نجوم كرة القدم والإعلام في مباراة تضامنية غداً بالكويت    أطفال يتسببون في حريق مساكن نازحين في شبوة بعد أيام من حادثة مماثلة بمارب    اشتباكات بين مليشيا الحوثي خلال نبش مقبرة أثرية بحثًا عن الكنوز وسط اليمن    كارثة وشيكة في اليمن وحرمان الحكومة من نصف عائداتها.. صندوق النقد الدولي يدق ناقوس الخطر    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني في صنعاء وعدن    ثعلب يمني ذكي خدع الإمام الشافعي وكبار العلماء بطريقة ماكرة    قطوف مدهشة من روائع البلاغة القرآنية وجمال اللغة العربية    وفاة أحد مشايخ قبيلة حاشد وثلاثة من رفاقه بحادث غامض بالحديدة (صور)    بعد خطاب الرئيس الزبيدي: على قيادة الانتقالي الطلب من السعودية توضيح بنود الفصل السابع    كيف تفكر العقلية اليمنية التآمرية في عهد الأئمة والثوار الأدوات    تفاصيل قرار الرئيس الزبيدي بالترقيات العسكرية    الأكاديمي والسياسي "بن عيدان" يعزّي بوفاة الشيخ محسن بن فريد    بمنعهم طلاب الشريعة بجامعة صنعاء .. الحوثيون يتخذون خطوة تمهيدية لإستقبال طلاب الجامعات الأمريكية    الحرب القادمة في اليمن: الصين ستدعم الحوثيين لإستنزاف واشنطن    الحوثي والحرب القادمة    المشرف العام خراز : النجاحات المتواصلة التي تتحقق ليست إلا ثمرة عطاء طبيعية لهذا الدعم والتوجيهات السديدة .    أرسنال يفوز من جديد.. الكرة في ملعب مان سيتي    الحوثيون يزرعون الموت في مضيق باب المندب: قوارب صيد مفخخة تهدد الملاحة الدولية!    شيخ حوثي يعلنها صراحة: النهاية تقترب واحتقان شعبي واسع ضد الجماعة بمناطق سيطرتها    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    مارب.. تكريم 51 حافظاً مجازاً بالسند المتصل    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يفوز على مايوركا ويقلص الفارق مع برشلونة    " محافظ شبوة السابق "بن عديو" يدقّ ناقوس الخطر: اليمن على شفير الهاوية "    رسالة حوثية نارية لدولة عربية: صاروخ حوثي يسقط في دولة عربية و يهدد بجر المنطقة إلى حرب جديدة    مأرب تغرق في الظلام ل 20 ساعة بسبب عطل فني في محطة مأرب الغازية    مقرب من الحوثيين : الأحداث في اليمن تمهيد لمواقف أكبر واكثر تأثيرا    ريال مدريد يسيطر على إسبانيا... وجيرونا يكتب ملحمة تاريخية تُطيح ببرشلونة وتُرسله إلى الدوري الأوروبي!    تكريم مشروع مسام في مقر الأمم المتحدة بجنيف    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    آرسنال يُسقط بورنموث ويعزز صدارته للدوري الإنجليزي    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    الرئيس الزُبيدي : نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتيات المولات .. حكايات كفاح في مجتمع تقليدي

قبل فترة ليست بالبعيدة كان المجتمع بعاداته وتقاليده هو من يحدد ما يمكن أن يناسب الفتاة وما لا يناسبها، حين يقبل أن تخرج للعمل، أما الآن فقد اختلف الأمر وصارت الحاجة هي من تحدد ما يناسب وما لا يناسب..ويظل العمل هو من يحفظ كرامة الإنسان ويجعل لوجوده معنى ولعمره قيمة. هنا في صنعاء تقف الفتيات في محلات البيع والشراء في مولات ومراكز التسوق، في الوقت الذي تقف فتيات أخريات في الجولات، يمددن أيديهن للمارة ويفترشن كرامتهن على القارعة. لكل واحدة منهن حكاية تجعلك تؤمن كم هي الفتاة اليمنية قادرة على إثبات وجودها وتواجدها، كم هي قادرة على الحرب من أجل البقاء محتفظة بكرامتها وكبريائها، كم هي قادرة على تحمل مسئولية نفسها وأسرتها حين تحصرهم الحياة بمتاعبها وقسوتها في زواياها الضيقة.
من أجلي
عام واحد في كلية التجارة وعامان في محل بيع الملابس النسائية، خوف وانطواء هناك أمان وعلاقات اجتماعية هنا، أميرة سعيد.. تصف نفسها بالانطوائية ولكنها تبدو هنا غير ذلك لبقة ولديها أسلوب في الإقناع، تدير المحل بطريقة ذكية تضفي على البضاعة سحرًا يجعلك راغباً في شراء كل ما لديها، اضطرت إلى ترك مقعدها الدراسي في كلية التجارة؛لأنها لم تستطع التأقلم مع الجامعة بسبب انطوائها، الجامعة عالم مفتوح من العلاقات، وذهبت تبحث عن عمل يساعدها على الخروج من حالة الانطواء، ثم تعود إلى مقاعد الدراسة بعد أن تصير شخصيتها أكثر انفتاحاً وقوة، كما أنها تساعد أمها في مصاريف البيت بعد وفاة أبيها، عملت سكرتيرة في شركة لحماية الآثار، ثم انتقلت للعمل في محل بيع الملابس الذي تمتلكه امرأة أخرى، ولكنها تركت لها إدارة المحل، لا تسلم أميرة من معاكسات الشبان، ولكنها تستطيع أن تضع حدوداً لا يتجاوزونها، هنا تغيرت طباع أميرة وسلوكها، تعلمت الصبر خاصة أنها تلتقي بزبائن يتعاملون بفظاظة، الآن سعيدة هي بتغير شخصيتها وتتلهف لليوم الذي تعود فيه إلى الجامعة، فتاة اجتماعية قادرة على كسب صداقات والتعامل مع المحيطين بها.
خطوة الألف ميل
فتاة صغيرة بحضور رائع، قبل أشهر أعلنت نتائج اختباراتها للشهادة الثانوية وكانت حاصلة على %86، طموح ليس له حدود، تعمل في عيادة الأسنان منذ ثلاث سنوات، بدأت كممرضة وصارت الآن تحمل لقب مساعد طبيب، أشهر أخرى وتلتحق بكلية الطب لتصير يوماً ما طبيبة أسنان، ليس ثمة ظروف مادية أجبرت سحر المحفدي على العمل، فقط حبها للطب ورغبتها في ممارسته، كغيرها من الفتيات اللواتي يعمل في المولات، تتعرض لمضايقات كثيرة من الشباب، الذين يرتادون العيادة للعلاج أو السؤال والبحث عن طريق للإيقاع بالفتيات.
كفاح
في محل لبيع الملابس تعمل ختام التي لم تستطع إكمال دراستها في قريتهم بسبب بعد المدرسة، فاضطرت لتركها وهي لاتزال في الصف الرابع الابتدائي، سنوات معدودة ويتوفى والد ختام، التي وجدت نفسها بين خمس أخوات وأخ أكبر كان يتأهب للزواج، فقررت عائلتها الانتقال إلى صنعاء والعيش فيها، تزوج الأخ وصار يسكن بعيداً عن أسرته ولا يزورها إلا في المناسبات، ظروف سيئة جداً عاشتها أسرتها، كان عليها وأخواتها البحث عن عمل بعد أن وجدن تشجيعاً من والدتهن وصديقتها المقربة، معاكسات الشباب وتعرضهم بالألفاظ أمر ليس بالمهم بالنسبة لها، هم يعتقدون أن الفتاة التي تعمل في هذه المحلات فريسة سهلة، دعهم يعتقدون هي وحدها من تعلم حاجتها لهذا العمل وكم هي سعيدة به.
مجتمع القسوة
لا يتجاوز عمرها التاسعة عشرة، جمال أخّاذ، يجعلك ترغب في الحديث إليها أكثر والنظر في ملامحها المرسومة بعناية وإبداع، يجعلك منبهر بها.. خلود سبحان من أبدع خلقها، تقف خلف فاترينات محل بيع الساعات الذي تعمل فيه، وهي مبتسمة كملاك، لكنها منكسرة في داخلها، منذ أكثر من أربع سنوات، وهي تحمل لقب مطلقة.. حين وصل والداها إلى طريق مسدود اختارا الطلاق حلاً اعتقداه مثالياً، ولأن أبيها يحمل القسوة كصفة ملازمة، فقد اختارت الأم خلود لتعيش معها، وما هي إلا فترة قصيرة وبدأ الأهل يضيقون بخلود ذرعاً، وبدأت ممارسات القسوة تنهال عليها، فقرروا تزويجها، كانت في الثانية عشرة من عمرها في بداية المرحلة المتوسطة، وتزوجت برجل يكبرها بأعوام طوال، كانت تجربة مخيفة بالنسبة لطفلة في مثل سنها، تجهل التعامل مع رجل مكتمل الرجولة، مكتمل الرغبات والمعرفة، ولأنها لم تستطع إشباع رغبته ومنحه الخضوع الأنثوي الذي كان يحلم به، أشبعها ضرباً ثالث يوم من زفافها، فبكت كما يبكي الأطفال، وصارت تضرب بقدمها على الأرض، تريد الذهاب إلى والدتها، استمرت على هذا الحال لمدة سنتين تعدها خلود ثلاثين سنة، ثم طلقت وعادت للعيش مع والدتها، لكنها عادت منكسرة، تخاف الأحلام، وتهرب من الطموح، تعتقد أن حياتها لم تعد ذات معنى، حين تتحدث إليك عن نفسها تخنقك نبرتها الحزينة المليئة بالانكسار وفقدان الرغبة في كل شيء، عندما كنت صغيرة كنت أحلم بالصحافة، وأحلم أن أصبح صحفية أو مذيعة في التلفزيون، ودائماً كنت أحمل أي شيء وأجري حوارات ومقابلات مع من في البيت أو أقراني الذين ألعب معهم، أما الآن ما فائدة أن أحلم وأطمح، أرغب أن أدرس اللغة الإنجليزية، ولكني أعود وأتذكر أنا لم أعد مثل بقية الفتيات، أنا لم يعد لوجودي معنى، فقط أعيش، أحلامي تموت في طور التكوين، تماماً كحياتي التي انتهت قبل أن تبدأ، الزواج في سن مبكرة يدمر كل شيء، ويستهلك الأحلام والرغبة في الحياة نفسها، أنا بلا هوية، انتزعوا مني كل شيء، وتركوني جسداً بلا روح، بلا هدف، بلا ملامح، شيء ما لا أستطيع لمسه مكسور في داخلي، هكذا تتحدث عن نفسها.
ظروف جد سيئة تحاصر خلود ووالدتها بعد أن انتقلتا للعيش في صنعاء هروباً من المشاكل التي لا تنتهي خاصة بعد طلاق خلود، لذا تعمل خلود الآن في هذا المحل تتعاون للعيش مع والدتها التي تعمل هي الأخرى باجر بسيط، الحياة صعبة جداً، العمل في المحلات والوقوف خلف الفاترينات أمر يحتاج من الفتاة إلى قوة وصبر، الزبائن الذين يرتادون هذا المحل أغلبهم من فئة الشباب يظلون يلاحقونها بنظرات وقحة وكلمات وتلميحات تحمل الكثير من القسوة، ولكن مثلها تجرعت من القسوة ما يجعل ردها لا يتعدى نظرة احتقار.
من أجل الجامعة
حين كنت أنا أتجول داخل محل بيع الحقائب والأحذية النسائية التي تعمل فيه، كانت هي تزور زميلاتها في المحلات المجاورة داخل المول، جاءت تجري بطريقة طفولية اعتذرت مني وهي تضحك.. كنت أزور زميلاتي، سئمت من الجلوس وحدي في المحل، إنها سارة في الثامنة عشرة من عمرها، خريجة ثانوية عامة، تعمل في المحل منذ شهرين؛ لتدخر مبلغاً يساعدها على التسجيل في الجامعة لدراسة الأدب الانجليزي، وتساعد أبيها في بعض المصاريف، اعترض أهلها على عملها في بداية الأمر، ولكنهم أمام إصرارها أبدوا موافقة مقتضبة، تحولت إلى رضا تام، دائماً ما يرتاد المحل شباب متسكع في المول، تضحك حين تتذكر تصرفاتهم السمجة، منهم من يتفحص الحقيبة أو الحذاء ويسألونها رجالي أو نسائي؟!!
لكنها لا تجهد نفسها في الرد عليها فقط إشارة من خلف زجاج المحل لرجل الأمن الذي يتولى مهمة طردهم من المحل.
مكافحة الفراغ
منذ ست سنوات وأفراح محمد - الخريجة من كلية التربية قسم الكيمياء - تعمل في يمن مول بمتعة متجددة، قبل أعوام بدأت تعمل في محل بيع الملابس النسائية الخاص بامرأة أخرى، ولكنها تزوجت بعد فترة، واضطرت لغلق المحل، وانتقلت هي للعمل في محل إكسسوارات نسائية في نفس المول، عملت من قبل كمدرسة في مدارس خاصة، ولكن سوء تعاملهم جعلها تترك العمل معهم، تتحدث أفراح عن العمل وتقول: الوقت إن لم يشغل بحق شغل بباطل، الفراغ مخيف جداً، أنا أعمل هروباً من الفراغ، ولأتعرف على الناس والحياة أكثر، أصادف هنا زبائن ثقيلي دم ولكني بهم أتعلم الصبر وحسن التعامل وضبط الأعصاب، أما عن المعاكسات فأفراح تراها شيئاً روتينياً، لا يستحق الالتفات لها؛ لأنها صارت ثقافة يتعامل بها الرجال مع المرأة سواء كانت عاملة أو غير عاملة.
لعينيك
تزوجت منذ ثمان سنوات و أنجبت خلالها طفلة، كان زوجها يعمل أميناً للمخازن في إحدى الشركات، في نهاية إحدى السنوات تم عمل جرد سنوي ووجد عجزاً كبيراً، طرد من عمله على أن يقوم بتسديد الدين وإلا سيسجن، الآن انتقل للعمل في أحد المطاعم لتسديد الدين، وتعمل ريما شاهر التي لم تكمل دراستها الإعدادية في مكتبة تصمم وتطبع فيها بطائق الزفاف والمناسبات، لتساعد زوجها وتتحمل مصاريف البيت والإيجار ريثما ينتهي من تسديد الدين الذي يثقله، يزور المكتبة زبائن للاصطياد منهم من يعرض عليها مبلغاً كبيراً من المال مقابل أن تذهب معه لقضاء وقت من المتعة، وآخر يطلب رقم تلفونها وآخر يطلب موعداً، وفي كل مرة يكون عليها استدعاء رجل الأمن ليقوم بمهمة طردهم.
طفولة
والده مدير في إحدى المدارس، وهو صاحب الترتيب الأول بين زملائه، حين وصل إلى الصف التاسع، وصارت المواد الدراسية تحتاج إلى مزيد من الاجتهاد، شعر بكرهه للدراسة، وقرر الهرب وترك القرية، والسفر إلى صنعاء والعمل فيها، الآن يعمل في محل لبيع الساعات في أحد مراكز التسوق براتب شهري “150 $”، يرى أن العمل أكثر متعة من الدراسة، ويحلم أن يأتي اليوم الذي يصير فيه تاجرًا كبيرًا يمتلك بيتاً ويتزوج.
هذا هو الطفل عادل صلاح.. اختار طريقه بطريقة يؤكد أنها تناسبه،لا يؤمن بالعلم لتحقيق الأحلام..وشعر أن مركزه الأول لن يعود عليه بفائدة حين يكبر..!؟
للشباب نظرة مغايرة
أن يقفن في الجولات وعند إشارات المرور وفي الأسواق وجوار المساجد والمستشفيات وتمتد أيديهن تتسول المارة.. أمر طبيعي، أما أن يقفن في المحلات والمراكز التجارية للعمل فهنا يجب إعادة النظر في أخلاقهن، ونياتهن أيضاً..
سأتزوجها..
أدهم محمود، خريج شبكات كمبيوتر: كثير من الفتيات يكن بحاجة للعمل، فلا أرى إشكالية في أن تعمل الفتيات في هذا المجال، الأمر عادي جداً، وضع البلد وصعوبة الحصول على عمل يجعل كثيراً من الأسر تدفع بناتها للعمل، وهذا أمر طبيعي، بالنسبة لي لا أجد إشكالية في الزواج بفتاة تعمل في محل تجاري، ولكني لن أقبل أن تستمر في نفس العمل بعد الزواج، أرغب أن تبقى في البيت.
إسماعيل المقطري- طالب جامعي - قسم خدمة اجتماعية: إذا رأت الفتاة أن هذا العمل يناسبها فما المانع؟، ليس بالضرورة أن تحتك بالزبائن وتزيح الحواجز بينها وبينهم، كل ما في الأمر أن الزبون سيدخل المحل ويطلب قطعة معينة وتعطيه هي سعرها وينتهي الأمر، لذا لا أرى مشكلة، وإن وجدت فتاة تعمل في هذا العمل وشعرت أنها تناسبني لم لا أتزوجها؟ ما المانع في ذلك؟
استحالة
صدام الدبعي – جامعي، ويعمل في محل بيع الأقمشة - يرى أن المحلات التي تطلب فتيات للعمل فيها يكون الغرض هو جذب الزبائن وترويج للمحل، نعم تضطر الفتاة للعمل في المحلات التجارية، لا أرى عيباً في ذلك، ونستطيع التمييز بين الفتاة التي تخرج للعمل بسبب الحاجة من غيرها، فطريقة تعاملها مع الزبائن تعكس صورة واضحة لأخلاقها، بالنسبة لي مستحيل أن أقبل الزواج بفتاة تعمل في هذا المجال.
سامي سمير - طالب - يؤكد حسب اعتقاده أن الفتيات اللواتي يعملن في هذا المجال لسن سوى وسيلة لجذب الزبائن، وأن أخلاقهن سيئة، ويرى أن العمل في المحلات لا يناسب الفتيات؛ حيث يصرن عرضة للانحراف الأخلاقي ويستمتعن بمعاكسات الشباب، كما يعتقد أن خروج الفتيات للتسول أهون من الوقوف في محلات بيع في المراكز والأسواق، وبالتالي يستحيل أن يتزوج هو بفتاة تعمل أو عملت في محل بيع.
حين تمتهنها النساء ويستند عليها الرجال..
التسول..افتراش الكرامة..
أزقة ضيقة وليس لضيقها مساوىء، فقد خلق هذا الضيق المكاني تقارباً روحياً وإحساساً بالرحمة والتآلف بين قلوب ساكنيها من أصحاب المحلات والبسطات، وحتى المتسولين المستوطنين، وجعل هذه القلوب أكثر سعة منها- الأزقة - الجميع يردد الرزق على الله، لا يشتكون لأنفسهم بل لجيرانهم... أثناء حديثي معهم تذكرت قوله عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).. جد جميلة الإنسانية والرحمة غير المتكلفة.
تجلس هنا منذ أكثر من ست سنوات، تأتي كل يوم من سعوان إلى باب اليمن رغم إعاقتها المتمثلة في التشوه الخلقي في ذراعها ويدها وإصابة عينيها، مهما كان البرد ومهما كان مرضها فإنها لا تخلف موعدها هنا، رغم كبر سنها فزوجها توفي حسب قولها أيام الملكية، ومع ذلك لم تتخلف يوما طوال السنوات السابقة عن جلوسها في نفس المكان وفي نفس الموعد، يشرح خالد الحاج - بائع الأقمشة - وضع عائشة حسين العجوز المئوية التي تمد يدها للمارة وهي تدعو لهم بالستر والغنى.
عائشة حسين من الحديدة لها من الأبناء تسعة، ستة ذكور وثلاث إناث وجميعهم متزوجون: “أشقي على عيالي” بلهجة سكان الحديدة الجميلة تبرر عائشة جلوسها هنا رغم وضعها الصحي المتدني.. ويوضح جارها خالد كلامها قائلاً: لديها ستة رجال، كلهم متزوجون ، واحد منهم معاق، كل يوم يأتون إلى هنا لأخذ مصروفهم منها وعليها أن توفر مبلغ ثمانمائة ريال لكل واحد..
تقاطعه عائشة إذا لم أستطع توفير المبلغ لأبنائي اضطر لاستدين من جاري هذا- مشيرة إلى خالد - نظرات الاستفهام التي قرأها خالد في أعيننا جعلته يجيب«واحد من أبنائها كان موظفاً في الشرطة “عسكري” ويستلم راتباً شهرياً مقداره خمسة وعشرون ألفاً، ولكنه ترك الوظيفة وصار يعتمد على ما تحصل عليه والدته المسكينة من التسول ومد يدها، أحياناً حين يمر السياح من هنا تحصل على مبلغ ألف أو أكثر، وأحياناً لا تحصل على شيء، ولكن وغالباً ما يأتي ابنها إلى هنا، ويصرخ في وجهها ويثور ويغضب إذا لم تعطه المبلغ المقرر لذا ندينها رحمة بها من غضب ابنها وتعنيفه إياها..!؟». وحين توجه زميلي مروان لها بالسؤال عن الضمان الاجتماعي..ابتسمت وهي تمسح الدموع عن عينها شبه المكتملة والتي صارت الدموع لا تتوقف منها، وقالت في كل ثلاثة أشهر احصل على مبلغ”3500”ريال، وأحيانا تأتي بعد مدة طويلة لا أتذكرها..!!؟
ونترك عائشة وهي تدعو لنا بالستر والرزق الوفير، وبين الفينة والأخرى تمد يدها تمسح عن عينيها الدموع، صارت تذرف عادة لتستنزف من عينيها ما تبقى فيهما من ضوء، تستعين به على قطع المسافة بين سعوان وباب اليمن، لتمارس ما تعتقده في عرفها عملاً يجب أن تلتزم به لتكفي احتياجات ستة رجال و أطفالهم وزوجاتهم، المفترض بهم وهي بهذا العمر وهذا المرض أن يسقوها الماء وهي على فراشها..!
عجيبة هذه الدنيا حين تعطي كل شيء، وحين تأخذ لا تبقي ولا تذر، حتى الرحمة تنتزعها من القلوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.