في إطار التحضيرات السياسية والمجتمعية لمؤتمر الحوار الوطني والمزمع انطلاقه في الثامن عشر من الشهر القادم استضاف منتدى النادي الدبلوماسي بصنعاء السيد كيني جلوك مدير مكتب السيد جمال بن عمر بحضور ومشاركة عدد من السفراء والدبلوماسيين اليمنيين والأكاديميين السياسيين وذلك لمناقشة التحضيرات الجارية لمؤتمر الحوار وما الذي يمكن أن يقدمه السياسيون والدبلوماسيون لدعم الحوار الوطني، خاصة أنهم من أبرز الشرائح المثقفة في المجتمع اليمني،وأيضاً كيفية معالجة الإشكاليات والقضايا التي يعول على المؤتمر الخروج بمعالجات علمية وواقعية لها . تجنب الكارثة البداية كانت مع المستشار السياسي السيد كيني جلوك مدير مكتب السيد جمال بن عمر المبعوث الأممي إلى اليمن والذي أكد بأن الربيع العربي في اليمن يختلف عن غيره من الدول العربية وأنه بالإمكان أن يكون مثالاً يحتذى به، وقال: لا يخفى على أحد أن اليمن استطاعت أن تتجنب الحرب الأهلية التي كانت تلوح في الأفاق ،وقد تجنبت تلك الكارثة بفضل حكمة اليمنيين وبتعاون دول الإقليم والمجتمع الدولي. وقال السيد كيني والذي حضر إلى منتدى النادي الدبلوماسي بصفة شخصية إنه بالرغم من النجاحات التي تحققت حتى الآن إلا أن هناك العديد من التحفظات على عملية الانتقال السلمي للسلطة في اليمن، هناك حكومة وفاق بالبرعم أن الإجماع الوطني في مثل هذه الحالات هو أمر صعب جداً وهذا من الأشياء الطبيعية في إي مرحلة الانتقالية، وكما نعلم ستنتهي هذه المرحلة في العام القادم 2014 م بالانتخابات البرلمانية والرئاسية . و أشار السيد كيني والذي عمل في مناطق النزاعات في أكثر من منطقة كدارفور والكنغو الديمقراطية وفي الاتحاد السوفيتي وفي آسيا الوسطى وغيرها أشار بأن الجهود الأممية تركز حاليا على انطلاق مؤتمر الحوار الوطني من خلال مشاركة مختلف الأطياف السياسية الموجودة على الساحة لكن الأهم هو وجود نوع من الثقة بين الأطراف المتحاورة لذلك من المهم أن يكون هناك مرجعيات أو شخصيات يمنية تكون هي عامل توازن، مثلا في جنوب أفريقيا كان هناك الزعيم الأفريقي نيلسون مانديلا والذي استمر في سجنه حوالي خمسة وثلاثين عاماً، لذلك عند خروجه من السلطة كان كبيرا في السن وليس لديه أي رغبة في السلطة، لكنه كان يطمح لتحقيق شيء لبلاده لذلك كان هناك إجماع وطني حول الزعيم الأفريقي مانديلا، وهذا ما نطمح إلى وجوده في اليمن أن يكون هناك شخصيات تتميز بالتوازن يكون حولها إجماع وطني لتكون هي مرجعية للكثير كي تستمر عملية التسوية السياسية في إطارها الصحيح بحيث لا يكون هناك ظالم ولا مظلوم وبالتالي ينجح مؤتمر الحوار الوطني في الخروج بقرارات عملية تعالج مختلف القضايا الموجودة على الساحة اليمنية وتستفيد أيضاً من الدعم العالمي لأمن واستقرار اليمن، كما أن دور المجتمع الدولي كوسيط بين مختلف الأطراف هو محاولة تقريب وجهات النظر والحلول والأفكار نتركها للمعنيين ولا نفرض عليهم أي معالجات، وبالنسبة للقضية الجنوبية والتي تعتبر من أهم القضايا الموجودة يجب على مؤتمر الحوار أن يؤكد للجنوبيين بأن توجه ونوايا سياسية جديدة تجاه الجنوبيين خاصة ما يتعلق بهيكلة الجيش والدستور وشكل نظام الدولة والحقوق وأنه ليس هناك إقصاء لا مكون مستقبلا... وقال السيد كيني شخصيا أتصور بأن ابرز القضايا الموجودة التي يجب أن ينجح مؤتمر الحوار في معالجتها هي قضية الدستور اليمني، اليمن اليوم بحاجة ماسة إلى صياغة دستور جديد يلبي طموحات الشعب اليمني في دولة مدنية ديمقراطية، وكما نعلم أن جزء من هذا الدستور هو عبارة عن مبادئ عامة عن الحريات وما إلى ذلك والجزء الآخر يتحدث عن شكل النظام القادم مركزي أو فيدرالي أو غير ذلك حسب ما سيقرره اليمنيون، منوهاً بأن فرنسا لا تكتب لليمن دستورها كما يتصور البعض ولا المجتمع الدولي أيضا وإنما كل هذه الدول تحاول مساعدة اليمنيين فنياً في صياغة دستورهم الجديد من خلال استعراض العديد من دساتير دول العالم. تجاوز الماضي الدكتور علي أحمد الديلمي الوزير المفوض بوزارة الخارجية قال: نحن اليوم أمام استحقاق مهم وهو مؤتمر الحوار الوطني، هذا الاستحقاق يتطلب من جميع القوى السياسية أن تكون أكثر جدية وإرادة لمعالجات الإشكاليات الموجودة وتجاوز الماضي بكل سلبياته من اجل بناء الدولة المدنية التي ينشدها الجميع. مضيفاً بأن ذلك لن يتم إلا من خلال اتفاق القوى السياسية الموجودة حول تقاسم السلطة والتخلي عن قوة السلاح، وأن تكون لدى الجميع الإرادة الكاملة لمعالجة القضايا من خلال الحوار. مشيراً بأن المشاكل التي تعاني منها اليمن اليوم هي بسبب السلطة لذلك يجب أن يتم أرساء الأسس الصحيحة للوصول إلى السلطة من خلال التنافس الديمقراطي النزيه، وهذا الأمر لن يتم إلا من خلال بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة التي تكفل الحقوق للجميع، وكما نعلم أن العالم من حولنا في تغير دائم وفي اليمن أيضا هناك تغيرات وتحول في تفكير المواطن وهناك قوة شعبية تطمح للتغيير وللدولة المدنية، هذه القوة هي التي نعول عليها لإيجاد حالة من التوازن من أجل بناء الدولة المدنية المنشود وبناء الدستور وبناء الجيش على أسس وطني وبناء مؤسسات الدولة، كما أن ممارسات البعض والتي كان يتم ممارستها في الماضي لن تحقق شيئا في المستقبل. مشروع الدولة الدكتور سامي السياغي مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة صنعاء قال من جانبه: للأسف الشديد هناك غياب لمشروع الدولة بسبب غياب للإرادة، لأن مشروع الدولة يتعارض مع مصالح النخب السياسية، وقال السياغي: علي عبدالله صالح له الكثير من الأخطاء لكن في المقابل هناك مبادرة وتسوية سياسية وقعت عليها مختلف الأطراف السياسية لذلك يجب احترام هذه المبادرة من قبل مختلف الأطراف الموقعة عليها، أيضاً المستقلين للأسف نلاحظ أن تأثيرهم محدود بسبب التشتت الحاصل وعدم تكوينهم لتكتل خاص بهم، لذلك الكثير لديهم تخوفات إلى أين سيذهب بنا الحوار الوطني، وأعتقد أن مراكز النفوذ من دول الإقليم والدول الأعضاء في مجلس الأمن لديها الكثير من الخيوط لحلحلة الكثير من القضايا التي تصب في إطار المعالجات، لذلك أتصور انه من الضروري أن تكون هناك خارطة طريق لهذه المعالجات تضع في الاعتبار التوازنات الموجودة، كما أعتقد أنه لن يكون هناك صراع قادم والسبب هو أن جميع القوى تحاول الحفاظ على مصالحها، والقضية الجنوبية بالرغم من تعقيداتها إلا أنه من الممكن الوصول إلى حلول منصفة وعادلة إذا توفرت الإرادة لإيجاد هذه الحلول. إيجاد الدولة القوية المحلل السياسي الدكتور عادل الشجاع قال بأن المشهد اليمني مضطرب ولو عدنا إلى مدخلات هذا المشهد لوجدنا أن النظام القبلي هو صاحب السلطة ويبحث عن وسيط بشكل دائم، فإذا بدأنا من ثورة 26 سبتمبر لوجدنا أن السلال كان وسيطاً بين قوتي القبلية والعسكرية والقاضي الأرياني في 67 م أيضا كان وسيطاً ثم بدأ العمل في اتجاه إيجاد الدولة المدنية فحاربته القبيلة حتى اضطر أن يسلم السلطة للقوة العسكرية وفقا لاتفاق سري مع الرئيس إبراهيم الحمدي، خاصة أن الرئيس الحمدي كان لديه مشروع دولة، لكن للأسف بعض دول الإقليم لم تسمح لإبراهيم الحمدي تنفيذ مشروعه ، لأنها تريد أن تبقى اليمن دولة هشة من أجل الحفاظ على مصالحها، لذلك تم تصفية الرئيس الحمدي فجاء بعده الغشمي ولم تتضح ما هي رويته لأنه لم يستمر سوى بضعة أشهر ثم جاءت فترة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وهي الفترة الأطول للرؤساء السابقين، استطاع الرئيس صالح بذكائه من انتزاع السلطة من القبيلة، لكن للأسف وصل النظام السابق إلى مرحلة متقدمة من الفساد والإفلاس إلى درجة انقسامه إلى شطرين، أيضا الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة ليس لديها مرجعية وطنية وإنما لديها مرجعيات خارجية وغيرها وما إلى ذلك من إشكاليات ، هذه المدخلات السريعة تؤكد لنا حجم الإشكاليات الموجودة في اليمن، لذلك أتصور أن الحوار الوطني لن ينطلق في الثامن عشر من شهر مارس القادم بسبب الإشكاليات الموجودة والتي تحتاج إلى الكثير من التحضير والإعداد خاصة أن الأحزاب السياسية إلى الآن ليس لديها مشروع وطني، وليس لديها مفهوم عن الدولة المدنية، لأنه كيف لنا أن نتحدث عن دولة مدنية بينما يقتل شخص في الحصبة على يد احد مرافقي المشايخ بسبب شجار على خمسمائة ريال فقط ولم يتحدث الإعلام الرسمي عن مثل هذه الممارسات المؤسفة، أيضا الأحزاب كما نعلم لم تقدم ما نستطيع أن نعتبره بوادر حسن النية تجاه بعضها البعض ولم تتفق حتى الآن على نظام الدولة مستقبلا فيدرالية أو مركزي أو غير ذلك . شخصيا أتصور أن اليمن في ظل هذه الإشكاليات الموجودة لا يصلح لها سوى النظام اللامركزي لخلق دولة قوية وأيضاً تكون صاحبة كلمة قوية في المنطقة بحيث لا تتدخل إي دولة في شؤونها، وبالنسبة للقضية الجنوبية وقضية صعدة في الأساس هي قضايا حقوقية فإذا وجدت الدولة القوية العادلة بالتأكيد ستقوم بتعويض الناس عن هذه الحقوق ، وكان يفترض على حكومة الوفاق أن تذهب إلى الجنوب وإلى صعدة وتطلع عن كثب عن هذه الحقوق وبالتالي تعالج هذه القضايا لأنها قضايا حقوقية بدرجة أساسية. القبول بالآخر السفير أحمد عمر قال من جانبه بأنه يجب وضع خارطة طريق للقوى السياسية المتصارعة في اليمن، لأنه إذا دخلت هذه القوى إلى الحوار الوطني في ظل انعدام الثقة الموجودة أتصور أن الحوار الوطني لن يفضي إلى نتيجة إيجابية، لكن إذا كانت هناك رغبة لدينا نحن اليمنيون لقبول الآخر وبناء الدولة المدنية بعيداً عن الإقصاء سيخرج مؤتمر الحوار الوطني بالنتائج المرجوة، لهذا لا بد من تعزيز الثقة قبل الدخول إلى مؤتمر الحوار الوطني وذلك بمساعدة الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، كما أنه من المهم معرفة أن مؤتمر الحوار الوطني لن يقدم حلول ومعالجات لكافة الإشكاليات التي نعاني منها، مشاكلنا كثيرة ومتعددة منذ عشرات السنين ونحن نرحلها ، لكن لو قدم لنا مؤتمر الحوار حلولاً لقضية الدولة وشكل النظام وتم صياغة دستور جديد يتوافق عليه كافة اليمنيين ويلبي طموحاتهم في دولة مدنية عادلة سنكون قد حققنا إنجازاً مهماً وكبيراً لليمن. اليمن هي الباقية أيضاً الأستاذ عبدالله الدعيس الوزير المفوض بوزارة الخارجية أكد من جانبه أن اليمن أكبر من الأشخاص، اليمن هي الباقية والأشخاص مهما كانت مكانتهم زائلون، لذلك على جميع المثقفين والأكاديميين أن تكون لهم كلمة اليوم، خاصة فيما نلاحظه اليوم من تقاسم ومحاصصة وإقصاء للمثقفين وغيرهم. وقال الأستاذ الدعيس: اليمن اليوم تمر بمرحلة مخاض للتحول من النظام العسكري إلى النظام المدني الديمقراطي ، ونعول كثيراً على أن يعالج مؤتمر الحوار الوطني قضية الدولة شبه المنهارة، الجميع اليوم ينشدون الدولة المدنية الديمقراطية وهذا في تصوري لن يتم إلا من خلال بناء الجيش والأمن وفقاً لأسس وطنية بحيث يكون الولاء للوطن بعيداً عن الولاءات الشخصية والمناطقية الضيقة.. دولة فيدرالية الأستاذ حسن مسعود الوزير المفوض بوزارة الخارجية ونائب عميد المعهد الدبلوماسي أشار أيضاً بأن مشاكل اليمن في شمالها أو جنوبها هو بسبب عدم وجود الدولة بمفهومها كدولة، وقال في الماضي عاصرنا الانفصال ثم عاصرنا عهد الوحدة ذات الاندماج الكامل وكلاهما كان سيئاً، وعلينا أن نجرب خيار الدولة الفيدرالية، كما أن قضية الجنوب ليست قضية حقوقية، لأن الجنوبيين يعتبرون أن الوحدة الاندماجية الطوعية انتهت في العام 94م وللأسف منذ ذلك الوقت وحتى اليوم لم يتم معالجة هذه الإشكالية، لذلك أرى أنه من الضروري أن يجلس الوسيط الدولي مع الحراك الجنوبي، وأن يكون هناك حوار جنوبي جنوبي أولاً من أجل الدخول إلى الحوار الوطني ولدى الجميع رؤية واضحة لكيفية معالجة الإشكاليات التي نعاني منها خاصة إشكالية بناء الدولة، وأعتقد أن ذلك هو دور الوسيط الدولي خاصة في ظل انعدام الثقة في الوقت الحالي.