الوجيه أسرار الكلمات الباقية على قيد السكوت.. رجل يكره الصمت، كان يهرب من زحمة الناس إلى متكأ أخذه يمارس فيه الثرثرة ينفث دخان سيجارته، ويمضغ القات والأسبرين..!! وحين ماتستقر عيناه في أي شيء تتعالى ضحكاته ويشرع في الهذيان..!! كان أديباً يتقن نظم الهم.. وحكيماً لا تضيع الحقيقة طريقها إليه، يعرف كيف يأتي بالمعنى أن باعدت بينهما الشكوك. الوجيه الهارب من زمن العقلاء الغجر طيش الساسة وقرف الجدال العقيم والأيدولوجيات المعلبة إلى زمن اختاره يضحك فيه باختياره ويبكي باختياره، كافر بثقافة الفوقية ورسميات الأغنياء الأغبياء زمن الوجيه هذا.. زمن انتصار الفطرة .. الجنون المستحب كان الوجيه شجاعاً وهو يختار باقتناعه أن يغادر جهلنا إلى حيث أراد .. حياة الرحمة .. نعمة النسيان. انتصر لفطرته القروية وروحه الشاعرة بهذا الاختيار.. فارتاح من فوضى سياستهم وبهرجة احتفالاتهم وبيروقراطية إدارتهم وهنجمة المتنفذين وجهل الكبار. كيف إذن يا وجيه انتصر لفطرتي وينتصر لفطرتهم ؟ كل المتعبين من زيف العيون وضنك الحياة و...؟؟ كيف أنتصر لفطرتي وفطرتهم مثلك على هذا العبث وهذه الهمجية وهذه الفوضى ..!! كيف نختار ما اخترت ونكون آخر الشجعان بعدك.. أول المجانين بعد تجربتك الجميلة تلك .. أول المنشقين عن هذا الزمن المقرف سنختار ما اخترت حتى لا نغرق في غياهب الذنب وننسب إلى هذا الواقع المر. سأله: أنت فينك ..؟؟ فرد الوجيه: والحب فين؟! فصمت السائل استغرب من حرارة الإجابة والبدهية في الرد..!! واقتنع السائل أن صوت أم كلثوم ليس حكراً علينا المتعبين العقلاء، وأن صوتها «الضوء» يسافر إلى كل قلوب الكائنات.. الوجيه.. السؤال الكهل.. القرار الفصل دليل كل المكدودين إلى عز الجنون.