في فصل الربيع وفي صبيحة واحدة من أحلى أيامه بزغ شاب من أعلى الشارع المبلل برائحة قطرات البارحة الممتد ببلله إلى نهايته بلمعان صقيل. شاب وسيم أشقر الشعر يرتدي أبهى ما أنتجته التصاميم الحديثة ينظر بوجهه المشرق الطرف الآخر من الشارع ، وفي تلك اللحظة من ظهور الشاب تزهر فتاة من الطرف الآخر للشارع تتفتح مع شروق الشمس الدافئة بتلألؤ حليها وبهاء محياها الخلاب متزينة بأجمل ما عرفته النساء من آيات الجمال. مشى الشاب والفتاة كل منهما باتجاه الآخر عبر الشارع الخالي إلا منهما ، ما أجمل تلك الصورة في ذلك الشارع الفارغ وكل واحد منهما يهم بلقاء الآخر بنفس الحماس وكأنهما عاشقان من أبطال قصة رومانسية يلتقيان بلهفة الشوق الذي أبعدهما زمناً طويلاً ليعلنا ختام القصة بانتصار الحب. ولما بدآ يقتربان من بعضهما عدل الشاب من قامته نافخاً صدره وأطلق لحناً هادئاً مترنماً بكلمات دافئة كما هو معهود في موقف كهذا حتى إذا أصبحت الفتاة على بعد ثلاث خطوات منه ... سيكمل الجميع القصة دون أدنى شك .. التقيا بالأحضان أو ربما طبع قبلة دافئة على خدها أو لعله ألقى كلمات حب عذبة على مسامعها .. ، لكن للأسف لم يحدث أي شيء من هذا لقد كان الجميع يتوقع أن يحدث ذلك أو شيء منه على أقل تقدير لكن لكل موقف مفاجأته.. لقد كان كل شيء مهيأ مسبقاً لحدوث ذلك .. فالجو والزمان والمكان شكلا صورة رائعة لحدوث اللقاء الحميم بينهما لكن مع ذلك لم يحدث كل ما كان متوقعاً . عندما اقتربت الفتاة من الشاب ولم يعد يفصلهما غير ثلاث خطوات تغيرت صورة الشاب المشرقة فجأة غدت أكثر قتامة وأكثر قسوة وأخذ يمشي نحو الفتاة بسرعة أقرب إلى العدو فالتفتت إليه الفتاة مكفهرة بوجوم. فانقض عليها الشاب يشدها من شعرها بشدة وهوى بيده على خدها بصفعة قوية كادت أن تفقدها صوابها وهو يقول لها بقسوة .. ألم أقل لك أكثر من مرة ألا تعيريني أي اهتمام يا.. لم تدعه الفتاة يكمل حديثه فما إن تلقت تلك الصفعة حتى ردت له بمثلها على خده ، وعلى الفور ذهب كل منهما في الاتجاه المعاكس وهما يمسكان بخديهما المصفوعين .. بعد عدة خطوات لكليهما شرع الشاب بالضحك ثم قال بصوت تتقطعه ضحكاته.. رائع ما أجمل الحب. ومشى يكمل طريقه وضحكاته غير المفهومة .. ومشت الفتاة وهي تبتسم بفرحة حقيقية .. يا لحظها السعيد هاهي قد تلقت صفعة منه حتى ذابت مشاعرها الملتهبة في كفه القوية وليست هذه أول مرة تتلقى فيها صفعة من ذلك الشاب فكل يوم تحصل على نصيبها من أكفه الخشنة في هذا الوقت من كل يوم بعيداً عن الأنظار يمارسان طقوسهما العشقية بحرارة ، فقد عشقت خشونة هذا الشاب وصفعاته الحارة التي تحلم بها كل ليلة بعد تركها أمر القبل التي كانت تشعرها بالبرودة والسكون .. هي تريد التعبير عن مشاعرها وعواطفها الكامنة بكل جوارحها واختارت مع هذا الشاب الحب بعنف.