يتطلع أبناء اليمن خواصهم وعامتهم إلى استعادة الأمن والاستقرار وتوازن الدولة وعودة الخدمات الاجتماعية وعلى مستوى استكمال التسوية السياسية فإن فترة مابعد الانتخابات تحتاج من مختلف الأحزاب والتنظيمات السياسية والقوى الفاعلة على الأرض استشعار المسئولية والتكاتف من أجل إنجاح مهام الفترة الانتقالية الرئاسية بعد أن اقتنص أبناء الوطن الفرصة التاريخية ونجحت الانتخابات وفقاً للمبادرة الخليجية لتبدأ مرحلة جديدة يتطلع الشعب أن يسودها التسامح والإخاء والعمل الجاد على إرساء ثقافة السلم الأهلي والتحاور حول الملفات الثقيلة والتأسيس للدولة المدنية الحديثة وصولاً إلى الفرصة الذهبية خلال فترة لن تطول، فيما يلي صور من تطلعات وهواجس مابعد الانتخابات رسمها نخبة من الفاعلين في المشهد السياسي والفكري. الأمن والاستقرار أ.عبدالباري طاهر رئيس الهيئة العامة للكتاب أكد أن كل مواطن يمني يتطلع الآن إلى أن يسود الأمن والاستقرار كل ربوع الوطن كأولوية بعد الانتخابات الرئاسية. وأضاف قائلاً: تطلعاتي لاتختلف كثيراً عن تطلعات أي مواطن يمني بأن يسود الأمن والاستقرار وأن يتحاور الجميع من أجل حل المشكلات التي زرعها النظام السابق، وأن تكون الفترة الانتقالية فرصة لتأسيس دولة النظام والقانون.. دولة مؤسسات معبرة عن تطلعات اليمنيين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم وأطيافهم. تحية وقال طاهر: إن الانتخابات محطة ونقطة تحول استحق الرئيس المنتخب من خلال نجاح الانتخابات التحية وفي مقابل هذه التحية لعبدربه منصور هادي يتطلع الشعب اليمني منه أن يُعبر عن الإرادة الشعبية العامة وأن يستجيب لمطالب الشعب ومعالجة مشاكله؛ لأن الوضع يعكس حالة من التفكك بعد أن كانت البلاد على شفا الهاوية. دولة النظام والقانون ويرى الأستاذ عبدالباري طاهر أن الأهم في المرحلة القادمة أن يسود التوافق من أجل “بناء دولة النظام والقانون .. دولة تحترم إرادتنا جميعاً”. السلم الأهلي من جانبه الدكتور أمين أحمد ثابت سكرتير منظمة الحزب الاشتراكي اليمني، نائب رئيس اللجنة الإعلامية المشتركة بمحافظة تعز تحدث قائلاً: تطلعاتنا لما بعد الانتخابات هو أن تسود ثقافة السلم في عموم اليمن وتكون أساس حياتنا في المستقبل، وأن تعم حالة من التسامح والصفح وفق العدالة الانتقالية وإشراك الجميع في مواجهة مهام المرحلة القادمة وبناء اليمن الجديد. بناء الدولة الحديثة وأضاف د. أمين أن المرحلة القادمة تتطلب وقوف الشعب إلى جانب حكومة الوفاق الوطني والرئيس المنتخب لتتم عملية بناء الدولة المدنية الحديثة وبناء الدستور والعدالة الكاملة وأن تشمل مرحلة البناء هذه القوانين والتشريعات الانتخابية التي تأخذ بأحدث النظم بحيث يكون ينتخب ممثلو الشعب في مجلس النواب أو غيره بالانتخاب الحر والمباشر والنزيه ولا يبقى مكان للتزكية. إدارة الثروة وعلى الصعيد المرتبط بالثروة الوطنية قال د/ أمين: نتطلع كمواطنين إلى تسود عملية المحاسبة الدائمة في مجال إدارة ثروات البلاد واعتماد التخطيط العلمي لإدارتها واستغلالها بحيث نحقق التنمية المستدامة وهو ما يقتضي اعتماد الحكومة في الفترة الانتقالية الرئاسية والنظام الجديد على الكفاءة والاستفادة من العقول طبعاً للمعايير السليمة وفي نفس الوقت العمل على الإيفاء بالسياسات ومنها ربط التعليم بمتطلبات التنمية في كل مرافق الدولة والمجتمع، بما في ذلك ربط التعليم الخاص بحاجات التنمية وإعادة بناء التعليم العالي والاهتمام بالبحث العلمي واعتماد المعايير العالمية والاعتماد الأكاديمي وإبعاد التعليم العالي عن التأثير السياسي الذي يعيق تطوره. تحييد الجيش وعلى مستوى النهج الديمقراطي قال د. أمين: إن التداول السلمي للسلطة هو جوهر الديمقراطية وسيتضمنه الدستور والقوانين في الفترة القادمة ورفع مستوى وعي الشعب في ظل دولة المواطنة ومن المهم جداً تحييد القوات المسلحة والأمن وكل القطاعات العسكرية والأمنية عن العملية السياسية بحيث تكون محايدة مهمتها الدفاع عن سيادة البلاد وحراسة العدالة وفي هذه المسألة من المهم والملح تحسين مستوى معيشة الجنود ورفع الوعي الحقوقي والتأهيل والتدريب لمنتسبي هذه القطاعات وإعطاؤهم الفرصة لحياة كريمة عبر نظام أرشفة يحفظ حقوقهم. ارتقاء بمستوى الخدمات ويرى د. أمين أن المواطنين يتطلعون إلى قيام الحكومة بعد هذه الانتخابات بالاهتمام بالنظافة العامة في المدن اليمنية الرئيسية والثانوية وكذا التخطيط الحضري، إلى جانب تلبية حاجة المواطنين من الطاقة الكهربائية والمشتقات النفطية بأسعار مناسبة وخاصة فيما يضمن التوسع في الزراعة واستصلاح الأراضي والاستفادة من تجارب بعض الدول، مثل مصر وتوزيع أراض على الشباب لزراعتها وتسهيل حصولهم على تمويل بدون فوائد؛ الأمر الذي يسهل إعادة توزيع الثروة بشكل عادل والأهم على الإطلاق في نظر الدكتور أمين أحمد ثابت هو العمل على وضع حلول للقضية الجنوبية وقضية صعدة بشكل عادل بحيث لا يكون ضرر أو تبقى آثار كتلك التي بقيت بعد ثورتي 26 سبتمبر و 14 أكتوبر. أفق رحب من جانبه أكد اللواء محسن الآنسي عضو مجلس النواب أن الوطن خرج اليوم من دائرة المخاوف الكبرى إلى أفق رحب يتسع لكل ذي بناء وفعل مشرف في ظل حكومة الوفاق وقيادة المشير عبدربه منصور هادي. مطالب ملحة ويرى اللواء محسن الآنسي أن استعادة الأمن والاستقرار في ربوع الوطن وتلبية المطالب الملحة للمواطنين أهم ما يطمح إليه أبناء اليمن بعد الانتخابات الرئاسية وكذا بدء العمل على معالجة القضايا التي هي نتاج للأزمة وإنشاء المجلس الوطني لمناقشة كل القضايا الوطنية التي ستؤدي الحوادث والتوافق بشأنها إلى استعادة هيبة الدولة وبسط نفوذها في كل أرجاء الوطن على أساس تشابك الأيدي والمصالح وتلاقي الرؤى والمشاريع السياسية لتصب في بوتقة المصلحة العليا للوطن ومستقبله المنشود وهو ما يتطلع إليه اليمنيون جميعاً من حيث بناء الدولة الحديثة والقضاء المستقل. خدمات لكن معالجة آثار الأزمة وتداعياتها على مستوى معيشة الناس ومساعدة الدولة على إعادة الخدمات وخاصة المياه والكهرباء والنظر في أسعار المشتقات النفطية والغاز المنزلي والاهتمام بمعيشة الناس ورفع مستوى دخولهم هو من وجهة نظر اللواء الآنسي أهم ما يتطلع إليه الإنسان البسيط بعد أزمة طالت معاناته بسببها وفي نفس الوقت بدء خطوات للقضاء على الفساد بردم بؤر الثقافة الاجتماعية التي توفر له المناخ وتصدر الظلام. قضايا كبرى وقال الآنسي: نأمل أن تسود روح الأخوة والتوافق جميع القوى والأطراف السياسية خلال الفترة الانتقالية الرئاسية لإجراء حوارات تفضي لحل القضايا الكبرى وصياغة الدستور والأسس القانونية الذي ستقوم عليه الدولة المدنية الحديثة وأن يبدأ الجميع هذه المرحلة بنوايا صادقة وبعيدة عن آلام الماضي وجراحاته وبذلك ننتصر لوحدتنا الوطنية ومستقبلنا الأفضل وبحيث نكون أكثر مسئولية ووعيا أمام العالم الذي يرقبنا ويندهش لحكمة أبناء اليمن.. هذه الحكمة لابد أن تكون عنوان ما بعد الانتخابات وحاضرة بقوة في كل خطوة على طريق تأسيس اليمن الجديد وهذه الصورة كفيلة لأن نجد مزيدا من الدعم الدولي واستكمال البنية الأساسية التنموية والأدوات المعنوية والقانونية التي تضمن لليمنيين التقدم والازهار ليعيشوا كغيرهم من الشعوب الطموحة. توازن الدولة أحمد الصوفي مدير المعهد اليمني الديمقراطي أكد أن انتخاب عبدربه منصور هادي رئيساً للجمهورية مثل إيذاناً ببدء مرحلة من المهام والمسئوليات الجسام التي يتطلع أبناء الشعب اليمني إلى إنجازها في أجواء آمنة ومستقرة. وقال الصوفي: إن نجاح الانتخابات سيعيد التوازن العام للدولة وسيستعيد المواطنون ثقتهم بدولتهم وبذلك تحقق أبرز تطلعات الفترة القادمة من حيث الحفاظ على الوحدة الوطنية وتجديد شرعيتنا الديمقراطية ونظامنا السياسي والعمل على تلبية احتياجات المواطنين. انتفاء مبررات التأزيم وأضاف الصوفي قائلاً: لن تكون تحديات الفترة القادمة بحجم ما كان قبل الانتخابات الرئاسية التوافقية؛ لأننا نعتقد أننا عبرنا أخطر المنعطفات، ولم يعد هناك مبرر لأي من القوى السياسية أن تفتعل أزمات.بعد أزمة دامت عاما كاملا أوقفت عجلة التنمية وأوصلت معاناة الناس إلى حد لا يطاق. مسئولية الأحزاب وعن أهم تطلعات اليمن واليمنيين بعد 21فبراير قال الصوفي: الأهم تقاسم الشعور بالمسئولية إزاء المهام المحددة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وعلى الأحزاب التي أصبحت شريكة في العمل والقوى التي رفعت شعارات أعاقت التنمية أن تقوم بواجباتها على أكمل وجه بحسب بنود المبادرة وآليتها المزمنة، والشعور العالي بالمسئولية إزاء هذه المهام هو ما نتطلع إليه ونحن ندخل مرحلة ما بعد الانتخابات. قضايا سياسية أولويات الفترة الانتقالية الرئاسية حسب وجهة نظر الدكتور توفيق مجاهد من جامعة عدن تتصدرها مهام وضع المعالجات والحلول للمشكلات الأساسية ذات الصلة بالحياة اليومية للمواطن، إلى جانب القضايا والملفات ضمن بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، ومنها القضايا السياسية التي دفعت الخلافات بشأنها الوطن كله إلى أسوأ أزمة شملت تداعياته مختلف مناحي الحياة ولعل التباينات حول إقامة الانتخابات العامة عام 2009م وفشل الحوار إحدى تلك القضايا التي جعلت القوى والأحزاب السياسية يفترقون حول مبدأ الانتخابات وليس في إجرائها فقط. معالجة القضية الجنوبية وأضاف د. توفيق مجاهد قائلاً: إن التئام الشمل ومناقشة وحل القضية الجنوبية وقضية صعدة والحوار مع قوى المجتمع المدني في ساحات الثورة وميادين الحرية، إلى جانب إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن يتطلب استعادة الأمن والاستقرار وهي مسألة يجمع اليمنيون على أهمية توفر الوضع الأمني المناسب واستعادة الاستقرار لبدء الحوار الوطني حول مجمل القضايا هذه من أجل تسارع خطوات بناء اليمن الجديد. خطورة القضية الاقتصادية وقال د. توفيق: الانفلات الأمني معالجته أولوية؛ لأن أمن الناس من أمن الوطن وأمن الوطن يعني أمن كل أبنائه ولا بد من تكاتف جهودنا جميعاً مع حكومة الوفاق الوطني والرئيس المنتخب من هذه اللحظة والعمل على تحقيق تطلعات المواطنين كافة على صعيد القضية الاقتصادية وهي قضية أساسية؛ لأنها إذا لم تعالج الأزمة بعد هذه الانتخابات فإن الثورة ستتجدد؛ لأن الجوع كافر ولابد أن يعقب التحول التاريخي المتمثل بحدث يوم 21فبراير تحولات تحقق تطلعات المواطنين وتلبي حاجاتهم الأساسية والضرورية من خلال الاستقرار المعيشي من فترة ليست قصيرة وإلا الوضع سيكون أكثر تعقيداً، وذلك نحن متفائلون بأن الفترة الانتقالية الرئاسية ستشهد إعادة كثير من الأمور إلى نصابها وسيتم خلالها التأسيس لعقد اجتماعي جديد، إذا بلورت الأحزاب والتنظيمات والقوى السياسية وكل ألوان الطيف مشروعاً سياسياً لبناء يمن جديد نتجاوز به مآسي الفترة الماضية ونؤسس لمستقبل أفضل لليمن بكل فئاته وشرائحه وهو المطلب الذي خرج الناس من أجله إلى الساحات.