كادت العبرة تخنقني وأنا أشاهد معاذ 5سنوات وغدير 6سنوات وهما يكافحان بمساعدة طبية لتجاوز إعاقتهما في إحدى غرف المركز الذي خصص لتأهيل المعاقين والذي يقع في جانب من أجنحة مستشفى رداع المركزي بمحافظة البيضاء المقام حديثاً بالتنسيق مع اللجنة التأهيلية المجتمعية لذوي الاحتياجات الخاصة. وقد أكد الدكتور محمد الشرعي مدير عام المستشفى أن حالتي الطفلين في تحسن مستمر بعد خضوعهما لبرنامج متكامل للعلاج الطبيعي وهما نموذج لعشرات الحالات التي يستقبلها المركز على مدار الأسبوع على الرغم من التجهيزات المتواضعة التي لا تلبي سوى الاحتياجات الدنيا لوظائف المركز ولكم كان المشهد إنسانياً ومؤثراً إلى أقصى درجة ونحن نراقب الطفلة ذات ال6سنوات التي بدأت تتماثل للشفاء وتعتمد على قدميها للمشي وهي تأتي للاستجابة للأيدي التي امتدت إليها لتحضنها، لكن ما إن وقع بعدها على رئيسة اللجنة حتى سارعت للارتماء في أحضانها وتباشر تقبيلها والسعادة الغامرة تشرق في محياها البرئ.. في موقف إنساني صادق لا مجال فيه للمجاملة ربما ينم عن اعتراف ضمني بالجميل الذي يقدمه كادر وعاملات اللجنة بعد أن كان الفقر الذي ينخر عظام أسرتها أن يحرمها من أي بارقة أمل للتحسن وفتح دروب جديدة في مستقبلها الحياتي. غادرت وصديق العزيز خالد عمران مدير الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع ذمارالبيضاء، وكلنا أمل في أن يلقى هذا المركز وأمثاله العناية والاهتمام اللازمين من الجهات الممولة والداعمة لمثل هذه الأنشطة سواءً كانت محلية أو دولية ورفده بالتجهيزات والكوادر الطبية المؤهلة ليتمكن من القيام برسالته على الوجه المطلوب وتحرير ذوي الاحتياجات الخاصة من إعاقاتهم ولو جزئياً وللوقوف على أنشطة اللجنة التأهيلية المجتمعية التي تعنى بهذا الجانب زرنا المقر الرئيسي الذي تكفل بإيجاره الشهري أحد رجال الأعمال منذ سنة التأسيس نهاية العام 2008م كمساهمة منه لاستمرار خدمة الأطفال المعاقين. وهناك التقينا الأخت ندى أحمد أحمد الخضر رئيسة اللجنة التي أطلعتنا على العديد من برامج ومشاريع اللجنة التي تنفذ في هذا الإطار. ظروف النشأة وفي البداية تحدثت إلينا عن الدوافع الرئيسية لقيام اللجنة التأهيلية قائلة: إن نشوء الفكرة كانت ناجمة عن كثرة الأطفال المعاقين ذهنياً وحركياً في مدينة رداع وضواحيها فبادرنا بالتعاون مع المجلس المحلي وبعض الشخصيات الاجتماعية وبتشجيع من فرع الصندوق الاجتماعي للتنمية لإنشاء جهة تنشط في إطار منظمات المجتمع المدني وتعمل على رعاية هؤلاء الأطفال وتأهيلهم فقد لوحظ أن الإعاقات في أغلبها ممكن التغلب عليها إذا ما توافرت الإمكانات المناسبة حتى ولو كانت بسيطة وزاد من ترسيخ هذه المبادرة أن الإعاقة لاتلازم إلا الأطفال الفقراء الذي لا تمكن أسرهم من تحمل تكاليف العلاج والسفر بهم إلى صنعاء فكانت ترجمة هذه الفكرة أسرع وأكثر تجاوباً وها نحن وبعد 3سنوات نواصل مهمتنا دون كلل والحمدلله نجد كل الثناء والتشجيع من كثير من الجهات ونسبة النجاح في التعامل مع حالات المعاقين تقترب من 100% ماعدا الحالات المستعصية تماماً فلا نستطيع تقديم الكثير.. وما يخلق المعدوم إلا الله. أهداف اللجنة تقول ندى الخضر: إن من أهم الأهداف التي أنشئت اللجنة من أجلها تقديم برنامج التأهيل المبكر داخل بيئة الطفل المعاق والاكتشاف المبكر للإعاقة وذلك من خلال إجراء التعقيم للأطفال في أصغر سن ممكن إضافة إلى إشراك الأهل بطريقة مباشرة وهذا أمر مهم جداً في العملية التدريبية والتعليمية لطفلهم المعاق وهي إحدى الوسائل الفعالة للتأثير على الطفل وتزودهم بالمهارات الضرورية لرعاية طفلهم المعاق على التكيف في الحياة اليومية. تقديم مناهج تتلاءم وتتضمن مواضيع التعليم الخاص، إضافة إلى المؤثرات الحسية والجسمية والعناية بالنفس وتطبيق الخطوات العلمية للبرنامج دون إرباك ترتيبات الحياة اليومية للأسرة. تحديد نقاط الضعف والقوة لدى الطفل المعاق بهدف تصميم برنامج خاص به مبنياً على المعرفة الحالية لقدراته بالتعاون مع الأم استخدام منهج متسلسل من حيث التطور ويستعمل كأداة للتعليم. حجم الإقبال قبل الحديث عن مستوى الإقبال أود أن أشير إلى أنه وخلال ال6الأشهر الأولى من عمر اللجنة تم تشكيل فريق للنزول الميداني لمسح الحالات وحصرها والتعريف في نفس الوقت بأهداف اللجنة بالترافق أيضاًَ مع دورات تدريبية مكثفة للعاملات والمتطوعين للعمل في اللجنة وتأسيساً على ذلك شرعنا في استقبال الأطفال المعاقين ذهنياً حركياً صم وبكم حتى وصل عدد المعاقين المسجلين لدينا المستفيدون من خدمات اللجنة 896حالة أغلبهم أطفال يسكنون في مدينة رداع أو القرى الغربية المحيطة بها معظمهم يعتمدون على العلاج الطبيعي، وقد عرضت علينا الخضر مجموعة من الملفات التي أعدت مسبقاً على سطح المكتب وتحكي حالة كل معاق على حده بالتفصيل ومدى التجاوب لعملية العلاج وأظهرت الاستمارات الإحصائية أن نسبة النجاح في التعامل مع الحالات كبيرة جداً ومبشرة. نماذج من الحالات وفي الغرفة المجاورة لمكتب الرئيس وجدنا مجاميع الأطفال الذين يخضعون لبرنامج تأهيلي مبرمج وتؤكد أم معاذ أحمد القادمة من ريف رداع أن طفلها الذي أصيب بما يشبه الكساح قد تحسنت حالته بشكل كبير خلال أكثر من 15 يوماً وهي سعيدة جداً بعد أن كانت وزوجها قد يئسا من علاجه نظراً لحالتهما وقلة ما في اليد حتى جاء الله بهذه اللجنة رافعة يدها إلى السماء طالبة من الله الحفاظ على الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية لأنه هو من أكد علاج المعاقين من الفقراء وغيرهم ونفس الأمر ينسحب على أم غدير وجمال واحمد وهيثم والقائمة تطول. 5 معاقين من أسرة واحدة ولفت نظرنا بين هذه المجموعات وجود 5 أطفال أكبرهم 9 سنوات وهم مصابون بإعاقة في البصر وتمثلت عقدتهم في الابتعاد عن ضوء النهار والمكوث في الظلام توضح ندى الخضر رئيسة الجمعية أن أسرة الأطفال كانوا يسدون أي كوة وأي ثقب في المنزل من شأنه أن يسرب ضوء النهار والشمس على وجه الخصوص لأنهم يصابون بالصدع أو السقوط فقامت اللجنة باستخراجهم من المنزل ومن ثم مساعدتهم على التكيف مع ضوء الشمس ومن حولهم؛ لأن استمرارهم على ما كانوا عليه سيعرض حياتهم ونفسياتهم إلى مخاطر جمة، لا يعرف أحد مداها. تقول والدة الأطفال التي فضلت أن تطلق على نفسها أم صلاح: إن هناك طفلين من الخمسة تجاوبا بسرعة للعلاج الطبيعي وأصبحا طبيعيين مع ما يدور حولهم أما البقية فإن استجابتهم للعلاج لا تزال بطيئة.. زواج الأقارب وتؤكد رئيسة اللجنة أن التشخيص الطبي الذي أجري على الشريحة الأكبر من حالات الأطفال المعاقين المسجلين في اللجنة سببها زواج الأقارب وهي في الوقت عينه لا تمانع على حد قولها من هذا الزواج لكن بالإمكان اتباع الطرق العلمية والطبية المناسبة للوقاية من إعاقة الأبناء بالفحص قبل الزواج والفحص الوراثي الولادة والمسح الوراثي للأطفال حدثي الولادة. مصادر تمويل الأنشطة - وعن هذا الجانب تقول ندى احمد الخضر رئيسة الجمعية: إن هناك مصادر تمويل لكنها لا تزال شحيحة على أهميتها طبعاً فهناك مخصص مالي معتمد من قبل صندوق المعاقين وقدره(700) ألف ريال لكل ثلاثة أشهر وهناك تمويل الصندوق الاجتماعي لتنمية فرع ذمار – البيضاء بقيادة مديره الأستاذ/ خالد زيد عمران والمتمثل في إقامة الدورات التدريبية والتأهيلية المختلفة والتجهيزات والأثاث المكتبي الذي حصلت عليه اللجنة بما قيمته(2655) يورو، إضافة إلى الدعم المالي الذي يقدمه بعض التجار، كما أن إيجار مقر اللجنة تكفل به رجل الأعمال وعضو مجلس النواب حسن عبده جيد منذ شهر 11/ 2008م ومؤخراً تبرع ب 150 ألف ريال كمكافآت للعاملات، علاوة على مساعدة جمعية الصالح الاجتماعية الخيرية والتي تكرمت بتوزيع أغذية وحقائب مدرسية على المعاقين. اللجنة الطبية العسكرية كما أن زيارة اللجنة الطبية العسكرية بقيادة مروان الذبحاني أثمرت عن معاينة400 معاق مع أهاليهم وتحويل عدد منهم إلى المستشفى العسكري لعمل عمليات مجانية ل 50 معاقا وأيضاً توزيع الهدايا وحقائب مدرسية وبذلات رياضية وقبعات تحمل شعارات وطنية وقد استفاد منها حوالي 600 معاق مع أهاليهم. الطموحات وعن الطموحات تتحدث الخضر عن مشروع لاتحاد المعاقين يعمل على زيادة المخصصات والموارد المالية وتوظيفها بالشكل الأمثل متمنية أن يستمر تعاون المجلس المحلي وأصحاب الأيادي البيضاء وأن يعود مكتب التربية بمدينة رداع إلى رشده يغير سياسته غير المبررة في محاربة أنشطة اللجنة بأسلوب رخيص جداً.