الليلة تمنيت أن تكون موجوداً , رغم الألم الذي سببته لي ,رغم المرارة التي جرعتني إياها , رغم كل شيء.. ربما هي الرغبة بأن تكون حقيقة ولو للحظة واحدة لا ظلاً يرافقني. متأكدة من وصول البطاقة إليك, لكن ما لست متأكدة منه هو أنت , هل تغيرت؟ هل صرت رجلاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى ,أو مازلت مثلما كنت لاشيء يثيرك؟!!!!!!. وعندما يئست من وجودك ابتلعت دموعي ,وابتسمت ابتسامة باهتة, باردة كقلبك تلك الليلة ,هي الأخرى كانت تمتص مرارة أيامها وتبتلع دموعها. أتدري؟ كنت أراك في عينيها كظل باهت لحظتها كانت الذكريات تطفو على سطح ذاكرتي المهترئة وجدرانها المتآكلة, تذكرت ذلك المساء ,كل شيء كان ساكناً ,هادئاً، لاشيء سوى أنفاسي المتقطعة ,والستارة التي تقذف بها الريح بين لحظة وأخرى , كان خريفاً , وفي الحقيقة كانت أيامي معك كلها كذلك ,فعندما فكت أمي ضفائري لأزف إليك كان ذلك ذات خريف. كنت أنزوي كقطة خائفة في ذلك الركن من الحجرة أسترق النظر إليك من خلف حلقات الدخان التي امتلأت بها الحجرة ,وعندما بدأت أنفاسي تتسارع وتتداخل وحلقات الدخان , كانت العجوز تتمتم. - إنها أنثى. لحظتها كنت تركل أعقاب السجائر بعصبية وتتفوه بكلمات: - لن أسامحك هذه المرة. قلتها ,كانت عيناك كجمرتين في محرقة للبخور , جلت ببصري في زوايا الحجرة باحثة عن أمل ينبجس تلاشت كلماتك كسراب. زمجرت ومضيت إلى حيث لا أعلم. كان علي أن أرحل بها ,كان فجراً , وحدها الجدران كانت شاهدة , كانت تنصت إلي تشاركني حزني ,تندب حظي بصمت. حاولت أن أنساك ,لكنك كنت تتجول في تعاريج ذاكرتي وتتبعني كظل. الليلة أردت أن اتأكد أنك حقيقة لأظل, فبعثت لك ببطاقة زواجها لكنك لم تحضر. أجزم أنك تمسك بالبطاقة وتقرؤها ببرود وتنفث سيجارتك ,وربما أزعجتك فركلت أعقاب السجائر بعصبية.