لابدأن تتريث قليلاً وتقف على عتبة الزمن وتبحر بفطنه وتتأمل بحكمه في حياة بعض الشباب ممن هزمتهم الدنيا وضاقت بهم فسحتها ووئدت مواهبهم خلف قضبان الزمان أوعلى أرضهم صاروا غرباء لافكر لهم ولاحياة وفي عالمهم المحصور ظلوا، سُحقت أحلامهم في توابيت الضياع تبعثرت الأماني على صدور الصحارى، وتلك الأماكن الظلماء وانحنت هاماتهم تحت أثقال الفشل وركلت بهم آفاته إلى زنزانة الإحباط حيث قيود الفكر وسلاسل النهوض والإبداع ومن هنا وقبل التفكير في الإنجاب لابد أن تدرك أن ذاك الضياع المضني أبوي الصنع والمنشأ عمل لأجله بشر بكل غباء تناسوا مسؤوليتهم كآباء، فكل مولود يولد على الفطرة وقد جاء في الحديث الشريف (كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه أوينصرانه)ولتدركوا أنكم ستغدون آباءً ومسؤوليتكم الكبرى ستبدأ رحلتها من زوايا تلك الظلمة منذ لحظة التكوين وأطوار البدايه كجنين في ظلمة الأحشاء وتذكروا أنها مسؤولية عظمىتقع على عاتقكم ولتدركوا حديث المصطفى(كلكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته) فالآباء إما أن يصنعوا من ابنائهم مجداً يخلده الزمن أويخلقوا لهم وجعاً تزيده السنون ألماً، فهم من يضعون مسبقاً خطوط سيرالرحلة وينسجون مستقبلهم وأفكارهم والمبدأ ويختارون مواقعهم على هذه الدنيا، فقبل التفكير في الإنجاب لابد أن تكونوا على أتم الجاهزية والاستعداد لتحمل تلك المسؤولية العظمى التي تحمل في طياتها بناء أمة أوسحقها والدمار ولتدركوا أن هزيمتهم على ساحة الدنيا ورضوخهم والاستسلام ماهي إلا نتيجة تقصيركم انتم والتقليل من أهمية المسؤولية الملقاة على عاتقكم كآباء واللامبالاة في تصرفاتكم معهم ومن ثم الرمي ببراءتهم وطهارتهم والنقاء إلى معترك الدنيا دون تزويدهم بأدنى فكرة عن كيفية التحضير والإجادة والصناعة والصياغة والإعداد لأدوات العيش الكريم واَليات الدفاع والحماية، فأنتم في صغرهم شراع المركب والقادة والربان وفي المراحل العمرية الأخرى انتم من تستكملون مسيرة الإبحار ولكن من خلالهم وبالوكالة عنكم.. انتم وبدليل الأفكار الذي زرعتموه بدمائهم وترعرع على إيديكم وبمنهاج الثقافة والمبادئ التى رضعوها منذ نعومة اظافرهم يتولى الأبناء مهمة القيادة ولكنها لأنفسهم وبوقود فكري وجسدي ومعنوي حصدته سنوالطفولة وما قبلها وما بعدها التي ظلت تشرب من مناهلكم انتم والتي قد تأخذ بأيديهم إلى بر الأمان إذا كانت تعاليمكم والإرشادات وطرق وأساليب التربية والتقويم محكمة النسيج خالية من التقصير والإهمال وقد تتخبط بهم الأمواج وتتعقبهم العواصف والإخفاق فتتهاوى بهم السفينة ويظل المركب ويفتقد الشراع وفي قلب ذاك الظلام وذاك التخبط والضياع لن تستغيث أنفسهم إلابمخزون الأفكار لعلها تمكنهم من السيطره والتحكم وإستعادة الإبحار والإبتعاد عن مسالك الخطر والتمسك بسبل النفاذ تلهفاً الى النجاة، فإما أن تنقذهم أوتهلكهم . فأنتم المسؤولون عن رداءة ذاك المخزون أوجودته أووجوده من عدمه,أنتم المسؤولون إذا كان هناك خلل في التصميم لشخصياتهم وعدم الدقة والإهمال لتحديد مسار الاتجاهات ودليل المشوار.س وبلاشك أن للطفل على الإنسانية كلها أن تمنحه خير مالديها ليصبح ذخراً للأمة ولكن المسؤولية تقع في الدرجة الأولى على عاتق أبويه ومن بعدهما تأتي مسؤولية الدولة والمجتمع ولقد جاء في إعلان حقوق الإنسان التي أصدرته الجمعية العامة في المبدأ السابع منه(....ويجب إن تكون مصلحة الطفل العليا هي المبداء الذي يسترشد به المسئولون عن تعليمه وتوجيهه وتقع هذه المسؤولية في الدرجة الأولى على أبويه) فمتى سيغادر من ارض البشرية ذاك الاستهتار والتجاهل والركل والنسيان لحقوق الطفل والإنسان؟