منطقياً وبعيداً عن العاطفة العمياء وتهجم المأجورين والموتورين والمهزومين و الباحثين عن مفاقس جديدة لبني داعش في اليمن فإن خروج الإخوة السلفيين من دماج كان بناءً على طلب من الشيخ الحجوري وبهذا الطلب حقن دماء وأطفأ فتنة كادت تعصف باليمنيين. لم يكن أمام السلفيون غير هذا الحل لأنهم خسروا المعركة في كل جبهاتهم وأي صلح ،بينهم وبين الحوثيين في الوقت الراهن سيكون هشاً ومعرضاً للنقض في أي لحظة خصوصاً إذا وضعنا في الحسبان وجود اطراف تريد لهذه الحرب أن تستمر من أجل جرجرة الاخوة السلفيين إلى مربع تنظيم القاعدة الإرهابي وهو ما فطن له في اللحظات الأخيرة الشيخ الحجوري مشكوراً وفقه الله أن أكبر خطر يتهدد الاخوة السلفيين ودعوتهم السلمية هو اندساس القاعدة في أوساطهم بحجة أنها تحميهم من الحوثيين كما فعلت في سوريا ثم ما فتئت أن انقضت على السلفيين أنفسهم وقتلتهم بحجة أنهم صحوات وعملاء للأنظمة وخارجون على الخلافة!. والاخوة السلفيون يدركون جيداً أن هناك اطرافاً أخرى تريد لهذه الحرب أن تبقى مشتعلة من أجل المزايدة السياسية وهذا من قذارة العمل السياسي والحزبي في بلداننا فقط مع الأسف والذي يولد مثل هذه المناكفات والمزايدة على دماء وآلام الأبرياء والبسطاء من الناس . الحوثيون لا بد وان يتعاملوا كمنتصرين مع السلفيين في دماج بعد كل هذه الحروب التي خاضوها على عدة جبهات وبعد كل تلك التعبئة العقائدية المتبادلة بين الطرفين. والسلفيون لن يقبلوا الضيم والهوان واي حركة أو حادثة بسيطة سيتم تفسيرها تفسيراً طائفياً وعسكرياً. كما أن هناك قبائل وأشخاصاً ما زلوا موتورين سواء من هذا الجانب أو ذاك ولابد أن يحدث ما يعيق أي هدنة قد تبرم في الوقت الراهن ويعود بنا إلى المربع الأول. قلوبنا تنخلع أسى وألماً على إخراج الناس من ديارهم ونعلم علم اليقين أنهما أمام خياران أحلاهما مر ولكن اذا لم يكن إلا الأسنة مركباً فما حيلة المضطر إلا ركوبها . أما أن يبقى السلفيون في أوساط الحوثيين حيث لا نأمن عليهم ولا يأمنون على انفسهم مهما قدم الحوثي من ضمانات فلابد أن يحدث ما ينقضها جميعا أما فرضية تدخل الجيش في الوقت الراهن وفرض سيطرة الدولة أرادوا بها التعجيز فقط لان الجميع يدرك الأوضاع السياسية والأمنية غير المستتبة فكل يوم تتعرض قياداتنا العسكرية والأمنية للاغتيالات المنظمة التي تقوم بها الجماعات الإرهابية وإشعال حرب جديدة في صعدة مع الحوثيين سيصب حتما في صالح هذه الجماعات التي تتربص هنالك بالبلد كما انه لن يحدث جديد في المعادلة العسكرية على الأرض. يجب أن لا ننسى أن ست حروب في صعدة خاضها النظام السابق وكان في أوج قوته ضد الحوثيين لم تأت بنتيجة ولم تفرض سيطرة الدولة على صعدة فكيف الآن في الوضع الراهن خصوصا والمرحلة انتقالية وحساسة لا تستطيع حكومة الوفاق تأديب بعض قطاع طرق الذين يقومون بضرب أبراج الكهرباء وأنابيب النفط مستغلين المرحلة العصيبة من تاريخ البلد. وهذا ليس ضعفاً وإنما قد يكون تغليباً للمصالح العليا للبلد حتى لا نسقط جميعاً في خندق العنف وتجد الجماعات الإرهابية فرصة للانقضاض على البلد فمن مصلحة بعض الأطراف أن تقحم الحكومة في صراعات قبلية هنا أو هناك . لتحقيق أهداف سياسية أو من باب النكاية والتشفي للأسف الشديد وقد تكون مدركة أو غير مدركة للمخطط الصهيوني الداعشاوي الذي يراد له أن يضرب المسلمين ببعضهم في كل البلدان العربية وخصوصاً اليمن. أنا لا أدافع عن الحكومة ولا اعفيهم من تحمل مسؤوليتهم الأخلاقية والتاريخية وإزاء ما يحدث في البلد ولكن لا تنسوا أن البلد خرجت للتو مما يشبه الحرب الأهلية أو الثورة أو إرهاصات التغيير واصبح للجماعات الإرهابية المسلحة المتربصة أسلحة ثقيلة وأموال سوداء هائلة وخلايا نائمة منتشرة في كل مرافق الدولة تقريباً ولا بد من التعامل بمنتهى الحكمة ريثما تعود الأمور إلى نصابها، هناك من يتربص باليمن ويريد إشعال الحرائق في كل مكان فكان لابد من القبول بأخف الضررين مؤقتاً حتى نرى نتائج مؤتمر الحوار الوطني وننتهي من معركة الدستور القادمة وبعد ذلك لابد من مناقشة وضع الحوثيين وسلاحهم الثقيل والمتوسط في صعدة وغيرها من المناطق اليمنية ولابد أن نخضع جميعا للدستور والأنظمة النافذة في البلد وعندها يأخذ كل ذي حق حقه وتعود اليمن أرضاً للتسامح والتعايش والتعدد والتنوع. أما إحراج الدولة في الوقت الراهن بإنزال الجيش وسحق الحوثيين فهذا تفكير من يريد أن يخلق اكثر من فرصة لدولة داعش في بلادنا فهم كل يوم يبحثون عن عذر من اجل الإساءة للرئيس والنظام القائم والجيش وأفراد الأمن من اجل تبرير قتلهم والاعتداء على منشآتنا العسكرية والأمنية والمدنية فتنبهوا أيها اليمنيون .