المرء يتأثر بجليسه، ويعرف بمجالسه، والمسلم بمفرده يضعف عن عبادة ربه،لذا لابد له من جليس صالح يقوي عضده للسير إلى ربه، والصحبة لها شأن كبير في الإسلام، فالأنبياء، بل أولوا العزم من الرسل اتخذوا لهم أصحاباً فعيسى عليه السلام يقول:” من أنصاري إلى الله” أي من يعيني في الدعوة إلى الله، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم اتخذ له صاحباً في حياته، قال سبحانه:” إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا” فأخبر الله عز وجل بأن لنبينا صاحباً ويقول عليه الصلاة والسلام:” لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبابكر خليلاً، ولكنه أخي وصاحبي”. الجليس الصالح يحفظك في الغيب، ويظهر ودك إذا حضرت يدنيك من ربك ويهديك للخير، يذكرك إذا نسيت،ويحضك إذا غفلت، لا تسمع منه إلا قولاً طيباً وفعلاً حسناً، فاختر في طريقك ناصحاً مخلصاً في صحبتك، يعينك إذا انثنيت، ويقوي همتك إذا ضعفت، وأكثر من مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب. جليس السوء يبعدك عن ربك ويتبع عثراتك، قريب منك في السراء، بعيد عنك في الضراء، يلهث خلف ملذاته، فإذا حلت بينه وبين ما يشتهي نبذك. جليس السوء يضرك إلى آخر رمق في حياتك،إذا أردت أن تعرف حقيقة ذلك، فتأمل قصة عم النبي صلى الله عليه وسلم أبي طالب وهو يحتضر وبجانبه رفيقا السوء عبدالله بن أبي وأبو جهل، فإنه لما حضرت الوفاة أبا طالب جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبدالله بن أبي وأبو جهل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:” ياعم قل لا إله إلا الله ،كلمة أحاج لك بها عند الله، فقالا له: أترغب عن ملة عبدالمطلب؟ أي لاتسلم ؛ بل استمر على الكفر فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فأعادوا عليه ، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبدالمطلب،وأبى أن يقول لا إله إلا الله”. جليس السوء ضرره متجدد في صور شتى، لذا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بنافخ الكير الذي ينالك أذاه على كل حال. جليس السوء ضرره ظاهر للجميع، يدعوك للكسل عن العبادة وفضائل الأعمال، والفتور عن أداء واجباتك حياتك، يدني همتك العالية ويسيء إلى مكانتك في المجتمع. المحرر