فيما تتواصل مسلسل الانطفاءات اليومية المتكررة في أغلب المحافظات اليمنية وذلك بسبب الأعمال التخريبية التي تتعرض لها خطوط نقل الطاقة من محافظة مأرب والتي أخفقت وزارة الداخلية وجهازها الأمني ووزارة الكهرباء في التعامل معها وحمايتها من الأعمال التخريبية التي تطالها في كل يوم ويحتل قطاع الكهرباء المرتبة الأولى بين قائمة الخدمات الأساسية التي تأثرت بالأزمة السياسية؛ حيث تعرضت البنية التحتية للكهرباء لأعمال تدمير وتخريب واعتداءات متكررة أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل عن العاصمة صنعاء ومعظم محافظات اليمن ويستغرب عدد من المواطنين مما يصفونه بعجز الأجهزة الأمنية عن حماية محطات الكهرباء في ظل الاعتداءات المستمرة التي تقوم بها جماعات مسلحة، بينما يكتفى بإرسال وزارة الكهرباء مهندسين لإصلاح المحطات بعد كل تفجير وتعلن الأجهزة الأمنية بين الحين والآخر اعتقال أشخاص بتهمة التورط في الاعتداء على محطات الكهرباء، وتوجّه الاتهامات من جانب اليمنيين إما على جماعات قبلية تسعى للضغط على الحكومة لإطلاق سراح ذويها، وإما جماعات من النظام السابق. بحسب تقرير صادر عن المؤسسة العامة للكهرباء فإن الخسائر التي تكبدتها المؤسسة جراء الاعتداءات المستمرة على خطوط نقل الطاقة الكهربائية، تجاوزت ال 33 مليار ريال يمني (120 مليون دولار) تشمل تكاليف قطع الغيار والإصلاحات والطاقة المنقطعة. وبلغت الاعتداءات التي طالت خطوط نقل الطاقة الكهربائية مأرب - صنعاء 148 اعتداءً منذ عام 2010 وفق التقرير ذاته. ضعف هيبة الدولة يؤكد المهندس باسل أنيس حسن يحيى (مهندس في وزاره الزراعة) أن الانفلات الأمني والتقطعات بكافة أشكالها بوطننا الحبيب اليمن موجودة منذ سنوات عديدة وليست حديثة الشأن والسبب يتمثل في ضعف هيبة الدولة بل غيابها أحيانا. وقال: ضعف الدولة وتفريطها بالحفاظ على حقوق المواطن والمصالح العامة أعطت الفرصة والتشجيع للمخربين والمجرمين من التمادي بالاعتداء على المواطنين الأبرياء وضرب المصالح الخدمية من خطوط كهرباء وغيرها. لهذا لابد من أن تتوحد الكلمة والموقف بمواجهة هؤلاء المخربين والعابثين بحياة ومصالح الوطن والمواطن وهذه مسئولية الدولة من خلال أجهزتها الأمنية بشكل خاص وبقية المؤسسات بشكل عام ولن يكتمل دور الدولة إلا بمشاركة أبناء الوطن الشرفاء بمواجهة هذه العصابات من خلال التعبير عن رفضهم القاطع لهذه التقطعات والاعتداءات على أرواح المواطنين الأبرياء. الصمت يعتبر مشاركة بالجريمة وأدعو اليمنيين بإعلاء كلمة الحق وتقديم مصلحة الوطن والمواطن على بقية المصالح الضيقة. أسباب القطع المتكرر الشيخ أمين عاطف أحد مشايخ حاشد ومقدم في الجيش اليمني يرى أن أسباب مشكلة القطع المتكرر للكهرباء تتمثل في عدم القبول بما يشبه التحديث الفكري الإلزامي للتعامل مع المشاكل الاعتيادية من قبل أصحاب القرار ممثلة بالقيادة السياسية وكذلك النظام البيروقراطي وعدم وحدة إصدار القرار والاختلاف في تنفيذه من قبل الوزير في الكهرباء واستجابة وزير الدفاع وبعدها إليه تفسير الأوامر لدى الوحدات العسكرية التي تتعارض عادة مع نهج السلطة المحلية والوجاهات في تحويل التنفيذ إلى نهج يشجع المتقطعين الآخرين ممن لديهم مشاكل متعثرة بغض النظر عن شرعية المطالب من عدمها وقال: أهم خلل في نظري هو عدم وجود مسئول مختص بأعمال معينة مثل مسئول تأمين خطوط الكهرباء ومنحه الصلاحية لرفع مطالب المواطنين وكذلك صلاحية الحسم الكامل لاستخدام كل الإمكانيات المحلية للدولة لمنع القطع لخطوط الطاقة فتامين عدم قطع الكهرباء ليست مستحيلة أبداً ولا أبالغ في ذلك باعتباري احد ضباط الجيش اليمني في حال كنت مكلفا بذلك من قيادتي وإذا فشلت فأنا مستعد لتقديم نفسي لمحاكمة عسكرية بتهمة فشلي في عملي واتخاذ أقصى العقوبات ضدي وبنفس الحال لأي ضابط آخر بإمكانه أن يتحمل مسؤوليته لتأمين الخطوط فالخلل يكمن في عوامل عدة وضحت البعض منها أعلاه بالإضافة إلى عدم وجود التجاوب مع مطالب الناس الحقيقية وغياب ضمان حلول ما كانت حقيقية مما يفتح الباب للمطالب الغير واقعية ومن ثم تحويلها إلى مسلسل تركي تفوح منه رائحة الصفقات المشبوهة التي تغذيها المبالغ المرصودة لفرق الإعادة للتيار. وبالطبع تكون مبالغ مهولة. خلل في منظومة التنفيذ وأضاف الشيخ أمين قائلاً: الخلل في منظومة التنفيذ المعنية ممثلة بالحكومة بمختلف تخصصاتها وهذه مسؤوليتها فهم من يتحمل المسؤولية حتى لو كان المتسبب في الصين ولا داعي لتقبل منهجية أبداء الحجج للفشل التي تتحول إلى توظيفات فئوية أو سياسية لأننا أمام مسالة مهنية وحكومة وغياب الدولة بحسب ما تفضلت في سؤالك لا يوجد إلا في غياب تحقيق المسائلة والعزل لمن ثبت فشله في مسؤولية عملة في أي مرفق أو إدارة أو وزارة من مرافق الدولة. ثقافة سيئة الأخ محمد يحيى فاخر من جانبه قال: أعتقد أن السبب الأول والرئيسي في انتشار هذه الثقافة السيئة ثقافة قطع الطرقات والنهب هو غياب دور الأجهزة الأمنية التي مِن أهم أعمالها توفير الأمن والأمان لكل مواطن في شمال البلاد أو جنوبه، أيضاً بسبب غياب الأجهزة الأمنية نجد أن أغلب من يقومون بقطع الطرقات هم من أصحاب المظالم الذين لم يستطيعوا أو لم تقم الأجهزة الأمنية بإعادة حقوقهم فيضطرون إلى إعادتها بأنفسهم. كنت أتمنى أن تكون الأجهزة الأمنية قد أخفقت بعد محاولات ولكنها وللأسف الشديد لم تقم بدورها على الإطلاق حتى نقول أنها أخفقت لأسباب يمكن النظر إليها. الأجهزة الأمنية وغياب دورها وواجباتها كما قلت هو الدافع الرئيس في انتشار ثقافة قطع الطرقات ونهب الممتلكات العامة والخاصة. وبالرغم من دعم وزارة الداخلية بثلاثة ألوية من الجيش مازالت خطوط الكهرباء والمنشأة النفطية تتعرض بشكل يومي للاعتداء والأعمال التخريبية ولا شك أن هناك شخصيات نافذة في البلاد هي المستفيدة من استمرار هذه الأعمال التخريبية ومن المعلوم أن كل أجهزة الدولة تخضع بشكل كبير لهيمنة نافذين قبليين وعسكريين وسياسيين في البلاد. قلة إمكانيات الدولة ويقول الأخ ايمن حسن مجلي (محام ومستشار قانوني) عن أسباب قطع الكهرباء: هي لعدة أسباب البعض دافعهم الحصول على المال والبعض الآخر الثأر والبعض للضغط على الدولة لإحضار خصومهم كحالات الاختطاف والقتل وغيرها وأخفقت الأجهزة الأمنية إلى حد كبير ولعل ذلك يعود إلى قلة إمكانيات الدولة وكذا المحسوبية والعلاقات القبلية والأوامر المختلفة التي تصلها أمنية عليا والتردد في إعطاء الأوامر الصارمة وغير ذلك من الأسباب التي لا يتسع المقام هنا لإيرادها فالأجهزة الأمنية لم تستطع فرض هيبتها بسبب تناقض الأوامر العليا الصادرة وبسبب اختلاط القوى العسكرية بالقبلية وبالإضافة إلى ضعف الإمكانيات وحصار القبائل لها وعدم وجود وحده في مركز القرار وبسبب اختلاف الولاءات بين أفراد القوات المسلحة بين مراكز القوى المختلفة. في الحقيقة ليس كل المواطنين يلجأون لمثل هذه الأعمال التخريبية وإنما البعض وليست عادة قديمة وإنما تفشت هذه الظاهرة بسبب هيمنة القبيلة العسكرية على النظام القائم. ونأمل من أعضاء الحوار الوطني بطوائفه المختلفة العمل على إيجاد حلول لهذه الظاهرة. خلل في التركيبة النفسية ومن جانبه أضاف الأخ /محمد شنيني بقش (موظف تربوي في إدارة التربية بالحديدة) بقوله: أغلب اليمنيين يمتلكون الحس الوطني والإحساس بالمسؤولية والأخلاق والشهامة و المروءة.. أهل اليمن يأنفون مثل هذه التصرفات. وعليه نقول إنه من المؤسف والمخجل أن ينتمي هؤلاء المجرمون إلى أمة ووطن الإيمان والحكمة من حيث المبدأ فتبدو مثيرة للشجون بصيغتها العامة؛ إذ لا يمكن أن يجد الإنسان السوي في الانفلات الأمني ما يبرر الجنوح إلى البغي والعدوان كما لا يمكن إعفاء الحكومة من مسؤولياتها عن أمن و استقرار الوطن والمواطن وحماية المصالح العامة والخاصة. و بكل الأحوال هناك خلل في التركيبة النفسية والعقلية لدى المجرمين الذين يزين لهم الشيطان سوء أعمالهم وتطوع لهم أنفسهم البغي والعدوان, ويأتي ما ذكر كشق أو جناح يؤازره الجناح الآخر المتمثل بالانفلات الأمني الذي يغري نزعات البغي و العدوان لتطلق عنان شهوة الإثم فيؤذون الله في خلقه بارتكاب فواحش وجرائم البغي والعدوان على وطنهم وأهلهم من خلال استهداف أنابيب النفط وأبراج الكهرباء وقطع الطرقات واستباحة حرمات الله التي أعلاها قتل النفس المحرمة.