كأن قلوب البعض منكم صماء، خرساء، معتوهة، خالية خاوية تنعدم فيها كل معاني الإنسانية وكأن أعينكم تنظر إلى فلم من الأفلام الخيالية بصحبة العقل الذي لا يعي الحدث والوقائع وزمانه والمكان وكأن أرواح البشر شيئ تافه لا يستحق الذكر طالما هي تسكن بعيداَ خارج حدود أنفسكم والأهل والأحبة والعائلة والخلان. فيراودنا الشك في انتمائكم إلى منظومة البشر ،وتضطرب بنا الأفكار هناك في الداخل وتتخبط بنا في فضاء المشاعر وعمق الإحساس ومناجم الرحمة والحب والضمير الواقعة في أحضان الكيان الإنساني بحثاَ عن مبررات تكمن في ذاك الكيان ودنيا الوجدان تبيح لكم ذاك العبث الكبير بروح الإنسان وقتله والتنكيل والتكبيل والدمار بواسطة تلك السكاكين الحادة التي تذبح الإنسانية وتعيث فساداَ في الأجساد البشرية وتتمثل باللامبالاة والإهمال وانعدام المسؤولية فنمعن النظر نحن مراراَ وتكرارا في تفاصيل وجوهكم للتأكد من حقيقة التصنيف والانتماء والانتساب–لكنها –تلك التصرفات التي تتناقض مع الهيئة والشكل والمظهر تفاجئنا كثيراَ فيظل بنا البحث دربه ويبقى السؤال حائراَ عالقاَ على منحدرات السلوك الوحشي والتصنيف البشري والوصف الإنساني ومواقع الرصد والترقب وتلك الأعداد الهائلة من الوفيات والعجز والعاهات المختلفة الناجمة عن إفلاس القلوب التي تحملونها أنتم يا ملائكة الرحمة وجفافها والنضوب من كل ينابيع الرحمة ومن ثم عدم الاكتراث بتلك المرضى ممن تهرول بهم الآلام إلى حيث تكونون يحدوهم الأمل بكم بعد المولى بمساعدتهم وتمكنهم من الشفاء وانتشال الآلام من تلك الزوايا المعتمة بوجع الداء وتحرير الجسد من سطوته والجبروت فما اقسى أن ينحرف المسار وتتبدل الوقائع وكل من يعول به أن يكون سبباَ للإنقاذ يصير سفاحاَ وجلادا وسبباَ لانتزاع الروح والموت والاغتيال وترحيلها إلى دار القرار أو دفنها في توابيت الإعاقة ومن ثم وأدهم للآمال والربيع والشباب والحياة . فرفقَاَ أيها الأطباء رفقاَ رفقاً. وبكل حق نتساءل معكم ألا تستوقفكم تلك الوجوه الحائرة التي نترجم في تفاصيلها والسطور ذاك الخوف الممزوج بالتوسل والرجاء والاستغاثة والأمل؟! ألا تعصف بكم تلك الصرخات التي تدوي عقب إعلانكم نبأ الرحيل؟ ألا تتفجر في الأعماق تلك الينابيع الإنسانية وتثور مجتاحة كل الكيان متضامنة مناصرة للقيم والمبادئ الإنسانية والطبيعة البشرية وتبعث في الأرجاء محاكم الحق والعدل والضمير وتحاكم العقل والقلب وكل الجوارح والتفكير وتلك الاستجابة الحمقاء لنداء التجاهل والإهمال والتقصير الذي ينتج عنه أرواح تزهق وتودع الجسد البشري وتترك وراءها حسرات مقهورة وأنات مكسورة وآثار أخرى لا حصر لها وقلوباً موجوعة محطمة مفجوعة بوقع الرحيل الصارخ الذي فض جمعهم رغماَ عنهم فمتى سيدرك هؤلاء الأطباء حجم المسؤولية والعواقب الناتجة عن اللا مبالاة والتقليل من الأهمية وعدم اليقظة والسير وراء السهو والإهمال والغفوة وفداحة تلك الأخطاء التي تعجز كل قوى الدنيا عن تصحيحها والإصلاح والمعالجة والدواء واستعادة الروح إلى مرافئ الجسد على ربوع الدنيا.