على هاتفي الخلوي خمسة اتصالات من أمي ورسالة صوتية تعايدني فيها، ومعاتبة لأنني لم أذهب الى الجبل لنحتفل معاً. وجدت أيضاً على الهاتف معايدة من هاديا صورة قلب ينفتح وينقبض، وبين الحركتين تبرز رويداً رويداً عبارة “عيدك سعيد وعقبال المية سنة”. لا أحب التمنيات التقليدية بالعمر الطويل. إنها أمنيات غير لطيفة وباردة إلى حد كبير. لا أحد يتمنى أن يعيش حتى يبلغ المائة عام، لا أحد يحب أن يبتلى بأمراض الشيخوخة ونكباتها، ورغم ذلك عند ذكرى الميلاد يقولون “عقبال المية”. يا لها من عبارة متعبة حقاً. في بريدي الالكتروني وجدت رسالة من هند فيها معايدة وتحليل لمواليد هذا اليوم الذي قالت عنه إنه يوم مميز فلكيا، أرسلت إليّ تحليل عالم الفلك الصيني«باخو». كانت هناك أيضاً رسالة من محمدو، أرتعش قلبي وأنا أكبس الماوس، كان فيها عبارة واحدة HAPPY BIRTH DAY NADA تباغتني فرحة دافئة. أهواء متباينة تحركت داخلي بعد قراءة رسالته تجاهلتها بصمت. اليوم صار عمري 24 عاماً، مضى على تخرجي عامان، ومازلت عاطلة عن العمل، لم أجد الوظيفة المناسبة، كما لم أنجح في العمل كمدرسة للأطفال في مدرسة ابتدائية، رفضت أيضا عرض وظيفة حكومية مملة في مكتب البريد، تبرع زميل أبي في مساعدتي للحصول عليها. كما أنه ليس لدي ولع يدفعني لإعداد رسالة ماجستير أعقبها بالدكتوراة لأصير أستاذة جامعية. هاجس العمل كان يلاحقني باستمرار، والسؤال ذاته يتكرر في داخلي، ماذا أريد أن أفعل بقية حياتي بما أنني لا أحب الروتين اليومي، وأكره التواجد في مكاتب مغلقة لأقوم بعمل مكرر، ماذا أريد أن أفعل إذن وأنا أُمضي نصف يومي على الأنترنت، أقرأ الصحف وأقوم بتجميع المواد عن الموضوعات التي تجذبني، أكتب بعض التفاصيل في مدونتي، أحكي عن السينما، والموسيقى، عن الأغنيات التي أحبها والأفلام التي أشاهدها، أحكي بعض ما لدي من قصص، أكتب أحلامي ووقائع يومي، أضع بعض خربشاتي. أحكي عن الرقص. الرقص الكثيف الذي أحبه، وأخجل من الحديث عنه، أكتب عن هوايتي في قراءة حياة المشاهير، ومعرفة أسرارهم.... إنها تفاصيل... أشياء... يراها الآخرون سخيفة، مضيعة للوقت، لكنها الأشياء التي تشكل قلب عالمي ونواته ورغم ذلك لا أبوح بها. أحيانا أفكر أيضا في كتابة قصة محمدو كما حدثت. ربما سأفعل ذلك في يوم من الأيام.