تتميز اليمن بتعدد الصناعات الحرفية التي أبدع فيها الإنسان اليمني من خلال ما تتوفر لديه من المواد الخام بحسب طبيعة كل منطقة من المناطق اليمنية الأخرى والعوامل والمقومات المساعدة الأخرى والمتمثلة في الموهبة والحس الفني الرفيع لدى الإنسان اليمني الذي أبدع كثيراً في فن الصناعات الحرفية اليدوية والتي نتج عنها أعمال ومشغولات يدوية تقليدية تعتبر في غاية الجمال والروعة. تتنوع الصناعات اليدوية تنوع جبال وسهول اليمن، والحرفيون اليمنيون كثيرون وفي مختلف المناطق اليمنية، ويلاحظ أن كل نوع من هذه الحرف والصناعات اليدوية كانت تمارس من قبل أسر معينة أو في مناطق معينة ظلت تتوارثها جيلا بعد جيل إلى وقتنا الحاضر. ولعل المتجول في الأسواق الشعبية في مختلف المحافظات، يلاحظ النشاط الكبير للحرفيين اليمنيين الذين شكل كل أصحاب صناعة معينة ونشاط معين سوقاً خاصاً بهم، فهناك سوق الحدادة وكذلك سوق النجارة ، سوق المدر، سوق النحاسيات وغيرها من الحرف. وتزخر اليمن بعدد كبير من الصناعات التقليدية، من أهمها صناعات العقيق والفضيات والنحاسيات والجنابي والفخار والقوارب والجبن اليمني والبخور والطيب واللبان وكوافي الخيزران وحياكة النسيج وصناعة المنسوجات النباتية وصناعة السعف. للعقيق اليماني مزايا كثيرة فعلى سبيل المثال من أهم الصناعات التقليدية اليمنية صناعة العقيق اليماني، التي تعد من الصناعات الحرفية التي تشتهر بها صنعاء القديمة على وجه التحديد وتلقى رواجا كبيرا داخليا وخارجيا ومصدرها الأحجار الكريمة الموجودة في مناطق متفرقة من اليمن حيث يستخرج العقيق اليمني من بطون الجبال وتمر صناعته بعدد من المراحل حتى تأخذ شكلها النهائي بما يعرف( بالفص) ويعد استخراجه من أهم الحرف التي اشتهر بها اليمنيون منذ القدم ولا يزال النشاط الحرفي في اليمن قائما لدى العديد من الأسر كمهنة متوارثة. شهرة واسعة للفضيات تحظى فضيات اليمن بشهرة عربية وعالمية واسعة؛ نظراً لجمالها ودقة صناعتها وتعدد فنون صياغتها محتفظة بعطر التاريخ ورائحة الأصالة، كما تعتبر صناعة الفضة من الصناعات الحرفية الأصيلة التي تعكس الوجه الحضاري للبلاد، وتؤكد تمسك الإنسان اليمني بجذوره العريقة. ومنذ ظهور الحضارة اليمنية القديمة معين، سبأ، حمير أبدع الحرفيون الفنيون من مختلف المناطق صناعة الفضيات بمختلف أشكالها. مكانة مرموقة للنحاسيات مازالت صناعة الأدوات والتحف النحاسية تحتل مكانة مرموقة في المجتمع اليمني، حيث حافظ الحرفي اليمني على أصول هذه الحرفة القديمة التي ارتبطت بصناعة العديد من الأدوات التي تستخدم في أعمال العبادة وفي حياتهم اليومية. وقد ظهرت صناعة النحاس على نطاق واسع في جنوب الجزيرة العربية وتشير اللقى الأثرية التي عثر عليها في عدد من المواقع الأثرية اليمنية إلى براعة الحرفيين اليمنيين في صناعة الأدوات المصنوعة من النحاس حيث عثر في أحد المواقع التي تم التنقيب فيها مؤخرا على الكثير من الصناعات النحاسية من أبرزها عصا نحاسية انتهى أحد طرفيها على شكل حية تدلت إلى أسفل. الجنابي موروث أسري واجتماعي ومن أهم الصناعات التقليدية صناعة الجنابي حيث امتهن الكثيرون من اليمنيين صناعة الجنابي وبيعها بعد أن توارثوا هذه المهنة عن آبائهم وأجدادهم، حيث تكتظ أسواق صنعاء القديمة بمحلات صانعي وبائعي سلاح الجنبية. ورغم أن الجنبية تبدو كأي سلاح يستخدم للقتال إلا أنها تعني لليمنيين أكثر من ذلك، فهي زينة للرجال ورمز للشرف والرجولة والتراث والقوة، إضافة إلى كونها موروثا أسريا واجتماعيا، كما تعد رمزا لشخصية من يرتديها فهي تعبر عن اعتزازه بتراثه. ويعود ظهور صناعة الجنابي ولبسها إلى عام 3000 قبل الميلاد، والقبور تؤكد بعد اكتشاف الجنبية أنها هلالية الشكل، وقد ارتدى السبئيون الجنابي أيام الدولة الحميرية ويؤكد تمثال ‘معد يكرب' ذلك لأنه كان مرتديا جنبيته، كما زينت النقود الحميرية بمقابض الخنجر اليمني القديم، وترجع شهرة جنبية الإمام شرف الدين أحد أئمة اليمن إلى القرن السادس الهجري. ويتفنن اليمنيون في صناعة الجنابي وذلك بتزيين مقابضها بأزرار من الذهب أو الفضة أو العقيق اليماني، فتبدو بعض الجنابي وكأنها قطعة من المجوهرات تلمع على خاصرة مرتديها. صناعة الفخار بدأت صناعة الفخار منذ أن بدأ الإنسان يحتاج للأواني. والبدايات الأولى لصناعة الفخار في اليمن ترجع إلى حوالي 2600 م. بحسب اكتشافات البعثة الإيطالية في المرتفعات الوسطى بقيادة دميغريه، وكذا الحفريات التي قام بها عبده عثمان غالب في سنة 93م أثناء رئاسته لقسم الآثار بجامعة صنعاء. ويستخدم الفخار المصنوع في أغراض عملية إلى حد كبير فهو يشمل أواني ذات ملمس ناعم لحفظ المياه وأواني للطبخ وأكواباً. ومن أهم الأماكن والمواقع التي تشتهر بصناعة الفخار في اليمن نجد منطقة تهامة كحيس وزبيد والجراحي وبيت الفقيه تليها عتمة ووصابين وريمة ومنطقة الحجرية والعديد من مناطق صنعاءوحضرموت وغيرها حيث حافظت هذه المناطق على صناعة الفخار بأنماطها التقليدية وألوانها المتعددة والزاهية. صناعة القوارب ارتبطت صناعة القوارب التقليدية «السفن» بحياة الإنسان منذ قديم الأزل خاصة قبل الطوفان ورسو سفينة سيدنا نوح عليه السلام بعده على جبل الجودي، والتي كانت تحمل على ظهرها أصول الكائنات الحية، ومنذ ذلك التاريخ عرف الإنسان هذه الصناعة أو المهنة التي ارتبطت بحياة البشرية خاصة أبناء السواحل والمدن والقرى البحرية ابتداءً من القوارب الصغيرة حتى السفن العملاقة. وقد برع فيها كثير من أبناء اليمن في مختلف المدن الساحلية سواءً في الحديدة أوعدن أو حضرموت وغيرها واشتهروا بالإتقان في صناعتها خارج اليمن في دول مثل الكويت وإيران ودول القرن الإفريقي. الجبن اليمني تعتبر الأسواق الشعبية من أشهر أسواق اليمن في عرض سلعة الجبن الطبيعية المصنوعة محلياً والتي تشكل عنصراً هاماً من عناصر الجذب السياحي، وتشتهر صناعة الأجبان في مناطق مختلفة من الريف تتميز بصناعتها في منازل المواطنين، ويتم تصديرها إلى مختلف المحافظات وبلدان العالم أيضاً. وتشكل الأجبان أشهى وجبة صباحية لكثير من المواطنين والزوار الذين يقبلون على تناولها في الأسواق الشعبية التي تقدم إفطارا أو وجبات أخرى من السحاوق "مخلوط ثمرة الطماطم مع الجبنة المحلية". الخيزران تتميز محافظة حجة بعدة صناعات يدوية ألا أن أشهرها صناعة كوافي الخيزران «الطاقيات» التي تبلغ قيمة الواحدة منها مابين«1000-30000» ريال حسب جودة العمل ونوعية الخامة المصنعة منها، وتصنع الكوفية من لحاء شجرة تسمى«الخيزران» وبطريقة فنية غاية في الدقة والروعة، وقد تستمر أحياناً صناعتها شهراً كاملاً. حياكة النسيج للحياكة مراحل عديدة وتعتبر عملية سهلة جداً بداية من غزل صوف الحيوانات لاستخراج الخيوط باستخدام آلة الغزل وآلة حياكة البسط.. إن الحياكة بشكل عام شأنها شأن بقية الحرف اليمنية القديمة كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأسرة فهناك أسر كثيرة اختصت بحياكة الملابس الحوكية وبحياكة الملبوسات الحوكية، أما حياكة البسط فاختص بها أهل الريف وأكثر أنواع الحياكات حياكة الأحزمة لما تتطلبه من دقة في النقش وتوازن في الخيط. المنسوجات النباتية تعتبر صناعة الخوص من أهم الصناعات اليدوية المنتشرة في تهامة وخصوصاً مناطق الخوخة - زبيد - الدريهمي - الحديدة - وغيرها من مدن تهامة والمناطق الساحلية والمناطق التي تتواجد فيها النخيل. تتميز صناعة الخوص بالدقة والجمال والإتقان ولها منتجات كثيرة التي كانت في الماضي من ضرورات الحياة وتبقى صناعة الخوص إحدى الصناعات التقليدية وتسمى صناعة النخيل أو السعفيات، ولها العديد من الأسماء التي تعرف بها من منطقة لأخرى. البخور والطيب يوجد نوعان من البخور “البخور الأسود” و “البخور الأبيض”. وكل نوع من النوعين ينقسم إلى صنفين هما البخور العرائسي والبخور العادي. وتختلف صناعة البخور والطيب من منطقة لأخرى أو من صانع لآخر بحسب المكونات أو مهارة الصانع وإتقانه لصنعته. صنعاء القديمة غنية بالحرف الحرف والمشغولات اليدوية التي تميّزت وانفردت بها اليمن على مدى عصور دخلت في منافسة شرسة وغير متكافئة مع ما يتم استيراده من دول آسيا خاصة الصين والهند، التي تزوّد السوق المحلية اليمنية بما تحتاجه من منتجات مقلّدة للحرف اليدوية. وتعد أسواق مدينة صنعاء القديمة مخزناً غنياً بصناعة الفضة والمجوهرات التقليدية والجنابي والسيوف والعقيق اليماني والنصال والأواني النحاسية وغيرها، كما يعد سوق الملح من أشهرها ويمثل معلماً حضارياً ومقصداً للسياح، حيث يعج بالكثير من الصناعات الحرفية التي اشتهر بها الإنسان اليمني منذ القدم، ويحوي السوق ما يزيد عن 24 حرفة تقليدية. تميز متعدد وفي الأخير نستطيع القول إن الصناعات الحرفية في اليمن متعددة أبدع فيها الإنسان اليمني؛ لذلك كثيراً ما نلاحظ أن هذه الحرف والمشغولات اليدوية تسحر عيون وعقول السياح الأجانب والعرب على حد سواء، وكل من زار اليمن سواء كان بقصد السياحة أو غيرها؛ وذلك لدقة وجودة هذه المشغولات اليدوية الرائعة. نأمل أن يتم الاهتمام بالمنتجات الحرفية المحلية ودعم ورعاية الحرفيين وتشجيعهم على المزيد من الإبداع وهذا ما نتوقعه إذا وجد الاهتمام والدعم والرعاية.