لم يكن حفل افتتاح النسخة 20 من مونديال كأس العالم 2014 في البرازيل أمس الأول الخميس بالمبهر، لكنه عكس الكثير من المشترك مما يجمع سكان الكرة الأرضية. ربما كان هذا هو هدف الحفل الافتتاحي البسيط الذي تعمد الإشارة إلى ما يؤلف، وليس كل ذلك بمنأى أو بعيد عن الغايات الكبرى والسامية لكرة القدم عموماً، التي وحّدت العالم وتجاوزت الحدود وتعدّت الحواجز السياسية لتجمع المختلفين في مستطيل أخضر يرمز للمحبة والسلام، بل وحتى للبيئة التي حضرت دلالاتها في فقرات الحفل. قد تكون الاحتجاجات التي واكبت تنظيم البرازيل للمونديال العالمي للمرة الثانية في تاريخها بعد عام 1950 فرضت البساطة على الحفل الافتتاحي، بسبب رفض الإنفاق الخيالي على البنية التحتية للمونديال البالغة 11 مليار دولار، غير أن الإبهار قادم لا محالة، عطفاً على طموحات المنتخبات العالمية المشاركة التي يسعى الكثير منها إلى مزاحمة الدولة المستضيفة على الكأس الذهبية. فهناك إلى جانب البلد المضيف، اسبانيا حاملة لقب مونديال جنوب افريقيا 2010، المنتشية بتتويج ناديها الملكي بلقب دوري أبطال أوروبا، وليس ببعيد عنها الماكنة الألمانية، والتانجو الأرجنتيني، والأزوري الإيطالي، بالإضافة إلى توقع مفاجآت بلجيكا وسويسرا المتطورتان. فليس بغريب تأجيل الإبهار حتى احتدام الصراع في المجموعات الثمانية، لأن المنتظر والمتوقع يبدو مثيراً للغاية عطفاً على الطموحات الجبارة، ومخزون النجوم التي يزخر بها أكثر من منتخب. وأعود لأدعو إلى النظر إلى المونديال الكروي في البرازيل إلى كونه فرصة للتأمل واكتساب القيم والمبادئ لنستفيد منها في واقعنا وحياتنا. فعلى لاعبينا المحليين التركيز على معاني الاحتراف التي يجسدها نجوم المونديال مع منتخباتهم، الإلتزام.. الانضباط.. الولاء الوطني (باعتبار أن المشاركين يذودون عن أسماء منتخباتهم).. بالإضافة إلى التنافس الراقي واحترام المنافس، والثقافة الاحترافية.. وغيرها من القيم التي أتمنى للاعبينا أن يتأملونها ويحاولوا عكسها على واقعهم، لأن متابعة المحافل الكبرى كبطولة كأس العالم لكرة القدم ليست مجرد ترفيه بقدر ماتحتويه من رسائل وقيّم ومدارس يتعلم منها النشء والشباب. وهي دعوة موصولة إلى المدربين والفنيين لتعلم الخطط وأنماط اللعب والتكتيك الذي كثيراً ما تجود به بطولات كأس العالم، بل وتشهد ابتكار خطط كروية جديدة، كالتي شهدتها بطولاتي عامي 1974 و 1978 في سوسيرا والأرجنتين عندما ظهر مفهوم الكرة الشاملة للمنتخب الهولندي بقيادة يوهان كرويف ورفاقه، وأعتقد أن مونديال 2014 في البرازيل سيحمل لنا الكثير من الابتكارات أو المفاجآت كتلك التي فجرها مدرب منتخب إيطاليا عندما أشار إلى فكر كروي جديد لمنتخبه بقوله:(انتظروا اللعب الهجومي لإيطاليا) وهي التي اشتهرت منذ عقود بأسلوب اللعب الدفاعي المغلق الذي ساعدها على حصد بطولتي كأس عالم عامي 1982 في اسبانيا و2006 في ألمانيا.. من هنا يبدو أن مدربينا المحليين على موعد مع مهمة البحث والترقب والاستفادة من خطط وتكتيكات مدربي العالم.. أتمنى. كما هي دعوة للجيش الجرار من إداريي الاتحاد اليمني الذي ذهب إلى المونديال وكأن منتخب اليمن أحد المشاركين في كأس العالم.. دعوة للاستفادة من الفكر الإداري والتنظيمي، وعدم الاكتفاء بالتنزه في سواحل ساوباولو وريودي جانيرو. المونديال ليس مجرد ركل الكرة والركض خلفها وإيداعها الشباك.. إنه عالم متكامل، في كرة القدم وخارجها..لنستفد من دلالاته وقيمه. [email protected]