الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطر يتهدد نسيج المجتمع
العنف الأسري..
نشر في الجمهورية يوم 09 - 07 - 2011


الأطفال أول الضحايا
تتعدد أسباب العنف الأسري ضد المرأة والأطفال و يهدد خطر الظاهرة مستقبل الأبناء والنسيج الأسري، بل واستقرار المجتمع ككل باعتبار الأسرة نواته يصلح بصلاحها ويفسد بفسادها ..
لماذا تحدث ظاهرة العنف وسوء معاملة الأطفال؟ ولماذا تنعكس آثارها على حياة الأطفال ومستوى تحصيلهم العلمي؟ ثم لماذا لاتُعد خطط وبرامج للإرشاد النفسي في المدارس رغم وجود ارتباط وثيق بين العنف الأسري ومشكلات الطلاب.
الصحيفة حاولت الاقتراب من جوهر هذه المشكلة التي تدخل في إطار الموضوعات الحساسة وتحيطها وعي متدن وقصور أداء يحد من نجاحات جهود الجهات المعنية حسب ما تؤكده الدراسات وآراء المعنيين.
العنف وتأثيره على مستقبل الأبناء
أ.نبيهة طارش رئيسة فرع اتحاد نساء اليمن بمحافظة تعز أكدت أن العنف الأسري الموجه من قبل الزوج ضد المرأة لايؤثر فقط على مستوى تعليم الأبناء، بل وعلى مستقبلهم كله، وهذا العنف سواء كان لفظياً “ سب وشتيمة” أو نفسياً بحرمان المرأة المصاريف والخلاف الناشئ بسبب سوء إنفاق الدخل على القات وما في حكمه على حساب متطلبات الأبناء وتعليمهم أو جسدياً بالضرب باليد أو بأداة أخرى أو بالاغتصاب الجنسي يؤدي كل ذلك إلى إصابة المرأة بأضرار نفسية ومعاناة في حال تكيفت لسبب ما مع عدوانية الزوج وغالباً ما تكون الأمية وحساسية البوح والشكوى باباً للمعاناة. وأما السلوك العدواني ضد المرأة فيجعل الأبناء يتوجهون إلى الشارع بحثاً عن الأمان؛ لأن أشكال العنف الأسري لاتجعلهم في أمان فيصبحون عرضة للانحراف السلوكي وربما أطفال شوارع أو مستغلين متسربين من المدرسة إلا من رحم ربي واستمر في دراسته وهو محمل بأعباء الصراع الأسري ويلوذ بالعزلة لغياب الحوار والإقناع الذي يفسر له ما يدور في البيت وبذلك يسعى للحصول على إجابات من خلال حوار سلبي مع الذات إذا كان في الأصل طفلاً هادئاً ويصبح له عالمه الخاص، بعيداً عن الآخرين، مع انعدام الشهية للأكل ومشاركة الآخرين، ويفتقر إلى الشجاعة الأدبية بسبب الخوف لديه، ولعل واحدة من أسوأ الحالات أن يعتدي الأب على زوجته، ولاتجد الأم حينها أسلوباً آخر لتحذير الطفل من التمادي في الخطأ فتهدده وتكرر التهديد بالعقاب كقولها: سأخبر والدك وسيقتلك!!
قد لايعى كثير من الناس أو أولادهم أي مرض بسبب سوء معاملتهم وجهلهم بأن ذلك يعيق نموهم النفسي وتقدمهم العلمي ما بالكم بما تتعرض له المرأة التي تزف إلى زوجها في سن مبكرة لتواجه بعنف أو اغتصاب زوجي إن لم يعقبه طلاق وانحراف أصبح بداية لتشوه نفسي ينعكس على حياة المرأة ودورها التربوي في أسرتها.
دور التوعية الموجهة
مسئولة مركز الاجتماع بالاتحاد سهام محفوظ وباعتبارها مختصة في النفس تؤكد أن الشجار والصراخ وما قد يجر إليه من عنف عند مناقشة الأمور الأسرية خطر على الأبناء، لاسيما إذا لجأت الأم للشكوى لأبنائها، والأصل أن تناقش الأمور الأسرية في غرف مغلقة حفاظاً على الأطفال ما بالك إذا اجتمع العنف الموجه من الزوج إلى زوجته مع سوء معاملة للأطفال؛ واستطردت قائلة:
ينبغي تفعيل دور التوعية الموجهة للأسرة وإيجاد وظيفة الإرشاد النفسي في المدارس والجامعات لوضع معالجات لنتائج العنف الأسري على الأبناء والتشوهات النفسية والانحرافات التي يكبرون بها وتعيق تحصيلهم العلمي فوجود الأخصائي الاجتماعي والنفسي يكشف طبيعة المناخ داخل الأسرة، وأثره على الأبناء من خلال ملاحظة سلوكهم في المدرسة من شرود وتخلف وانطواء واستدعاء ولي الأمر أو الذهاب إلى البيت للتعرف على الأجواء التي جاء منها متأثراً بالعنف الأسري.
العنف عن طريق التعلم
ووفقاً لبعض نظريات العنف الأسري “ نظرية التعلم الاجتماعي” وهي من أكثر النظريات شيوعاً وتفترض أن العنف يتعلمه الأشخاص بنفس الطريقة التي يتعلمون بها؛ إنما السلوك الآخر وفرضيات هذه النظرية تقوم على أن:
العنف الأسري يتم تعلمه داخل الأسرة والمدرسة ومن وسائل الإعلام.
العديد من الأفعال الأبوية العنيفة تبدأ كمحاولة للتأديب والتهذيب.
العلاقة المتبادلة بين الآباء والأبناء والخبرات التي يمر بها الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة تشكل شخصية الفرد عند البلوغ؛ لذلك فإن سلوك العنف ينتقل عبر الأجيال.
إساءة معاملة الطفل يؤدي إلى سلوك عدواني تبدأ بذور في حياته المبكرة ويستمر في علاقاته مع أصدقائه وإخوانه وبعد ذلك مع والديه ومدرسته.
أفراد الأسرة خاصة الأقل قوة يصبحون أهدافاً ملائمة للاعتداء الناتج عن آثار البغضاء بينهم، هذا الاعتداء البغيض يركز على رغبة مرتكب العنف فيما إذا كان الفعل العدواني محاولة للتحكم أم محاولة للإيذاء وإيقاع الألم.
العلاقات الزوجية السلبية
وهناك اتجاه يدرس الأسرة، باعتبارها واحدة من الشخصيات المتفاعلة ويرتكز عند دراسته للعنف الأسري على العلاقات السلبية ومظاهر العنف بين الزوج والزوجة والأبناء ومظاهر الاتصال الرمزي السلبي بين أفراد الأسرة الواحدة، كما يهتم بتأثير مشاهدة الأبناء للعنف في الأسرة على ممارستهم للعنف في الأسرة عند البلوغ وبناء عليه تفترض هذه الفطرية تغيير معنى الزواج إلى مجرد إشباع الحاجة العاطفية وجعل عقد الزواج غير ثابت وهو عامل يفسر ارتفاع نسبة العنف الأسري في المجتمعات الغربية ومعدلات الطلاق خاصة في أمريكا ويدخل ذلك في إطار دراسة العنف ضد المرأة.
الخصوصية الأسرية
إن العنف الأسري “المنزلي” فيما يراه د.معن عبدالباري قاسم رئيس الجمعية اليمنية للصحة النفسية من الموضوعات الحساسة التي يعتقد الناس أنه من غير اللائق التحدث عنها ومناقشتها لاعتبارات الخصوصية الأسرية؛ على أن كبت المعاناة التي تتعرض لها المرأة يفضي إلى أضرار بصحتها النفسية ويكون لها تأثير كبير على تربية وسوء معاملة الأطفال، باعتبار أن الأم في المجتمع اليمني والإسلامي عموماً تأخذ القسط الأكبر في رعاية وتربية الأطفال المنزلية من هنا وجد الباحثون أن مشكلة العنف الأسري ببعدها الإكلينيكي تكتسب أهمية كبيرة؛ كونها تلامس مباشرة المرأة المتعرضة للعنف من خلال المقدرة على تجاوز المحظور “التابو” في التواصل المباشر مع النسوة اللاتي تعرضن للعنف من قبل أزواجهن؛ لذا يحق لنا أن نقول إن دراسة كهذه في واقعنا اليمني أظهرت من خلال جهود فردية وجماعية أن ظاهرة العنف وصلت نسبتها (46.4%)ممن لديهم (43) أطفال وهذا في رأينا يرتبط بمتطلبات الحياة المادية لتربية الأطفال وتعليمهم، وخصوصاً مع تزايد الأعداد مما يخلق بسببه خلافات داخل الأسرة خصوصاً داخل الأسرة ذات المستوى التعليمي والثقافي الأعلى أما تدني مستواهم التعليمي والثقافي فتنخفض لديهم تلك المشكلات من خلال سحب أبنائهم من المدارس وتوجيههم للعمل المبكر وبالتالي تحسين الوضع المادي على مستوى التعليم وغيره من متطلبات الأسرة العصرية.
تحديد مشكلة العنف الأسري ضد المرأة
ومن واقع الدراسات التي أجريت في بعض المحافظات اليمنية تبين أن أسباب العنف الأسري تختلف من محافظة إلى أخرى، كما وردت في البيانات، وربما يعود ذلك إلى مفهوم السببية في تحديد مشكلة العنف الأسري ضد المرأة في مراكز الشرطة من محافظة إلى أخرى؛ حيث يعتبر الإنفاق العالي في تعز 50% لحج 35% بينما تتداخل أسباب مجتمعة للصراع على منزل ومشاحنات أسرية واضطرابات نفسية تبلغ أعلاها في صنعا 74.6% حضرموت (42.6%) أبين (51.2%) وهو ما يعزوه د. معن عبدالباري إلى دور الأسرة الممتدة والمرتبطة بالوضع المادي وهذا ما ضمناه في كتابنا المرجعي في مشكلة العنف الأسري في اليمن.
زيادة معدل العنف في الأسر الفقيرة
إن البحوث العلمية أكدت فرضية أن العنف الأسري أكثر انتشاراً بين الأسر التي تعيش وضعاً متدنياً من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وهذا لا يعني أن العنف غير موجود عبر طيف من الحالة الاقتصادية ووفقاً للدراسات التي أكدت أن العنف ازداد بمقدار الضعف ضد الأطفال في الأسر ذات الدخل المنخفض قياساً بالأسر ذات الدخل العالي، والبطالة أيضاً عامل آخر ففي فترة عدم العمل يزداد اعتداء الذكور على الإناث أو الأزواج على زوجاتهم وأطفالهم. أيضاً الأفراد الذين يفقدون عملهم بصورة غير متوقعة ربما يمارسون العنف ضد أطفالهم..العلاقة بين العنف والدخل الأسري قد تكون غير مباشرة حيث يتوسطها العديد من الآليات التي تقلل من شدة الضغوط والتوتر أما الأسر ذات الدخول المرتفعة، مع مستوى أفضل من التعليم لكل من الأزواج والزوجات فتنخفض فيها معدلات الإيذاء الجسدي.
عوامل عديدة
إن عوامل الفقر والهجرات الداخلية المضطربة والأمية والتسرب من التعليم إلى جانب عدد من العادات والتقاليد غير المعبر عنها بإحصائيات دقيقة يمكن اعتبارها عنفاً أسرياً تقليدياً في اليمن كالزواج المبكر الذي يصل إلى تزويج الأطفال من الإناث دون سن البلوغ وهو أكثر شيوعاً في الأرياف.
أثر الانفتاح في تغير السلوك
ويرى د. معن عبدالباري أن الانفتاح الاقتصادي والثقافي من خلال دخول التقنيات الحديثة كالفضائيات النت أو عبر الهجرات الخارجية سيلعب دوراً في تغيير منظومة العلاقات الاجتماعية التقليدية وتغيير السلوك؛ ونظراً لتأخر واقع النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في اليمن، مقابل اندفاع معرفي وعاطفي انفعالي وسلوكي اقتصادي وثقافي من الخارج على قدرعال من التنظيم والتخطيط المنهجي والعلمي يعني ظهور مفاهيم قيمية جديدة ستزيد من وجهة نظرنا حدة الصراعات سواء على صعيد الأسرة أو المجتمع؛ وبالتالي المزيد من العنف وهذا حتماً يدعونا لشحذ العقول للعمل المشترك كأفراد ومؤسسات حكومية أو غير حكومية لتقليل حجم المشكلات وبعقلية منفتحة مرنة وعلمية وبرؤية بعيدة المدى لمستقبل مصلحة المجتمع.
تدني حجم التمويل للجهود الفردية والجماعية
الدراسات التي عملت على مشكلة العنف الأسري في اليمن جاءت نتائجها انعكاساً لمستوى الجهود التي بذلت ومستوى التمويل فهي إما فردية متواضعة أو جماعية سواء في مجال سوء معاملة الأطفال، والعنف ضد النساء بما له من انعكاسات على وضع الأسرة وأفرادها هذا ما أكدته الدكتورة أنيسة دوكم رئيسة مركز الإرشاد وبحوث الصحة النفسية بجامعة تعز والتي أضافت قائلة:
إن الدراسات المتعلقة بظاهرة العنف الأسري وأثره على الأبناء هي ما تزال محدودة بسبب تدني حجم التمويل للجهود الفردية والجماعية ويختلف الأمر فيما لو كانت هناك جهات ممولة لكانت النتائج أعمق من مستوى تشخيص الظاهرة أو الحالات وعرضها إلى إعطائها أبعاداً نفسية واجتماعية؛ إذ إن ظاهرة العنف الأسري موجودة وبقوة في مجتمعنا اليمني وهو ما أكدته دراسات للجمعية اليمنية للصحة النفسية أو اللجنة الوطنية للمرأة وغيرها ومنها دراسة نفذها مركز الإرشاد والبحوث النفسية بجامعة تعز بالتعاون مع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة وجهات أخرى حول خبرات الطلاب في الجامعة فيما يتصل بحجم الإساءة الجنسية وأظهرت النتائج أن المشكلة موجودة وأن المتسببين بها غالباً أقارب.
تدني مستوى الوعي بالمشكلة
وبشأن أهمية تفعيل دور الإرشاد النفسي أكدت الدكتورة أنيسة ضرورة الارتقاء بمستوى الجهود البحثية والتوعية والإرشاد بجوانب الظاهرة من مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية ومواجهة مخاطر الرسالة الإعلامية السلبية وقدمت مثلاً لتدني مستوى الوعي بالمشكلة في أوساط المجتمع ومؤسساته حيث قالت:
مركز الإرشاد النفسي بجامعة تعز يهدف إلى تقديم خدمات؛ منها الإرشاد الأسري ولكن يوجد مؤسسات محدودة الوظيفة في البنية التحتية وقلة الوعي لدى الناس بأهمية الوعي وتنميته وطلبه من الجهات المعنية حيث تطلب الأم أو الأب استشارة بالتلفون وتعرض المشكلة النفسية أو السلوكية لأحد الأبناء وعندما يطلب منهم الحضور إلى المركز يرفضون المجيء مع أننا نقنعهم بأن المجيء يترتب عليه التعارف ويحتاج جلسة ثم وضع تصور علمي للمشكلة(الحالة)، ثم جلسة للعلاج أو الحل وهذا يقتضي تكريس الموضوع إعلامياً وكسر حاجز الخوف من الوصمة والشعور الذي يشعر به البعض عندما لا يعي أهمية الاعتراف بوجود مشكلة..تلك انعكاسات العنف الأسري سواء ضد المرأة (الأم) أو سوء معاملة الأطفال ينعكس على مستقبل حياتهم وعلى المجتمع فالأسرة التي يوجد عندها عنف أو سوء معاملة لأي سبب تنعكس حالتها على الأطفال من حيث انخفاض مستوى التوافق والتراجع في مستوى التحصيل العلمي في المدرسة بسبب اضطراب التحصيل والمعاناة نتيجة اضطرابات في النوم والفزع من الكوابيس. زد على ذلك ظهور أمراض جسدية أصلها نفسي والخوف الاجتماعي والخجل واضطرابات سلوكية وسلوك جناحي مثل السرقة وممارسة الاعتداءات على الآخرين.. يكون أحياناً نموذجا عدوانيا يمارسه الأب ضد الأم أو الأم ضد الطفل ذاته، يقوم الطفل لاحقاً بتطبيقه.
ضعف الوعي الاجتماعي بقضايا الصحة النفسية
- د. أنيسة ترى أن تدني الوعي الاجتماعي بقضايا الصحة النفسية والأمراض السلوكية في الأسرة وقلة البحوث والدراسات وإمكانيات الخدمات الإرشادية والعلاجية تفرض على وزارة الشئون الاجتماعية أو المجلس الأعلى للأمومة والطفولة إنشاء مراكز إرشادية أسرية لتتوسع بالتدريج حتى تصل إلى مراكز المديريات، لاسيما وأن خريجي قسم الإرشاد النفسي يتزايدون وقسم الإرشاد النفسي ومركز الإرشاد في جامعة تعز سيقدمان التدريب اللازم لإنجاح خطة أو برنامج في هذا الاتجاه ووقاية الأبناء من اختلال التوازن النفسي والسلوكي ومعالجة أسباب الانحرافات بالتوازي مع الإرشاد الأسري عبر الإعلام بمختلف وسائله.
دور الإرشاد النفسي
- وبخصوص غياب دور الإرشاد النفسي داخل المدارس قالت د. أنيسة: هناك دراسة نفذناها بالتعاون مع مركز بحوث ودراسات الجدوى حول دور الأخصائيين الاجتماعيين في مدارسنا وأظهرت النتائج أن دورهم ضعيف جداً لجملة من الأسباب والعوامل؛ منها غياب التخصص وشروط التعيين وغياب الوعي لدى الإدارة ..أما الأخصائي النفسي فغائب تماماً وقد قمنا بتشكيل فريق بالتعاون مع منظمة “جي تي زد” لعمل دليل إرشاد نفسي للمدارس وعبر النزول إلى الميدان في أربع محافظات، وفي أربعة أشهر تم إنجاز جزئين ويبقى الجزء الثالث مركز الإرشاد النفسي كجهة استشارية ومجموعة من الموجهين التربويين ضمهم الفريق وأخصائيين اجتماعيين ومرشدين نفسيين.. الدليل فيه كل الأدوات والوسائل التي يمكن أن يستخدمها كل من الأخصائي النفسي والأخصائي الاجتماعي داخل المدرسة لتحقيق أهدافها من أجل تشخيص شكل الطالب ودراسة أسبابها المنزلية وهي مهمة الأخصائي الاجتماعي، ثم يتلقاها المرشد النفسي المعني بوضع المعالجات المناسبة والدراسة شملت عددا من المحافظات التي يعمل فيها مشروع “جي تي زد” وقد بادرت إحدى الأخصائيات للعمل على بدء تطبيق دليل الإرشاد النفسي على مدارس محافظتي لحج وعدن وتدريب الأخصائيين هناك.
التأثير بنمط الحياة الاستهلاكية
- إن مشكلات الشباب والطلاب في المدارس والجامعة أسرية لعدم وجود علاقات صحية داخل الأسر وعدم وجود تحفيز للدراسة وتفاقم عدد من المشكلات ذات الصلة بالمشكلات الاقتصادية من تدني دخول و غلاء وسوء الإنفاق لدى البعض والتأثر بنمط الحياة الاستهلاكية من خلال تأثير الفضائيات وحياة العصر وضعف القدرة على توفير متطلبات كل فرد في أسرته ولو بالحد الأدنى هذه المشكلة، إلى جانب اندفاع بعض الأسر إلى الدفع بالأبناء إلى سوق العمل والتشرد والتسول بعد التسرب من المدرسة كل ذلك يقتضي من وجهة نظر د. أنيسة العمل الجاد على تقديم استشارات نفسية بطريقة غير مباشرة للأسرة والطلبة عبر الإعلام وهذا ما يقوم به مركز الإرشاد في جامعة تعز، ويعمل من خلال تدريب الطلاب على تطوير مهاراتهم الاجتماعية والانفعالية كمهارات التواصل والاستذكار ما يعني تحييد انعكاسات مشاكلهم الأسرية على مستواهم الدراسي وتؤكد الدكتورة أن وزارة التربية والتعليم معنية بالتعاون مع الخدمة المدنية بتوظيف الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين، وفقاً للشروط المرعية في عام بحيث نعمل ونقرب أكثر من مستوى يكون فيه أخصائي من النوعين لكل 50 طالبا في المدرسة الواحدة.. المهم أن تبدأ ليقوم الاجتماعي بجمع بيانات وتحديد مشكلة الطالب ضمن فريق ويقوم المرشد النفسي بحل المشكلة عن طريق التعامل المباشر مع الطالب؛ لأن الثاني يعتمد على الأول في دراسة الحالة من زاوية اجتماعية ويصبح للطالب ملف يُنظر فيه من خلال المتابعة لضمان تقدمه تربوياً وتعليمياً الدكتورة أنيسة اختتمت حديثها بأمنية أن تعمل وزارة التربية على متابعة وتعميم أدلة الإرشاد النفسي في المدارس من أجل خلق جيل متوازن يتمتع بالصحة النفسية والبدنية وفي ذاك سعادة الفرد والمجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.