نسمع كثيرًا من تشكو من الأمهات من ابنتها وخاصة بعد بلوغ سن المراهقة. فهل سألت هذه الأم نفسها: كم من الوقت خصصت لرعاية ابنتها؟ كم من الوقت خصصت للاستماع إليها وبرحابة صدر؟ كم من الوقت خصصت لمصاحبتها ؟ وهي أحق الناس بحسن الصحبة كما جاء في نص الحديث [[من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال: أمك ثلاث مرات]]. كم من الوقت خصصت لتوجيه ابنتها والاهتمام بها؟ عندما نهتم بالابنة ونسمع لها قبل أن يسمع لها غيرنا، سنفهم ما يشغلها وندرك حاجاتها, إن المراهقين بحاجة ماسة إلى من يفتح لهم صدره ويصغي إليهم ويحاورهم ويناقشهم باحترام ويعطيهم الفرصة للتحدث والتعبير عما يحسونه به، فالتعاطف من وجهة نظرهم يعطيهم الإحساس بالأمن والطمأنينة والسعادة. فالمراهق يمتاز عن غيره بالحساسية المرهفة لكل ما يجري حوله. لذا فهو أحوج ما يكون إلى اهتمام الآخرين ومحبتهم، إن الإصغاء للمتحدث من الأمور الهامة فقد كان الصحابة يستمعون لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكأن على رؤوسهم الطير من شدة الاهتمام به وبما يقول. وتذكري عزيزتي الأم أن مرحلة المراهقة من أصعب مراحل النمو على النشء وأشدها تأثيرًا على حياته مستقبلاً وأكثرها عناءً وجهدًا بالنسبة للمربين والآباء والأمهات، وفيها تجتمع على المراهق عوامل متعددة مثل التغيرات في الجسم والغدد والطول والوزن والإحساس بالبلوغ، وأيضًا التكليف الرباني له. فلا تكوني أنت أيضًا أيتها الأم من العوامل التي تجتمع على الابنة المراهقة.. عزيزتي الأم القارئة: إن نجاح الأم في التعامل مع الابنة المراهقة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بما لديها من صفات تتسم بها شخصيتها. وهل نبني قصورًا على الرمال ؟ فالأم هي المدرسة التي يتخرج فيها الأولاد وحسن اختيارها ينشأ عنه نجابة الولد واستقامته وصلاح أمره والأب هو الراعي للأسرة .. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [[كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته]]. دخول الابنة فترة المراهقة يحتاج إلى متابعة من الأم ومعرفة التغيرات المزاجية والنفسية التي تمر بها . لكن الغريب أن الفتاة في العصر الحالي بدلا من تقربها لوالدتها نجدها تنأى عنها تحت مسمي الاستقلال والحرية، فكيف تصبح الأم صندوقاً آمناً لحفظ أسرار ابنتها وعونا لها على اجتياز فترة تحدد مكونات شخصيتها؟ خاصة وأن وسائل الإعلام تلعب في العصر الحالي دوراً مهما في تغيير اتجاهات الناس وصناعة أفكارهم وتوجهاتهم. إن شعور المراهقة بقرب الأم منها يعطيها فرصة مصارحتها ومصادقتها، بدلا من النفور والانزواء بل والإصابة بالعقد النفسية العديدة, فالحواجز التي تضعها الأم تجعل المراهقة حبيسة الأفكار المتضاربة وتبدأ في البحث عن بديل الأم, لتفرغ مكنون نفسها لديه، سواء صديقة أو صديق، ولقد يكون الاختيار خطأ أحياناً، مما قد يدفعها إلى الإتيان بتصرفات خاطئة إما عن جهل أو لغياب الدور الأساسي للأم خاصة في وجود الكم الهائل من القنوات الفضائية والتقدم التكنولوجي والانفتاح على العالم عبر الإنترنت تجد البنت ألف طريق ومسلكا بعيداً عن أمها .إلا أن دخول الإنترنت والقنوات الفضائية التي لا تلتزم بالقيم والتقاليد يجعل البنات يبتعدن عن الأسرة في مرحلة تمرد ومعتقدات متلاطمة غير صائبة ينتج عنها حالات الانحراف والزواج العرفي والتسيب. وإذا كانت المشكلات تتراكم في نفسية المراهقة فالمسئولة الأولى هي الأم التي لم تصادق ابنتها ولا مبرر لانشغال الأم بالعمل خارج المنزل دون الاهتمام بدورها الأساسي في تربية أبنائها ومراقبة الإنترنت لما له من آثار سيئة على تكوين شخصية الأبناء إذا وجدوا فيه الملاذ بعيداً عن عيون الأسرة، وأوصي الآباء بضرورة الاقتراب من الأبناء سواء الفتاة أو الفتى لمعرفة ما يؤرقهم ومحاولة تفسير ما يغمض على عالمهم والاستعانة بالقراءات في أفضل سبل التربية ، وعدم استخدام العنف أو التأنيب عند تساؤلات الأبناء.. عزيزتي الأم .. هناك خلافات في فترة المراهقة لا بد وأن تمري بها مع ابنتك، فلا تعتقدي أن خلافك معها بخصوص ملابسها وتسريحة شعرها، أو المكياج الزائد عن الحد عناد لمجرد العناد فقط بل إنها تريد أن ترسم شخصيتها بنفسها، وكل ما عليك في هذه الحالة مصادقتها ومخاطبتها بنبرة هادئة وودودة كي تتقبل توجيهاتك الطيبة بدلا من نبرة الأوامر الحادة.