم وتعاضد الجميع لمكافحة مرض يفتك بمجتمعنا ويهدد مستقبل أطفالنا.