أصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية الثلاثاء الماضي قرارا جمهورياً بإنشاء وتشكيل لجنتين لمعالجة قضايا الأراضي والموظفين المُبعدين عن وظائفهم في المجال المدني والأمني والعسكري بالمحافظات الجنوبية..حيث يأتي هذا القرار في إطار حرص القيادة السياسية على معالجة القضايا المتعلقة بالأراضي والموظفين في المحافظات الجنوبية كنوع من تحسين المزاج العام لدى الشارع في المحافظات الجنوبية قبل الدخول في الحوار الوطني والمصالحة الوطنية ونظراً لما تقتضيه المصلحة العامة. لذلك تقرر تشكيل لجنة لمعالجة قضايا الأراضي وهي مشكّلة من 5 قضاة ولجنة أخرى لمعالجة قضايا الموظفين الجنوبيين المبعدين عن وظائفهم وهي مكونة من خمسة قضاة وأربعة ضباط عسكريين لمعالجة هذه الإشكاليات التي بدأت في صورة مطالب حقوقية تتعلق بعمليات سطو ونهب على أراض في الجنوب من قبل نافذين من القيادات العسكرية والأمنية والزعماء القبليين، إضافة إلى إقصاء لموظفين عسكريين ومدنيين وإحالتهم إلى التقاعد وتطورت بسبب التباطؤ في معالجة هذه الإشكاليات التي ظهرت بعد حرب صيف 94 إلى أن أصبحت اليوم مشكلة تهدد الوحدة الوطنية وباتت تعرف بالقضية الجنوبية. الجمهورية ناقشت أهمية تشكيل هاتين اللجنتين وخرجت بالحصيلة التالية.. مزاج إيجابي البداية كانت مع السفير عبد الوهاب طواف والذي علق على ذلك قائلاً بأن إنصاف المظلومين من واجبات الدولة الأساسية بغض النظر عن أن هناك مؤتمرا للحوار أو لم يكن هناك مؤتمر. وقال: لهذا أرى أن تشكيل هذه اللجان تصب في خلق مزاج إيجابي لدى الناس في كل المحافظات، فإنصاف المظلومين يخلق أملا جديدا عند من ظلم من كل المحافظات. مضيفا بأنه على ثقة بأن نجاح تلك اللجان في حل الإشكالات التي سببها النظام السابق سيخلق انطباعا جيدا يصب في خانة اللحمة الوطنية، كما أن نجاح تلك اللجان سيعتبر اللبنة الأولى في بناء مجتمع مستقر. كما أن الرئيس حريص كل الحرص على ترتيب البيت اليمني بهدوء وبإرادة سياسية صادقة تقود سفينة الوطن إلى بر الأمان. وأغلب مشاكل اليمن هي قضايا حقوقية وخلل في توزيع السلطة والثروة التي استفرد بها مجموعة صغيرة جاهلة قادت الوطن إلى ظلمات. ملكية عامة أما الأستاذ علي سيف حسن رئيس منتدى التنمية السياسية فقال: إن قضيتي الأراضي في عدن والمتقاعدين يمكن تصنيفهما ضمن التنفيذ الانتقائي المتعسف للقوانين. فأراضي عدن كلها في الأساس ملكية عامة منذ أن اشترت بريطانيا منطقة عدن بكاملها، ثم أضيف إليها ما كانت تمتلكه القاعدة البريطانية والإدارة البريطانية من عقارات، وزيد فوق ذلك ما تم تأميمه في ظل النظام الاشتراكي السابق وما أنشأته أو بنته الدولة منذ الاستقلال وحتى قيام الوحدة فكيف سيتعامل القضاة الأفاضل المتخصصون في المواريث الشرعية في مثل هذه الحالة, وكذلك الحال بالنسبة للمتقاعدين؛ حيث تم تطبيق قانون التقاعد العسكري عليهم بصورة استثنائية دون أن يطبق على نظرائهم ممن بلغوا الأحد عشر أجلاً. اعتذار عملي الأستاذ لطفي نعمان السكرتير الصحفي لرئيس مجلس الشورى قال من جانبه بأنه من الممكن اعتبار قرارات رئيس الجمهورية الأخيرة بشأن تشكيل لجنتي معالجة “العلل الجنوبية”، اعتذاراً عملياً عن النتائج السلبية لصيف 1994م. ودونما شك فإنه يزرع خيراً في طريق الحوار الوطني ما لم يذهب المفسرون مذاهب شتى في التقليل من أهمية هذا القرار الذي يتطلب تنفيذاً جاداً وتعاوناً مخلصاً. وقال: أما إذا أفسح المجال لضرب القرار بتفسيرات سياسية ومعوقات واقعية فعلى الدنيا السلام، وكأن شيئاً لم يكن. لذلك من المهم أن تشق قرارات رئيس الجمهورية السبيل إلى التنفيذ لئلا تبقى حبراً على ورق. تقرير باصرة أما الدكتور عبدالسلام الكبسي محلل سياسي وأكاديمي بجامعة صنعاء فقال: كان ينبغي على أصحاب القرار الاستفادة بتوفير الوقت والمال والجهد من تقرير هلال باصرة, فهو كاف, ويحقق الغرض, إلا أننا في اليمن إن أردنا فعل شيء, فمن خلال الإعادة, وإعادة الأمور بالإعادة مرة ثانية, وعلى كل فمرحباً باللجان, وإن كانت مشكلة اليمنيين ليس في عدم وجود لجان؛ بل في نظام يحقق العدالة الاجتماعية، نظام يطرح أفكاراً ويتلقف الأفكار رجال يفعلونها, ولا يرضون بغير بلورتها إلى أشياء في تنمية المجتمع. الأهم التنفيذ أشرف شنيف رئيس المكتب الفني بحزب العدالة علق أيضاً على ذلك قائلا:القرار أصنفه بالهام والضروري، ولكنه أتى متأخراً كثيراً، ولكن أن يأتي متأخراً أفضل من عدم صدوره. مضيفا بأن القرار يحتاج إلى وقت وجهد طويل كي ينفذ على أرض الواقع، كونه سيقوم على تمهيد الرأي العام في الجنوب في تقبل الحوار شيئاً فشيئاً؛ كونه سيعيد أكثر الحقوق وسيعمل على حل مشاكل فساد كبيرة عانت منه أراضي الدولة في الجنوب، كما سيعمل على حل نوع ما من الاحتقان الشعبي بإعادة الاعتبار لمنتسبي القوات المسلحة من أبناء المحافظات الجنوبية والذين تعرضوا لممارسات تعسفية طويلة. والمهم في تنفيذ هذا القرار التطبيق على أرض الواقع بإخلاص ومصداقية وشفافية ووضوح، ومراجعة أعمال هذه اللجان؛ كون الأعمال دقيقة ونتائجها هامة وخطيرة كونها ستعمل على حل الاحتقان الشعبي أو العمل على تأجيجه لا سمح الله في حال فشل تلك اللجان أو فسادها، ولكننا نظن بها الخير إن شاء الله. وأتمنى أن أرى لجنة أخرى لتعالج مشاكل أراضي الحديدة وتهامة على نفس نسق مشاكل أراضي الجنوب. خطوة هامة أما العقيد عبد الغني الوجيه فقال: اللجان التي شكلت خطوة هامة في طريق الحوار الوطني المأمول وستكون هي القول الفصل في استجابة الممانعين للحوار بحجة القضية الجنوبية أو كشف زيف ادعاءاتهم وإبانة حقيقة موقفهم. وقال: آمل أن تكون اللجنتان مقدمة للجان أخرى لكل المظلومين في المحافظات الشمالية أيضا. مؤكدا أن معالجة هذه الإشكاليات ليست معقدة للدرجة التي تستعصي الحل؛ لكن يجب أن تتوفر الإرادة الحقيقية لحل المشكلة التي نتجت عن الإقصاء مع الاستعداد لقبول مظالم الآخرين المشابهة والمماثلة وعلى سبيل المثال فإن منع الازدواج الوظيفي كفيل بتغطية الدرجات المطلوبة وتوريد خصومات الغياب الوظيفي إلى (الدولة) كفيل بتغطية النفقات الجديدة وهكذا. إزالة الاحتقان النفسي الدكتورة سامية عبد المجيد الأغبري أكدت أهمية تشكيل هذه اللجان، وقالت بأنها خطوة إيجابية وبداية في الاتجاه الصحيح لإزالة بعض من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية السيئة التي تعرض لها أبناء المحافظات الجنوبية بعد حرب صيف 1994 المدمرة لكل القيم الإنسانية الجميلة. ولعل هذين القرارين يساعدان في إعادة الحقوق المسلوبة إلى أصحابها، والسعي لبناء يمن ديمقراطي وحدوي على أسس فيدرالية بحيث لا تكون اليمن دولتين معزولتين؛ وإنما دولة تقوم على عدم تهميش منطقة والاهتمام بأخرى. وتكون الفيدرالية هي الحل الأمثل ليمننا الحبيب وتسمى اليمن بالولايات المتحدةاليمنية. ويكون التقسيم على أساس القرب الجغرافي والتقارب في العادات والتقاليد بعيدا عن التقسيم السياسي ذي البعد المناطقي. ويكون الهدف من الفيدرالية هو تحقيق قدر كبير من التنمية الشاملة لكل الأقاليم اليمنية دون تهميش أي منطقة أو إقليم. كما نتمنى صدور قرارات جديدة تضمن حقوق كافة المواطنين في مختلف مناطق اليمن وخصوصا تهامة وتعز. والتركيز على رعاية أسر شهداء وجرحى الثورة الشبابية الشعبية السلمية. وتضيف قائلة: والأهم من ذلك أن تكون هذه القرارات حيز التنفيذ لا أن تصبح مجرد محاولة لتهدئة النفوس بشكل موقت.