النهضة الشاملة لأي مجتمع لن تتحقق إلا بتضافر جهود أبنائه ليأتي العمل الطوعي رافداً من روافد البناء والتنمية ورافعة مساندة لجهود الدولة، بعيداً عن التربح والأجندة السياسية، وإنما لتعزيز قيم المدنية والتحضر، ومن منطلق الأهداف النبيلة للعمل الطوعي فإن الحاجة ملحة لتنمية الوعي بأهميته، خاصة في بلد نام يتوق أبناؤه للخلاص من الانكفاء على الذات لمد جسور الشراكة مع الآخر.. حول واقع العمل الطوعي في اليمن استطلعت “الجمهورية” آراء عدد من الناشطين والناشطات والعاملين في حقل التطوع المجتمعي. تنمية المجتمع سعاد القدسي رئيس ملتقى المرأة للدراسات والبحوث قالت: العمل الطوعي من أنبل الأعمال الإنسانية؛ لأن المتطوع لا يسعى إلى التربح من ذلك العمل الذي يقوم به طوعاً وحباً وانتماء..وتكمن أهمية العمل الطوعي أنه يجمع مجموعة من الناس في هدف واحد قد يكون تقديم خدمة أو تحسين نوع الخدمة أو تغيير وتطوير في آليات تقديم خدمة معينة..أو نشر الوعي أو حمله لتطوير ثقافة وسلوك ما في ذلك المجتمع.. وأضافت: ومن هذه الأهمية من الضرورة عند تخطيط لأي عمل طوعي أو نشاط طوعي التأكد من أن الهدف نابع من احتياج المتطوعين وكذلك النتيجة، وهي الخدمة المقدمة تحتاجها الفئة التي يقدم إليها تلك الخدمة وأن المتطوعين من نفس تلك الفئة المستهدفة...ومن هنا يرتبط العمل الطوعي بالسلوك المدني؛ لأنه يقوي التعاون بين مجموعة محددة نحو هدف ما برابط قوي متناغم مما يطور السلوك المدني المتمثل بالمسئولية والعدالة والإنصاف وتقبل النقد ومهارات التواصل والاستماع والإنصات ومن أهمها ظهور مهارات القيادة بجلاء ووضوح. وزادت: ومما تقدم يمكننا سرد بعض المعوقات لأي عمل طوعي...غياب الهدف الذي يرتبط بحاجة الفئة المستهدفة والمتطوعين..أن يكون المتطوع خارج الفئة المستهدفة أي لا ينتمي لها ولاحتياجها..وألا يملك المتطوعون مهارات التخطيط والإدارة والتواصل والإنصات والإنصاف..وكذلك مهارات المسئولية وتقبل النقد. وأن يكون البرنامج والنشاط الطوعي غير مخطط وغير مرتبط بهدف استراتيجي..الخ. وواصلت: أما العوامل المعززة لنجاح أي عمل طوعي...وجود خطة إستراتيجية تتكامل وتنسجم مع الخطط جداً، الإدراك بأن العمل الطوعي يصب جهداً مضافاً في برنامج منظم ومخطط وتراكمي. ثقافة العمل الطوعي من جانبها تغريد الدبعي المدير التنفيذي لمؤسسة صناع الحياة بتعز قالت: يساهم العمل الطوعي في تكوين الشخصية، واكتساب الفرد لقيم وسلوكيات سوية، إضافة إلى أن المشاركة الاجتماعية وفي العمل الطوعي يعطي الشخص معرفة بواقعه وباحتياجات واقعه وفي تحمل المسئولية تجاه مواقف عديدة... وعن أبرز معوقات العمل الطوعي قالت: انعدام الوعي بقيمة وأهمية العمل الطوعي، والاهتمام بالمردود اللحظي وقلة التعاون من عديد جهات منها الحكومية هي أبرز المعوقات المواجهة للعمل الطوعي وأضافت في سردها للمعوقات: تحول العمل الطوعي إلى عمل سياسي واستغلال المتطوعين..وترى المدير التنفيذي لمؤسسة صناع الحياة بتعز بأن تطور العمل الطوعي باليمن يتطلب عوامل معززة أبرزها غرس قيم العمل الطوعي من مراحل عمرية صغيرة وبوسائل، منها الجانب الديني الذي يحتوي كثيراً من القيم التطوعية، ودور الإعلام في غرس قيم وثقافة العمل التطوعي والتسويق له، وإبراز الجهات والجمعيات العاملة في المجال الطوعي وما قامت بتقديمه وعرض نماذج من قصص ناجحة. استغلال المنظمات نجلاء حسن الصحفية في إحدى الصحف الأهلية أكدت أهمية العمل الطوعي خاصة للأشخاص الذين لا يزالون في بداية حياتهم العملية. وأضافت: لكن أحياناً يحصل استغلال من منظمات تحترف العمل الطوعي للشباب، وذلك من خلال الاستغلال لجهودهم دون مقابل، كما يضطر أغلب الشباب لترك العمل الطوعي رغم أهميته. أما عن المعوقات والإشكاليات التي يعانيها العمل الطوعي فأشارت إلى ذلك بالقول: هناك عدم استمرارية المشاريع التي يتكفل بها العمل الطوعي. وعي غائب من جانبها نبيهة الحيدري مدير عام مركز البحوث والمعلومات الصحفية بوكالة الأنباء اليمنية سبأ قالت: العمل التطوعي بالأساس انعكاس مباشر على المسئولية الاجتماعية التي تقع على عاتق المواطنين بكافة مستوياتهم سواءً في السلطة أو في منظمات المجتمع المدني أو الأفراد العاديين وكذلك الشخصيات الاجتماعية. وأضافت: أما ما يعرقل العمل الطوعي في اليمن فالثقافة حيث لا يزال المجتمع اليمني لا يعي العمل الطوعي وأهميته والمسئولية الاجتماعية تجاه أبسط الأشياء كنظافة الشارع وغيرها.. العمل الاجتماعي الطوعي لا يحتاج إلى توجيه بشكل مباشر أو تخطيط له أو ميزانيات كبيرة جداً بقدر ما تكمن أهمية العمل الطوعي في المبادرة الحسية للأفراد والمجتمعات والمنظمات، وللأسف فإن كثيرا من المنظمات الموجودة في الساحة اليمنية كان الهدف من تأسيسها ليس تنظيم العمل الطوعي؛ وإنما الربحية والحصول على المال بشكل أو بآخر من منظمات داعمة. وزادت: عدد من العوامل هي المعززة للعمل الطوعي، ومنها وجود قانون يسمح بممارسة أي نشاط طوعي في مجالات البيئة والصحة والتوعية في قضايا الطفولة والمرأة والعمل والمبادرة وكذلك وجود مرجعية اجتماعية. المحامي أسامة الأصبحي رئيس مؤسسة العدالة بتعز: العمل الطوعي يبدأ من الحلم ويمكن العمل الطوعي من تحقيق بعض الأحلام، والتطوع نوع من المبادرة الإنسانية وممارسة إيجابية نعيشها في الحياة اليومية، وكذلك جهد مبذول سام لمنفعة الغير..والدين الإسلامي حث على العمل الطوعي والإكثار منه لقوله تعالى{ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم}.