تجلسُ على كرسيِ في ضفاف ساحل عربي جميل.. يدها متدلية يكسوها احمرار دسم بسماحة التدفق, تحاول منعه من أن ينسل هارباً.. فوانيس ضاربة ضوءها عاكسة كل أرجاء المكان, فمدينة بدون فوانيسها غير جميلة. تُحدث ضغطات شديدة على حقيبتها.. تَمسكُها بشدة خائفة من الانفلات والهروب إلى يد أحد المغازلين المفرطين بالضجيج فحبيبها كثير الهروب الاختباء. لم تكن بمفردها عندما كانت تجلس في مكان أجمل من صانع الحدائق المعلقة. سرورها يتساقط في ورد الحديقة.. على بعدٍ قليل من لجاجة شاطئ ذهبي.. لذا اشتهت الغناء.. فغنت فاستغرب حبيبها, وقف كالصنم وتحسس فرحته الكاملة. امرأة تتساقط ساحبة سخائمها.. لا تدع طائراً يمُر حتى يجمع نعمة الله فيها.. تلف في أحشائها عطش محبة شائع في قصص العشق مؤخراً. حنان ساحر تسودها عين محبة تتوق لخيال خيم عقلها الذي أشبه ما يكون أسيراً بلا حرية بيد رجل واحد.. امرأة عربية أطرب الحب مشاعرها الخالدة. شيء ما يحدث.. لم تكُن سبب أن أعيت نفسها.. مرضَها جعلها في هذا السجن المظلم. تسأل نفسها ما بال حبيبها ورفيقها من هذا الحب..؟ وأين هي من قلبه, ولماذا كل هذا التأخر..!! ثم تقول لنفسها: أظن أن صفقتي غير خاسرة..؟! ناظرة إلى رجل.. جميلً.. متواضع.. صابر يجعلها تكافح صابرة.. دون أن تموت وتتسرب.. ألبسها معطفه فطوأها جسد ترقرق بالتمايل نحو الشمس.. فتعيش في لحظة من الودِ والانسجام بين معطفه. ظهرها مشدود في اتجاه قائم دون أن يميل.. رأسها ثابت كفوانيس الحديقة.. محدقة على بُعد زاوية واحده.. تتوسد على كفها حنان متراكم في أحشائها يستمد وهج البحر رونقه.. تشرب هواء صائغا لشارب..راسمةً كل تعبير الروح وما تقوله نقشات النسائم على سلالم الحياة.. دون أي قضية تجعلها رهينة واقع تعاصرها لسنوات عديدة كل هذه الأحاسيس والألم.. لم يعلمها ميول وآحد.. حاولت بكلِ قوة إبعاد نفسها من الوقوع في المعاصي والسير وراء الرذائل الفاسدة الهادمة لأخلاق الشباب فهي من سلالة عريقة. مازالت قاعدة في مكانها لم تتزحزح.. ذاهبة الشرود وصامتة تراسلهُ بغمزها الذيذة. مَعلم سياحي خلاب.. قرفصتها أشبه بتمثال تراثي منحوت في شاطئ يطيقه السائح حين يتصيد الأمواج ساحبةً الأفق إليه.. يمسك بيده اليمنى ريشته الذهبية وبيده اليسرى ألوانه الزيتية.. يتقعر في وجه لوحته الخشبية حتى لا تفوته ابتسامة ومغازلة واحدة فيأخذها شاب آخر. راسماً من كل فن خاصيته.. وجمال تلوين ناصع معبر عن فنون ذهبية معاصرة.. صانعاً شيئاً من عبقريته.. عبرت الألوان بإبداعِ عالمي جاهد بملكوت الوحي.. وضع كل المكان في لوحته وًمن ألوانه الزيتية بحرفة بين ورود متكاثرة على ساحل ذهبي وزَينه بصورةِ حبيبتهِ. هذه اللوحة الفنية الجميلة في فنها الرائع سوف يجعلها هدية لكليته “كلية الفنون الجميلة” بمناسبة تخرجه منها.. وليبدأ صنع حياته وتحقيق أمله.