ابراهيم الطفل الذي يطل عليك بعينين بريئتين بشارع الحمراء يشير الى حذائك ويطلب ان يمسحه فيختصر ألف مقال عن ازمة العرب وكارثة سوريا. وابراهيم فر من درعا وترك المدرسة في الصف الخامس وكل سنده شقيق فر معه ومن الصف التاسع !. لا يعرف ما جرى وما يجري وكل ما يعرفه انه فقد أسرته ومدرسته ولا يعرف أين سيذهب. هم ابراهيم يجعلك تشق ملابسك وتصرخ بكل القتلة !! - هو يهم ايجار غرفة تكدس فيها مع عشرين آخرين تقطعت بهم السبل من قرى سوريا الى لبنان المكتظ بسكانه وهمومه ومخاوفه !. لا مكان للتحليل السياسي مع هذا الرصيف والحديث مع طفل تغرق عيناه الشقراوان بقهر كل الدنيا هو لا يكف عن نظرة الحزن يقلب عينيه في مدينة تستقبل الصيف بعري ساخن!! ومواكب لا تنظر اليه ولا يسمع جيدا لأن ضجيج الحرب في قلبه الصغير لا يجعله يهتز طربا لهذا الشارع الصاخب في قلب مدينة متمردة !. ** في القاهرة وفي قلب مدينة نصر حيث لا تجد اين تسير من زحمة السيارات الفارهة ترقبك سهير الهاربة هي الاخرى من سورية وكل حلمها ان يصمد شقيقها غسان بمطعم الشوارما ليعيشوا بدون قهر .. لا تعرف الشابة ان تشرح لك مأساتها لكن لا مفر كان أمام ما تبقى من الأسرة نحو مدن قاسية بعيدة !. في عمان لا يصل من الفارين إلا من كان ذا حظ ويخرج من حصار خيم وقرى منهكة بالخوف شقيقة قراهم الاخرى هناك ! ** لا أقوى ان انخرط في برنامج يتحدث عن هذا القهر والمأساة فاعتذر! إن ما يجري في سوريا لا وصف له !. وعواقبه لا تتوقف عند حدود بلد محاط بالقلق والبلدان الهشة المحيطة به وتعاني هشاشة اكثر منه !. ** ان قيامة اخرى تجري هناك ومأساة عرب كثر وليس سورية فقط ! هذا الدوي لسقوط اقليمي واسع نرقبه كلما اقتربت من ملف ملغوم بالقهر والمؤامرات! **أراني وأنا أحاول ان اكتب عن سوريا استعير من ابراهيم الصغير ماسح الاحذية في شارع الحمراء بقلب بيروت استعير منه عينيه لأرى هذا الخراب والضباب والافق الكئيب. استعير منه عينيه لأبكي عجزنا !