ليلةٍ رحبانية خالصة وأرقام موسيقية معقدة ترتفع من نوافذ فتحت دروبها لترحب بقدوم حبيب من سفر طويل , وأخرى مغلقة النافذةِ تستأنس الفراش برده ويخاطبها الفراغ بعقرب الوحدة وبنجوم مزدرية عن بعضها. أنين يصلُ حتى حاجب السماء ليفرغ عن كاهله الألم ... تمر على شيء له ريحه من زغب الورود التي قضى عليه الزمن داخل علبة زجاجية شاحبة الماء ومنعدِمة من المتاعِ اللذيذ .. على قربً من النهرِ أطفال تلعبُ , وتمرحُ بكلِ خفةٍ مع الريح رمت بقدميها , همهمة رجل عائد من المغيب أوصلت لهم الذكريات المقبلة وزفة ريحٍ نسنست على أنوفهم, وهمهمته لم تزل بعد.. تعتليهم قصة القُبلة الأولي لرحيل مكتوب على رفٍ الوداع وهذا الرف ما زال يحمل اسمه. الأولاد تتعلم كل جميل من العصافير حتى الحب مع بعضها..ترتفع أصواتِهم مشابهة العصافير وبضربات الريح تترنم على مديح يقدم مائدة سحرية الإحساس يحملها إلى حيثُ الزنزانة التي تحاصرُ الأب بالذكريات.. المهجر أخذه في غيبة سحيقة سوف ترسله ربما كومة من قش .. إذا لا فائدة من قدومه.....!! لا يهم أن يأتي محمولا على الأكتاف .!! تطابقت تصفق الأشجار معلنة زفاف أحد أهالي الحي على معشوقته (زينبة) التي كانت تجلسُ معه على أطراف هذا النهر هنا حيث الام ترعى أقدامها. بدئات تفكر(بزينبة ) لو غاب عنها بعد الزفاف وذهب الى حيث يسكن النهر كيف سوف يكون شعُورها بالوحدة .. تفتكر بقانونٍ يحرمُ السفر على الرجال وعدم ترك الحريم دون رجالهم.. تدخل زينبة منزلها تقبل يدهُ أمام المرافقين .. تستحلفهُ على أن لا يتركها لحظة واحدة في الحياة..وأثنت على أن يكون شرطاً يمُكنُها من دخولِ داره وإذا لم يوفق سوف تعودُ إلى بيت أبيها . والأنثى التي ما زلت على النهر مغرقة على دوائر متكالبة.. وتتمنى ليتها فكرت بهذا الشرط يومها. كانت الحبارى في عشها تتلوى “آيات العشق “ وتدلى على شجيراتِ الكروم .. النهر الذي لا يحزن أبدا حزن اليوم بشده لأن البنت زينبة زُفت إلى عريسِها وتركت النهر دون أن يكمل رواية الحب “على ضفاف النهر” .. لذلك النهر استمر يعزف عزفا غربياً قيل انه للفنان (شوبان ).. يقلبُ حبات التفاح مهدياً إياها أصحاب الوادي الأخضر .. يتركها في كف أنثى أخرى تجلس القرفصاء .. سرعان ما توزعهم على أطفالها بالتساوي . بينما كانت أطفالها تلعبُ بجانبيها على هدوء تتحاشى دون أن تزعج نسيمها الذي تحلم على إغداقٍ مهلهلة بالتسبيح. يترامون بكرة «ربلية» متحاشين سقوطها بين النهر.. بين الحين ، والآخر ترفع عينيها تزيح جزءاً من شعرها الذهبي تشاهد أطفالها حين تجدهم لم يذهبوا بعيداً عن أطراف النهر تعود إلى التفكيرِ ثانية. ترسل لوحة من الحبِ وابتسامة تجعلهم يتسابقون لتقبيلها دفعة واحدة ثم يعُودون أدراجهم نحو اللعب. تعود , وعينها تعلمها البسمة نحو النهر كيف أن تدور طرباً..تتوسم نحو أطفال لا يرهقها اللعب تزاحم قلبها الذي يعانقه الريح والحياة متعلمة الحنان من طرب ولعبٍ ممتع .. تشكل بيد متجمعة هالة لامعة في افق قريب..«ستعود حبيبي على قدميك ». أشكال تتساقط من أوراقٍ شجر الكروم فتغرق بين أطرافها قبل أن تلمس النهر ... تخرجُ من بين صدرها رسالة تذكرها برجل طال غيابه مدة قاسية ولم تُسر بتقبيله وروحها تحرص على حبه. تقسم كعكة الحُب فتهديها لطيور تسبح في النهرِ فتقترب تلتقط الكعك ثم تعود تسبح ، تبكي العصافير بطرب موسيقي ، تتحاشى أن لا تسمع أولادها كي لا تذكرهم به.. ولا تحب أن تكسر عنهم لذتة اللعب .. تحاول فتح فمها بالكاد تصيح بِوسوسة صغيره مُريحة لتشرب شيئاً من الهواءِ وتتقعر. حين كانت أوراق الكروم تتساقط بين الماء وتحت رجليها ..حوالي جسدها تشكل إكليلاً ملوناً بألوان الطيف.. يدها ترتفع لتمس الوريقات , تُسابق النهر حتى تقبل الورقة الصغيرة بعد أن تأخذها على صوتٍ يشج السماء «من اجل روح حبيبي » « من اجل روح حبيبي». ثم تقول: أهدي هذه القبلة لحبيبي في المدينة “ ثم ترميها نحو النهر ... و سبابتها تشيرُ إلى الأفق وجه المدينة قريباً من القمر... تهز جسدها.. تقول بصوتٍ عال “وورقة قولي لحبي يعووووود....وورقه قولي لحبيبي يعووووود.........” فهبت صبيانها تتسابق وتتصارع ، تلقط أوراق الكرم تقبل الورقة مبتسمة .. ترميها إلى النهر .. تقول قولي لأبي «يروح » على عرضً كبير من طلبات يصدعُ أولها حبُ قُدومه.. تردد بصوت واحد ..:وورقه قولي لأبي يروح... وورق قولي لأبي يروح ... ثم تفكر باللعب ... وورقه قولي لأبي يشتري لي عروسه . و وورقه قولي لأبي يشتري لي طياره . وورقه قولي لأبي يشتري لي سيارة . وورقه قولي لأبي يشتري لي كره