أثبتت دراسات حديثة أن عدداً كبيراً من أطفال اليمن يتعرضون لأشكال كثيرة من العنف المختلفة, في البيت والمدرسة والمراكز الحكومية, مرجعة سبب ذلك إلى الفقر وتدني مستوى التعليم, وعدم قيام الجهات المعنية بدورها للحد من الظاهرة. وأكدت الدراسات التي حصلت (سبأنت)على نسخة منها أن العديد من أشكال العنف المباشرة وغير المباشرة المتعمدة وغير المتعمدة تمارس ضد الأطفال في اليمن ، وان هناك طرق عقابية تتفاوت بين الجسدية والنفسية , وسوء المعاملة والإهمال, كالضرب والتوبيخ والإهانة والتحرش الجنسي, والذي يختلف على نحو نسبي بين الذكور والإناث في الريف والحضر. وبينت دراسة ميدانية نفذها المجلس الأعلى للأمومة والطفولة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية, ومنظمة اليونسيف والمنظمة السويدية لرعاية الأطفال(رادايارين) – في المدن الرئيسية والريف اليمني أن العنف ضد الأطفال موجود وله علاقة بخصائصهم الاجتماعية, وأوضاع الأسرة الاجتماعية والمعيشية. و شملت الدراسة الميدانية على (586)طفلا وطفلة من أطفال الأسر والمدارس, مقابل (33) طفلا وطفلة من أطفال الإحداث في دور التوجيه الاجتماعي, إضافة إلى (397) من الإباء والأمهات, موزعين على ثلاث محافظات من محافظات الجمهورية, هي أمانة العاصمة ومحافظتي صنعاء والحديدة, ريفا وحضرا . وذكرت الدراسة أن الأطفال الذين اخضعوا للمناقشات الشخصية ابدوا شعورا بالغضب والإحباط تجاه تعرضهم للعنف والعقاب .. مشيرة إلى أن نحو 88% من الأطفال ثبت أن النمط الغالب على تعامل الأبوين معهم عند ارتكاب الخطاء هو العقاب, وقليل من يستخدم الأساليب التربوية القائمة على التفاهم وشرح الخطاء والتحذير من تكراره. وطالب المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في نتائج دراسته بضرورة أيجاد آليات لحماية الأطفال من العنف, وسوء المعاملة, وأشكال الإساءة الجسمية والنفسية والجنسية , وضرورة توعية الإباء والأمهات, من خلال البرامج الإعلامية, ومراكز الأمومة والطفولة, بمخاطر استخدام الوسائل العقابية القاسية وانعكاساتها السلبية على اطفالهم, وتفعيل اللائحة المدرسية المتعلقة بالقواعد التي تنظم كيفية التعامل مع الاطفال في المدارس والاجراءات التربوية التي ينبغي ان تطبق على التلاميذ الذين يخرجون عليها. داعيا إلى إعادة النظر في أسلوب وقواعد إيداع الأطفال الإحداث في دور التوجيه الاجتماعي, مع تحديث اللوائح الخاصة بدور الاحداث بما يسهم في تحديد الادوار ويساعد على آلية العمل داخل هذه الدورللحد من العنف ضد . فيما أرجعت دارسة أخرى حول الإساءة إلى الأطفال في اليمن عرضت على المؤتمر الإقليمي الثاني لوقاية الأطفال من العنف والإساءة والإهمال الذي انعقد منتصف الشهر الماضي بالعاصمة صنعاء - أرجعت أسباب تعرض الأطفال في المجتمع اليمني للعنف إلى عوامل اقتصادية منها ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر خلال المدة من 1990- 2003م إلى 45,2% بالمناطق الريفية، وسكان الحضر بنسبة تصل إلى 30,8% ، ونسبة البطالة الكلية 36% من إجمالي عدد السكان ، بالإضافة إلى العوامل الأسرية وهي زيادة حجم الأسرة أو عدد أفرادها ، تدني مستوى تعليم الوالدين ، وعمر الوالدين ، وسوء العلاقة بين الوالدين،والعوامل النفسية . على الصعيد نفسه أكدت الدكتورة أنيسه دوكم -أستاذ مشارك الصحة النفسية جامعة تعز , و مدير مركز الإرشاد والبحوث النفسي على أن إساءة معاملة الأطفال في اليمن مشكلة كائنة بحد ذاتها وانه لابد من مواجهتها . وبينت الدكتورة دوكم في ان أكثر أشكال الإساءة انتشارا في البيئة اليمنية تتمثل في قيام الأمهات بالضرب والتهديد وإثارة الخوف بالعصا والسب للطفل واستخدام أسماء حيوانات في مناداة الطفل . وأضافت ان أكثر خمسة أشكال للإساءة شيوعا من قبل الآباء هي إثارة الخوف من الأب والضرب والتهديد بالضرب وعدم الاهتمام في حال المرض واستخدام العصا . وذكرت الدكتورة الدوكم ان الضرب والتهديد به يحتل مكانة متقدمة ضمن أساليب التنشئة في البيئة اليمنية وهو ما يعد شكلا من أشكال إساءة معاملة الطفل في البيئة اليمنية , وان لإساءة العاطفية والإهمال شائعين في معاملة الأطفال اليمنيين , كما ان الأطفال الذكور أكثر تعرضا للإساءة من قبل الآباء في حين لاتظهر هذه الفروق النوعية من قبل الأمهات,وان الأطفال الذكور أكثر إدراكا للإساءة من قبل الآباء مقارنة بالإناث في حين لا توجد هذه الفروق بين النوعين في إدراك الإساءة الموجهة من قبل الأمهات . ودعت الدوكم الى ضرورة إعداد البرامج والنشرات الإرشادية الموجهة نحو الآباء والأمهات التي تبين لهم الآثار السلبية الكبيرة لإساءة معاملة الطفل وأثرها على نفسيته ومستقبله ، واعداد البرامج والنشرات الإرشادية الموجهة نحو الآباء و الأمهات والتي تبين لهم الأساليب التربوية الصحيحة في التعامل مع أبنائهم وكيف يواجهون أي اضطراب في سلوك الأبناء دون اللجؤ إلى مظاهر الإساءة ، واعداد البرامج والنشرات الإرشادية الموجهة نحو الأطفال المساء معاملتهم والتي تعينهم على تجاوز الآثار السلبية للإساءة على نفسيا تهم, والتنسيق مع المدارس للتعاون في إيصال النشرات إلى أولياء الأمور وتنفيذ البرامج لهم في رحابها , وكذلك بالنسبة للأطفال في المدرسة، وتفعيل دور المرشد النفسي في المدارس لتقديم الخدمة الإرشادية في المدارس مع الحاجة الماسة إليها من قبل الطلبة,وتفعيل دور وسائل الإعلام في التوعية بأساليب التربية الصحيحة والآثار السلبية للإساءة بأنواعها . سبأنت