ياسر الجرادي أنصاف وجوه .. جميعنا مدججون بالسذاجة.. تائهون فيها بشغف.. ببساطة نبدأ قرفنا اليومي ونحن لسنا مجبرين على مزاولته, مع ذلك نتنفسه بعمق, طورا متأخرا من السلب.. نعلم جيدا أننا لسنا مجبرين عليه غير أن مرضا يقودنا لذلك, حاجة البحث عن اللاشيء.. السذاجة نيابة عن الجميع وبدفعة واحدة. “القرف” الذي سبق وأن ضغط بإصبعه على بؤر أدمغتنا بالتوقف عند إصابتنا بحمى الهبل واللامبالاة الذي خسرنا به الكثير من آدميتنا بأن جعلنا أنصاف وجوه, يسعى نفسه لحشونا مراسيم حياة هشة, يهبه هذه المرة بالتقسيط المريح, في حين يعطينا هذا التقسيط حافزا لاكتشاف عجزنا في الحصول على طريقة صلب لا تحتاج إلى تنظير أو رصد. هذا القرف اليومي لا يفهمنا لمجرد أن أحدنا فضل الانشغال بالتحديق في تموج أجساد بنات كليته ويستحي أن يفصح لنا عن انفعالاته تجاه زميلة له. هذا المنحوس يدرك حجم سذاجتنا فيما لو أفضى لنا انفعالاته هذه, مع تحفظه لفائض الإحساس والانفعال القائم فينا، أيضا، متفهمين إدراكه ومعرفته.. لذا لا نبدي الهول في ذلك؛ كوننا جديرين بنفس الانفعال والشبق وربما كان أقلنا لهاثاً. إننا أمام أشياء مصابة بالضمور.. أشياء تكسبنا كل يوم جديد ميلاد سذاجة وهزأ أشياء ميتة تسلبنا وضعية المثقف أو أن صح التعبير التأنسن . الآن علينا الاعتراف أن القرف جزء مهم لدفع عقارب الساعة إلى الأمام، إزاحة الانتظار, وأن ما نحاول تصنعه من نبل وسلوان ما هو إلى مجرد انعكاس لرغبة ركيكة هي بمعزل عن الواقع. أتذكر الآن عجزي في مجاراة أصدقائي وزملائي في كلية الإعلام في نقاش أعمى لأشياء هي الأخرى ميتة ومفقودة كنت أخرج مهزوماً لأنني اتخذ من المثالية شكلاً للمقايضة والنقاش بينما يستندون هم إلى سلاح السخرية والهزل “أن تكون ساذجا يعني انتصرت” لم أقف طويلا أمام هذا السلاح أجدني أرزح في العجز.. يكتسحني صمت ثقيل, مرهقا لا حول ولا قوة ليّ سوى الانكفاء على دفتر مذكراتي أدون فيه ما بدا لي من العبث . كان جليا بالنسبة ليّ هذا الهذيان، إذ أعاد لي قدرة اكتشاف الأشياء من حولي بعد أن كنت قد فقدته منذ زمن طويل... اذهلني ذلك وصرت أتوق لمزاولة الاكتشاف .. اكتشاف الهراء والسذاجة . أصدقاء كنا نمارس الاكتشافات بشكل يومي والعبث يتآكل حولنا ينمو بطريقة عجيبة, استعيد أحد تلك الاكتشافات “قبح الحب” كان الاكتشاف الأول والأخير الذي جرفني إلى أسفل فجوة سوداء كنت قد وجدت فيها صديقا لي بصحبة فتاة “بريئة” يسلبها عفويتها دونما رأفة أو إنسانية تحت سيمفونية الحب المعتق ووعد الأبدية . اعتاد صديقي على تهذيب الحديث ورصّ الكلمات الحسان التي يتزاحم في عمقها جحيم.. الغرض من هذه التجربة التي قدم عليها صديقي هو إشباع رغبة عاطفية تتخلله ليس إلا ولن يحدث وأن يفي بوعد الأبدية هكذا وجدته يهمس لي عن تجربة حبه الثالثة.. لتتحول حاجته من ضرورة إنسانية إلى إشباع رغبة قبيحة تحت مسمى “حداثة “..!!