بناء الذات في أرض المهجر من خلال العمل والتضحية شيء طيب ومكابدة العناء لو أنه طال استحال محرقة للعمر لا يطفئ نارها إلا إنهاء غربة الجسد.. والاغتسال بضوء صباحات الوطن والتطيب بشذى مسقط الرأس.. لكن حينما ينتقل الإنسان من بلد الاغتراب إلى وطنه ليجد نفسه محاصراً بغربة الروح فإن نفسه تستدعي كل صور الألم والحسرة وتضيق به الدنيا بما رحبت، فماذا عساه أن يفعل ؟ العودة إلى غربة الجسد ليست ممكنة إذا ضاقت بك بلدك إلا إذا حملت وطنك سقماً بين جنبيك. لهذا وجد المغترب سعيد عبده سيف غالب نفسه كمن يمشي بين نارين وعلى حد السيف ومع ذلك يشكر من أحسن ويدعو لمن أساء بالهداية وتسمع صوته رغم صرير ماكنة الألم مما يعانيه في وطنه وبين أهله. فمن هو هذا الشخص وما حكايته؟ هو مواطن يقيم في حي حديث حارة الظهرة ومسكنه أقرب إلى طريق الضباب ضمن مديرية المظفر تجاوز عقده الخامس ومضى في الغربة 38 عاماً وتردد على وطنه لإدارة استثماراته في مجال البناء والعمل في المقاولات، وقبل أسبوع استقبل منزله زخات من رصاص الكلاشنكوف بلغت أكثر من 30 طلقة أطلقها مسلحان كانا يركبان دراجتين ناريتين عند الساعة العاشرة مساء، وهو الوقت الذي يتواجد فيه مع أفراد أسرته في حديقة منزله المتواضع.. أثار الرصاص في واجهة المنزل والحوش والبابين الرئيسي والعائلي وسقف الهنجر في الطابق العلوي أما الآثار النفسية ببعدها الاجتماعي فقد طالت الكبار قبل الصغار في البيت وجواره. .. من هم المعتدون ياعم سعيد؟ إنهم مجهولون حتى الآن وقد تفاعلت معنا الجهات المختصة وقيد البلاغ في مديرية المظفر وأخذت أقوال الشهود وحضر عاقل الحارة والآن مازلنا نتابع أخذ الأقوال. أسلوب غريب عن تعز .. هل تظن أن للاعتداء صلة بدورك كمستثمر؟ توجد خصومات مع أطراف في العائلة وخلافات بل قضايا عائلية فقد كانت مصدر قلق وتوتر جعلتني أعود للاستقرار هنا في تعز، ولم أتصور أن أشاهد في هذه المدينة من يطلق النار في ساعة متأخرة من الليل على مواطن واعتصرني الألم والحسرة حينما أصبحت أنا المجني عليه لماذا ؟ لأن هذا الأسلوب غريب عن تعز ثم لأن الأيام تمر ولا نعرف من هم الجناة ولذا نناشد وزير الداخلية ومحافظ تعز وإدارة الأمن أولاً بضبط الجناة عبر متابعة حثيثة ومواصلة ما بدأوا به من أجل منع حمل السلاح والتجول به وعمل معالجة لمسألة الدراجات النارية في زمن يعتبر فيه الخصوم الدراجات وسيلة قتل. اهتمام الوزير والمحافظ وعن ذكر الدراجات ازدحمت في رأسي الأسئلة بقدر ما ترافعت الآهات من صدر المتحدث وهو يقلب مذكرات بتوجيهات من وزير شئون المغتربين إلى محافظ تعز، ومنه إلى مدير أمن المحافظة السابق ثم خلفه بشأن تهديدات سابقة من أناس معينين من التعامل معها لحماية هذا المغترب حتى في وطنه ويحاصره القلق ويعيق أعماله الاستثمارية، ويتحدث عن تفاعل المسئولين وقيام البحث الجنائي بدوره وكذا النيابة وتم تحويل ملفاته إلى المحكمة والبعض إلى النيابة. هلع شديد .. والسؤال هنا وماذا بعد؟ العم سعيد أراد عدم الخوض في الاعتداءات التي تحصل ومحاولات الأفراد والجماعات اللجوء إلى قانون الغاب وقد أصاب مستثمرين هلع شديد من تنامي ظاهرة استخدام السلاح ضد الخصوم واستخدام الدراجات النارية كوسيلة من قبل مسلحين لتنفيذ أهداف إجرامية، ويأسف العم سعيد من رداءة السلوك لدى بعض مستخدمي الدراجات ممن ينامون نهاراً ويتحركون ليلاً وتزايد حالات الانحرافات وارتباطها بتدني مستوى التعليم ويقول عن طبيعة معالجة مثل هذه الحالة إنها ممكنة من خلال محاكاة ما طبق في بلدان قريبة منا بعمل ضوابط منها منع حركة الدراجات بعد الخامسة مساءً وهو نظام عملت به الهند «وأعجب منك كصحفي أن تسأل عن الإجراء الممكن اتخاذه» ألا يمكن أن يسترزق الشخص بالدراجة من 7 صباحاً إلى الخامسة مساءً. حالة رعب ويضيف وهو يضغط جسده على المقعد وكأنه لم يجد من يشاطره الرأي فيقول : أمر خطير جداً أن يروع الآمنون في بيوتهم أو في الطريق وأن يحاول راكب دراجة قتلك ويهرب بسهولة أليس أمر خطير جداً؟ قضيت 38عاماً في السعودية في مجال المقاولات المعمارية ورأيت بل عايشت كيفية تطور حياة الناس ونظم المرور ثم عشت حالة رعب من كثرة المعاناة هناك بسبب قضايا داخل الوطن وجئت ووجدت من يحاول قتلي لأنتقل من الإحساس برعب أسرتي وأولادي إلى الرعب مما حصل لي هذا الأمر جعلني أفكر بترك اليمن نهائياً وهو خيار إذا أستمر الوضع كما هو إذ كيف تشعر في حالة عدم الشعور بالأمن.. ألف تحية لمدير مديرية المظفر والأمن عموماً على تحركهم، لكن أين الجناة بعد أسبوع من الاعتداء؟!. أمن المواطن قد تسألني عن حب الوطن نعم حب الوطن من الإيمان وأنا أحبه وأقبل ترابه، ولكن لابد أن يتفاعل المجتمع ويفكر ويوجد طرقاً تساعد في مواجهة المشكلات المؤثرة على أمن الناس وتهدد حياتهم حتى داخل الحارات ثم الطريق العام. ظلم ذوي القربى العم سعيد لفت إلى حالة التردي الأخلاقي لدى كثير من الأفراد وشيوع الغدر والدسائس وهي قيم سلبية ومن شيم الضعفاء واستقوى البعض بالسلاح وكأنه مكمل لرجولتهم والاسراف في التهديد والوعيد على أتفه الأسباب وقال: حتى الأقارب تحسن إليهم وتفتح بابك لهم وتجد منهم عداوة وإن كنت قد فتحت محلات لممارسة نشاط تجاري لعدد منهم، وأعطيت بدلاً من أولادك لكنهم في المناخ السائد يحاولون ابتزازك بطرق شتى ولأن مستواهم التعليمي متدنٍ يسعون لاعاقتك والأضرار بك عن طريق.. أحد أولادك، وتصبح أنت المقصر في نظرهم وأي عتب أو نصح يغدو سبباً لخصومة وإفراط في التهديد وكيل التهم الباطلة، هذا ما أعانيه ورغم ما يتطلبه اللجوء إلى القضاء من صبر وجلد وتضحيات فقد فعلنا وأصل الإشكال إما حسد أو محاولة ابتزاز وهذا جزء من كل، تعرضت بيتي بسببه قبل شهر رمضان لحصار “28/4/2012م” لمدة ساعتين وتلقيت تهديداً بصوت مسموع بحرق المنزل كنت حينها في السعودية من قاموا بهذا الفعل ومن أطلق النار على منزلي لماذا استخدم السلاح ؟ من يجيب ولماذا هم مجهولون، مجرد سؤال يقال : “عندما تسوء أخلاق مجتمع ما يبدأ القانون” ومن يحس بمعاناة مثل هذا الشخص وهو يعي تماماً أننا لسنا في دولة الحكمة أو قل الجمهورية الفاضلة أو الخلافة الراشدة، فمن المؤكد أن تعاطفه يتجاوز مشكلة الخاص إلى الاهتمام بالعام ومعاناة الناس في ربوع اليمن مما يعبر عنه بالهزات الارتدادية للزلزال وما أصاب البلد من تغيير. انحرافات إن محاولات أناس التأثير على غيرهم من خلال محاولات جر الأبناء إلى بؤر الظلال والممنوعات طعنة في قلب الضوابط الاجتماعية في حال تراخي سلطة الدولة وطي الأزمات، ذلك أن المرء لا يخشى شيئاً أكثر من السمعة السيئة هذا ما قاله لسان حال سعيد عبده سيف الذي سألته عما يود قوله كمسك ختام فتطايرت من فمه كلمات بنكهة الاحتجاج أو الشعور بالأسف حيث قال : المثقف هل اعتزل الكلام، الاعلام أين هو؟ أنا واحد من الناس والكل يضع أسئلة تتصل بانحدار السلوك الاجتماعي وتزايد العنف والطمع والجشع والانحرافات والأصل أن نجد إجابات، وأدعو بل أطلب من وسائل الإعلام والمثقفين والدعاة أن يقتربوا من الناس أكثر ويركزوا جهودهم على القضايا الاجتماعية كغيرها.. الإعلام عين المجتمع وسلطة رابعة، بالله عليكم اكتبوا بإحساسكم وانشروا الوعي بحقوق الإنسان وحاربوا حمل السلاح بالكلمة والرأي السديد لنأمن ويعمل كل واحد منا في أمن واستقرار وبناء الوطن حتى لا نكون فيه غرباء.