مقدمة : يقول ت،س،اليوت (( إن الشاعر الناقد يدافع عن نوع الشعر الذي يكتبه )) . لقد قيل الكثير عن تنظير ادونيس ودراساته التحليليه ولكن ما يجب إن يقال أن للرجل دوراً مهماً جعل المكتبة العربية حافلة بمواد كانت تفتقد إليها إن لم تكن نادرة، مواضيعه النقدية والتحليلية ودواوينه التي ترافقها إثارة زوبعة كبيرة من النقد واللانقد وحروب القصد منها في الكثير من الأحيان الإساءة إلى الرجل لا أكثر، كما أن شعر ادونيس دخل مختبرات النقد والتحليل الذي يخضع في بعض الأحيان لعوامل كثيرة لا يمكن حصرها وقد يكون طرحها في المقدمة لا يخدم وتسرعا على حساب الموضوع الذي أردت له الانسياب على وتيرة هادئة.. «كم شاعر يولد بعد مماته » قول قديم قد يتهم أدونيس بأنه يكتب للنخبة وانه غير معني إلا بإظهار نفسه كحالة فريدة في الأدب العربي، ومعظم المطروح ومنذ أكثر عقد هو نخبوي وليست له علاقة بالجماهير التي وضعت شماعة (( عل ما يطرح الآن له علاقة بما يسمى بأزمة الثقافة العربية ))، لأن هناك مفاهيم معروفة منها أن العمل الأدبي الذي لا يرتبط بالناس ليس حرياً بان يحترم أو يقبل أو أن يكون مؤثرا، المصيبة لو عرفنا أن الجماهير لم تعد تقرأ أو تعرف الغث من السمين لأن هناك ثقلا اجتماعيا متمثلا بالبحث عن فرصة للحياة من خلال عوامل متداخلة اقل ما يقال عنها إقامة جبرية داخل العدم والدوران حول أسباب البقاء بل إن إنسان هذه الأرض لا يسمح له بممارسة الحياة وهذا يمثل السواد الأعظم من هذه الأمة المتأثرة بكل شيء يأتي من خارج الحدود. البعض يعتبر الشاعر علي احمد سعيد حالة طارئة والبعض يجعل منه مادة مستنسخة من ثقافة غير عربية تحاول ان تمسخ وتغير وفق مقاييس غريبة لا وجود لها في البيئة التي يعيشها الشاعر والمنظر المقصود، الصورة الشعرية في أي منتج شعري يمثل ذائقة المبدع وقدرته الثقافية على جعل المشهد المطروح أكثر فاعلية ووصولا للمعنى، حين يشترك الخيال مع الحقيقة ليولدا انطباعا يتلائم مع الأحاسيس مكونة تجليات تبلغ البحث الروحي عن جمال مفقود يكون تواجد الصورة بديلا كافيا لما يلغيه كتاب الحداثة من أدوات قديمة، كان اتهام البعض للشعر الحديث بشقيه الحر والنثر بأنه استنساخ من الأدب الأوربي – الأمريكي يصطدم بحقيقة ما قدمته الحداثة أمام اختفاء تدريجي للعمودي القديم، وظهور الصورة الشعرية كبديل للوزن والموسيقى في البيت الشعري، الحداثة لا تعني أن تلغي القديم أو أن تقدم كل ما هو غير موجود في ما قبلها ولا تعني أن كل ما هو مطروح يستحق أن ينافس من اجل البقاء : أين سأحفظ أعيادي التي لم تمت بعد كيف أحرر أجنحتي التي تنتحب في أقفاص اللغة ؟ وكيف أسكن في ذاكرتي، وهاهي خليج من الأنقاض العائمة ؟ هل سينمو بين كتفي حجر أو جذر خشخاش ؟ هل الحيوانات السجينة فيَّ ستعرف أخيرا طريق الهروب هل علي أن أدخل في سبات وأن أخون أعضائي ؟ هل علي أن أصنع من الرمل سدادات لرئتي وأن أستلقي حجرا أسود في أبدية الطاعة؟ هل علي أن ادهن جسدي بزيت الآلة، وأن أملأ حنجرتي بنعم نعم ، لاَ لاَ كلا ليس لي وطن إلا في هذه الغيوم التي تتبخر من بحيرات الشعر .... آل أدونيس يبحث ادونيس دائما عن دور للشاعر يُكون له كلمة في ما يحدث ولا يعتبره مصورا لما يحدث أن يكون صاحب قرار لا داعية لأصحاب القرار وهو منهج قد يكون موجودا ولكنه غير مطروح بشكل جدي ، ولكن في آراء ادونيس التاريخية الكثير من النقاط التي تطرح معه فأدونيس يرى نفسه مجددا حتى في فكرة تحليله للتاريخ الإسلامي وهذا الآمر قد أوقع الشاعر تحت طائلة نقد أصحاب الاختصاص وغيرهم من أصحاب الوجهات الأخرى، وكنت أحب أن أرى تنظيره بعيدا عن أن يمجد ملحدا في أمة لها وجهة نظر لا تدخل في قضية اليقين وتجاوز الحدود التي تمس عقيدتها. كان من الأفضل الإشارة في سبيل طرح وجهة النظر لأن الثقافة لا تعني أن اخرج من نطاق المعقول بدعاء أن العصر يتطور والماكينة بدورانها قد تمسح جرائم يزيد وجيش بن زياد على سبيل المثال وليس من باب أن لميول الكاتب دوراً في جعل الاحتجاج حتى في المتفق عليه وهذا مأزق قد يبدو كبيرا حين نطرح وجهات النظر في لحظة انفعال مع الفكرة على حساب الحقيقة. المعاول يرى بول ايلوار أن تحرير اللغة شكل من أشكال تغيير نمط الحياة ،هناك من ينادي بالتغيير الذي يقود ثورة ضد الجماد والقوالب وادونيس ممن شاركوا في هذا الخروج من زاوية هو يراها مؤثرة وناجعة في سبيل الحصول على استمرارية مفيدة تصب في خدمة المتلقي وتكون مساهمة في عملية اللحاق بالآخرين بعيدا عن التشبث بإرث قد يساء إليه حين يستمر الطرق عليه والأخذ منه دون تطوير أدواته المتمثله باللغة والشكل وهي وجهة نظري. أنا أومن بأن لا احد يملك الحق في محاكمة المبدع حين يختار طريقا يراه هو موصلا أكثر من الطرق المعروفة لأن الجيد يفرض نفسه ويكتب لنوعه البقاء والعكس أيضا صحيح فالرديء لا يبقى أكثر من وقت خروجه، وكذلك ليس له الحق بأن يفرض طريقه على الآخرين،المحاججة يجب أن تكون مبنية على أدلة مهنية متمثلة بالتأثير والقدرة على البقاء لا المطاولة والمماطلة. الكثير من الأغراض والأساليب كانت موجودة لكن اختفاؤها دليل على فقدانها قوة التأثير ووجودها لم يعد مجديا فالشعر التعليمي الذي اخذ مكانا له في فترة من الفترات لم يعد موجودا فقد تطورت القصيدة لتجمعه داخل بنائها من خلال ذكر آلات العصر من خلال صورة هنا وومضة هناك وهذا رأيي الشخصي.